صعدة برس - *سامية الأغبري
في قسمات وجوههم تقرأ قصة معاناة ورحلة حرمان لاتنتهي, البؤس بادياً في تلك الوجوه المبتسمة في وجوهنا كل صباح, رغم وجعهم ,يحرسوننا ,يعملون من أجل حمايتنا, تأمين الطرق لنا, دون تذمر ودون شكوى, يسألوننا كل صباح هل تحدثتم عنا؟ عن معاناتنا؟ عن رواتبنا ؟ عن حقوقنا؟يقومون بواجبهم بجد وتفانٍ, تحت المطر وقيظ الشمس ,يفترشون الأرض يأكلون "الكدم", وما يقدم لهم من طعام في أكياس بلاستيكية" ! في الشتاء رأيت جنوداً أصابع أيديهم وأرجلهم تنزف دماً جراء تشققها من برودة الطقس وهم يقفون في النقاط وفي حماية المنشئات, أردت منذ فترة طويلة الكتابة عنهم, عن تلك المعاناة.. عن ذلك الظلم, والتحريض ضدهم, والتعامل معهم بعداء.ذات يوم في 2009م قال لي احدهم أمام المحكمة الجزائية المتخصصة وأثناء محاكمة نشطاء من الحراك: انتم ياصحفيين ومنظمات تدافعون عن الإرهابيين وعمن يقتلنا ولا تدافعون عن حقوقنا!!,لماذا ياصحفيون لاتدافعون عن الجنود الذين يقتلهم الإرهاب؟ عن رواتبهم التي لاتكفهم,عن سؤ معاملتهم!واليوم في الحوار الوطني وفي ظل عنجهية بعض المشائخ وبعض القوى المدنية أو بالأصح تلك التي تدَعي المدنية, وتعامل البعض غير اللائق معهم أتت المناسبة!رأيت إحداهن تشتاط غضبا وتصرخ حين تقوم شرطية بأداء واجبها بتفتيشها( من أجلنا.. من أجل سلامتنا وأمننا) ورأيت بعض المشائخ يتطاولون بعنجهية ويتعاملون بقسوة مع الجنود بل يصل الأمر إلى الاعتداء عليهم, والجنود يصمتون أمام كل هذا , حينها يكبرون حينها أعيننا ويصغر أولئك خصوصاً مدعي المدنية!وبينما بناة مستقبل اليمن من المتحاورين في قاعات مكيفة وفي فندق خمس نجوم ,ومائة دولار باليوم , بعضهم يتذمر من سؤ هذا الطعام , وآخر من هذا العصير وثالث من هذا الإفطار - نجد الجنود تحت حر الشمس وتحت المطر بأيدهم "كدم" , وماكان مخصص لهم من مال قليل حرموا منه! هم لايحتملون فقط حرارة الشمس والمطر , وبرد الشتاء القارس , أيضاً يحتملون الجوع والفقر والظلم الذي يلاقونه.هم حتى لايتذمرون أو يشكون من سؤ المعاملة من بعض دعاة المدنية , وبعض الرموز القبلية , ومن جوعهم .ياهؤلاء إن العنجهية والاستعلاء والتعامل بقسوة لايصنعون هيبة بقدر ماتحط من قدر المرء,والمدنية ليست بدلة , ولا لبس أنيق ,الثقافة والمدنية لاتعني إجادة رص الكلمات, والتحدث أمام الكاميرات, ليست تعالٍ على الآخرين لنقول لهم نحن أفضل منكم في حين هم يتعاملون بهدؤ وإنسانية أكثر منا! المدنية قيم وأخلاق,احترام الأخر, هي سلوك وممارسة ليست مجرد شعار يردده بعض دعاتها, من يتعالون على الآخرين من لايتعاملون بإنسانية من يستكثر بسمة في وجه جندي وجندية هم عار على المدنية وعلى قيم وأخلاق القبيلة,ومن لايتمتع بالحس الإنساني أو الأخلاقي لايمكن أن يشعر بالأخر, بمعاناته, باحتياجاته, ولايمكن أن يتعامل معه بأخلاق لان فقد الشيء لايعطيه! اشعر بهذا البؤس, بهذا الوجع, وأشعر بالخجل, كم نحن ناكروا جميل,فاقدون لإنسانيتنا ,نحن في فندق خمسة نجوم , نأكل مالذ وطاب ونتذمر بينما هؤلاء الجنود لايجدون منا حتى كلمة شكر.
الجنود في الجيش والأمن حماة الوطن ,الأكثر تضحية وعرضة للخطر, يتقدمون الصفوف دون خوف أو تردد, ضحايا الصراعات ووقود الحروب, ضحايا الإرهاب, هم مرافقوا لنافذين ومشائخ وهم من يدفعون ثمن صراعاتهم وثاراتهم, يتصارعون على قطعة ارض , فيقدم هذا الجندي كبش فداء, حروب عبثية ضحاياها أيضاً الجنود, صراع الكبار على السلطة هم من يدفع ثمنه. لا أحد يشعر بهم , بأحلامهم بألآمهم وأوجاعهم, وكأنهم غير بشر,ولا أسر لديهم, ولا أحلام كأحلامنا! متى تفهمون أن أحلامهم هي أحلام كل الفقراء, والتي تأبى رغم بساطتها أن تتحقق, فلا تحرمونهم من حقوقهم ,هم أيضاً بشر لديهم أحلام كما نحن, طموحات , لديهم أمهات وزوجات وأطفال,ينتظرون عودتهم في بلد لا يأمن فيه المواطن العادي على حياته فكيف بجندي يعلم انه ربما لايعود سالما إلى بيته وأسرته , ربما يقتل في أي لحظة , وفي أي عملية , يخرج حاملاً بين يديه كفنه , هو مشروع شهيد, وضحية للجميع, ولا إحترام ولاتقدير لتضحياتهم, وأوضاعهم المادية سيئة, فكيف بجندي وفي ظل تردي أوضاعه المعيشية, وعدم صرف مستحقاته المالية أن يقوم بواجبه , كيف يقوم بواجبه وهو لايجد حتى مايسد به رمق أطفاله ,بالكاد راتبه يكفي إيجار منزل!نطلب منهم الكثير ولا نعطهم من حقوقهم حتى الشيء اليسير, نطالبهم بحماية البلد , حياة وممتلكات المواطن ونحن لم نمنحهم حتى الاحترام!
لما هم فقط مطالبون بالتضحية وأداء واجبهم ,في حين نحن لم نؤد واجبنا تجاههم؟!إن أردتم وطناً آمنا, جنودا يحمون الأرض والعرض وأرواح وممتلكات المواطنين , حسنوا أوضاعهم, أعطوهم حقوقهم كاملة, لاتطلبوا منهم تأدية واجبهم وهم لايستطيعون توفير لقمة عيش كريمة لأسرهم, غير مستقرين وغير آمنين على مستقبل أسرهم وأطفالهم! كم من الجنود شهداء وجرحى أصبحوا عاجزين عن الحركة قدمت لأسرهم ولهم حقوقهم ؟!
تحية تقدير لكل جندي وجندية في هذا البلد, لأولئك الذين يفترشون الأرض في مواقعهم يأكلون قليل من الأرز في أكياس بلاستيكية ويعملون على حمايتنا في أفخم فنادق العاصمة, تحية لهم وهم يقدمون لنا تحاياهم كل صباح, ونحن ذاهبون إلى الحوار وآيبون منه , للجنود في ثكناتهم وكل مواقعهم, في المدن..في الحدود ..لكم ألف تحية وتقدير وامتنان..لكل جندي و ضابط يؤدي واجبه بصدر رحب ويحتمل مالا يحتمله غيره,شكرا لكم فأنتم كبار بقدر تضحياتكم , بقدر تحملكم لبعض دعاة التحضر والمدنية , بقدر تحملكم عنجهية وغرور بعض المشائخ, بقدر تحملكم المسؤولية بحجم صراعات وحروب الكبار, وكم هم أقزام بعيون الناس, لن يكبروا بأملاكهم وأموالهم , بمرافقيهم, بسياراتهم الفارهة, المرء يكبر ويعظم شأنه في قومه بما يحمل من قيم وأخلاق ,بأدبه .. بتواضعه وتعامله الحسن مع الآخر, بتسامحه بإنسانيته.. وانتم كبار بتضحياتكم الكبيرة, بأروع ملاحم البطولة والفداء والتضحية والإيثار
شكرا لكم وسامحونا فكم نحن جاحدون |