صعدة برس-متابعات - انظم السودان إلى فيلق المعارضين للتدخل العسكري في سوريا، وقد صرح وزير الخارجية السوداني أن خيار التدخل العسكري في سوريا ليس مطروحًا، وبهذا يكون السودان قد انضم إلى الجبهة المنشقة والتي تضم كلاً من مصر وباكستان وتونس، وظاهرة الانقسامات هذه بدأت تربك السعودية التي أعطت مؤشرات عن عدولها عن قرارها في التدخل العسكري في سوريا وتبنيها لسياسات جديدة وأكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن تسليح الجماعات الإرهابية في سوريا بأسلحة مضادة للطائرات من شأنه أن يقلب موازين القوى على الأرض، وفي هذا إشارة إلى تخبط الرياض في قرارها بعد أن رأت نفسها وحيدة في الساحة.
اتخاذ هذه الدول منحىً مخالفاً للنهج السعودي الراغب في دخول أرض المعركة بشكل مباشر يأتي نتيجة أسباب عديدة منها:
أولا: المال السعودي غير كافٍ:
إذا كانت السعودية قد اشترت القرار السياسي للعديد من الدول بنفطها البخس، فهذا لا يعني أنها اشترتهم للأبد، وانصراف الدول عن مناصرة السعودية بمثابة رسالة وجهتها هذه الدول إلى الرياض بأن مالها غير كافٍ للسيطرة على المنطقة وتحويل المنطقة إلى دمية بيد النظام السعودي الحاكم، وخاصة أن الرياض باتت تفقد الدعم الأمريكي السابق، وواشنطن باتت تتخذ سياسة الصمت أمام القرارات السعودية فيما يخص الشأن السوري.
ثانيًا: لا لتكرار مستنقع اليمن:
اللافت أن بعض هذه الدول التي رفضت المشاركة في العدوان البري على سوريا نفسها تشارك في العدوان على اليمن، وهذا إشارة كبيرة إلى أن هذه الدول لا ترغب في الدخول بورطات جديدة، وخاصة أن الملف اليمني لم يُحسم ولا زالت الرياض عالقة فيه بعد سنة من الضربات الجوية والاقتحامات البرية التي لم تحقق أي نصر يذكر.
ثالثًا: لا للمزيد من الاستغلال:
تدرك هذه الدول أن السعودية تريد توظيفهم لخدمة مصالحها ونشر سياستها في سوريا والمنطقة، وهي تسعى لنيل تأييد عربي وإسلامي تحسبًا لمواجهات مع موسكو وطهران الداعمتين للدولة السورية، ورفضت السودان ومصر وغيرها من الدول أن تكون طعمًا للسياسات السعودية، وبات الجميع يدرك أن الدخول إلى سوريا لن يجلب إلا الخسائر للجيش السعودي ومن معه إضافة إلى الضغوط الدولية والغضب الروسي الإيراني.
رابعًا: لا لدعم الإرهاب:
الكثير من هذه الدول موقن أن الوقت قد حان للقضاء على الإرهاب في المنطقة ولكن قلة من يجرؤون على قول هذا أمام الرياض، والجميع يرفض الدخول في معركة هدفها مساندة جماعات تكفيرية وإرهابية، وخاصة أن تقوية هذه الجماعات سيتسبب باستقطاب الشباب من دول كثيرة، ولهذا فإن دول المنطقة باتت تخشى من ارتداد خطر الإرهاب عليها كما حصل مع تركيا، كما أن بعض الدول المنشقة عن السعودية تشهد مثيلا للمعاناة السورية ولكن بصورة مصغرة، كمصر التي تواجه إرهاب داعش في سيناء.
خامسًا: سوريا تختلف عن اليمن وهناك الجيش السوري:
هذه الدول تنظر إلى سوريا بعين أكثر واقعية من النظرة السعودية، فاليمن رغم الحصار الشديد المفروض عليه استطاع الصمود في وجه العدوان السعودي كما استطاع اليمنيون تكبيد القوات الغازية خسائر كبيرة، وإذا كان اليمن جحيمًا للقوات المعتدية فكيف ستكون سوريا، وهناك الجيش السوري المزود بأسلحة فتاكة وصواريخ متطورة، كما أن لديه حلفاء كُثر يقفون إلى جانبه، وهذا الجيش الذي يحقق انتصارات كبيرة ضد مجموعات تستخدم حرب العصابات من شأنه أن يدمر جيشًا نظاميًا كبيرًا في فترة زمنية قياسية، الأمر الذي يدفع العقلاء للتفكير قبل التورط.
هذه الأسباب صدّعت البنيان السعودي وأبقت الرياض وحيدة تعاني حالة ارتباك كبيرة لا يشاركها فيها أحد سوى أنقرة، والانشقاقات التي عصفت بالمحور السعودي أظهرت أن زمن الوصاية المالية السعودية على القرار العربي بدأت تنتهي ولم يعد أحد يثق بالسياسة السعودية المتهورة التي سحبت المنطقة إلى نيران الفتن والإرهاب، وكل هذه المؤشرات تشير إلى أن السعودية بقيت وحيدة عالقة في ملف الإرهاب الذي سيزول وقد يسحب النظام السياسي القائم في السعودية معه. |