صعدة برس - بقلم/ حسان الحجاجي
التعاون والتكامل الاقتصادي العربي حلما طالما راود الشعوب العربية في النصف الثاني من القرن الماضي حيث كان ذكر اسم هذا المشروع لا يخلو من خطابات النخب السياسية الحاكمة سواء في المناسبات الوطنية او في اللقاءات العربية - العربية ولما لهذا الموضوع من اهمية كبيرة كانت تستحق العمل الجاد والنوايا الصادقة لدى صانعي القرار في مختلف الاقطار العربية كان لابد من ترجمة تلك الخطابات الى واقع ملموس يعيشه المواطن العربي وبما من شأنه الانعكاس ايجابا على الحياة المعيشية للمواطن العربي .
وحين نقف على هذا الموضوع فإننا نستحضر ايضا جملة من الصعوبات التي كانت تقف امام تحقيق ذلك الحلم كما ينبغي ان ندرك في ذات الوقت بان تلك الصعوبات التي كانت تنتجها وتفتعلها القوى الاستعمارية لم ترتقي الى مستوى المستحيل من الفعل في حال صدقت النوايا كما اسلفت من قبل صناع القرار في البلدان العربية ، باعتبار ان التكامل الاقتصادي واقامة السوق العربية المشتركة كانت ضرورة ملحة يتحتم تحقيقها وكان من السهل تحقيق ذلك في ذلك الحين اكثر من زمن التشظي العربي الاكثر ايلاما اليوم.
بيد ان النظم العربية حينها عجزت عن تحقيق ابسط الاهداف في هذا المضمار وهو رفع التعرفة الجمركية عن ابسط السلع الاستهلاكية المتبادلة من اقطار الوطن العربي .
ومن الضرورة بمكان الاشارة هنا الى اختفاء الحديث عن هذا الموضوع في الاوساط السياسية والاقتصادية العربية كما والحال كذلك اختفاء الكتابات عن هذا المشروع في الصحافة العربية..!
وما دفعني للكتابة عنه اليوم هو قراءتي لمقال حول التكامل الاقتصادي العربي وجدته في العدد الاول من مجلة " قضايا اجتماعية " والتي صدرت بالتزامن مع احتفالات الشعب اليمني بالعيد السابع والعشرون لثورة سبتمبر عام 1987م وكتب ذلك المقال اللواء علي محمد الضبعي عضو مجلس قيادة الثورة والذي شغل عدة مناصب ايضا منها رئيسا للأركان العامة باليمن في سبعينات القرن المنصرم .
وبالقدر الذي كان اللواء الضبعي متفائلا فيه بشأن التكامل الاقتصادي العربي مستمدا ذلك التفاؤل من التكتلات العربية الثلاثة التي كان موجودة حينها وهي الاتحاد المغاربي ومجلس التضامن العربي وكذلك مجلس التعاون الخليجي حيث كانت الآمال تنعقد على تحقيق تكامل العربية على مستوى تلك التكتلات كخطوة اولى ، إلا انه أي اللواء الضبعي رحمة الله تخشاه حذر بشكل او بآخر من نجاح قوى الاستعمار في اجهاض ذلك المشروع قبل ولادته ، متنبها الى وصول الكيانات العربية القطرية الى اكثر انقساما كما لو كان حدث الكاتب يبلغه عن حصول هذه الفوضى التي تعيشها الامة العربية بدءا باخراج العراق عن منظومة العمل العربي مرورا بتقسيم السودان ووصولا الى فضوى الانقسامات الغير مسبوقة التي نعيشها اليوم.
وهو الامر الذي يجعلنا نتذكر بحسرة ذلك الحلم القشيب عن التكامل الاقتصادي العربي بياس وإحباط ، وكيف لنا ان نطمح الى إعادة لملمت الشتات العربي وبلورة رؤية واضحة لإحياء مشروع التكامل الاقتصادي بعد ان عجزة الانظمة العربية في الخمسة العقود الماضية وفي ظل حالة الارباك والتشظي للمكون الاقتصادي والسياسي العربي في آن والذي افرز هذا الكم الهائل من البطالة في اوساط الشباب العربي الذي ادرك مؤخرا الخطأ الفادح للنظام الاقليمي العربي من خلال عدم استغلال الثروة والموارد البشرية .
بل ان ما ساهم في حالة الاحباط للشباب العربي هو وأد طموحه من قبل الانظمة التي استسلمت لمشاريع التدخلات الاجنبية التي اصابة الاقتصاد العربي في مقتل في وقت نجد امم وشعوب اخرى حققت نجاحا مبهرا في هذا الخصوص ، في وقت عجزت فيه الدول العربية عن الحفاظ عما كان موجودا من اقتصاد وثروة والتي تم تسخيرها لصالح الآخر الاجنبي .
رحم الله الفقيد اللواء علي الضبعي الذي وضع النقاط على الحروف لهذا المشروع غير ان الاقتصاديين والسياسيين العربي لم يهتموا كما كان ينبغي ان يكون .
|