صعدة برس -متابعات - تتفق وسائل الإعلام الأمريكية وتنظيم داعش اليوم على شيء واحد، وهو أن منطقة التجنيد الجهادي القادم سوف تتم في آسيا الوسطى، حيث تملك كل المغريات بالنسبة للتنظيم الإرهابي، إذ تقع تحت هيمنة حكام مستبدين، وتعاني من برامج اقتصادية فاشلة، إلا أن صحيفة "نيو ريبابليك" الأمريكية تستبعد أن يتمكن هؤلاء المتطرفون من السيطرة فكرياً على تلك المنطقة.
إرث آسيا الوسطى من العلمانية والإسلام المعتدل يقضيان على كل ما يسعى داعش لتحقيقه في المنطقة وفي هذا السياق، نشر موقع "فوكاتيف" الإخباري خريطة تظهر علم داعش وهو يغطي كامل المنطقة باستثناء قرقيزستان، بزعم أن عاصمتها بيشكيك ستكون آخر دومينو يسقط في فخ التنظيم، كما نشرت صحيفة "واشنطن بوست" أخيراً رسماً بيانياً يوحي بأن أكثر من ألف مجند من منطقة وسط آسيا التحقوا بصفوف داعش خلال الأشهر القليلة الماضية.
ولكن، ولحسن الحظ تتجاهل تلك البيانات والمعلومات، أو تسيء فهم، أرقام متوفرة، وحقيقة أن إرث آسيا الوسطى من العلمانية والإسلام المعتدل يقضيان على كل ما يسعى داعش لتحقيقه في المنطقة.
مناعة في وجه داعش
وتشير "نيو ريبابليك" إلى أنه، وبالرغم من إلقاء القبض الأسبوع الماضي في بروكلين على ثلاثة رجال من وسط آسيا(اثنان من أوزبكستان والثالث من كازاخستان، بتهم محاولة دعم جهود داعش داخل الولايات المتحدة وخارجها)، إلا أننا بحاجة للتأني قليلاً قبل الغلو في التحليلات والتوقعات، إذ أن المجموعة الأخيرة ممن سعوا للانضمام إلى داعش ليسوا إلا "ناشزين".
وتعتبر منطقة آسيا الوسطى منفصلة تماماً عن أفغانستان وباكستان المجاورتين، وثبت أنها تملك مناعة قوية ضد التطرف، وعلى خلاف أية تحليلات سطحية ظهرت منذ إلقاء القبض على المتشددين الثلاث، فإن الرايات السود لن ترفرف فوق تلك السهوب في أي وقت قريب، كما أن تلك الجمهوريات السوفييتية سابقاً، والتي نالت استقلالها منذ أكثر من ربع قرن، أظهرت أنها أكثر كرهاً لداعش وأيديولوجيته مما توقعه زعماء التنظيم، بحسب الصحيفة.
مسحة علمانية ولا مبالاة
ويقول كاتب التقرير في الصحيفة: "عندما بدأت الإشارة إلى منطقة آسيا الوسطى بوصفها مهداً مزدهراً للراديكالية، عدت بذاكرتي إلى المسلمين العلمانيين الذين أعرفهم في كازاخستان، الذين ساعدوا في منع المنطقة من أن تصبح بؤرة للجهاديين".
ويضيف "إنهم من عايشوا إرث العلمانية السوفييتية، وهم محاطين بمسلمين اقتصرت ممارساتهم الدينية إبان العهد السوفييتي، عندما سمح لهم بممارستها، على الاحتفال فقط بالأعياد، وقد وقف المسلمون إلى جانب الدولة، وتشربوا التقاليد العلمانية، والتي ما زالت سائدة فيما بينهم، وليس غريباً أن تجد هناك مصلياً كازاخستانياً لا يمانع في شرب الفودكا بعد الخروج من المسجد".
وتشير نيو ريبابليك إلى أن "المنطقة تنظر إلى تنظيم داعش بلا مبالاة، بل وباشمئزاز، كما أن دول آسيا الوسطى تحوي عدداً من الجهاديين أقل بكثير مما يوجد من أمثالهم في أوروبا الغربية، وتخلو المنطقة تقريباً من السلفيين والمتشددين، ولذا لا خوف من انتشار التطرف والإرهاب في أرجائها". |