صعدة برس-متابعات - على بعد 14 كلم إلى الشمال الغربي من العاصمة اليمنية صنعاء وتحديدا في وادي {ظهر} أحد أشهر أودية العاصمة، يقف قصر "دار الحجر" شامخا بأدواره السبعة يحدث الأجيال جيلا بعد جيل عن قدرة الإنسان اليمني الفذة على العيش في أصعب الأماكن.
سمي قصر “دار الحجر” الواقع شمال غربي العاصمة اليمنية صنعاء، نسبة إلى الصخرة التي بُني عليها، ويعود أصلها إلى حصن سبئي (مملكة سبأ) قديم يسمى “ذو سيدان”، قبل أن يأمر الإمام المنصور علي بن العباس في العام 1735م ببنائه على شكله الموجود اليوم.
وأمر الإمام المنصور وزيره الأديب والشاعر والمصمم المتميز في عصره، علي بن صالح العماري، ببناء قصر في وادي “ظهر” ليكون قصرا صيفيا له.
ويعد القصر مزارا سياحيا لسكان العاصمة صنعاء والزوار القادمين من المحافظات الأخرى، لكن زائريه يشكون من عدم وجود بعض الخدمات الأساسية التي تشجّعهم على العودة إليه مجددا.
وشكت منى أحمد، التي كانت تطوف صحبة أولادها في الدار، من ضعف الخدمات، كالمطاعم ودورات المياه، مما يشكّل صعوبة للذين يريدون قضاء وقت طويل فيه.
وقالت إن تشجيع السياحة المحلية في بلادنا ضعيف جدا، وعلى وزارة السياحة أن تهتم بالزائر المحلي على قدر اهتمامها بالزوار الأجانب.
وحسب المرشد السياحي، يحيى الغفري، الذي يعمل في الدار، فإن وادي “ظهر”، الذي تقع فيه الدار، يعد الملجأ السياحي الوحيد لسكان العاصمة.
إلا أن الغــفري أشار إلى أن الأوضاع الأمــــنية التي تشهدها البـــلاد في الســـنوات الأخـــيرة أثرت كثيرا على السياحة والأمـــــاكن الأثرية بشكل كبــــير.
وبُني القصر على النمط المعماري الصنعائي القديم، إذ نجد مداخل للرجال ومداخل للنساء، ومداخل للعاملات، ومجالس شتوية ومجالس صيفية، كما توجد في القصر غرفة تسمى “الكمة” أو “الخلوة”، وهي مخصصة للتعبّد وقراءة القرآن وكتابة الأحكام، حسب الغفري.
وتتكون الدار من 7 طوابق متناسقة بتصميمها مع التكوين الطبيعي للصخرة، بالإضافة إلى “الشذروان” وهو مكان بناه في العام 1930 الإمام يحيى بن حميد الدين (الذي اتخذ القصر مقرا للحكم) لاستقبال المشائخ والشخصيات الاجتماعية لمنع اختلاطهم بأهل القصر.
وللدخول إلى الدار لابد أن يمشي الزائر عبر ممر واسع مرصوف بأحجار ضخمة توصله إلى استراحة.
وعند الدخول تستقبل الزائر باحة واسعة مع عدد من ملحقات القصر أبرزها جناح الاستقبال الخارجي (الشذروان)، وفي الطابق الأول صالة رحبة وبعض الغرف الملحقة.
أما الطابق الثاني فيضم مخرجا إلى خارج البناء الأساسي للقصر، يمر في ممر منحوت في الصخرة يحوي قبورا صخرية منحوتة، وكهفا لدفن الموتى (يعود إلى مملكة سبأ)، وفي منتصف الممر بين الغرف الصخرية توجد بئر بفتحتين، تشقان قلب الصخرة.
وقبل الوصول إلى الطابق الثالث نجد غرفة صغيرة كانت مخصصة لـ “الدويدار” وهو لفظ تركي يطلق على خادم النساء “دون سن الحُلم”.
وفي الطابق الثالث جناح مخصص لوالدة الإمام يحيى ويتكون من عدة غرف، كما توجد به خزانة محكمة، وينقسم الطابق الرابع إلى قسم خصص جناح منه لولي العهد، فيه غرفة تحوي خزنة كبيرة مرتفعة.
والقسم الثاني المبني على الصخرة خصص لغرف الجواري والخادمات وفيه مطاحن الحبوب الحجرية (الرحى). كما توجد شرفة “المصبانة” وهي مكان غسيل الملابس.
والطابق الخامس ينقسم الطريق إلى قسمين: قسم خاص يؤدي مباشرة إلى الطابق السادس حيث الجناح الخاص بالإمام، وآخر لأجنحة النساء، وهذا يتكون من عدة غرف للنوم وملحقاتها.
متنفس عائلي لليمنيين بدأ يفقد مكانته السياحية بسبب الإهمال
وفي الدرج الخاص بالإمام والمؤدي إلى جناحه نجد طرف فتحة البئر، كما في أحد جدران الغرفة بورتريه متخيل للإمام يحيى بريشة فنان إيطالي، وفي الجوار توجد غرفة صغيرة جدا تسمى”الكمة” حيث كان يختلي فيها بنفسه للتفكير والعبادة والكتابة.
أما الطابق السابع فيتكون من مجلس واسع وملحقات ومطبخ علوي وشرفة مكشوفة واسعة، كما يوجد في زاوية الشرفة مكان مخصص لجلوس الإمام للمراسلة تحته حيز للحمام الزاجل الذي كان يستخدم في المراسلات.
وفي كل طابق نجد أماكن مخصصة، كخزائن أو ثلاجات طبيعية وفتحات صغيرة في الدرج وفي مواضع مختارة تسمح بمرور فوهات البنادق فقط، وتتوزع على الجبال المحيطة بالقصر قلاع للحراسة والدفاع.
وإلى جانب الدار من الجهة الشرقية، ترتفع شجرة غريبة قال “الغفري” إنها شجرة أوروبية تسمى “السرو” أو “الصنوبر الأبيض”، أتى بها العثمانيون وزرعوها في هذا المكان قبل 107 أعوام، لافتا إلى أنها آخر شواهد العثمانيين في هذا المكان (حكموا اليمن في فترتين: من عام 1539 حتى عام 1634، ثم من عام 1872 حتى عام 1918). |