صعدة برس-وكالات - كشفت وثائق سرية حصلت عليها صحيفتا و”اشنطن بوست” و”الجارديان”، أن وكالة الأمن القومي – وهي هيئة وكالة استخبارات أمريكية – ومكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي قد تنصتا بشكل سري على معلومات من شركات: مايكروسوفت وياهو وجوجل وفيسبوك والبالتوك وسكايب ويوتيوب وأبل وايه أو إل، عن طريق استخدام برنامج اختراق سري يسمى “بريزم”.
والبرنامج الذي يدعى بريزم، وهو الأحدث في سلسلة من مخططات جمع البيانات السرية وضع بعد أحداث أيلول سبتمبر 2001.
ويبدو أنه بعد قيام السلطات الأمريكية، بالاطلاع على بيانات المواطنين الأوروبيين المصرفية وركاب الطائرات، أصبحت البيانات الشخصية الخاصة بهم على الإنترنت مطمعا للعديد من وكالات الاستخبارات الأمريكية.
صرح مسؤولون أميركيون بأن من المرجح أن تفتح إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تحقيقاً جنائياً في تسريب وثائق سرية للغاية كشفت المراقبة السرية لهواتف الأميركيين وبريدهم الإلكتروني.
وأفادت وكالة رويترز للأنباء نقلاً عن مسؤولين في مجال إنفاذ القانون ومسؤولين أمنيين قالت إنهم غير مخولين بالتحدث علانية، بأن الوكالات التي تجري عادة مثل هذه التحقيقات -كمكتب التحقيقات الاتحادي ووزارة العدل- تتوقع إجراء تحقيقات في هذه التسريبات لصحيفة بريطانية وأخرى أميركية.
وتبدأ عادة مثل هذه التحقيقات بعد أن تقدم وكالة ما ترى أن أسرارها قد سُرِّبت دون إذن بشكوى لوزارة العدل.
ولم يتضح أمس الجمعة ما إذا كانت وكالة الأمن القومي، التي كانت متورطة مباشرة بشكل أكبر في جمع تريليونات من الاتصالات الهاتفية واتصالات البريد الالكتروني، قد تقدمت بشكوى.
ولكن مسؤولا أميركياً مطلعاً على الموقف قال إنه في ضوء حجم وحساسية التسريبات التي جرت في الآونة الأخيرة فإن القانون الاتحادي قد يجبر المسؤولين على فتح تحقيق.
وكانت صحيفتا واشنطن بوست الأميركية وغارديان البريطانية قد ذكرتا الخميس أن وكالة الأمن القومي ومكتب التحقيقات الاتحادي يراقبان، عبر برنامج سري يُسمى “بريزم”، شركات الإنترنت الرئيسية بالولايات المتحدة وتستخلص منها تسجيلات صوتية ومرئية وبيانات من البريد الإلكتروني ووثائق أخرى تساعد المحللين لديها على تعقب تحركات واتصالات الأفراد.
وقد تمكنت تلك الأجهزة الرسمية من الوصول مباشرة إلى الخوادم المركزية لتسع على الأقل من شركات الإنترنت الرائدة مثل غوغل وفيسبوك وآبل وياهو و”إي أو أل” وسكايب ويوتيوب ومايكروسوفت عبر برنامج بريزم.
وكان مدير المخابرات القومية الأمريكية، جيمس كلابر، قد دافع عن برنامج بريزم، قائلا إنه يحتوي على “ضمانات عديدة تحمي الخصوصية والحريات المدنية”، وأضاف في بيان مكتوب: إن “هناك نظاما قانونيا قويا يحكم جميع الأنشطة التي تجري وفقا لقانون مراقبة الاستخبارات الخارجية الذي يضمن أن تلك الأنشطة تتوافق مع أحكام الدستور والقوانين وحماية الخصوصية بشكل مناسب وكذلك الحريات المدنية”. وكان رد فعل أعضاء البرلمان الأوروبي الذين يشرفون على محادثات حول اتفاق لحماية البيانات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الجديد هو الشك “لن تكون هناك قواعد مشتركة بين الضفتين ما لم يتم قبول مبادئ حماية البيانات من قبل الولايات المتحدة. والاتفاق بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قد يلقى صفعة، لذا ستكون فرصة جيدة لإظهار إمكانية تغيير الأمر” كما قال النائب الأوروبي من كتلة الخضر، الألماني يان فيليب ألبرخت. أما النائبة الهولندية الليبرالية، صوفي إنت فيلد فاعتبرت أن فضيحة بريزم “يمكن أن تساعد على زيادة الوعي” فيما يتعلق بهذه القضايا في بروكسل. مضيفة “يجب أن يدفع ذلك المفوضية الأوروبية إلى اتخاذ موقف أكثر صرامة في المحادثات مع الولايات المتحدة في المستقبل” ولكنها تعتقد أنه لم يتم إحراز أي تقدم بشأن الاتفاق حول البيانات لأن الولايات المتحدة، وكذلك شركات الإنترنت الخاصة، تحاول استعمال الضمانات المقدمة من قبل الاتحاد الأوروبي لتفسيرها على طريقتها الخاصة. وقالت إنت فيلد: “أنا مندهشة بعض الشيء من أن الجميع يتابع بجدية هذه الفضيحة الأخيرة. مع العلم أنها واحدة من العديد من الأمثلة من اطلاع الولايات المتحدة على بيانات المواطنين الأوروبيين دون إخبارنا. والمفوضية الأوروبية لا تفعل شيئا حيال ذلك”. مؤكدة أنه يتعين على الأوروبيين وضع المزيد من الأمل في مواطني الولايات المتحدة من مؤسساتهم لحماية حقوقهم. وإذا كان الأمريكيون العاديون يطالبون بوقف التطفل على البيانات، فإن ذلك قد يدفع الولايات المتحدة إلى تبني موقف أكثر مرونة في المحادثات مع الاتحاد الأوروبي”. وشددت إنت فيلد على أن المفوضية الأوروبية لديها تقليد راسخ في ردود الفعل المتأخرة وغير الكافية”. وقالت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية إنه ليس لديها أي تعليق في هذه المرحلة على برنامج بريزم أو على أثره في المحادثات الجارية حول عدد من المعاهدات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، بما فيها الاتفاقية التجارية بين ضفتي الأطلسي.
ونفت معظم تلك الشركات أن تكون قد سمحت للسلطات الأميركية بالوصول المباشر إلى خوادمها.
وقال لاري بيغ -الرئيس التنفيذي لشركة غوغل- الجمعة على مدونة الشركة “نحن لم ننضم إلى أي برنامج من شأنه أن يعطي الحكومة الأميركية -أو أي حكومة أخرى- وصولاً مباشراً لخوادمنا.. في الواقع، الحكومة الأميركية ليس لديها وصول مباشر أو باب خلفي إلى المعلومات المخزنة في مراكز البيانات الخاصة بنا.. لم نسمع عن البرنامج المسمى بريزم حتى أمس”.
وكانت شركات ياهو وفيسبوك وآبل قد نفت هي الأخرى أي تورط في برنامج بريزم.
وقد دافع الرئيس الأميركي باراك أوباما عن برامج حكومية تراقب هواتف الأميركيين وأنشطتهم على الإنترنت، مؤكدا أنها حظيت بموافقة الكونغرس وتخضع لضمانات واسعة للحؤول دون وقوع أي انتهاك.
وأكد الرئيس أوباما الجمعة في تصريحات للصحفيين خلال زيارة لوادي السيليكون في كاليفورنيا، أن برامج مراقبة الاتصالات من جانب الاستخبارات الأميركية حظيت بموافقة الكونغرس، وحاول طمأنة الأميركيين قائلا إنه “لا أحد يتنصت على اتصالاتكم الهاتفية”.
وأكد أوباما في أول تصريح منذ اندلاع جدل بشأن كشف معلومات في الصحافة عن جمع قدر كبير من المعلومات الشخصية، أنه لا بد من إيجاد “توازن” بين الأمن والحياة الخاصة في وقت لا تزال الولايات المتحدة مهددة بهجمات.
كما دافع مسؤولون أميركيون كبار عن برامج التجسس تلك باعتبارها “أدوات أساسية” قائلين إن المعلومات الاستخبارية التي تتضمنها هي من بين أقيم البيانات التي تجمعها الولايات المتحدة.
وكانت صحيفة ذي غارديان البريطانية ذكرت أيضاً أن وكالة الأمن القومي الأميركي تراقب المكالمات الهاتفية لملايين العملاء لدى شركة فيريزون للاتصالات بموجب أمر قضائي سري صدر في أبريل/نيسان الماضي.
وفي معرض دفاعه عن البرنامج، قال جوش إيرنست نائب المتحدث باسم البيت الأبيض إن المعلومات التي يجري جمعها تتيح الوصول إلى خوادم شركات الإنترنت وتستهدف فقط أشخاصا غير أميركيين يعيشون خارج الولايات المتحدة، وأن القانون الأميركي لا يسمح باستهداف أي مواطن أميركي أو أي شخص موجود في الولايات المتحدة.
وأضاف أن هذا البرنامج أجازه الكونغرس مؤخرا في اصطفاف من جانب النواب في أعلى جهة تشريعية أميركية وراء إجراء تتخذه الإدارة في الولايات المتحدة، وهو ما يعكس تعاوناً نادراً بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري. |