صعدة برس -
*بقلم أ/فيصل الصوفي
قيل إن شيخا في واحدة من محافظات المنطقة الشرقية للسعودية طلب من المصلين عقب صلاة العشاء قبل أيام أن يجلسوا في الجامع للاستماع إلى أمر هام، وأقبل عليهم يحدثهم عن أهوال القيامة، ثم قال لهم صراحة: أنا مبعوث.. أنا رسول الله إليكم.. فلما صدع الرجل بالرسالة قام مصلون يطفئون مكبر الصوت حتى لا تشيع الفاحشة، واتصلوا بالشرطة التي أتت واعتقلت المبعوث!
وأزعم أن من كانوا في الجامع غضبوا من الدعي، لأنه قدم نفسه لهم مدعي نبوة قليل الخبرة، فقد كان صريحا عندما قال لهم إنه مبعوث أو إنه رسول الله إليهم، إذ أن معظم الأشياخ يقدمون أنفسهم للناس بوصفهم أنبياء ورسل، ولكن بطريقة ذكية غير طريقة هذا الدعي الذي أظهر ما يبطن، ولم يحسن اللف والدوران..
ذلك الصنف من الأشياخ يقولون للناس كل يوم تقريبا: نحن علماء ربانيون، نبين ماذا أنزل الله.. ومع ذلك لا يتهمهم الناس بأنهم مدعو نبوة، بينما لا يوجد فارق بين هذا القول وبين قول القائل: أنا نبي الله، أنا رسول الله، أبين ما أنزل الله؟
مفتي العراق في القرن الرابع الهجري الإمام الحنفي أبو الحسن عبد الله الكرخي كان يقول إن كل آية تخالف أصحابنا فإنها تحمل على النسخ أو على الترجيح أو التأويل.. ومقام الكرخي عظيم، ومع ذلك يأتي اليوم أشياخ أقزام ينكرون على الكرخي مقالته، ويقولون ما هو أبشع.. تقول لهم القرآن لم يرد فيه كذا، وقال كذا، فيردون عليك: لا، قد قال ابن عثيمين كذا وأيده الشيخ فلان وهو الصواب.
يقولون نحن ندعو إلى الله، ولو دققت في خطبهم تجدهم في الحقيقة يدعون إلى جماعتهم أو حزبهم أو شركاتهم.. يدعونك إلى سنة الرسول وهم في الحقيقة يدعونك إلى برنامج حزبهم.. يقول لك: كن مع الله، وهو في الحقيقة يدعوك أن تكون مع حزبه.. في الانتخابات يقولون لنا: صوتك أمانة سيسألك الله عليه يوم القيامة، لكي يدفعوك - باسم الله- إلى التصوت لحزبهم، فإذا صوت له منحوك حصانة من سؤال يوم القيامة.
يقولون: يريدكم الله أن تحسنوا اختيار المتحاورين في مؤتمر الحوار الوطني.. أي الله يريد منكم اختيارنا نحن.. يقولون: شريعة الله هي مرجعية الحوار الوطني، ولا بد من حاكمية الله.. والمقصود ارجعوا إلينا، نحن شريعة الله.. نحن حاكمية الله نحن أئمة القرآن.
*صحيفة اليمن اليوم