صعدة برس - *نبيل سبيع
هل انتهت ثورات الربيع العربي بتفويض الأنظمة التي قامت ضدها بتولي زمام المستقبل؟
بين اليمن ومصر على الأقل، يسجل هذا التشابه نفسه بوضوح:
أبرز الأخبار القادمة من القاهرة هذا الأحد كان خبر "تفويض" الجنرال عبدالفتاح السيسي بتولي رئاسة مصر بعد الرئيس المؤقت عدلي منصور الذي خلف الرئيس المعزول محمد مرسي. إنه تفويض لم يحدث بعد، لكن السيسي طلبه من الجيش والشعب ومن المرجح كثيرا أن يحصل عليه وبالإجماع الذي يريده.
بشكل أو بآخر، الثورة المصرية هنا تفوض النظام الذي قامت ضده بتولي زمام المستقبل، فالسيسي هو رأس المؤسسة العسكرية الحاكمة في مصر قبل ثورة يناير 2011.
هذا التفويض خبر سيء للغاية. لكن الأسوأ حدث في اليمن.
في صنعاء، انعقدت صباح الأحد الجلسة الختامية لمؤتمر الحوار الوطني الذي من المقرر أن يقرر مستقبل اليمن بعد ثورة وتسوية سياسية كان مؤتمر الحوار من أبرز مترتباتها. وفي هذه الجلسة، صرخت القاعة: فوضناك.. فوضناك"، فوض المؤتمرون الرئيس عبدربه منصور هادي ليس بفترة رئاسية جديدة، بل بكل شيء بما في ذلك تقسيم البلاد.
بشكل أو بآخر هنا أيضاً، الثورة اليمنية (من خلال مكوناتها وممثليها في مؤتمر الحوار) فوضت النظام الذي قامت ضده، ولكن.. ليس بتولي الرئاسة بل بما هو أكبر وأبعد: تقسيم البلاد. هادي هو نائب الرئيس صالح سابقا لأكثر من 15 عاما، وقد تولى الرئاسة خلفا لصالح بعد انتخابات توافقية خاضها منفردا (استفتاء) في فبراير 2012، وسيتم التمديد له فترة رئاسية جديدة لا أحد يدري هل ستدوم فيها اليمن كما هي أم أنها ستتشظى تحت أقدام رئيس يبدو أنه من ورق، رئيس فوتغرافي، ولكنه مفوض بتقسيم بلد كامل دون وجود ضمانات تذكر للإستقرار.
التشابهات بين الثورتين المصرية واليمنية كثيرة، حتى في "التفويض" نسمعه في القاهرة كما في صنعاء. ولكن وراء التشابهات بين البلدين وثورتيهما فوارق كبيرة بحجم الفارق بين "تفويض بالرئاسة" و"تفويض بتقسيم البلد"!
هل هذا فارق كبير أم أنني أتوهمه كذلك فقط؟
|