صعدة برس - الكاتب د. محمد عبدالملك المتوكل
في ٣ مايو٢٠٠٩ أصدرت السفارة الأمريكية بلاغاً صحفياً تضمن تعليقاً هاماً على الأحداث الجارية في جنوب اليمن، وليس على النخبة الحاكمة سوى أن تقرأه بعناية تامة وأن تتبين أبعاده بدون استخفاف أو غرور، فمثل هذا البلاغ من السفارة الأمريكية لا يصدر كانفعال آني بحدث من الأحداث التي يمارس فيها العنف ضد مواطنين وإلا كانت السفارة أصدرت مائة بلاغ عن خمسة حروب دارت في صعدة خلال السنوات الخمس الماضية.
بلاغ السفارة الأمريكية يوضح بجلاء موقف الولايات المتحدة الأمريكية، ويبين بجلاء مدي اهتمامها بالجنوب كمنطقة استراتيجية تتعلق بها مصالح دولية لا يمكن السماح بأن تكون منطقة صراع وعدم استقرار يهدد حركة السفن الدولية واستقرار الخليج، ولهذا تقف بوارج العالم علي شواطئ المنطقة لحماية سفنها ومصالحها.
ومن ناحية أخرى يؤكد البلاغ إحساس الولايات المتحدة بمسؤوليتها نحو أبناء الجنوب بحكم أنها دعمت الوحدة عند قيامها عام1990 ودعمتها أثناء الحرب الأهلية عام ١٩٩٤ ويريد البلاغ أن يقول إن الوحدة التي دعمتها الولايات المتحدة الأمريكية هي الوحدة التي ترتكز على المساواة والشراكة في السلطة، والثروة والحكم الديمقراطي وهي لهذا ترفض استخدام العنف في مواجهة مطالب الجنوبيين في الجنوب.
البلاغ مؤشر على إمكانية التدخل الدولي إذا ما أصرت السلطة على استخدام القوة بديلاً عن الحوار وأصرت على احتكار السلطة والثروة بديلاً عن المساواة والشراكة والمواطنة المتساوية.
إنه جرس إنذار وما لم تراجع السلطة موقفها وتحكم العقل والمنطق فإننا سوف نسمع غداً كل المصطلحات التي سمعناها في مناطق أخرى، من الحظر الجوي إلى التواجد الدولي إلى حق تقرير المصير ودعوة محكمة الجنايات ومجلس الأمن ومع استمرار العناد والغرور سوف يتخذ قرار الانفصال وبناء الدولة الحديثة التي تحقق الاستقرار وتحمي المصالح الدولية في الشطر الجنوبي، وحينها تعود الشرعية لتبكي ملكاً مضاعاً عجزت عن حمايته وأساءت إدارته وأوصلت الأمور إلى ما وصلت إليه.
إن تطمين بعض قيادات الجنوب في الخارج لقيادات الحراك في الداخل أنهم سوف يسمعون أخباراً سارة لا يمكن أن يكون بعيداً عن معلومات لديهم عن الموقف الدولي الذي ظهرت مؤشراته في بلاغ السفارة، فهل آن الأوان لعودة الوعي أم لا تزال النخبة الحاكمة تتصور أن الحل في نهب سيارات صحيفة الأيام ومصادرة صحفها ومحاصرة مقراتها والاستيلاء على إفطار سائقي سياراتها أم أننا سنتجه إلى شتم التدخل الخارجي بدلاً من أن نوقد الشموع ونصحح الأوضاع، ألم نقتنع أن العنف كلفته باهظة ومردوده ضعيف ونتائجه مدمرة وأن الطرف الخارجي لا يتدخل إلا حين نخلق البيئة المناسبة لتدخله ألم يقل المثل المصري "أمش عدل يحتار عدوك فيك".
إذا أصررتم علي نقض غزلكم بأيديكم فليس لنا ما نقوله سوى إذا أراد الله أمراً سلب ذوي العقول عقولها وإذا حاق بوطننا الدمار وبنا الكارثة فقد ظلمنا أنفسنا لأن علماءنا ومتعلمينا وقادة الرأي فينا قد كتموا الحق وهم يعلمون، وصدق الله القائل (وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون).
*مقالة لي نشرتها صحيفة الوسط بتاريخ ٦مايو٢٠٠٩- رقم ٢٣٨ |