صعدة برس-متابعات -
إفتتح موسم الحج يوم 15 مايو على جبل تاشتارـ اتا. حيث يقام الحج إلى جبال تيان شان في جمهورية قرغيزيا بمساعدة الناس على التخلص من مشاكلهم النفسية وشفاءهم من تعاطي المخدرات والكحول وتعزيز ايمانهم بالله ليجدوا أنفسهم من جديد. ما هو الحج ولماذا يحظى بشعبية؟
يبدأ طريق الحج في الممرات الجبلية "الإبل"، والتي تعني بمعظم اللغات التركية "الريدج الابيض".وهي تقع على ارتفاع 3400 متر في جبال تيان شان،حيث يصلوا الحجاج هذه المنطقة من بيشكيك عاصمة قرغيزيا بالسيارة.
يجب على الحاج في خلال خمسة أيام أن يصل إلى نقطة نهاية الطريق وهي عن بعد 250 كلم والتي تقع على رأس جبل الإنقاذ تاشتاراتا واتي يترجم اسمها بجميع اللغات التركية " أب الصخور".ويعود ذلك إلى الأسطورة التي نسبت إلى المحارب الشجاع الذي مات وهو يحمي المنطقة من قوات العدو لمدة 40 يوم وبعد خروجه من المعركة منتصراً استنفذ وسقط على الأرض نائماً إلى الأبد. في المكان الذي كان متكأً ظلت الصخرة الضخمة.
ومنذ ذلك الحين، مازالوا البدو والمسافرون والمقيمون مستمرون في القدوم إلى مكان الصخور الجبلية ليرموا الحجر على التل ويكسبوا الإنسجام الداخلي وقوة السلام وقد بلغ عدد زوار تاشتار-اتا عدة اللآف. بحيث يحفز البروفيسور والطبيب النفسانيي جنيشبيك نزارالييف على إحياء التقاليد القديمة للعديد من الأغراض العلاجية، كما يقول أن المريض الذي يعاني من الاضطرابات النفسية أو الإدمان ينقل مخاوفة والرهاب والوسواس والحنين الى الصخرة التي يحملها أثناء تدريبات التأمل.
كما تُظهر إحصاءات المركز الطبي للبروفسور نزار الييف أن هذا النهج الناجح في العلاج النفسي حصد أكثر من 17 ألف مريض رموا حجارة الروح على جبل الإنقاذ تاشتار-اتا بحيث 87% منهم بعد إعادة التأهيل في غضون سنة واحدة لم يستخدموا المخدرات ولم يعانو من الإكتئاب والعصاب.
إن مضمون الحج يتوافقون إلى حد كبير مع مثل هذا العلاج بحيث يختار الحاج بنفسه الحجر الذي سيرميه على جبل تاشتار-اتا لتنفيس عواطفه ومشاعره السلبية بين الجبال كما يرافق الحج فريق من الدعم الذي يكون على استعداد لتقديم المساعدات الطارئة طول الرحلة كتركيب خيمة ليلاً أو طبخ وجبة الطعام. كذلك يعملو علماء النفس من ذوي الخبرة في العمل مع الحجاج على تعزيز النية ويسمعون عندما يحتاج المريض للحديث.
تبدو المناظر الطبيعية الجبلية باهرة وفاتنة في تنوعها. تستبدل جبال الألب بالوادي والهضبة الجبلية تنتقل إلى واد عميق حيث يبدو فقط الشريط الضيق من السماء الزرقاء يكون الصباح هناك بارداً ليتحول تدريجياً إلى يوم حار مع كثرة صعد الغيوم وسرعة الرياح الجبلية المبردة من الأنهار الجليدية مع هطول المطر مما يؤدي المريض الى المشاعر بعدم استقرار الطبيعة. بسبب نقص التأكسج في المناطق الجبلية يضطر الجسم على التكيف بسرعة مع البيئة بحيث تتغير فوراً عملية الثميل الغذائي ونظم الفسيولوجية لعمل الإنسان. مما يعطي دفعاً قوياً لإنتعاش مراكز المتعة المعطلة بسبب تعاطي المخدرات والإكتئاب لفترات طويلة. كما يعزز النشاط البدني تنشيط كل من الإندورفين والإنكيفالين - هرمونات السعادة.
حلال رحلة الحج، تتغير تدفق الأفكار المريض ومزاجه. كل حاج يميل إلى التخلص من الشعور بالذنب من ضعفه معتبراً نفسه كان مخدوعاً نتيجة الأوهام التي ملأت عالمه الداخلي في حين أنه كان مريضاً أويعاني من اضطرابات نفسية.
فإن امتلاك المريض لقوة الإرادة وللتصورالحقيقي للحياة مع توقع الانتصارات وخيبات الأمل والقدرة على التغلب على الضعف وعودة الثقة بالنفس يتجلى بشكل واضح في اخر اثنين عشر أو ثلاثة عشر كيلو متراً عند المشاركة في مستجمعات المياه أي لحظة أزفة الطريق عندما يصبح التعب في العضلات لا يطاق بحيث يبدو الفكر يائس فيطرح المريض على نفسه: لماذا أحتاج كل هذا؟ بحيث أن المريض في هذه المرحلة هو فقط مسؤول عن نفسه. فإن العزم على إثبات نفسه يفتح امامه طرق تفكير جديدة فيبدأ بالنظر إلى الالم الجسدي كنوع من التفكير عن الذنب عن طريق التعالي الذاتي وإعادة التفكير في طريقة الحياة السابقة وتغيير موقفه تجاه أفعاله واقراره بأنه عليه الذهاب في هذا الطريق الصعب والمرهق وهو طريق الحج بحيث ليس لدى الجميع القوة وقالإدارة.
في عام 2012، بين 18 من الحجاج إلى تاشتاراتا لم يوصلوا 6 مندمني مخدرات وواحد منهم الأميركي البالغ من العمر 20 عاماً جليب أنتونوف .حيث أقدم جليب في اليوم الثاني على كسر الحجر على أساس أنه كان عليه أن يخسر أمام تاشتاراتا. كما قرر عديم الصبر الأميركي مريوتشيم عدم مواصلة السير المرهقة على طول قمم الجبال ولكن بعد عام واحد، عاد جليب أنتونوف إلى قرقيزيا لمنحه فرصة اخرى لإجراء الإختبار مجدداً.
في العام الماضي قالوا للحاج الجزائري محمد أن حلال خمسة أيام من الحج سوف يرى اربعة مواسم:الشتاء والربيع والصيف والخريف.لكنه خرج من الطريق في أوائل الربيع بعد مسافة أكثرمن 80 كيلو متر.
يؤكد البروفيسور نزارالييف أن طريقته العلاجية تبدأ من الممارسات الشرقية ليس فقط البوذية ولكن أيضاً الاسلامية مثل التدريب "رقص الداويش" الذي يساعدك أن تشعر في حالة الغيبوبة بالسعادة أثناء الإلتفاف على منحدر جبل تشتاراـ تا.كما يمارس البروفسور تزار الييف تدريبات التأملعلى جبل الإنقاذ تشتاراـ تا مع مرضاه،اجدير بالذكر ان هذا المكان يرمز للقوة لأن تيمورلنك والإسكندر كانو يجمعوا جنودهم فبه بالإضافة إلى شكل الجبل بحد ذاته ليس عالي جداً ويصل إلى رأسه 365 حجراً على شكل درج.
في يونيو2013 ,تم الإنتهاء من ترميم أربع بنايات للأديان العالمية الرئيسية للصلاة :الإسلامية والمسيحية والبوذية واليهودية .ووفقا" لكلام البروفيسور الييف فإن الحجاج بنوا المباني في طريقهم على طول طريق الحرير.
بحيث يشعر الحجاج بفرحة الإنتصار على النفس والتغلب على التعب الكبير بعد الطريق الطويل ويسجدون للصلاة. وأكثر الأدعية إنتشاراً على جبل تارشتارتا هو دعاء الحمد لسبحانه وتعالى. في نهاية الحج يرموا الناس "حجر الروح"، الذي حملوه على ظهرهم خلال ال 5 أيام، على التلة ويصرخون كالمنتصرين "أنا حرا" و من ثم يربطون قطعة من القماش على شجرة الزعرور رمزاً لتأمين إنجازاتهم ويحرقون في النار شىء يذكزهم بمشاكل الماضي .كل سنة من 15 مايو إلى 1 نوفمبر يأتي إلى جمهورية قيرغيزيا الالاف من السياح بسبب غرض واحد و هو الحج للتخلي والتخلص من أمراضهم.
الغموض يجذب ,المجهول يفاجئ- في نهاية القرن الحادي والعشرين يقول البروفيسور نزار الييف تمت إضافة تلك الطقوس الى البرنامج العلاجي القائم على الدراسات في إدمان في إدمان الكحول والمخدرات ومختلف الإضرابات النفسية كجزء من المنهج العلمي الطبي السريري .وفي الواقع على ما يبدو بأن الطب وحده من دون الروحانية لا يمكن مصارعة هذه الأمراض والشفاء منها.
جبل الإنقاذ تاشتار-اتا يجمع بين العلم الحديث والتقاليد القديمة القائمة على المعرفة الحدسية .
في السنوات العشرة الأخيرة، أصبح هذا الجبل مكاناً للتوبة وذكرى ضحايا تعاطي المخدرات .ولكن الأمل والإيمان يجعل كل من الروس والأميركان والكنديين والفرنسيين والألمان والعرب يأتون إلى هنا ليحققوا خلاصهم وشفاءهم.
مديرة العلاقات الخارجية للرابطة العالمية "العقل من دون المخدرات"
ماريا شاهين (فاسيليفا)
دام برس