صعدة برس-متابعات - توقفت المحاولات الإسرائيلية لاختراق الساحة العربية، عسكرياً، ولم تعد الآلة العدوانية تركز في عملها على السيطرة على الأراضي، بل عمدت الى تشكيل أذرع جديدة لها، تسمح لها باختراق هذه الساحة من منافذ حساسة وهامة في بنية المجتمعات العربية، من الاقتصاد، الباب الرئيسي لحياة الدول، خاصة تلك التي تعتمد اعتماداً مطلقاً على الإستيراد، على أنواعه، دخلت «البضائع» الإسرائيلية دون دمغة «صنع في إسرائيل»، مستخدمة أسماءً مستعارة، وحتى هويات مستعارة، وأصل منشأ مستعار.
أشكال الخروقات الاسرائيلية تنوعت، وتخطت المألوف لتشمل مختلف المجالات الحياتية واليومية للمواطن العربي، ومن أبوابها الكبرى.
الخروقات المالية
دخلت شركة «payoneer» العالم العربي تحت غطاء تسهيل المعاملات المالية، «بايونير» هي واحدة من كبريات شركات التعامل المالي الالكتروني، التي تعمل على تسهيل الدفع عبر البطاقات الائتمانية حيث يستطيع المستخدم القيام بعمليات سحب وارسال الاموال حول العالم، واستطاعت هذه الشركة عبر مصارف أجنبية تسويق خدماتها بشكل واسع لدى المصارف في الدول العربية.
من هو مؤسس هذه الشركة؟
يترأس هذه الشركة شخص اسرائيلي يدعى " يوفال تال" وهو ضابط في «كوماندوس» سابق، يملك مركزاً لتطوير الأبحاث في تل أبيب (بتاح تيكفا) والشركة الثانية الداعمة هي شركة الاستثمارات «غريلوك بارتنز» - «greylock partners» ومقرها أيضاً في تل أبيب ويديرها «موشيه مور»، ضابط الاستخبارات العسكرية في جيش العدو. وهذه الشركة لها علاقات واسعة مع الموساد وهي التي اصدرت بطاقات الائتمان للمجموعة التي قتلت محمود المبحوح القيادي في حركة حماس في دبي، بحسب ما ورد في تقرير صادر عن شرطة دبي، أوضح بأن «شركة بايونير التي قدمت بطاقات إئتمان لقتلة المبحوح، تمول كل المصاريف الشخصية في الرحلات المجانية التي تخصص لزيارة «إسرائيل» تحت شعار «حق الولادة» وتستلزم دفع تأمين إجباري من كل يهودي أمريكي، كما تمول الحكومة الإسرائيلية هذه الرحلات، مما يشير إلى أن خيوط اغتيال المبحوح تقود بوضوح، إلى تل أبيب».
يجدر الاشارة هنا إلى أن الشركة استطاعت خداع «العملاء العرب» باختيارها إسماً رائجاً ومعروفاً لشركة التكنولوجيا اليايانية الرائدة «pioneer»، عبر التلاعب بأحرف «الإسم» ليشبه في طريقة لفظه اسم «Pioneer» التي تعتبر واحدة من أكبر شركات انتاج الالعاب الالكترونية والمعدات المتطورة في العالم.
اختراق «الاتصالات»
أخطر خرق قامت به شركات «إسرائيلية»، كان في مجال الاتصالات الانترنت، من خلال خدمة تبادل النصوص والصور والتخاطب «الفايبر viber».
وشركة «فايبر ميديا» شركة مسجلة في قبرض، ولديها مركز تطوير في كل من بيلاروسيا وفلسطين المحتلة، مؤسس الشركة يدعى «تالمون ماركو» وهو يحمل الجنسيتين الامريكية والاسرائيلية، وهو رجل أعمال تخرج من جامعة تل ابيب وحصل على شهادة في علوم الكمبيوتر، خدم ماركو في الجيش الاسرائيلي لمدة أربع سنوات، وبعد تسريحة من الخدمة قام مع زميل له بانشاء وتطوير برنامج الاتصالات المجانية «فايبر» وذلك منافسة لبرنامج «السكايب»، حيث أن هذا البرنامج لا يحتاج الى كلمة سر لاستعماله بعكس «السكايب» وهذا ما يجعله أسهل للإستخدام وأسرع في الانتشار، وتمت عملية التطوير عبر شركة «imesh» المالكة لعدة تطبيقات تستخدم للتجسس، وأدرج «الفايبر» ضمن قوائم برامج التجسس، حيث أنه بمجرد تحميله يستطيع الوصول الى جميع الأسماء والرسائل و سجل الهاتف الخاص بالمستخدم ولديه قدرة على معرفة الموقع الجغرافي للمستخدم وحساباته الشخصية. ووجد هذا البرنامج سوقاً كبيراً بين المستخدمين في العالم العربي، وبعدما لم تستطع حملات التوعية والتنبيه إلى عدم استخدامه من ثني المستخدمين عن تحميله، قامت بعض الدول بحجب هذه الخدمة، ومن هذه الدول المملكة العربية السعودية، التي قامت بحجبه لمخالفته أنظمة الاتصال السارية فيها، ولكن بعد فترة لا تتجاوز مدة شهر قام رئيس الشركة بتحدي شركة الاتصالات السعودية وخرق الحظر عليه وأصبح بامكان السعوديين استعمال «الفايبر» دون المرور بخوادم شركة الاتصالات السعودية. وكان لبنان من الدول التي قررت حجب الخدمة، لكن القرار لم يأخذ طريقه الى التنفيذ.
الترجمة باب للإختراق الثقافي
خدمات الترجمة لم تسلم بدورها من الاختراقات الإسرائيلية، وتم ذلك عن طريق شركة «babylon»، مؤسس هذه الشركة ضابط اسرائيلي وهذه الشركة التي تمتلك برنامج وخدمات ترجمة مباشرة، لا يخلو أي منتدى عربي من وجود الروابط التي تقودك إلى موقعها، حتى أصبح ضمن أكثر المواقع زيارة في «مصر، المملكة العربية السعودية، الامارات العربية المتحدة، السودان، والجزائر» وتحتوي برمجياتها على قواميس بجميع اللغات حيث يمكن للمستخدم استخدام البرمجيات عن طريق الانترنت بإشتراك مقابل مبلغ $2 أو بحسب عدد الصفحات، ويعود قسم من الأرباح للجيش الاسرائيلي. ويتردد أن البرمجيات الخاصة بخدماتها تقوم بإعادة تحميل «بيانات» تحوي معلومات شخصية من أجهزة المستخدمين، مركزها الرئيسي ومركز التطوير العائد لها في فلسطين المحتلة، ولديها فروع في كل من قبرص ودبي وتعتبر من أكبر الشركات الناشطة في بورصة تل ابيب.
الإعلانات «فخ الأرباح»
الخرق الاخير كان ترويجياً بامتياز، من خلال سوق الاعلانات، الذي يستفيد من «عوامل الإبهار» لجذب العملاء (الزبائن)، عبر العديد من الشركات الاعلانية ومنها شركة «adorika» وهي واحدة من الأكثر انتشاراً في العالم العربي، ومقرها في «تل أبيب» ومديرها التنفيذي مقيم في أيضاً في تل ابيب، ويحمل جميع الموظفين الجنسية الإسرائيلية، أما المدير المعلن عنه ووجه الشركة أمام «العملاء العرب» فهو بريطاني ومقر الشركة الوهمي في «لندن» وهي شركة شبيهة بشركة «جوجل آدسينس» للإعلانات، وتقدم خدماتها الإعلانية للمواقع الإلكترونية كمروجي إعلانات، وللمعلنين على حد سواء، ويستفيد أصحاب المواقع من خلال الاشتراك في باقة خدماتها، بالحصول على مبالغ مالية تحتسب من خلال عدد النقرات التي يحصل عليها الإعلان المنشور على الموقع.
بعيداً عن نظريات المؤامرة، والقياس انطلاقاً خلفيــات الصــراع العـربي – الاسرائيلي، سيبقى عالم الاستثمــار، خصوصاً فى مجال التقنيــة، مفتوحاً على الاختراقات الإسرائيلية، ما لم يتدارك العالم العربي الأمر، ويستثمر فيه أمواله وطاقاته، بدل ترك المستخدمين والمستهلكين فريسة لشبكة أذرع اقتصادية إسرائيلية «تقدم لك الخدمة، مغلفة بأسماء رنانة، لتستخدمها دون أن تضطر أو تتكلف السؤال عن مصدرها، طالمــا أنها تشبع رغباتك وحاجاتك في المستوى المطلوب من الجــودة، والسرعة وتصل إلى عتبة، شاشتك ودارك، ومكتبك.. |