صعدة برس - نايف علي رحمة -
أكد الخطاط زكي الهاشمي أن لدى المهتمين بفنون الخط العربي من الدارسين في محافظة صعدة اليمنية قابلية لتعلّم الخط وتعليمه أكثر من غيرهم في المحافظات الأخرى..
وقال الهاشمي في حوار أجرته معه صعدة برس: مما شد انتباهي أن الناس في صعدة لديهم رغبة في تعلم الخط وكأنه قد خلق معهم, فهوايتهم الفن بجميع أشكاله، ولم أجد رغبة في تعلم الخط كبيرة مثلما وجدتها في هذه المحافظة المباركة..
وأضاف الخطاط الذي شارك مع كبار الخطاطين في كتابة أكبر مصحف في العالم عام 2006م بسوريا: أن صعدة تمتاز بشيء من حب الفن والإبداع وذلك لعراقة التاريخ الذي تزخر به.. لافتا إلى أن كثرة النظر إلى النقوش والخطوط والإبداع الذي تزخر به المحافظة جعل أهلها يحبون هذا الفن..
فيما يلي نص الحوار..
في محافظة لحج مديرية ردفان ولد الخطاط زكي علي حسين الهاشمي.. وأكمل دراسته الثانوية وحفظ القرآن كاملاً في دار الأمام البيحاني..
عمل في حقل التربية أربع سنوات مدرسا بمديرية ردفان.. إلا انه لم يجد فيها نفسه فسافر إلى صنعاء وتطلع بإعجاب إلى طبيعتها الفلكلورية التي ما زالت تحتفظ بجماليات الفن المعماري وأبهة حضارتها القديمة بما تحوي من الجوامع والأضرحة والمخطوطات.. ودرس التراث في جوانب من المخطوطات العلمية بعدد من الأماكن ..
تعلم الخط علي يد عدد من الخطاطين فاستفاد من أستاذه عبد الرقيب العودري، ثم ناصر النصاري رئيس جمعية الخطاطين اليمنيين، كما تعلم من صاحب اليد الذهبية وعملاق الخط الأستاذ عباس شاكر جودي البغدادي، كما تعلم علي يد عميد الخط محمد ممش أحد كبار الخطاطين في تركيا ..
والتقى بعدد من الخطاطين العمالقة في عدد من الدول العربية والإسلامية، وشارك بسوريا في كتابة أكبر مصحف شريف في العالم 2006م، كما شارك في معرض حروف وزخارف في سوريا عام 2007م
هذا – باختصار – هو الفنان زكي الهاشمي، وعلى أمل الكشف عن بعض تفاصيل خبايا الإنسان والفنان في رحلة حياته الحافلة كان هذا الحوار..
- بداية كيف كانت رحلتك الاولى مع الخط العربي؟
- بداية رحلتي مع الخط كانت بداية عادية فكنت أتمتع بمشاهدتي للخطوط في الصحف والمجلات لكن بدون ممارسة وكما يقولون العين مدرسة الضمير فأحببت الخط حباً شديداً لكن هذا الحب لم يكن على الطريقة الصحيحة فلم أكن أعرف عن قواعد الخط شيئاً لكني أحب شكله الظاهر والتركيب الجميل بغض النظر عن قواعده وأحكامه..
واستمر بي الحال من الصف الرابع الابتدائي وحتى دراستي في الثانوية العامة وبعد التخرج كذلك فصرت أقلد الخطوط الموجود في الصحف والمجلات.. فيها عبارة عن خطوط حاسوب أي تجارية لا تتعلق بفن الخط الصحيح بأي صلة أبداً .. فنشأت على هذه الحال أحب الخط لكن لم أجد أحداً يوجه قاربي توجيهاً صحيحاً وأنا في رحلتي أمشي بدون وجهة صحيحة فشاء الله عز وجل أن أسافر من محافظة لحج الحبيبة إلى صنعاء اليمن للدراسة فتعرفت في تلك الفترة على الرجل الأول الذي بعث فيّ الأمل لدراسة الخط وتعلمه وهو الأخ العزيز والأستاذ القدير الخطاط جميل أحمد الفقيه حفظه الله ورعاه لكن لم نتواصل نظراً لشغله في دراسته وعملة وحظيت بلقاء بسيط لا يتجاوز العشر الدقائق لكنها كانت غالية مع أحد الخطاطين المرموقين الأستاذ العراقي / كمال الجميلي فكتب لي البسملة بخط النسخ (الكشيدة) وقال لي كلمة كانت نبراساً يضيء لي مسيرة رحلتي الخطية ( لا تكتب غيرها حتى تتقنها ) .
وهذه قاعدة مهمة في تعلم الخط ودراسته لكن هذا الأستاذ سرعان ما سافر إلى بلده وقعدت فترة لم أعرف مع من أتواصل وفجأة ذكر لي أن هناك أحد الخطاطين وكان قمة في التواضع ومدرسة في الأخلاق والقيم وكان المدرس الأمل الذي لازمته وتعلمت منه كثيراً من قواعد الخط خاصة في (خط النسخ) وهو الأستاذ القدير عبد الرقيب أحمد سلام العودري أبقاه الله رائداً للخط والخطاطين فقعدت عنده فترة أنهل من يديه المباركتين أحرفاً عذبه تشبع ظمأ الخطاطين وتروي عطش المتعلمين , ثم واصلت التعرف على الخطاطين الذين في اليمن فتعرفت على الخطاط القدير أستاذ الخط ناصر النصاري وفقه الله واستفدت منه كثيراً فهو بحق آية من آيات الخط , وروحه النيرة فلا أكاد أجد للخط روحاً إلا من محرابه النيّر .
وكذلك تعرفت على أستاذ اليمن وفلذة كبدها أستاذنا القدير من أفنى عمره في سبيل الخط والخطاطين وكان أول نجم سطع في سماء الإبداع والتميز في يمننا الميمون وهو منبع الخطاطين الموجودين الآن أستاذنا القدير الخطاط أحمد الأشول فاستفدت منهم كثيراً فجزاهم الله خير الجزاء، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله .
واستفدت كذلك من الكتب الموجودة في الأسواق ولم أحس بالاستفادة الكبيرة إلا من كراسة أستاذنا القدير هاشم محمد المعروف بالبغدادي . بعنوان ( قواعد الخط العربي )
- هل لك من تواصل مع خطاطين غير اليمنيين؟
- نعم فقد تواصلت بعد هذا مع خطاطين غير يمنيين وذلك للفائدة القيمة التي يحملونها ولأن بلدنا محرومة من التواصل فتواصلت فردياً مع بعض الخطاطين منهم .
عملاق الخطة ورأسه من رسم بأصابعه الذهبية ميزان الاعتدال فصاغ أحرفاً كالماء الزلال الأستاذ القدير خطاط العرب عباس شاكر جودي المعروف بالبغدادي فتواصلت معه ودرست على يديه خطي النسخ والثلث وكانت الاستفادة فوق ما أتوقع فهو مخلص في تدريبه باذلاً كل وقته للخطاطين، وما زلت أتواصل معه حتى يومنا هذا .
ومنهم عميد الخط العربي في تركيا محمد ممش فقد درست عنده ولازمته بحدود خمسة عشر يوماً وأخذت منه شهادة بذلك .
وكذلك الخطاط محي الدين باذنجكي - سوريا
والدكتور محمود شكر الجبوري - العراق
والدكتور محمد سعيد الشريفي - الجزائر
والدكتور عثمان طه - السعودية
الخطاط عارف عثمان - السعودية
الخطاط عدنان الشيخ - سوريا
الخطاط مثنى العبيدي - الأردن
الخطاط حسن كنعان - الأردن
الخطاط منصر الحمدان - الأردن
الخطاط رفعت البوايزة - الأردن
الخطاط محمد أدرزجاني - تركيا اسطنبول
الخطاط علي البداح - الكويت
الخطاط تي كون آن - الصين
وهناك غيرهم كثير لا يمكن لي ذكرهم بهذه العجالة.. وهذا التواصل مهم بالنسبة للخطاط يجعله صاحب تصور كافٍ لمستقبل الخط وتجربه الخطاطين .
- من خلال مسيرتك الفنية.. هل ثمة إغراءات في الخط دفعتك لتوليه جلّ اهتمامك؟
- أن يجعل الخطاط إبداعه في مكان ما هو شرف له فقد شاركنا في بعض الأماكن مشاركات قيمة كان منها :
أ. كتابة مصحف الشام الكبير ( أكبر مصحف في العالم) سوريا .
ب. متحف تدمر الأثري للخطوط (تدمر سوريا ) .
ت. معرض الخط العربي (السعودية)
ث. معرض الخط العربي (سوريا.. خمسة معارض _ دمشق _ بصرى _ تدمر_ حمص)
ج. معرض نصرة النبي ( صنعاء )
ح. معرض الفن والإبداع (صنعاء )
خ. دروس الخط العربي في مجلة الشقائق .
والأصل أن أي عمل للخطاط بلا شك أنه يصب إبداعه في تاريخ الخط ومسيرته التي ستحتفظ بتراثه القيم. وفي الوقت الحالي أنا مواصل في عمل قيم وهو كتابة المصحف الكريم برواية قالون عن نافع وبرواية حفص عن عاصم وهناك عمل آخر سيظهر في الأشهر القادمة بإذن الله .
- كيف تنظر إلى واقع الخط العربي في بلادنا؟
- الخط في بلادنا أشبه بالمريض الذي لا يستطيع الحراك فليس هناك جهة تتبنى قضية الخطاطين مباشرة , فنهاك جمعية الخطاطين اليمنية التي لها عدة سنين لكن لم تصل إلى نتيجة وأنا عضو في الهيئة الإدارية فيها ولكن قاعدة بدون مقومات حقيقية تجعلها تقف فعلاً .
فلا يوجد مدرس للخط العربي (مدرس خاص بهذه المادة ) بل قد نجد اهتماما بمجال الفنون التشكيلية الأخرى من الزخرفة والنحت والرسم وغيرها ويترك رأس الفن وعموده وهو الخط أو قد يمزج مع هذه الأقسام كغيره من الفنون ومع هذا لدينا أمل كبير في ثقافتنا وبلادنا أن تنهض بهاذ الفن ولكن نحتاج إلى أن نبدأ الأولويات المهمة حتى نصل إلى ما وصل إليه أخواننا في بقية بلدان العالم في فتح معاهد خاصة وكليات خاصة تهتم بهذا الفن، والكادر المعلم موجود فهناك أناس مؤهلون للتدريس ولا نحتاج إلى مشقة وجود الكادر من البلدان الأخرى .
- طلعت على مدينة صعده القديمة عن قرب.. ما الذي أثار إعجابك فيها ؟
- مدينة صعدة القديمة من أهم المدن الأثرية التي لا زالت تحافظ على رونقها الخاص وجمالها البديع , فزخارفها المتقنة ترسم دقة العمل وصبر الفنان وفنها المعماري يتألق في قوة البنيان وحرفة البنان , وكما ذكر أن أحد المساجد زخرف بيد أحد المزخرفين الأتراك ولم يذكر التاريخ اسمه غير أنه قد يكون كما ذكرت الروايات (محمد أفندي ) أو ( محمد أفندي رشدي ) وقيل أن احد الأتراك زار مدينة صعدة فجلس فيها فترة سنة أو سبعة أشهر كتب فيها المصحف الشريف كاملاً بقيت منه بعض الأوراق إلى يومنا هذا وهناك تراث علمي كبير فنهاك كثيرا من المخطوطات لا زالت تزخر بها صعدة إلى الآن ومما شد انتباهي أن الناس عندهم قابلية للتعليم ( تعليم الخط ) . فعندهم رغبة وكان الخط قد خلق معهم , فهوايتهم الفن بجميع أشكاله ولم أجد رغبة في تعلم الخط كبيرة مثلما وجدتها في هذه المحافظة المباركة .
- وكيف تقيم الوضع الثقافي والفني السائد في أرجائها ؟
- صعدة كغيرها من المحافظات الأخرى.. إلا أنها تمتاز كما أسلفت بشيء من حب الفن والإبداع وذلك للتاريخ الذي تزخر به.. فالإبداع كما يقال يدرس بالنظر.. فكثرة النظر إلى النقوش والخطوط والإبداع الذي تزخر به المحافظة جعل أهلها يحبون هذا الفن وينمون معه بإبداعهم ولو لا ما تمر به المحافظة من الأحداث التي عرقلت نمو الإبداع والحضارة وجعلت الناس يبحثون عن أماكن الأمن والأمان لكانت صعدة شيء آخر .
والوضع الثقافي للمحافظة وضع إبداعي متميز بالنسبة للمبدعين كأفراد فهم يبحثون عن تطور إبداعهم بأنفسهم فيسافرون المسافات لدراسة هذا الفن ويتعبون من أجل الحصول على الفائدة حتى وإن كانت يسيرة ولكن هناك نقص في الجهات الرسمية فهي لا تهتم بشكل لائق بالمبدعين والمتميزين .
- هل ستكون صعده آخر محطاتك؟وماذا تقدم لابناءها؟
- صعدة إحدى محطاتي الإبداعية وأنا مفتخر بالجلوس فيها وإيجاد عدد من الطلاب الذين يحملون هذا الفن الراقي والحمد لله أوجدت خطاطين يحملون الخط العربي بقواعده الأصيلة وتراثه المزدهر .
وآخر محطاتي بإذن الله عز وجل وبمشيئته ستكون في إحدى المؤسسات التي تهتم بالخط العربي لخدمة كتاب الله عز وجل وعلومه الجليلة وستظهر قريباً بإذن الله .
- كلمة اخيرة تود قولها..
- أتوجه بالشكر الجزيل لصحيفة صعدة برس الإلكترونية.. وإذا كان من كلمة فإني أتوجه إلى كل القائمين على التعليم في بلادنا أن لا ينسوا هذا العلم الجليل من العناية فهو رأس حضارتهم وسماء ثقافتهم .
فلا بد من أن يشركوه في الكتب المدرسية كمادة منفصلة تأخذ في الدرجات مثل ما تأخذه المواد الأخرى (نظرياً ) (تطبيقياً ).. وإقامة المسابقات التي تهتم بالخط العربي منفرداً حتى يحظى بالاهتمام، تشجيع المبدعين في هذا المجال وتنمية قدراتهم بإقامة الدراسات التأهيلية.