صعدة برس -
رئيس مجلس الوزراء الدكتور علي مجور شخصية متواضعة جمّة.. يحظى بتقدير أعظم.. ليس من قيادة حزب المؤتمر "الحاكم" وإنما من معظم أفراد المجتمع، ومعهم كوادر الأحزاب الوطنية الوحدوية في البلاد، الذين يجمعون على نزاهة ذمته، وقوة إخلاصه في إدارة شؤون الحكومة، التي تعد أقل انتقاداً في جُلّ حكومات خلت.
في حواره مع صحيفة "الجمهور" - تعيد صعدة برس - نشره، ستقرأون محاورة شفافة مع رجل دولة، لمسنا صدق إجابته في أسئلتنا.. وقرأنا جدية تعاملاته - قبلا- في قراراته.
حديث الدكتور مجور اشتمل على مختلف الشأن "السياحزبي".. والاجتماعي والاقتصادي وغيرها.. إذ تحدث باستفاضة يندر إتيانها من مسئول رفيع، وفق ما تؤكده هذه السطور.
دولة رئيس الوزراء لنبدأ بلمحة تعريفية؟
- في البدء نشكر صحيفة "الجمهور" التي بدأت بداية ممتازة وأصبحت تنال إعجاب العديد من القراء.. أما دراستي الجامعية فكانت في الجزائر، درست فيها إدارة الأعمال، وأكملت في فرنسا الماجستير والدكتوراه في المجال نفسه، عام 1991.
لماذا لست محسوباً على فئة سابقة.. "زمرة" أو "طغمة"؟
الحقيقة نحن وطنيون قبل أن نُسمّى على هذا التيار أو ذاك، ونحن من الجيل الذي أتى وقضى وقتاً طويلاً في دراسته.. أنا تقريبا قضيت أكثر من 15 عاما للدراسة خارج الوطن.. ولست منتميا لا لـ"الزمرة" ولا لـ"الطغمة" وإنما منتمٍ للوطن اليمني.. صحيح أن الإنسان لابد أن يكون له رأي في بعض الأشياء ولكنني لست مرتبطا بمعنى الارتباط بهذا الطرف أو ذاك في أية مرحلة من المراحل.
حكم الاشتراكي ديكتاتوري
كيف تقيم فترة حكم الحزب الاشتراكي.. خصوصا وأن هناك من يترحم عليه اليوم؟
حكم الحزب الاشتراكي اليمني حكم شمولي دكتاتوري دموي.. كان في الجنوب بهذا الشكل، وكان يقود الدولة بالإرهاب.. إرهاب الناس وإرهاب الدولة. والذين يترحمون عليه اليوم، ربما كانوا مستفيدين من ذلك الوضع ولكن لا توجد أسرة ولا "فخيذة" في الجنوب إلا واكتوت بنار ذلك الحكم الظالم الذي كان يقتل باستمرار.. كان يصفي كل من يعارضه ولا يجرؤ أحد الحديث على نظام الحكم آنذاك.. في الحقيقة الحزب الاشتراكي كان ظالماً، وكان يستمد قوته في حكم البلاد من الأسلوب الاستاليني أسلوب القمع والحكم بالحديد والنار.. والحقيقة أن كل الوطنيين استبشروا خيراً بالوحدة التي جاءت بمثابة المنقذ الكبير لهذا الوطن.. بعد أن كان الحزب يعمل كل بضع سنوات مذبحة.. ومنها مذابح 68 التي راح ضحيتها العديد من قيادات الحزب، وبعدها 78م التي ذهب ضحيتها العديد من الناس وصولاً إلى المذبحة الكبرى في 86م. والحمد لله، عندما تحققت الوحدة تنفس الشعب الصعداء، وأصبح بالفعل بمنأى عن هذا الدمار الشامل.
ما يجري في صعدة
مساعي العودة بالجمهورية في صعدة ومحاولات إحداث الفوضى في مناطق في الجنوب والشرق.. هل يشكل تهديداً وخطراً على الثورة ووحدتنا الوطنية؟
- الحقيقة إن ما يجري في صعدة هو تمرد على النظام وتمرد على الجمهورية، وأي تمرد ينبغي أن يواجه مواجهة عنيفة.. ولطالما تحدث فخامة الرئيس علي عبدالله صالح مرات عديدة يمكن للحوثيين أن ينشئوا لهم حزباً وينافسوا وعبر صناديق الاقتراع في انتخابات حرة ومباشرة، إذا أرادوا الوصول إلى السلطة.. لكن التمرد على الدولة والادعاء بأن الحكم لا ينبغي أن يكون إلا لسلالة أو طائفة محددة هو فوضى مرفوضة، لأنها تمس الثوابت الوطنية وتمس النظام بشكل كبير.. ما جرى في صعدة هو عبارة عن تمرد بكل المقاييس.. تمرد على النظام وعلى الدستور وعلى الثوابت الوطنية، وكان يهدف إلى العودة بنظام الحكم الجمهوري إلى العهد الملكي الإمامي البائد.. وما يجري في بعض مناطق الجنوب حقيقة هم من بقايا مشعلي حرب 1994، الحرب التي حاول فيها قادة الحزب الاشتراكي اليمني العودة إلى الانفصال، ولكن تصدى شعبنا لتلك المحاولة بكل ما يستطيع من قوة، ووقفوا وقفة رجل واحد في مواجهة هذه الدعوة الانفصالية. ما بقى من أصوات- وأنا أسميها دائما "أصواتاً نشاز"- هي بقايا لحرب 94م ولن يمسوا الوحدة بشيء إن شاء الله.
ماذا اتخذتم كسلطة تنفيذية تجاه عبث هؤلاء؟
- نحن نفرق بين المطالب والمظالم، وبين التمرد، المظالم والتمرد هي موجودة في كل مكان، فعندما بدأت هذه الأصوات في الجنوب بموضوع المتقاعدين، فقد تمت إعادتهم إلى أعمالهم.. وخصوصاً المتقاعدين العسكريين والحمد لله، حيث تمت إعادة أكثر من 15 ألف متقاعد عسكري وتصرف الدولة الآن فوق الموازنة على هذا الوضع خمسين ملياراً سنويا.. مما يؤكد أن مشكلة المتقاعدين قد حلت. وهناك من كان يطرح موضوع نهب الأرض.. الحمد لله، بدأنا بإجراءات حاسمة وشرعت العديد من اللجان بالعمل على وضع حد لهذا التصرف، وأقول إنه ينبغي أن نفرق بين المظالم وبين الأصوات التي تطالب بانفصال الوطن.. أنا أقول إنه لا يحق لأحد ولا يمتلك أحد بصيرة على هذا الجزء أو ذاك حتى يأتي ويقول إنه سيعيده إلى سابق عهده.. الوطن ملك للجميع ولا يوجد أحد يمثل هذه المحافظة أو تلك.. من يمثل هذه المحافظات هم المنتخبون، سواء كانوا من أعضاء مجلس النواب أو من أعضاء المجالس المحلية.
هل من نية لمعاقبة أمثال هؤلاء.. خصوصا بعد أن حاولوا تكرار الفوضى؟
بالتأكيد، بالتأكيد. وهناك العديد من القوانين التي تنظم عملية الدفاع والحفاظ على الثوابت الوطنية.. الجمهورية، والديمقراطية، والوحدة هي ثوابتنا الوطنية التي ينبغي أن نختلف ونلتقي في إطارها.
سؤال للمشترك
برأيك ما الذي أوصل الحزب الحاكم والمشترك إلى ما وصلوا إليه الآن من القطيعة وعدم التوافق على أي شيء؟
- هذا السؤال يوجه للمشترك.. الحقيقة المؤتمر الشعبي العام قدم العديد من التنازلات فيما يتعلق بالعملية الانتخابية، ووافق على مشروع تعديلات على قانون الانتخابات، وقدم فيها العديد من التنازلات الكبيرة بما يلبي رغبة أحزاب اللقاء المشترك ومع ذلك لم يقبل أعضاء اللقاء المشترك في البرلمان بالوصول بهذه التعديلات إلى التصويت النهائي.. لماذا؟ لأنهم اختلفوا اختلافا شديداً في تحديد أعضائهم في اللجنة العليا للانتخابات.. هذه نقطة. النقطة الثانية: أنا اعتبر أن هروب المشترك -حتى اللحظة- من خوض الانتخابات هو للمزيد من الابتزاز للمؤتمر والهروب خوفاً من الانتخابات؛ لأن اللقاء المشترك خاض انتخابات 2006م "المحلية والرئاسية" وكانت هزيمته كبيرة جداً.. هزيمة لم يكن يتصورها. وبالتالي فإنه يشعر أن دخوله مرة أخرى في الانتخابات وفي ظل تراجع شعبية هذه الأحزاب سيفقده الكثير من المقاعد.. (وهروبا من الهزيمة) هم يحاولون أن يبتزوا المؤتمر الشعبي العام. المؤتمر بطبيعته حزب دائما جبل على الحوار - وأبواب الحوار لديه ما زالت مفتوحة أمام اللقاء المشترك ولكن الوقت بدأ يضيق.
هل نسميه "ضغطاً"، لتقديم مزيد من التنازلات؟
- لا، بالعكس.. كلما تهرب المشترك من هذا الموضوع زاد سقف مطالبه الكبيرة، وزاد ابتزازه لحزب المؤتمر الشعبي العام. ولكن أقول إن الوقت بدأ يضيق جداً من موعد الاستحقاق الدستوري، والانتخابات ستجرى في موعدها المحدد.
هل هذا تأكيد؟!
- نعم، ستجرى في موعدها المحدد.
80 بالمائة نسبة المستقلين
هناك من يقول إن المؤتمر إذا انفرد بالانتخابات بدون المشترك فإن نتائجها غير شرعية؟
من قال هذا؟! وهل لا توجد في الساحة إلا معارضة المشترك؟!. هناك أحزاب معارضة كثيرة، وهناك المستقلون.. لاحظ أن عدد المستقلين ونسبتهم من أصوات الناخبين تصل إلى أكثر من 80 بالمائة.. الحزبيون -بمن فيهم المؤتمر الشعبي العام وأحزاب المشترك وأحزاب التحالف الوطني- للمعارضة لا يتجاوزون 20 بالمائة- وبالتالي هل نحجب حق هؤلاء من أن يدلوا بأصواتهم؟!
خطة الحكومة
هي خططكم لرفع معاناة المواطنين؟
- أية معاناة؟
معاناتهم المعيشية؟
- الحقيقة، هذا السؤال كبير ومتشعب.. همّ الحكومة الرئيسي هو العمل على رفع المعاناة عن المواطنين.. وما حصل من ارتفاع في الأسعار هو نتاج زيادة الأسعار عالمياً، تعرف أننا نستورد كل ما نحتاج إليه- من غذاء ومن ملابس- ففيما يتعلق بالأسعار هذه أسعار عالمية.
لكنها انخفضت على المستوى العالمي؟
نعم، انخفضت الأسعار العالمية وانخفضت بالمقابل لدينا.. كان سعر الحديد قبل حوالي عام يصل إلى أكثر من 300 ألف ريال، اليوم الطن الحديد بـ105 آلاف ريال.. وقد ينزل إلى أقل من 100 ألف ريال.. القمح كان بسبعة آلاف ريال قبل كم شهر، اليوم يباع بـ3400 ريال أو أربعة آلاف ريال – بحسب النوعية- ومع ذلك لسنا مرتاحين.. وكثيراً ما نجتمع بالتجار والغرف التجارية ونؤكد لهم بما أنكم تخضعون أسعاركم لارتفاع الأسعار العالمية ، فإننا نطالبكم أن تكونوا بالحماس نفسه في حال انخفاض الأسعار.
الأمن الغذائي
هل من خطة للأمن الغذائي؟
فيما يتعلق بالأمن الغذائي وخصوصا زراعة القمح وزراعة الحبوب هي تتطلب مناخاً مناسباً.. أنا اعتبر أن اليمن لديها محدودية بسيطة في عملية الزراعة، نتيجة لشحة المياه.. وزراعة القمح والحبوب المختلفة تتطلب مياهاً وفيرة سواء كانت المياه جوفية أو مياه أمطار وسيول. يمكن أن نفكر مستقبلا في تطويرها، ولدينا مشاريع للزراعة المطرية، من أجل زراعة الحبوب ولكن ستظل المشكلة قائمة بسبب شحة المياه. أقول: سنظل نعتمد بشكل رئيسي على استيراد القمح من الخارج.. صحيح أنه حصل تطور نسبي في زراعة القمح في البلاد، ففي عام 2007 كانت اليمن تنتج 15 ألف طن أصبحت في العام الماضي تنتج 230 ألف طن، وهذا تطور نسبي يغطي تقريباً 10 بالمائة من احتياجنا للقمح.
الأمن الوقائي
وماذا عن إيجاد الأمن الوقائي؟
- أي أمن وقائي.
ما يتعلق بأمن المواطن.. تفادي الجريمة قبل وقوعها فكثير من البلدان نجحت في ذلك؟
- في الحقيقة الأمن تطور بشكل كبير، ولكن الجريمة أيضا تطورت.. أدواتها وأساليبها.. وكثيراً ما عانى اليمن من موضوع الإرهاب، قبل أن تعاني منه الولايات المتحدة الأميركية في 11 سبتمبر.. اليمن صرخ كثيراً.. ونادى كثيرا محذراً من خطورة هذه الظاهرة التي بدأت تنمو، وما زال اليمن يتأثر تأثراً كبيراً بتداعيات حادثتي السفينة الفرنسية "ليمبرج" والمدمرة الأميركية "كول" إذ ما زال اليمن يدفع الثمن من اقتصاده حتى اليوم سواء كان في ارتفاع التأمينات على النقل، أو في كثير من المسائل الأخرى. كان اليمن ينادي – حينها- ولكن لم يسمعه أحد.. بدأ العالم يصحو عندما تعرضت أمريكا لضربة في 11 سبتمبر 2001م. في الحقيقة الأمن لدينا بدأ يتطور، وكثيرا ما يكشف خلايا نائمة من خلايا الإرهاب.. أبرزها الخلايا التي تم اكتشافها في صنعاء قبل فترة وهي تحضّر لعمليات إرهابية كبيرة.. كما تصدى الأمن بكل قوة لعملية إرهابية كانت تستهدف السفارة الأمريكية، وضحى الأمن من أجلها ببسالة.. وكذا تصدى الأمن لعمليات كبيرة في حضرموت، وفي سيئون بالذات عندما استهدف الإرهابيون بوابة عسكرية.
وتم القبض على الخلية فيما بعد؟
- بالضبط.. وحقيقة أنا أشعر أن الأمن بدأ يتطور في اكتشاف الجريمة قبل وقوعها، ونحن نشكر أجهزتنا الأمنية على هذه الجهود الكبيرة التي تبذلها لحماية المواطنين والوطن والحفاظ على الأمن والاستقرار.
الموارد مشكلتنا
دولة رئيس الوزراء.. ما هي مشكلتنا كوطن وشعب يمني.. لماذا ليس لدينا قضية تشكل هماً واحداً.. هل مشكلتنا اقتصادية أم إدارية؟
- مشكلتنا هي محدودية الموارد.. مشكلتنا هي الفقر.. نحن بلد محدود الموارد، عندما نقارن أنفسنا بأي بلد من بلدان الجوار، نشعر أننا شعب كبير، لكن مواردنا محدودة.. وبالتالي السياسة الحكيمة هي كيف نستخدم هذه الموارد المحدودة لدينا لتحقيق أكبر غايات التنمية.. التخفيف من الفقر.. تحقيق تنمية اقتصادية كبيرة.. استكمال البنية التحتية.. من طرق وكهرباء ومياه وغيرها والتي تتطلب إمكانيات كبيرة جداً ومع ذلك فإننا نسخر مواردنا المحدودة بقدر المستطاع في استكمال بناء البنية التحتية، الحمد لله.. نستطيع أن نقول وبفخر أن الحكومات المتعاقبة منذ الوحدة حتى اليوم استطاعت أن تحقق أشياءً كثيرة بالنسبة للطرق.. أصبح لدينا أكثر من 13 ألف كيلو متراً كما استطعنا أن نربط كل مدن المديريات المختلفة ببعضها البعض.. وهناك تطور كبير في مجال التعليم.. على سبيل المثال، في مجال التنمية البشرية.. لدينا أكثر من 8 جامعات حكومية علاوة على الجامعات الخاصة كما حققنا خطوات كبيرة في التخفيف من الفقر، وتنمية القطاعات الواعدة مثل.. السمكية والسياحة، والتعدين وغير ذلك.
حجر الزاوية
على ذكر التعليم.. هل هناك نية للارتقاء بالوضع التعليمي.. خصوصاً وأن المستقبل يعتمد على هذا الجانب؟
- بالتأكيد.. التعليم هو حجر الزاوية لأية تنمية بشرية.. بالنسبة لجيلنا لم يتعد عدد المتعلمين 10 بالمائة، أما اليوم فلا مجال للمقارنة..
كان التعليم قوياً في السابق..؟!
- صحيح كان التعليم قوياً.. لكن لا يوجد تعليم شامل.. كان عدد الثانويات في اليمن إلى عام 1975، لا يتجاوز ست مدارس ثانوية.. فتصور كم هو عدد الطلاب الدارسين فيها.. كان أبناء النخبة فقط هم الذين يدرسون.. وبالتالي التعليم كان نوعياً.. لكن الآن التعليم وخصوصا التعليم الأساسي والتعليم الثانوي أصبح متاحاً للجميع.. الجميع ينبغي أن يتعلم، والحمد لله، تحققت فرصة كبيرة لأبناء شعبنا في التعليم.. يبدو لي من الإحصائيات التي بين أيدينا أنه لا يوجد خارج نظام التعليم ممن هو في سن التعليم سوى أقل من 25 بالمائة. يعني أن 75 بالمائة هم منضوون في إطار التعليم الأساسي والثانوي وهذه قفزة كبيرة.. قد يكون هذا على حساب الكم، ولكننا نسعى باستمرار إلى تحسين نوعية التعليم بشكل أفضل.. وأقول لك إن أبناءنا الطلاب أذكياء، والدليل على ذلك إنهم عندما يسافرون للدراسة في الجامعات الخارجية يتفوقون بشكل كبير على غيرهم.. وهذا دليل على أن التعليم يسير بصورة صحيحة.
قبل فترة نزلنا ملاحظتنا على منهج التربية الوطنية.. حرفوا النشيد الوطني وما يزال محرفاً حتى اليوم.. هل القضية تستحق محاسبة وزارة التربية أو المتسببين في هذا؟
- بالتأكيد.. لابد أن يحاسبوا، ولا بد أن تكون وزارة التربية والتعليم على درجة عالية من التدقيق في أعمال اللجان المكلفة بوضع المناهج. الصناعة الإستراتيجية.
ما هي خطتكم في مجال الصناعات الإستراتيجية؟
- اليمن بلد واعد في مجموعة قطاعات.. أولا في مجال النفط والغاز، هناك مؤشرات تدل على أن اليمن هو بلد غاز أكثر منه بلد بترول.. فكثير من الآبار الاستكشافية تؤكد هذا الأمر.. إذن لا بد من التركيز على الصناعات الاستخراجية وتطوير الصناعات النفطية، والصناعات الغازية بشكل كبير، وأيضا التفكير في جذب الاستثمارات التي تقوم على الصناعات الغازية والنفطية.. والصناعات البتروكيماوية وغيرها من الصناعات الأخرى. كما لابد أن يتم التركيز على استغلال الثروة السمكية الاستغلال الأمثل، وأن تكون الكميات المنتجة والكميات المصنعة في تزايد كبير.. وهذا يتطلب توجيه الاستثمارات بشكل كبير نحو الصناعات السمكية بحيث نضمن تصدير الأسماك في شكلها المصنع وليس في شكلها الخام.. إضافة إلى مجموعة من الصناعات الأخرى، مثل صناعة الأسمنت.. أقول بلادنا واعدة كذلك في صناعة الأسمنت، وفي المعادن فعندنا الكثير من الحجر الجيري ينتشر في كثير من مناطق اليمن، ولهذا تم التركيز على جذب الاستثمارات في مجال صناعات الأسمنت. أضف إلى ذلك صناعة الزنك والألمنيوم وصناعة الزجاج وغيرها من الصناعات.
النهوض بالاستثمار
ما هي خططكم للنهوض بالاستثمار؟
- النهوض بالاستثمار، هو همّ الحكومة الرئيسي، وهذا ما أكد عليه باهتمام كبير برنامج فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح.. وبرنامج الحكومة حيث، أشار إلى موضوع مهم جدا وهو تشجيع الاستثمارات وجذبها. ففي هذا الأمر انطلقت الحكومة من حقيقة واحدة وبتوجيهات فخامة الأخ الرئيس أنه لا يمكن حل موضوع الاستثمار ومشاكله إلا إذا استطعنا إعادة هيكلة الإدارات المعنية بالاستثمار. هذه الهيكلة كان المستثمر في وقت سابق يجد نفسه تائها بين مجموعة من الإدارات.. ما بين إدارة الأراضي وإدارة الجمارك والضرائب والصناعة.. وبالتالي فإن إجمالي التوقيعات التي كان يعاني منها المستثمر كثيرة جدا.. ولهذا رأينا أن العيب الــرئيــسي في موضوع جذب الاستثمارات هي إدارة المستثمر، فأوجدنا نظام "النافذة الواحدة"، هذه النافذة تتواجد في إطارها كافة الإدارات المعنية بالاستثمار.. فأصبحت الهيئة العامة للاستثمار هي "النافذة الواحدة" التي يدخل من بابها المستثمر ولا يخرج منها إلا وقد أكمل كل الإجراءات في وقت لا يتجاوز اليومين.. وعندما أزيل العائق المتمثل في تعدد جهات الاختصاص استطعنا أن نقول أننا بدأنا نخطو خطوات هامة جداً في طريق تشجيع الاستثمار، حيث بدأت الاستثمارات تتدفق إلى اليمن بصورة كبيرة، ففي مجال الأسمنت أصبحت لدينا أكثر من ثلاثة مصانع للأسمنت منها ما هو قيد الإنشاء وهي استثمارات خاصة، إضافة إلى الاستثمارات في مجال المعادن، ولدينا الآن شركات بريطانية تعمل في مجال الزنك.
يعني لم تعد كلفة الاستثمار فيها تشكل عائقاً؟
- لا.. عندما تم الإصلاح الإداري لعملية الترويج للاستثمار وجذبه، وجدت كثير من فرص الاستثمار.. تلا ذلك عقد مؤتمر لاستكشاف الفرص الاستثمارية عام 2007م ولحقه مؤتمران آخران في المكلا للترويج للفرص الاستثمارية، ونتج عن هذا تدفق كبير لأعداد المستثمرين الأجانب إلى بلادنا.
مصانع بريطانيا والقطن اليمني
هل توافقنا الرأي بأن تعزيز الموارد يتم من خلال توسيع رقعة زراعة القطن؟
- ممكن جداً.. أولاً فيما يتعلق بالقطن اليمن معروفة منذ زمن طويل بأنها مشهورة بزراعة القطن، طويل التيلة وقصير التيلة، وخصوصا في محافظات الحديدة، وأبين، ولحج.. وجزء من محافظة شبوة.. إذاً اليمن تشتهر على مدى طويل بزارعة القطن، وكانت مصانع بريطانيا في وقت من الأوقات تشتغل على القطن اليمني.. نحن الآن نبذل جهوداً كبيرة، وقد أنشأنا العديد من المحالج للقطن في أبين والحديدة ولحج من أجل دعم المزارعين وتشجيعهم على زارعة القطن، ونشعر أنه سيكون مورداً كبيراً للدولة.. فليس شرطا أن يكون للتصدير ولكن سيكون وسيلة للتصنيع.. لإنشاء مصانع للغزل والنسيج في البلد وتحديث الموجود. .. أنا لست مع أن تكون الدولة هي المصنع، وهي المخطط، ينبغي أن نفتح المجال، للقطاع الخاص للاستثمار في هذه المجالات.
ضريبة العقار
فيما يتعلق بضريبة العقار.. ماذا عنها؟
- ضريبة العقار مهمة جداً.. ونحن الآن بصدد غربلة كافة التشريعات اللازمة للنظام الضريبي.. الآن سننفذ قانون ضريبة المبيعات، وسنعمل على غربلة العديد من القوانين بما فيها تحسين الوعاء الضريبي.
موارد مهدورة
هناك تحايل على التعرفة الجمركية، وكذلك الضرائب.. لدينا معلومات تفيد بأن 80 بالمائة من الشركات الكبرى تتهرب من دفع الضرائب، وهذا يكبد الخزينة مئات المليارات ومثلها في الجمارك نتيجة التسيب الحاصل فيها؟.
- بالتأكيد هناك موارد مهدورة.. هذه الموارد المهدورة ليست في جهة من الجهات أو مصلحة من المصالح وإنما سببها تعدد الجهات التي تجبي هذه الموارد. فعلى سبيل المثال، هناك ضرائب محلية ينبغي على السلطات المحلية أن تجبيها، مثل ضرائب القات.. والتي لا يجبى منها إلا أقل من 50 بالمائة تقريباً، وبالتالي هناك قصور في تحديد معايير واضحة جدا ومحددة في عملية جباية الضرائب.. وهذا ما نؤكد عليه عندما نلتقي بقيادات السلطات المحلية، فنقول لهم: بقدر ما تطالبون بمزيد من الإنفاق، نحن نطالبكم بمزيد من الموارد.. عليكم أن توجدوا الآليات المناسبة للوفاء بذلك. صحيح.. حتى على المستوى المركزي هناك تهرب من الضرائب ولكننا دائما لا نقيم هذه القوانين التي يستطيع أن ينفذ من خلالها المتهربون من الضرائب، ونسد أي ثغرات موجودة أمام عملية التهرب. فعلى سبيل المثال، ضريبة المبيعات الآن واضحة جدا في أن كل من يبيع بـ50 مليون ريال، عليه أن يقر بذلك صراحة في مصلحة الضرائب ويدفع الضريبة. فنحن دائماً نراجع التشريعات بشكل مستمر ونسد أية ثغرات يستطيع أن ينفذ المتهربون منها.
القائمة السوداء
الحكومة السابقة اعترفت بنحو 550 مشروعاً متعثراً.. فكم عددها الآن؟
- لا يوجد الرقم الحقيقي لديّ الآن، فيما يتعلق بعدد المشاريع المتعثرة؛ لأنه لا يمكن قياس تعثر وحدة صحية، بتعثر طريق بطول مائة كيلومتر.
"مقاطعا" هي أعلنت عن رقم تحديد 527 مشروعاً متعثراً؟
- "مقاطعا" لا يوجد عندي الرقم.. ولكن سأشرح لك لماذا هي مشاريع متعثرة.. أحيانا سببها وسوء اختيار المقاول.. لهذا ومن أجل حل هذه المشكلة مجلس الوزراء قائمة سوداء للمقاولين أي مقاول ثبت أنه تعثر أو أعاق تنفيذ مشروع وترحل إلى العام الذي يليه لا يحق له مقاولة أية مشاريع أخرى، وبالتالي تكون عندنا قائمة نظيفة من المقاولين. نوع ثانٍ من التعثر سببه محدودية الموارد حيث يتم إنجاز جزء منه في عام ولكننا سنحل هذه المشكلة بدل التوسع في المشاريع بشكل كبير ينبغي أن نحصر مواردنا في تنفيذ مشاريع محدودة بحيث نضمن تنفيذها بشكل أفضل.
الإصلاح ضد الاستثمار
دولة رئيس الوزراء.. كتلة الإصلاح انسحبت من البرلمان قبل أيام رافضة مناقشة قانون تمليك الأجنبي قطعة أرض.. هل ذلك مع أو ضد الاستثمار؟
- موقفهم هذا ضد الاستثمار، أنا مع أن يتملك الأرض أي مستثمر، وعندما نرى هذا المستثمر مغادراً من البلد نمنعه أن يحمل الأرض معه.
ألا ترون أن التركيبة السكانية لليمن متركزة في محافظات معينة.. فيما أخرى تبدو خالية.. فهل هناك إعادة نظر في توزيع الكثافة السكانية؟
- التموضع السكاني دائما ما يتركز باستمرار حول الأنشطة.. سواء كانت هذه الأنشطة زراعية، أو صناعية، أو خدمية.. فلماذا يتموضع الناس دائما في المدن؟! يتموضعون في المدن؛ لأنهم يجدون فيها التعليم الصحة بصورة أفضل ويجد فيها كافة التسهيلات الأخرى التي ربما لا يجدها في الريف.. بالتأكيد المجتمع اليمني يتميز بأنه مجتمع متشتت كثيراً، ويصل عدد التجمعات السكانية في اليمن إلى أكثر من 130 ألف تجمع سكاني.. عندما نقارنها مع مصر.. لا يتجاوز عدد التجمعات السكانية 60 ألف تجمع سكاني.. وبالتالي تصبح عملية التنمية شاقة.. ويصبح إيصال الكهرباء والمياه (مثلاً) إلى هذه التجمعات السكانية من أصعب الأشياء.. وبالتالي نحن في الحكومة ، نفضّل التجمعات السكانية عندما تكون كبيرة، ولا نفضل الهجرة إلى المدن لكيلا يزداد الضغط عليها.. لكن نفضل أن تكون التجمعات السكانية في الأرياف بمثابة تجمعات كبيرة بدلا من هذا التشتت السكاني.
ماذا لو أنشأنا مدناً سكنية في المدن الساحلية.. وبالتالي يصبح هناك توازن في السكان؟
- تمركز السكان يوازن نفسه لا يمكن أن توجهه الحكومة.. فعلى سبيل المثال في هذه العشر السنوات نجد، التموضع السكاني بهذه المناطق، ولكن في العقد القادم سنجد أنه قد تغير بشكل آخر.. يمكن تكون الهجرة عكسية من المدن إلى الأرياف في تجمعات سكانية أخرى.
كيف تفسرون.. قلة الانتقادات لشخصكم وللحكومة في وسائل وفي المقابل لا تحظون بالاهتمام الإعلامي الذي كانت تحظى به الحكومات السابقة.. هل لأنكم لستم في قيادة الحزب كالسابقين؟
- أنا في قيادة "المؤتمر الشعبي العام" وعضو في اللجنة العامة.. وأتشرف بانتمائي إلى هذا الحزب.. أنا اعتبر قلة الانتقاد لحكومتي هي ظاهرة إيجابية جداً.. تؤكد أننا نسير في الطريق الصحيح. فإذا كانت الانتقادات كبيرة، معنى ذلك أن هناك خللاً ما، ولكن أنا شديد الارتياح أن حكومتي هي أقل الحكومات انتقاداً من قبل الصحافة والرأي العام كذلك.
لماذا إذاً لا يبرزون نجاحات حكومتكم؟
- صحافتنا لا تحب أن تبرز الإيجابيات.. فهي دائما تبحث عن الخلل.. وهذا فيه عدم إنصاف، وأؤكد لك أنه إذا كانت هناك اختلالات لما ترددت الصحافة من إبرازه إطلاقا، بعكس الإيجابيات.
هناك من يقول إن إعلام الحكومة لا يؤدي دوره في الإيضاح للمواطنين فيما تحاول صحف المعارضة تزييفه..
- كما قلت في إجابتي على السؤال السابق، يبدو أنه توجد فجوة ما بين الحكومة والصحافة وما بين الرأي العام.. هناك الكثير من الأعمال التي تؤديها الحكومة تنفيذا لبرنامجها وتنفيذاً لبرنامج فخامة الرئيس وحققت الكثير من الإنجازات الكبيرة والتي تدلل عليها الأرقام وبدون أي نقاش. ولكننا لا نستطيع أن نوصل هذه الإنجازات إلى الرأي العام وإلى الصحافة.. لماذا؟ يوجد لدينا ضعف في التواصل، وأنا أؤكد ليس التواصل الاعتيادي والتواصل المؤقت، ولكن التواصل المؤسسي.. فنحن بصدد سد هذه الثغرة.. بتسمية ناطق رسمي باسم الحكومة يتولى الرد والتوضيح للصحفيين عبر مؤتمر صحفي أسبوعي، يطلعهم فيه على كافة الإجراءات التي تتخذها الحكومة ويبين موقف الحكومة من أي حدث سواء كان داخلياً أو خارجياً وبالتالي يحد من هذا اللغط الموجود في صحف المعارضة ، وأيضا تزييف وعي الرأي العام... النقطة الثانية التي اتخذتها الحكومة. هي إحالة قانون المعلومات إلى البرلمان والذي يسهل تداول المعلومة من قبل الصحفيين ومن قبل أي باحث وسيصدر قريباً.
قرأت في إحدى صحف المشترك بأن "قانون المعلومات" قانون بوليسسي فاشي؟
-هذا القانون يتيح لك المعلومة في أية لحظة.. تأتي وتدخل مكتب أي وزير وتبحث عن المعلومة وتحصل عليها بقوة القانون..
هل من نية لدى الحكومة للارتقاء بوسائل الإعلام شكلاً ومضموناً لتتواكب مع وسائل إعلام الغير؟
- لقد حققنا خطوات في هذا الإطار.. وأصبحت لدينا أربع قنوات فضائية هي: قناة اليمن، ويمانية، والإيمان.. وسبأ، وهكذا أصبحنا نطل على العالم بشكل كبير.. وأنا اعتبرها خطوات متميزة، تأتي في إطار تنفيذ برنامج فخامة الرئيس وبرنامج الحكومة في مجال الإعلام كما أشعر أن الصحف الرسمية حصل عندها تطور نوعي إلى حد كبير، وأصبحت تنتقد الأداء.. فليست مع الحكومة في كل شيء وإنما هناك انتقادات توجه من الصحافة الرسمية.. وأنا شخصيا لا أحب الصحافة التي تبارك لك وتؤيدك في كل شيء.. أنا أحب الصحافة المسؤولة والتي تشعر بمسؤوليتها الوطنية وتقوم بنقد السلبيات.
إجمالي الكمية المطبوعة من الصحف اليمنية أسبوعياً لا يوازي ما تطبعه صحيفة يومية في الخليج؟
- من حيث النوع..؟
لا، من حيث الكم..
- الحقيقة أن صحافتنا صحافة محلية بالدرجة الرئيسية.
لم لا تكون إقليمية؟
- لأنها لم ترتق إلى مستوى الإقليمية أو العالمية، ونطمح فعلا أن تكون عندنا صحيفة واحدة تكون عالمية يمكن أن تصل إلى مختلف الدول... فصحف السعودية كـ"الشرق الأوسط" وغيرها تجدها في كل مكان في العالم، نحن نريد أن تصل صحفنا إلى نفس المستوى، لكن مازالت عندها النكهة المحلية لو وزعت خارجيا لن تجد لها قراءً كونها غارقة بالمحلية، فنحن نريد إحداث تطور ولو لصحيفة أو لصحيفتين واحدة لتصبح عندها النكهة العالمية.
ماذا لا تتوحد المؤسسات الإعلامية؟
- صحيح، هذه فكرة، وفكرة معقولة جداً أن تكون هناك لدينا مؤسسة إعلامية واحدة وتكون مخرجاتها مخرجات نوعية.
هناك 4 مطابع تم شراؤها ومثلها يجري تحديثها، والآن سوف تشترون 4 مطابع...
- فيه تشتت للإمكانيات فعلا.
ثمة حالة تذمّر.. هناك حالة تذمر في الوسط الإعلامي جراء فقدان موظفيها جزءا كبيراً من دخلهم نتيجة تخفيض الموازنة إلى 50 بالمائة.. هذا الإجراء سيعود وباله على الحكومة.. هل يستحق هذا القطاع الاستثناء؟
- شوف.. فيما يتعلق بتخفيض الموازنة لهذا العام جاء نتيجة لظروف دولية وظروف الأزمة المالية العالمية.. صحيح أن اليمن لم يتأثر تأثراً مباشراً بالأزمة، ولكننا تأثرنا من تداعياتها.. تداعياتها تكمن في الانكماش الاقتصادي العالمي الذي حصل بصورة غير مسبوقة.. هذا أثر في الطلب على النفط، والجميع يدرك بأن 65 بالمائة من موازنتنا تقريبا قائم على النفط، فعندما أقرينا الموازنة كان سعر البرميل 75 دولاراً واعتمدنا سعر البرميل 55 دولاراً.. وعندما وصلت الموازنة إلى مجلس النواب كان قد هبط السعر إلى أقل من 35 دولاراً، فاستحدثنا مادة في قانون الموازنة أنه يحق للحكومة في حال انخفاض سعر النفط أن تتخذ قراراً لمواجهة تداعيات ذلك... لأنه ليس من المعقول أن تدير الموازنة بالعجز.. فعندما يتجاوز العجز أكثر من 10 بالمائة هذه تصبح كارثة كبيرة.. كارثة اقتصادية كبيرة، تؤدي إلى تدهور العملة وتقود إلى أشياء كثيرة.. لا ينصح أن يكون عجز الموازنة أكثر من 5 بالمائة من المنتوج المحلي الإجمالي.. نحن الآن بالموازنة الحالية العجز فيها يصل إلى أكثر من 7 بالمائة، وبالتالي الإجراء الذي اتخذناه لا يمس الصحفيين فقط، وإنما الجميع وبالمناسبة المرتبات لم تمس على الإطلاق، وإنما طال التخفيض المكافآت، ومصاريف التشغيل المختلفة، والسفريات إلى الخارج، وشراء السيارات، وبالتالي سنقف كل 3 أشهر أمام الموارد من النفط.. إن تحسنت عدنا إلى وضعنا الطبيعي، وإن ظل انخفاض الموارد بهذا الشكل.. الحقيقة أنا أتصور أن هذا العام سيكون عاماً صعباً إلى حد كبير. أما فيما يتعلق بالحديث عن توصيف الصحفيين، فالحكومة بصدد مناقشة ذلك الأسبوع القادم وهو "الكادر الصحفي" الذي تمت مناقشته من قبل الإخوة في نقابة الصحفيين مع الخدمة المدنية بتوجيهات مني، كما وجهنا وزارة الخدمة المدنية أن تقدم مشروعاً متكاملاً إلى مجلس الوزراء لنقره -إن شاء الله- في الأسبوع القادم.. هذه بشرى سارة أزفها عبر صحيفة "الجمهور" للصحفيين.
هناك وزارات بالإمكان تخفيض موازناتها إلى 50 بالمائة وأكثر.. بعضها يمكن تخفيض موازناتها إلى 70 بالمائة، لكن هناك وزارات يستحيل معها التخفيض..
- أنا معك.. وهذا ما نقدره، نحن الآن.
هل هذا في حسبان القرار؟
- طبعاً في حسباننا، على سبيل المثال: موازنة الصحة أو موازنة المستشفيات، هذه لا تحتمل أنك تخفضها بهذا الشكل إلا فيما يتعلق بالأثاث أو السيارات أو غيرها.. لكن فيما يتعلق بالتشغيل هذه المسألة نقدرها بشكل كبير، ولكن هذا واقعنا.. هذه ظروفنا، فالموظف الذي كان يحصل على مكافأة 10 آلاف في الشهر لا بأس أن يحصل على 5 آلاف في هذا الظرف الذي نعيشه نحن، والذي لن يكون ظرفاً دائماً، وسنقف كل أربعة أشهر لتقييم الأوضاع بشكل واضح.
الملموس في الواقع هو ضعف تطبيق القوانين والأنظمة.. ينعكس سلبا على البلاد والعباد...
- المبدأ أن أي قانون يتم إصداره هو أن يتم تطبيقه بكامله، ونحن نتابع باستمرار تطبيق هذه القوانين أولاً بأول، وربما تحصل حالات.. بالتأكيد.. ولكن المبدأ أن القانون ينبغي أن يكون نافذاً.
لم نشهد حتى اليوم محاسبة أي مسؤول فاسد، هل الجميع طيبون ومنزّهون؟
- بالعكس، قد يكون هناك قصور في فترات سابقة في محاربة الفساد بشكل كبير، ولكن نقولها وبكل فخر إن حكومتنا استطاعت أن تخطو خطوات كبيرة جداً في اتجاه مكافحة الفساد.
لماذا لا يعلن عنهم؟
- لا، أولاً: اتخذنا شعار أن مكافحة الفساد ينبغي أن يبدأ بالبناء المؤسسي لمكافحة الفساد.. فلا يمكن أن نكافح الفساد هكذا بالعشوائية. لا بد أن نكافحه مكافحة مؤسسية تبدأ بإعداد قانون مكافحة الفساد الذي أعد بشكل ممتاز جدا ومحكم، وشاركت معنا في إعداده منظمات دولية، واستطعنا أن نخرجه إلى حيز الوجود.. بناء على هذا القانون تم إنشاء "هيئة مكافحة الفساد" التي هي معنية بصورة رئيسية بفحص الملفات اللازمة لعمليات الفساد.. فمن حق هذه الهيئة أن تنزل إلى أية وزارة، أو أية مؤسسة، للبحث عن قضية فساد معينة، ومن مصادرها في البلاغات هي الصحافة.. فالصحافة عندما تشاركنا في مكافحة الفساد نشعر أننا نخطو خطوات مهمة جداً.. الحقيقة أن الهيئة منذ أن تشكلت، وبدأنا نشعر أن الفاسدين أصبحوا مرعوبين.. مرعوبين بشكل كبير.. وأن يصبح الفاسد مرعوباً، هذا بحد ذاته إنجاز ويجعلنا نشعر أننا حققنا تقدماً كبيراً في مكافحة الفساد.. ولقد وقفت الهيئة أمام العديد من الملفات وأحالت عشرات بل مئات الملفات إلى النيابة العامة وهناك ناس يحاكمون الآن في قضايا فساد.. وهناك رعب إلى حد كبير، ومع ذلك لا نقول إننا قضينا على الفساد، ولكننا حجّمنا منه وجعلنا الفاسدين مرعوبين إلى حد كبير، فهذه خطوات أنا اعتبرها مهمة جدا.. الخطوة الثانية التي خطوناها، جاءت بعد أن أدركنا أن الفساد يكمن في المناقصات فقط.. فتم إقرار قانون المناقصات، وشكلنا لجنة المناقصات والمزايدات التي أصبحت سلطة مستقلة للمناقصات والمزايدات خارج نطاق الحكومة، وبالتالي نشعر أن موضوع المناقصات بدأ يجفف الكثير من بؤر الفساد التي كانت مفتوحة، والآن نحن بصدد إعداد الهيئة الوطنية للرقابة على المناقصات بشكل ثابت، وهنا نحكم أن السيطرة على الفساد.. لا أدعي بكل هذه الإجراءات أننا قضينا على الفساد.. ما زال هناك الفساد موجود، ولكننا نشعر أنه يندحر شيئا فشيئا، وأصبح الفاسدون مرعوبين من هذه الإجراءات بشكل كبير.
تقارير جهاز الرقابة تصدر بعد نقل الموظف أو المسؤول أو تقاعده أو موته.. يعني بعد سنتين أو 3 سنوات..
- الفساد لا يسقط بالتقادم.
بس بعضهم يكون قد مات!!
- إذا قد مات -الله يرحمه- لكن الفساد لا يسقط بالتقادم.. الفاسد سيظل مطارداً أينما كان، وطبيعة عمل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عبارة عن رقابة لاحقة وليست رقابة مصاحبة.. الرقابة اللاحقة هي إحدى المعلومات الرئيسية لهيئة مكافحة الفساد وللنيابة في متابعة الفاسد أينما كان.
لماذا لا تكون هذه الإجراءات مستعجلة؟
- لا، علينا ألا نخلط ما بين جهاز رقابي وجهاز تنفيذي.. الرقابة المرافقة هي وزارة المالية بموظفيها الموجودين في المرفق، ولكن الرقابة اللاحقة هي الجهاز المركزي ليتأكد من صحة كل إجراء قد "تم" وليس "يتم"، لأننا إذا جعلناه يترافق مع العملية التنفيذية أشركناه في العملية التنفيذية.. نحن جعلناه جهاز مراقبة يتأكد من صحة كل الإجراءات التي تمت.
القرصنة.. هل أنتم مع من يقول إن هدفها هو استعماري؟
- القرصنة هي نتيجة طبيعية لتفكك الأوضاع في الصومال الشقيق، واليمن نادى كثيراً.. المجتمع الدولي بالاهتمام بالصومال وإعادة الاستقرار إليه، لأن كل المشكلة هي بسبب تفتت الدولة الصومالية ولأن الصومال بلد غير بترولي لم يهتم المجتمع الدولي بهذا البلد، وهذه هي النتيجة.. فقد أصبحت الممرات الدولية مهددة نتيجة انفلات الوضع في الصومال، ومازال اليمن يؤكد وباستمرار وينادي المجتمع الدولي بإعادة الاستقرار للصومال ودعم تنميته لإنهاء هذه الظاهرة.
هناك من يقول بأن مشاريع استصلاح أراضي زراعية للشباب وإقامة مجمعات سكنية لهم مازالت حبراً على ورق.. هل هي كذلك؟
- من يقول هذا الكلام؟! اللي يقول هذا الكلام جاحد.. الآن في هذه اللحظة التي أحدثكم فيها "صباح أمس الأول".. البناء يجري على قدم وساق في 6200 وحدة سكنية في كل من عدن والحديدة وتعز وحضرموت والضالع.. وغيرها جارٍ في المرحلة الأولى- بعد توجيهات فخامة الرئيس في العام الماضي والقاضية بتوفير سكن لذوي الدخل المحدود، وستتبعها مراحل أخرى بشكل كبير، وبإمكانك أن تذهب في الأسبوع القادم إلى أية محافظة من هذه المحافظات التي ذكرتها، وتعمل تحقيقاً يؤكد صحة ما جاء في هذا الحديث الذي أقوله لك.. فيما يتعلق بالبناء جاري العمل فيه في السكن والشباب.
أين وصلنا في الإعداد لخليجي 20.. ألم يكن من الأفضل عدم الإصرار على استضافته.. ضعف منتخبنا وشحة الموارد، خصوصا وكلفته 120 ملياراً كان يفترض تخصيصها للتنمية؟
- بالعكس، نحن نشعر أننا أولا في سيرنا إلى الاندماج في مجلس التعاون الخليجي ينبغي أن يكون دورنا فاعلاً في كثير من المنظمات التي ننضم إليها ومن ضمنها مجلس الشباب والرياضة، ونحن نفتخر كثيرا بقبول دعوة اليمن لاستضافة خليجي 20 في عدن، والحقيقة نحن نفتخر ونعتبر الموضوع تحدياً كبيراً لنا ولابد أن ننجح في هذا الأمر، ولكننا سائرين وهناك لجنة عليا لخليجي 20 تجتمع باستمرار، وأحيانا تجتمع برئاستي لتدارس التحضيرات اللازمة ومنها إنشاء ملعب في محافظة أبين والعمل جاري فيه الآن على قدم وساق، وإعادة تأهيل ملعب 22 مايو في عدن حيث تكون له ترتيباته المحددة، وتأهيل ملاعب النوادي لتصبح ملاعب تدريب، إضافة إلى إصلاح بعض الطرق وغيرها.. لماذا نحن مصرون أن يكون خليجي 20 في اليمن.. أقول لأنه سيكون تجمعاً يمنياً خليجياً كبيراً وهذا سيعطي دفعة كبيرة جداً لعملية الاستثمارات، وللتعريف باليمن.. والقضية لا يمكن حصرها بلعبة كرة القدم، وإنما هو "كرنفال" كبير جداً سيقام على أرض اليمن، هذه نقطة.. النقطة الثانية هي ما يتعلق بتأهيل فريقنا.. هنا أقول أن لعبة كرة القدم هي ربح وخسارة ، فلا يهمنا كثيراً هذا الموضوع بقدر ما يشرفنا أن تكون اليمن بلداً مضيفاً لخليجي 20.
اعترف كثير من قادة الأحزاب الناشطين والمتابعين بأن منظمات المجتمع المدني تُنفّذ سياسات وأوامر المانحين في اليمن.. ألا ترى في ذلك خطورة على الشعب والوطن؟
- ما المقصود بهذا؟
المانحون الذين يدعمون منظمات المجتمع المدني..
- الذي يدعمون الدولة؟