صعدة برس-صادق العوجري - انطلاقاً من حقيقة وجود الإسلام في النفس الإنسانية كدعوة عالمية حضارية تهدف إلى إنقاذ الأرواح البشرية نأخذ حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي يقول فيه: »إصلاح ذات البين خير من عامة الصلاة والصيام«.. فأي عمل هذا الذي هو أفضل من امتثال الإنسان بين يدي الله عز وجل صائماً قائماً؟
إذاً فلماذا لا نصمم على أن نجعل من حاضرنا ومستقبلنا حالة دائمة تلتزم بهذا العمل الذي يعتبر أفضل من ركنين أساسيين في الإسلام؟!
إنه وعلى الرغم من ادعاء مجتمعاتنا التمسك بالإسلام إلاّ أننا نرى فيها الكثير من الممارسات والأعمال التي تندرج ضمن ما يسمى بالثأر.. فمازال يتجدد على مرّ السنين والأزمان في البلاد الإسلامية للأسف.. إن الثأر أولى المرجعيات الأساسية لحياة يسودها الخوف والقلق، وغالباً فإن من يؤججون نار هذه الآفة المحرقة هم من ذوي النفسيات الضعيفة، الذين يبدءون بقتل الأنفس البريئة، ليفرضوا على أنفسهم، وأهاليهم معهم، العيش طوال حياتهم في خوف وفزع، لا يفصلهم من النار إلاّ الموت، وذلك لأنهم نسوا الله فأنساهم أنفسهم..
ما من شك أن الثأر ظاهرة اجتماعية سيئة، تلعب دوراً كبيراً في إعاقة عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وهذه الظاهرة لها انتشارها في أوساط المجتمع اليمني، ومحافظة صعدة لم تسلم منها هي الأخرى.. وقد تكون ناتجة عن تأثر المجتمع ببعض القيم السلبية التي تؤثر في سلوك أفراده وتدفعهم إلى اتخاذ مواقف غير مشجعة للتخلي عن هذه الظاهرة المقيتة..
إن الثأر ظاهرة تتعارض مع القيم الحضارية في الإسلام، وتعيق حضورها الفاعل.. كما أنه المسئول عن عدم نشر الوعي الدعوي الحضاري الذي يعد أساس الإصلاح المتكامل في واقع المجتمع، والثأر يمتص تفعيل قدرات المجتمع لإيجاد الفعل الحضاري والتنموي المتوازن..
كما أن التعليم في أوساط المجتمعات التي تتفشى فيها هذه الظاهرة يواجه تحديات كبيرة ومعقدة للغاية، حيث يتزامن عدم تعليم هذه المجتمعات مع التطور العالمي الذي تشهده البشرية.. وأنّى يتسنى لهذه المجتمعات المشاركة بفاعلية طالما كان هناك حواجز متعددة تفصلها عن التعليم.
إن معالجة ظاهرة الثأر لا تتعارض مع القيم والأعراف الاجتماعية القبلية كما قد يظن البعض، بل على العكس فمعالجة هذه الظاهرة تتناسب كلياً مع العادات الحميدة التي في معالجة الثأر حفظ لها من التغيير والتبدل.. باعتبار أن الثأر عامل سلبي يضطر معه المجتمع إلى التخلي عن بعض عاداته الحميدة..
وحل هذه المشكلة الأعظم خطورة على المجتمع من غيرها يتطلب عدة أمور يجب أن يتحلى بها أفراد المجتمع.. وهي »الرغبة، والعزم، والتعاضد، والاحتكام إلى العقل، والتناصر، والتعاون، والتناصح، والاحترام..« كما يتطلب أيضاً الحضور الفاعل والدور الكبير للشخصيات والوجاهات ذوي المعارف والخبرات اللازمة.. الأمر الذي سيؤدي إلى نتائج ايجابية تتكلل معها حلول القضية بالنجاح..
|