صعدة برس - عبدالكريم الرازحي
لكثرة ما سمعت وقرأت عن حوادث القتل بدافع الثأر، اقترحت – وكان ذلك منذ زمن بعيد – إنشاء كلية للثأر في مدينة رداع، تكون تابعة لجامعة ذمار.
لأنه حتى الثأر صار بحاجة إلى تعلم ودراسة، إلى جامعه أو كليه يتعلم فيها (طلبة الثأر) مبادئ وأصول وقواعد الثأر التي ورثوها عن أسلافهم، والتي من المفروض أن يورِّثوها لأولادهم وأحفادهم من بعدهم.
أقول ذلك لأنه حتى دكاترة وأساتذة كلية التربية في مدينة رداع أثبتوا أنهم يجهلون مبادئ وأصول وقواعد وألف باء الثأر .
وهم لم يراعوا ولم يحترموا تقاليد الثأر السائدة في المدينة التي يدرسون فيها.
بدليل أن طريقتهم في الثأر من الشاعر والناقد أحمد العرامي مدرس الأدب الحديث، وزميلهم في الكلية، تكشف عن جهلهم بهذه المبادئ والأصول والقواعد وهي تسيء إلى التقاليد الثأرية المعمول بها في المنطقة.
لقد فصلوه، وقطعوا معاشه، وهددوه بفصل رأسه عن جسده فيما القاعدة الأولى في كتاب مبادئ وقواعد الثأر تقول: قطع الرأس ولا قطع المعاش.
لكن الملاحظ اليوم أن اليمنيين –ومعهم العرب العاربة والمستعربة– ليس لديهم فقط جهل بمبادئ وأصول وقواعد الثأر وإنما لديهم كذلك جهل بمبادئ وأصول وقواعد الثورات.
وهم لا يفرقون بين الثأر وبين الثورة، بين الثائر وبين الثوري.
وإذا كنت بالأمس قد اقترحت إنشاء كليه للثأر تتبع جامعة ذمار فإني اليوم أقترح إنشاء كلية للثورة تتبع جامعة صنعاء.
لأنه حتى الثورة صارت بحاجه أيضا إلى تعلم ودراسة، إلى جامعه أو كليه يتعلم فيها الثوار مبادئ وأصول وقواعد الثورات .
ذلك لأن الغضب والحماس الثوري لا يكفيان وحدهما لصنع الثورة .. إذ لابد للثورة من وعي .. والوعي ضروري حتى للنجار الذي يتهيأ لصناعة كرسي فما بالكم عندما نُقدِمُ على صناعة ثورة.
يقول الكاتب والشاعر السوري محمد الماغوط رحمة الله عليه: لقد درّبت الدببة على الرقص، والقردة على الغناء، والبلابل على النعيق، والنمل على الفوضى، والماعز على النظام، والثعلب على الوفاء، والكلب على الغدر، والدجاج على الهجرة، والذئب على التسامح، والبجع على الحقد، والحملان على الصمود، والأرانب على التهور، والضفادع على الصمت، والببغاء على الخطابة، والسمك على النوم، والجراد على الزحف، والسلحفاة على القفز، ولم أستطع تدريب إنسان عربي واحد على صعود الباص من الخلف والنزول من الأمام .. فكيف بتدريبه على الثورة! .
*صحيفة اليمن اليوم |