صعدة برس -متابعات - بعدما أعلن البيت الأبيض ليلة السبت 3 ديسمبر/كانون الأول أن الرئيس أوباما وقع على مشروع قانون تمديد العقوبات على إيران، واتخاذ اجراءات متشددة ضد روسيا على ضوء موقفها من الحرب في سوريا وأوكرانيا، يبدو أن هناك استغلالاً للفترة الانتقالية الحالية التي تشهدها الولايات المتحدة.
العملية تهدف إلى اتخاذ أقصى الاجراءات لإيقاع الإدارة الأمريكية الجديدة في مطبات سياسية، منها الاتفاق النووي مع إيران والتعاون مع روسيا دولياً. لذلك يبدو أن إدارة أوباما تريد أن تُجيِر للإدارة الأمريكية الجديدة ملفات معقدة، بل وتريد زيادتها تعقيداً، بعد أن تم حل الكثير من القضايا العالقة منها، وضرب عدة عصافير بحجر واحد: توريط الإدارة الامريكية الجديدة في ملفات دولية، إرسال رسائل إلى من يهمه الأمر في الصين وروسيا بأن إيران هي الحلقة الأضعف، وأنه لا بد من تقديم تنازلات للولايات المتحدة من قبل الحكومتين الصينية والروسية عبر إيران.
ونشرت مجلة "نيويوركر" تقريراً يشير إلى أن الدوائر السياسية والعسكرية تتابع مؤشرات التصعيد في المواجهة بين واشنطن وطهران عقب قرار الكونغرس الأمريكي تمديد العقوبات المفروضة على إيران 10 سنوات أخرى.
وقالت المجلة: "إن هذا القرار يهدد المصالح الأوروبية في منطقة الخليج. وعلى ما يبدو فإن تصريح وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير يوم السبت 3 ديسمبر 2016 الذي أكد فيه أن فرض عقوبات على روسيا، على خلفية تطورات الأوضاع في سوريا، لن يساعد في تخفيف معاناة المواطنين في حلب، يؤكد ذلك"، في إشارة إلى أن "واشنطن وحلفاءها لوحوا أكثر من مرة بفرض عقوبات جديدة على موسكو، محملين إياها المسؤولية عن تصعيد التوتر في حلب".
فحسب تقرير نشره "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" فإن الزيارة التي قام بها وزير الدفاع الصيني تشانغ وان تشيوان لطهران في أواخر الشهر الماضي وتوقيع اتفاقية للتعاون الاستراتيجي بينهما لـ25 عاماً، بما في ذلك التعاون في المجالات الدفاعية والاستخباراتية بين البلدين في ظل معلومات عن رغبة إيران في الحصول على الجيل الثالث من الطائرات الصينية المقاتلة من طراز "تشنغدو جيه-10"، وكذلك الرادارات المحمولة جواً، وإلكترونيات الطيران لتجهيز التصاميم المستقبلية الخاصة بها، قد يفسر بما لا يدع مجالاً للشك بأن القرار الأمريكي مُسيس.
وأشار التقرير إلى أنه "يبدو أن القوات البحرية الإيرانية قد تستفيد أيضاً من التكنولوجيا الصينية أو الروسية من أجل تجهيز تصاميم السفن الخاصة بها وتحديثها. وتميل طهران إلى تفضيل الاكتفاء الذاتي وقطاع البحث والتطوير المحليين لبناء أسطولها، إلّا أنها أنتجت حتى الآن سفناُ مبنية على تصاميم قديمة تفتقر للمعدات المتقدمة الفعالة كأنظمة الدفاع الجوي المتعددة الطبقات".
فعلى الرغم من أنه كان من المقرر ان ينتهي العمل بالعقوبات الأمريكية في الـ 31 من الشهر الحالي، فإن تجديدها يعني من دون أدنى شك وفق "جيوستراتيجك ميديا انستيتيوت" الأمريكي أن إيران هي الحلقة بين كل من الصين وروسيا ودول البريكس الأخرى، كما أن ترشيح إيران للانضمام إلى منظمة شنغهاي، والاتفاق الذي تم في أغسطس الماضي في العاصمة الأذرية باكو حول خط تجاري من الصين إلى إيران، ثم أذربيجان ومنها إلى روسيا وأوروبا، يعد سبباً كبيراً لأي إجراءات أمريكية أحادية الجانب ضد إيران وحلفائها، ومنهم روسيا.
وأضاف التقرير أن "ما يحدث الآن في الإدارة الأمريكية هو من قبيل الضغط على إيران للتوقف عن التدخل في معركة حلب، وكذلك إشارة إلى روسيا بالتخلي عن المعركة الأخيرة في حلب والتي ستحدد مصير الشرق الأوسط".
واضاف تحليل للـ"ديلي بيست" أن هذا الإجراء الأمريكي يرتكز إلى احتمالين: "أولهما الابتزاز المالي والاقتصادي لإيران لميلها نحو موسكو وبكين، وبالتالي الحصول على تنازلات أكبر مما حصل عليها أوباما. أما ثانيهما فيعني توريط الإدارة الجديدة بملفات منها إيران ودول الخليج لاستنزاف جهود الإدارة الجديدة وتعطيلها عن التقارب مع كل من الصين وروسيا في القضايا الدولية".
من جانبها قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن معظم العقوبات الأمريكية ضد إيران لا تزال سارية بسبب "استمرار إيران في التورط في الإرهاب وانتهاك حقوق الإنسان واختبار الصواريخ العابرة للقارات، وهي تعلم أن رفع العقوبات الأمريكية كاملة عنها ليس جزءا من الاتفاقية بشأن برنامجها النووي". ودعت الصحيفة إلى إخضاع إيران للعقوبات وفقاُ للقانون الأمريكي الساري، وألا تتم معاقبتها ما دامت ملتزمة بنصوص الاتفاق النووي.
هذا وحذر مسؤول رفيع في وزارة الخزانة الأمريكية من الإفراط في اللجوء إلى العقوبات الاقتصادية، نظراً للمخاطر التي يؤدي إليها هذا الإجراء على الاقتصاد الأمريكي واقتصادات الدول الصديقة على المدى الطويل. وعلقت مجلة "فورين بوليسي" أن العقوبات الاقتصادية "ليست الحل المناسب لكل أزمة في السياسة الخارجية، وأنه حتى لو أدت العقوبات تأثيرها المطلوب، فمن الممكن أن تترك آثارا جانبية سلبية".
ومهما يكن التفسير والتبرير لتلك الاجراءات الأمريكية، فإن إيران لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه أي قرار ضدها، لأن المقصود منه ليست طهران بل حليفتاها: الصين وروسيا.
روسيااليوم
شهاب المكاحله |