صعدة برس-وكالات - من المرجح أن يكون للتقارب بين السعودية وإيران من جهة والسعودية وروسيا من جهة ثانية انعكاساته على منطقة الشرق الأوسط بأسرها، ومن المحتمل أن يؤدي لتهدئة الصراعات السياسية والعسكرية في سوريا والعراق ولبنان والبحرين واليمن
أكدت مصادر لـ "إرم" صحة تقارير تشير إلى زيارة مرتقبة لوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إلى السعودية بالإضافة إلى اقتراب زيارة وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف، وهي دلائل على تحسن في العلاقات بين الذين يبدو التنافس بينهم جلياً في الصراعات بالمنطقة في وقت تشيرالتوقعات إلى ابتعاد السعودية بدورها عن واشنطن.
وأكد مسؤول إيراني أن موعد اللقاء السعودي -الإيراني قد بات قريباً، في ظل الغزل العلني بين الطرفين، وبعد تبادل الرسائل حول الحاجة إلى جدول الأعمال الذي يرغب الطرفان بالتباحث فيشأنه.
ومن المفترض أن يكون للتقارب بين السعودية وإيران من جهة والسعودية وروسيا من جهة ثانية انعكاساته على منطقة الشرق الأوسط بأسرها،ومن المحتمل أن يؤدي لتهدئة الصراعات السياسية والعسكرية في سوريا والعراق ولبنان والبحرين واليمن، إذ تعد الرياض الداعم الأساسيللمعارضة السورية المسلحة التي تسعى للإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد حليف طهران وموسكو معاً. في حين تعد السعودية الحليف الأولفي المنطقة للولايات المتحدة التي تسعى إلى تقليل المخاطر على حليفها التاريخي إسرائيل وتدعم المعارضة السورية المسلحة معاً.
ملفات ساخنة
ونقل تقرير، الثلاثاء، عن "مسؤول في مركز القرارالإيراني" قوله إن طهران طلبت من الرياض "جدول أعمال اللقاء المرتقب بين الطرفين كي يتسنى تحضير الملفات المشتركة تبعاً لأهميتها للجانبين،وعلى رأس هذه الملفات الوضع في اليمن يليه العراق ومن ثم سوريا، وهي الملفات الساخنة التيتحتاج لبناء الثقة بين الطرفين، ومن ثم تحال إلىاللجان الخاصة بها إيذاناً بالدخول في التفاصيل التي يرغب في مناقشتها الجانبان معاً".
وقال مصدر لـ "إرم" إنه منذ صعود حسن روحاني إلى منصب الرئيس الإيراني الجديد في العام الماضي، تبنى نبرة تصالحية تجاه جيران بلاده وخاصة دول الخليج العربية، ولكن السعودية لم تكن ضمن الدول الخليجية التي زارها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في وقت سابق إلا أن أفول المشروع الأمريكي في المنطقة وفتور العلاقات الأمريكية - السعودية دفع الرياض، بدورها، إلى تبني نهج جديد.
وأوضح المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، أنذلك يأتي في ظل استمرار الدعم الروسي والصيني والإيراني الكبير بالإضافة إلى حزب الله اللبناني لنظام الرئيس السوري، حيث لم تفلح جميع محاولات أمريكا وتركيا وفرنسا والسعودية وقطروالأردن في إسقاط النظام عسكرياً كما فشلت عشرات الدول، الأسبوع الماضي، في إصدار قرار أممي يحيل الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، حيث استخدمت روسيا والصينحق النقض (الفيتو) لإسقاط مشروع قرار يحيل الوضع في سوريا للمحكمة الجنائية الدولية تمهيداً لملاحقة قضائية محتملة عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبت خلال الحرب الأهلية المستعرة منذ ثلاثة أعوام هناك.
والفيتو المزدوج، يوم الخميس الماضي، هو رابع مرةتمنع فيها روسيا والصين إقرار تحرك من جانب مجلس الأمن إزاء سوريا ليظهر بوضوح حجم الدعم الروسي والصيني اللامحدود لنظام الأسد مقابل تراجع واشنطن عن خططها حول الإطاحة عسكرياً بالنظام السوري.
واشنطن لم تعد ترغب الإطاحة بالأسد
وقال مصدر لـ "إرم" إن الرياض تلقت هذه المؤشرات منذ مدة وتعلم بحكم خبرتها الطويلة مع واشنطن أن القيادة الأمريكية لم تعد ترغب بالإطاحة بالنظام السوري عسكرياً في ظل صعودنجم المتشددين الإسلاميين وتنظيم القاعدة التي من الممكن أن تكون بديلاً أسوأ من النظام السوري الحالي.
وأوضح أن العلاقات السعودية الأمريكية بدأتتشهد فتوراً، فقد هدد أعضاء من الأسرة السعودية الحاكمة، مؤخراً، بحدوث تصدع في العلاقة مع الولايات المتحدة احتجاجاً على ما يتصورونه تراخياً أمريكياً بشأن الصراع السوري في حين يشهدالعالم، حالياً، "تقارباً بين الولايات المتحدة وإيران العدو التقليدي للسعودية".
وأضاف أن طريقة التعامل مع الملف السوري ليستالسبب الوحيد للتباعد الأمريكي السعودي إنما هناك أيضاً موضوع مهم آخر هو الطاقة؛ حيث أن الولايات المتحدة -أكبر مستهلك للطاقة في العالم-بدأت منذ أكثر من عام تقليل اعتمادها على النفطالسعودي، بعد اكتشافها للنفط والغاز الصخريينفي أراضيها، وهو ما دفع ولي العهد السعودي مؤخراً إلى جولات مكوكية في دول آسيا الصاعدة والمتعطشة للنفط والغاز الخليجيين.
الملف اللبناني..ثانوي
وبالعودة إلى المسؤول الإيراني، يقول حول لبنان إنه"لا يدخل ضمن أولويات إيران، لعدم وجود أي مصلحة أو نية للجمهورية الإسلامية في التدخل في شؤونه، ولأننا نعتقد أنه حان الوقت لانتخاب أولرئيس لبناني صُنع في لبنان وعلى أيدي اللبنانيين أنفسهم دون أي تدخل خارجي، عربي أو إسلاميأ و غربي، ولهذا فإن لبنان ليس فقط غير مطروحعلى الطاولة من الجمهورية الإسلامية بل لا نية لنا للتدخل بما يستطيع اللبنانيون أنفسهم حله".
وبالفعل لبنان منقسم بحدة بين الكتلتين السياسيتين الرئيسيتين في البلاد وهما تحالف 8 آذار بقيادة حزب الله الذي يدعم الرئيس السوري بشار الأسدومن خلفه إيران، وبين تحالف 14 آذار الذي يدعم خصوم الأسد ومن خلفهم السعودية وفرنسا ودولغربية أخرى.
الملف اليمني...ضرورة التعاون
وحول الملف اليمني، قال المسؤول الإيراني إن"التعاون بين طهران والرياض أساسي ومهم...فكل منا يستطيع المساهمة بما لديه من موقع أساسي شرق أوسطي للدفع بقوة نحو التوصل إلى استقرار في الجنوب اليمني على النحو الذييتيح للسعودية إزالة الوضع المتشنج على حدودهاوالمساهمة بعودة الأمور إلى طبيعتها على أساس تعاون شامل بين دول المنطقة لمحاربة الإرهاب الذي يهدد الكيان الإسلامي الشرق أوسطي".
وبالنسبة لملف العراق، يؤكد المسؤول أن "العملية الانتخابية أفرزت فائزين بالمقاعد النيابية والتي في ضوئها ستشكل التحالفات التي ستؤدي إلى تشكيل الحكومة الجديدة، إلا أن إيران لا تستطيعلعب أي دور ايجابي أو غيره إذا لم تشارك المكوناتالتي تتمنى السعودية رؤيتها ضمن الحكومة الجديدة أو حتى رئاسة الجمهورية في دعم رئيسالوزراء المقبل. فإذا تمّ هذا التحالف بالأعداد المطلوبة، فمن الطبيعي ومن دون أي تدخل خارجيأن يجري الاتفاق على الحكومة ورئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب بحسب التحالفات والمقاعد النيابية اللازمة".
الملف السوري الشائك
وأكد المسؤول أن "الملف الشائك هو الملف السوري الذي يجمع مصالح عدة وبلداناً عدة عليه، فيالسراء والضراء وكذلك يجمع الأهداف المتعددة في المنطقة وفي العالم"، موضحاً أن "الملف السوري أصبح الشغل الشاغل لدول المنطقة حيث تدخّل الجميع، إلا أن غالبية هذه الدول تطلب اليوم الانسحاب من هذا الملف الذي شكل نقطة اختلاف مهمة في الشرق الأوسط بين الأشقاء العرب والمسلمين".
وقال إن "هذا الملف بات خطراً كبيراً علي الجميع نتيجة تمدُّد الإرهاب وتعاظُم قوته وخروجه عن السيطرة وانفلاته في اتجاه دول الجوار بحيث شكل خطراً مباشراً على لبنان وعلى العراق وسوريا إضافة إلى كونه خطراً داهماً على الأردن والكويت والمملكة العربية السعودية نفسها، ولهذا فلابد من التعاون في الملف السوري في شكل فعال أكثر مما هو اليوم وخصوصاً بعدما تبين للجميع أنالحل العسكري مستحيل، وأن الحل السياسي السلمي التفاوضي هو المخرج للجميع".
وحول وجود "حزب الله" وقوى أخرى تحارب جنباًإلى جنب مع الجيش السوري، رأى المسؤول أنبلاده "تتطلع إلى خروج كل القوى والأحزابوالمحاربين الأجانب من سوريا بما فيها حزب اللهعندما تقرر الحكومة السورية ذلك، وعندما تنتفي مصلحة وجوده، لأن مكانته ليست في سوريا بلحيث ينتمي (لبنان)".
وقال المسؤول أيضاً إن "الخطر الأعظم الذي حتموجود حزب الله في سوريا وبطلب من السلطة السورية لا يزال موجوداً اليوم وهو بعيد كل البعدعن الأفول، ولهذا فإن وجود حزب الله يتعلق بالضرورة الوجودية في الوقت الراهن، وهو خارجالتسوية".
وقال مصدر لـ "إرم" إن عدم سقوط النظام السوريومن خلفه حزب الله وإيران عسكرياً، وروسيا والصين سياسياً، والتقارب السعودي الإيراني مؤخراً، وتقليل اعتماد أمريكا على النفط السعودي،وتقليل المساعدات الأمريكية للجيش المصري حليفها منذ العام 1978، ما هي إلا مؤشرات على عودةروسيا لمكانتها كقوة عظمى في العالم ومن الآن فصاعداً لا يمكن تجاهلها.
وأضاف إن موسكو "تتبع سياسة ناعمة حول العالم وظهرت نتائجها بوضوح في كل من أوكرانيا وسوريا ويبدو أنها ماضية في إعادة أمجاد روسيا.. والرياض فطنت لهذه المؤشرات أيضاً وتلقتها بإيجابية وباتت تعلم جيداً أن العالم لم تعدت حكمه واشنطن لوحدها، وها هي التسريبات تشيرإلى زيارة روسية مرتقبة إلى السعودية، وبدون الأمير بندر بن سلطان أحد أبرز صقور السياسة السعودية وأحد أكثر السياسيين السعوديين قرباًمن صناع القرار في واشنطن".
وختم المصدر قائلاً "على السعودية الآن التعامل ضمن توازن القوى الجديد في العالم".
دام برس |