صعدة برس - *علي البخيتي
أكثر من مئة وعشرة طالب يمني التحقوا هذا العام بالجامعات الإيرانية عبر مقاعد دراسية قدمتها الحكومة الإيرانية في أهم التخصصات, من الطب الى الهندسة الى علوم الكمبيوتر وغيرها من التخصصات.
قمت بزيارة لجامعة قزوين في ايران قبل عشرة أيام تقريباً, والتقيت بالطلاب والطالبات اليمنيين, وجدتهم من مختلف المناطق والتيارات السياسية والمذهبية داخل اليمن, ففيهم البعثي والاشتراكي والحوثي والمستقل, وغير صحيح ان ايران تعطي المنح لتيار سياسي أو مذهبي أو مناطقي محدد, ولو ارفقت كشف بأسماء الطلاب لعرف القارئ تلك الحقيقة.
***
تحدثت مع الطلاب عن المشاكل التي تؤرقهم وكان جُلها تقريباً متعلقة بالحكومة اليمنية وعدم إقرارها لمنح دراسية لهم اسوة بالطلاب اليمنيين في بقية الدول, فبحسب القانون اليمني فإن أي طالب يمني يحصل على مقعد دراسي في أي دولة وبالأخص في التخصصات العلمية التي تحتاجها اليمن فان الحكومة ملزمة بتوفير منحة مالية له.
تكررت مطالبات الطلاب اليمنيين وشكاواهم وصرخاتهم لكن دون جدوى, لم تنتهي معاناتهم عند هذا الحد, بل وجهت لهم الكثير من التهم من بعض المطابخ الإعلامية على اعتبار انهم ذهبوا للتدريب في ايران على يد الحرس الثوري.
لا اريد أن أجير تلك المشكلة سياسياً لذلك فإني أخاطب الضمير الحي لكل المسؤولين اليمنيين الذين في قدرتهم المساهمة في حل تلك الإشكالية, فنحن أمام مأساة حقيقية سترويها السطور التالية.
***
لكن قبل ذلك علي أن أشير الى أهمية ما قدمته ايران لليمن من منح دراسية, وعلى فرض استمرار ذلك العدد سنوياً فإننا وخلال خمس الى ست سنوات من الآن سنستقبل أكثر من مئة خريج سنوياً في أهم التخصصات العلمية, وسيشكل ذلك رافداً مهماً للقطاع الخاص والعام بأهم الكفاءات, وللعلم فان الحكومة الإيرانية كانت تقدم للحكومة اليمنية أكثر من أربعين مقعداً لدراسة الماجستير والدكتوراه في أهم الجامعات الإيرانية, لكن الحكومة اليمنية أوقفت البرنامج قبل سنوات مع أن تلك المقاعد مجانية.
ايران تقدم للطالب –من أي دولة كان- المقعد الدراسي والسكن والمواصلات من السكن الى الجامعة, إضافة الى أنها توفر للطلاب ثلاث وجبات غذائية يومياً, وكل ذلك بشكل مجاني عدى رسوم رمزية تبلغ 10 يورو شهرياً يدفعها الطالب نظير اشتراكه في وجبات التغذية.
***
الجامعات الإيرانية من أقوى الجامعات على مستوى العالم وتأتي بعضها في مستوى الجامعات الأوربية, وتعتبر أعلى تصنيفاً من كل الجامعات العربية بل انها المتميزة على مستوى الشرق الأوسط.
ايران لا تقدم تلك المنح لليمنيين فقط, فهناك الاف الطلاب من مختلف الدول يدرسون في ايران, من الدول العربية وافريقيا وآسيا وبقية بلدان العالم وفق منح دراسية تقدمها الحكومة الإيرانية, تتكفل فيها ايران بالمقعد والسكن والتغذية, وتتكفل الدول التي يحمل الطلاب جنسيتها بإعطائهم منحة مالية لتغطية بقية نفقات الدراسة من كتب وأدوات ومصاريف جيب وغيرها.
***
يصل ما تعطيه بعض الدول لطلابها الى 1200 دولار شهرياً, والحد الأدنى لبعض الدول يصل الى 600 دولار تقريباً, لكن الحكومة اليمنية تقدم "صفر" دولار للطلاب اليمنيين, وهنا تكمن المأساة التي تحدثت عنها وأتمنى من الجميع استيعابها جيداً لأنها في غاية الأهمية.
فعندما يعيش الطالب اليمني شغف الحياة في ايران ويجد أقرانه من بقية الدول في بحبوحة من العيش ويقومون برحلات خلال أيام الإجازة ليريحوا انفسهم من عناء الدراسة و يلبسون أحدث الملابس ويشترون أفضل الأدوات وأهم الكتب الدراسية يتحول كل ذلك الى حقد –عند الطالب اليمني- على اليمن الرسمي كحد أدنى ان لم يتحول الى حقد او ضعف ارتباط باليمن عموماً, كما أن الطالب سيشعر أن الفضل الوحيد في تخرجه ودراسته وتحقيق طموحاته في مستقبل زاهر كله لإيران دون سواها لأنه لم يشعر بأي مساهمة للحكومة اليمنية في ذلك.
***
أناشد فخامة الرئيس ودولة رئيس الوزراء أن يسارعوا باعتماد منح مالية للطلاب اليمنيين في ايران ليعززوا من ارتباطهم باليمن وليمنعوا أي جهة من محاولة الاصطياد في الماء العكر عبر تبني بعضهم واعطائهم منحاً مالية عن طريق جمعيات خيرية أو جهات أخرى لا ندري ما هي أهدافها.
فخامة الرئيس: الطلاب اليمنيون في ايران ابناؤك وهم وغيرهم من الطلاب مستقبل اليمن, لم يذهبوا للدراسة في حوزات قم أو كربلاء, ذهبوا لطلب العلم في أهم التخصصات العلمية التي تفتقر اليها بلادنا, فلماذا لا توجه الحكومة باعتماد منح مالية لهم وفقاً لشروط وزارة التعليم العالي أسوة ببقية الطلاب اليمنيين في مختلف دول العالم؟
"نقلاً عن صحيفة الأولى
albkyty@gmail.com |