صعدة برس-نجيب قحطان الشعبي -
الخونة معروفون يا باسندوة ! (1)
نجيب قحطان الشعبي -
كنت لا أرتاح له منذ بدأت أسمع عنه أثناء ثورة 14 أكتوبر 1963 التي حررت جنوب اليمن من الإحتلال البريطاني, لقد كانت مواقفه أثناء الثورة وقبلها وبعد الإستقلال عندما إستقر باليمن الشمالي تفصح عن تجرده من المبادئ بهدف تحقيق مكاسب مالية ولو على حساب جراح وجوع المناضلين. تعرفت عليه في 1986م وسامحك الله يا إرياني (عبدالكريم) فأنت من عرفني عليه وإصطحبتني إلى المقيل في بيته أكثر من مرة لإكتشف بعدها أنه أسوأ مما كنت أظن فقد تبينت أنه لا يتورع حتى عن نهب حقوق أصدقائه فقد سارع بنهبي وطالبته بحقي - ولاحقاً سيعرف القارئ ما هو حقي – لكنه أنكرني وأخذ يتهرب مني محتمياً بكونه جزءاً من السلطة، حيث شغل عدة مناصب حكومية والأهم هو أنه كان من أقرب المقربين للرئيس علي عبدالله صالح وكان نديمه وجليسه الدائم في مقايل القات بدار الرئاسة أو المنزل مما أشعره بالإطمئنان وهو ينهب حقوق الناس كون رئيس الدولة صديقه!
ومؤخراً فوجئت به يقفز إلى قيادة الشباب الثائر المطالب بتغيير النظام رغم أنه كان إلى وقت قريب واحداً من أفسد أركان هذا النظام قبل أن يبدأ بالتخريف ويكثر من الفساد مما دفع الرئيس أن يتخلى عن دعوته إلى مجالس المقيل وكان هذا هو السبب الذي جعله ينقلب على السلطة ويتحول إلى المعارضة لمجرد أن الرئيس تخلى عنه!
وقد صعقت عندما وجدته يصير رئيسا للمجلس الوطني لقوى الثورة الذي تشكل مؤخراً, فقلت لنفسي ربما أنه تاب خاصة وأنه صار في خريف العمر فطالبته بحقي مجدداً وحذرته بأنه إذا أمتنع سأكشف حقيقته للناس فلم ينصاع, لذا أرتأيت ضرورة أن أكشف حقيقته للناس, ولكي أثبت أنني أندفع من ذاتي ولم تدفع بي السلطة أو أية جهة لأكشف حقيقته فأنني وسطت له اثنين من قيادة اللقاء المشترك هما ياسين سعيد نعمان وعبدالوهاب الآنسي لحل الأمر ودياً، بل وأقسمت لهما بالله العظيم أن السلطة أو غيرها لم يدفعني للكتابة عنه, وانتهت المهلة دون أن يعطياني رداً! فأدركت أنه لا يزال كما هو منذ ربع قرن, إنه لم يتب وما أثر السجود الذي ظهر على جبهته فجأة إلّا للخداع ليقفز إلى قيادة الشباب اليمني المكافح المطالب بتغيير النظام الذي كان هو أحد أفسد أركانه على مدى ثلث قرن صار خلالها "بليونيراً" أمواله كما قال هو بنفسه تكفي لأولاده وأحفاده وأحفاد أحفاده!
وبالطبع ليس في هذه المقالات مايمس بسوء الشباب الثائر المتجمع في ساحات التغيير والحرية وغيرها, وإنما تهدف إلى توعيتهم بحقيقة من قفز فجأة وبغير تضحية أو نضال ليحتل المركز القيادي الأول عليهم وهو وضع معيب لهم.
قال لي قيادي كبير في المعارضة من الجنوبيين بأن قناة «سهيل» صدعتنا بحكاية أن القاضي عبد الرحمن الإرياني قدم إستقالته من الرئاسة وهو يقول "لا أريد كرسي عليه دم " مع أن أول من قال تلك العبارة هو الرئيس قحطان الشعبي وذلك قبل الإرياني بنحو 5 سنوات, فأجبته بأن هذا يدل على مناطقية بعض الإخوة من السياسيين فهم يريدون أن ينسبوا لأنفسهم كل الفضائل وكأن الجنوب ما هو إلا رذائل فقط , فأجابني ذلك السياسي القيادي بالمشترك "أعتقد أن المشكلة تكمن في أن الإخوة الشماليين بما في ذلك كبار سياسييهم يجهلون تاريخ الجنوب". اقول ذلك لأنني طالعت مؤخراً حوار صحفي مع محمد عبدالملك المتوكل وهو من قادة أحزاب اللقاء المشترك في صحيفة تدعى «اليمن» وفي الحوار "بطح" الدكتور التاريخ الوطني للجنوب ! فأرجو منك يا دكتور أن لا تقحم نفسك في تناول التاريخ الوطني للجنوب، فأنا مش ناقص فقد هرمت من تصحيح تاريخ الجنوب الذي يشوهه القليلون عن جهل والكثيرون عن سوء نية ! وبمناسبة ذكر محمد عبدالملك المتوكل فإنني أستغرب أن يوصف بأنه "أستاذ العلوم السياسية" ومصيبة لو أنه كان أستاذاً بالجامعة بهذه الصفة ! فأنا متأكد أن أطروحته لنيل الدكتوراة كانت في مجال الإعلام وقد قدمها لجامعة القاهرة منذ نحو 30 عاماً وحضرت جانباً من مناقشتها وكان دفاعه عنها ضعيفاً فإنسحبت, فقد إعتصرته اللجنة منذ الصفحة الأولى التي تضمنت عبارة "الإيمان يمان والحكمة يمانية" فاللجنة سألته من أين أتيت بذلك؟ لكنه "محطش منطق" ! كما أنني أستغرب أن يكون هناك أستاذ جامعي بل وفي العلوم السياسية (التي هي تخصصي العلمي) ولا يعرف الفارق بين "السجين" و "المعتقل"!
وليس المتوكل وحده بين السياسيين في المعارضة أو السلطة الذي لديه نقص واضح في المعلومات السياسية عامة والمتصلة بالتاريخ الوطني للجنوب خاصة, فكثير من رفاقه الشماليين والجنوبيين في المعارضة وتحديداً في اللقاء المشترك وما يسمى باللجنة التحضيرية للحوار الوطني يعانون من نقص مماثل وبالذات كبيرهم المدعو محمد سالم باسندوة (ولا أريد أن أدخل في كيفية إكتسابه لقب باسندوة!) رئيس تلك اللجنة التحضيرية التي يرأسها فعلياً أمينها العام حميد الأحمر وهذا واضح للكل، فباسندوة ما هو إلا واجهة جنوبية في محاولة لكسب الشعب في الجنوب وقد صار باسندوة رئيساً لما يسمى بالمجلس الوطني لقوى الثورة اليمنية الذي تشكل فجأة وبسهولة كسهولة سلق البيض وإن كان ياسين نعمان الأمين العام للحزب الإشتراكي (من أحزاب المشترك) قد حاول الدفاع عن المشترك واللجنة التحضيرية فرد على من أبدوا إستغرابهم من سرعة وفجائية تشكيل المجلس الوطني فذكر بأن المشاورات لتشكيله إستغرقت 3 أشهر! وأنا لا أكذب ياسين (وبيننا قرابة وصداقة) ولكن كون تصريحه يتعارض وإستقالة العشرات فور إعلان تشكيل المجلس فإن هذا يدل على أن ما تحدث عنه من مشاورات لم تكن كافية بل ربما لم يتم التشاور من أصله مع بعض ممن صاروا أعضاء بالمجلس! فواضح أن المشاورات لم تتم مع الكل فإذا كانت قد بدأت قبل 3 أشهر من تشكيل المجلس ما كانت «توكل كرمان» عضو المجلس قد قامت قبل تشكيله بأيام بتشكيل مجلس إنتقالي مما يدل على أنها قبل الإعلان عن المجلس الوطني بأيام لم يكن لديها علم بتشكيله وبأنها ستصبح عضواً فيه!
وشغل سلق البيض هذا هو ما سيورد الشباب الثائر المتجمع في ساحات التغيير والحرية مورد التهلكة, وقد رأينا شغل سلق البيض هذا في المجلس الإنتقالي الأول الذي عرف باسم "مجلس توكل" إذ لم يمر عليه أيام قليلة إلا وكان قد تلاشى وصار في خبر كان دون أن ينعقد حتى في جلسة واحدة! وكما هو الإهمال اليمني لم يصدر بيان بحل مجلس توكل! (مثلما انتهى مجلس التعاون العربي الذي ضم العراق والأردن ومصر واليمن انتهى تلقائياً دون أن يصدر بيان بحله وذلك لأن العقلية السلطوية العربية لا تهتم برأي الشعوب, وكذلك يبدو أن تجمع صنعاء الذي يضم اليمن وبعض الدول الأفريقية قد انتهى هو الآخر دون إعلان! ).
إن شغل سلق البيض هو ما سيجعل المجلس الوطني – بل قد جعله للآن – كياناً لا يؤدي أية مهام إيجابية تخدم ذلك الشباب المكافح المعتصم في الميادين والشوارع المتفرعة عنها منذ شهر فبراير 2011م - أي قد مر عليهم وهم يعانون نحو 7 أشهر وهي مدة طويلة جداً بينما السيد باسندوة ورفاقه يعيشون حياتهم الطبيعية ويقضون ساعات العصاري والمغربية في مضغ القات وتجاذب أطراف الحديث ومنهم من يسافر للخارج بذرائع مختلفة والأساس هو تغيير الجو ومتابعة أمور شخصية (والله خوش قيادة للثورة!) فهل فكروا في الإنضمام الفعلي لحركة الشباب بأن يعتصموا معهم ؟ طبعاً لا , وهل بعثوا أبناءهم ليعيشوا بين الشباب المعتصم ؟ طبعاً لا !! فالتضحية بأنفسهم وبأبنائهم لا تجوز لكن التضحية بأبناء الناس الآخرين تجوز بل ومطلوبة لأن من سيحصد ثمار تضحياتهم هم باسندوة ورفاقه وأبناؤهم .
وتشكيل المجلس الوطني فيما يبدو هو مجرد تقليد ليس إلاًّ للمجلس الإنتقالي المصري والمجلس الوطني الإنتقالي الليبي رغم إختلاف الظروف فالمجلس الإنتقالي المصري يضم فقط قادة أسلحة وأفرع القوات المسلحة وهم على كلمة واحدة ولم يقفوا ضد ثورة يناير 2011م الشبابية بمصر, كما أن المجلس الوطني الإنتقالي الليبي يضم أناساً يجمعهم التجانس ولديهم إستراتيجية وتكتيكات واضحة ومتفق عليها وهم على إستعداد للتضحية حتى بأرواحهم في سبيل إنتصار قضيتهم وقد سبق مجلسهم مشاورات طويلة لذا لم نسمع بحركة إنسحابات منه...كما أن رئيسهم المناضل بحق مصطفى عبدالجليل لم يظهر أثر السجود على جبينه فجأة!
«.... يتبع في الأسبوع القادم»
# نقلاً عن عدة مواقع