صعدة برس - قال عدد من القضاة إن وزير العدل, القاضي مرشد العرشاني, قرر السماح لطلاب جامعة الإيمان بدخول المعهد العالي للقضاء, في عملية التسجيل للدراسة في المعهد, والتي ستبدأ اليوم السبت؛ في مخالفة كبيرة للقانون, الذي ينص على ضرورة أن يكون الملتحق في المعهد من خريجي كلية الشريعة والقانون.
وأبلغ "الشارع" عدد من القضاة أن العرشاني, الذي ينتمي إلى التجمع اليمني للإصلاح, أقر إلحاق طلاب جامعة الإيمان للدراسة بالمعهد العالي للقضاء, بعد أن شكل لجنة, مكونة من أستاذين مواليين له وللإصلاح والزنداني, أقرت قبول طلاب جامعة الإيمان للدراسة في المعهد.
وأوضح القضاة أن العرشاني "خفض نسبة القبول للدراسة فيه من تقرير جيد جداً (80%) إلى تقدير جيد (75%), ورفع الطاقة الاستيعابية للمعهد لأول مرة منذ تأسيسه منتصف الثمانينيات من القرن الماضي, من أجل إلحاق أكبر عدد ممكن من حزبه وجماعته للدراسة فيه".
وأثار قرار وزير العدل السماح لطلاب جامعة الإيمان الدينية, التي يرأسها رجل الدين عبد المجيد الزنداني, حالة من الغضب في أوساط القضاة والمحامين, الذين اعتبروا أن ذلك "سيؤدي إلى تدمير القضاء, وإخضاعه لسلطة الصراع المذهبي الديني".
وكان الزنداني حاول مراراً من أجل السماح لطلاب جامعته بالوظيفة العامة عبر وزارة الخدمة, والالتحاق بالمعهد العالي لدراسة القضاء؛ إلا أنه لم يتمكن من ذلك طوال السنوات الماضية. هذه هي المرة الأولى التي سيتم فيها السماح لطلاب جامعة الإيمان الالتحاق بالمعهد, في مخالفة كبيرة رغم أنهم لم يدرسوا في كلية الشريعة والقانون, وأعدتهم جامعة الإيمان "كخطباء ووعاظ ودعاة مناهجها السلفية المتشددة؛ إذ يتم تدريسهم العقيدة الطحاوية, وكتب ابن تيمية, ومحمد بن عبد الوهاب, ولا علاقة للمنهج الذي يدرسونه بسلك القضاء".
وستبدأ اليوم عملية التسجيل في المعهد, في ظل مخاوف كبيرة من سعي التجمع اليمني للإصلاح نحو السيطرة على القضاء عبر الزج بالمئات من السلفيين المتشددين فيه.
وأكد مصدر قضائي أن مجلس المعهد العالي للقضاء أقر السماح لطلاب جامعة الإيمان الالتحاق بالمعهد للدراسة فيه, بعد التقرير الذي قدمته اللجنة التي شكلها وزير العدل, والتي قالت إن "جامعة الإيمان عدلت منهجها وأضافت له مواد قانونية".
وتفتح هذه الخطوة الباب أمام بقية الجماعات والمدارس الدينية للمطالبة بالسماح لطلابها وكوادرها الالتحاق بمعهد القضاء للدراسة فيه, مثل دار المصطفى وكلية العلوم الشرعية التابعة لمرعي, ومدرسة زبيد, وهو الأمر الذي يدفع سلك القضاء في اليمن نحو مرحلة جديدة سيخضع فيها لسلطة رجال الدين, وليس لقضاة متخصصين.
وقال لـ"الشارع" القاضي عبد الوهاب قطران: "وزير العدل خريج جامعات سعودية, لا يؤمن بالقانون, ويريد أن يستنسخ لنا تجربة أساتذته السعوديين في تخريج مشايخ ودعاه ووعاظ, وقريباً سيلغي المحاماة مثلما هو معمول به في السعودية, وقد قالها بالفم المليان إنه لا يعترف بقانون المحاماة, محاكم التفتيش قادمة لا محالة".
وأضاف قطران: "بالأمس أقحم الرئيس السابق, علي عبد الله صالح, العسكر والمخبرين في القضاء, وعينهم في مفاصله, ومن ورثوا نظامه يقحمون, اليوم, الإخوان والسلفيين والوهابيين ويعينونهم في مفاصله, وخطوة وزير العدل مهمة تقوم بها الجامعة في طريق استكمال أخونة وسلفنة ووهبنة القضاء اليمني".
وتابع: "بالأمس كان قضاة اليمن صامتين وخائفين, وقد نعذرهم على السكوت على عسكرة القضاء, لأن النظام كان استبدادياً عسكرياً بوليسيا؛ أما اليوم فسكوتهم على أخونة وسلفنة القضاء اليمني مخجل ومعيب؛ لأن الثورة الشعبية قد أطاحت بالدكتاتورية إلى غير رجعة, فيما لي أراكم تدسون رؤوسكم في التراب كالنعام وتخشون وزير العدل مرشد العرشاني والإخوان تحت مبرر أنكم لا تريدون الاصطدام بهم وتدارونهم وتمالئونهم خوفاً أو طمعاً؟ّ!".
وقال مخاطباً القضاة, في مقال نشره مؤخرا: "لا تخشوهم, فالله أحق أن تخشوه, قفوا صفاً واحداً تجاه القرارات السرية التي يصدرها وزير العدل بتعيين رؤساء محاكم استئناف من جماعة الإخوان المسلمين, وإلحاق مجاميع غفيرة من جامعة الإيمان والتكفيرين بمعهد القضاء".
وأوضح أن "قانون السلطة القضائية ينص في المادة (57) على وجوب الحصول على شهادة الشريعة والقانون أو الحقوق في من يعين بالقضاء من جامعة معترف بها رسميا".
مشيرا إلى أن "هذا ما أكده قانون المعهد العالي للقضاء, الذي يشترط في المتقدم للدراسة بالمعهد أن يكون قد درس القانون".
يشار الى أن الولايات المتحدة الأمريكية تتهم عبد المجيد الزنداني بالإرهاب, وتعتبر جامعة الإيمان من المراكز التي أخرجت آلاف المتشددين. |