صعدة برس-عبدالعزيز الهياجم -
إدْفَع رأسك فأنت مغترب يمني
عبدالعزيز الهياجم

لقي ثلاثة مغتربين يمنيين مصرعهم يوم الاثنين الماضي خلال عملية سطو مسلح قام بها مسلحون أمريكيون اقتحموا متجراً لليمنيين في مدينة فارمفل بولاية نورث كارولينا .. وللأسف الشديد كالعادة لم يصدر أي بيان لا رئاسي ولا حكومي ولا حزبي، بل إن الخبر نفسه لم نعلم به من خلال مصدر في السفارة اليمنية بالولايات المتحدة، بل تفضلت مواقع بترجمة ما تكرمت به المتحدثة باسم المقاطعة .. نحن نقدر ظروف البلد ووضع الرئيس والحكومة والأحزاب خصوصا من معروف وصنيع السفير الأمريكي بصنعاء وحكومته , وبالتالي لم نكن ننتظر بياناً قوياً يتضمن إدانة واستنكاراً، وإنما على الأقل بيان يقول «تعبر الحكومة اليمنية عن قلقها البالغ تجاه الحادثة والتي ليست الأولى بالنسبة لجرائم سطو مسلح وقتل تعرض لها يمنيون من قبل في المهجر الأمريكي».

ووفقا لمصادر وتقارير صحفية فإن أكثر من 70جريمة قتل راح ضحيتها مهاجرون يمنيون في الولايات المتحدة خلال العقد الأخير وتحديداً منذ ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر , بعضها نتيجة دافع عنصري وتمييز ضد العرب والمسلمين , وبعضها نتيجة مطامع شخصية بغرض السرقة والسطو.. وفي مقابل حوادث الولايات المتحدة، هناك ضحايا لعمليات سطو مسلح وقتل أودت بحياة مهاجرين يمنيين في بريطانيا وبلدان أوروبية, وهناك ضحايا يمنيون لممارسات تعسفية وتعذيب حدثت في بلدان عربية شقيقة لا نستطيع تجاهلها ولا نستطيع التطرق إلى تفاصيلها لدواع واعتبارات يعلمها الكثيرون، خصوصاً وأن مغتربينا لم يهاجروا إلى الأرجنتين والاورغواي وإنما يضعونا في خانة إحراج شديد عندما يتكدسون في بلدان إقليمية ودولية ذات علاقة مباشرة بأوضاعنا الداخلية وأطرافنا السياسية والحزبية.

على مدى سنوات طويلة تعرض مغتربونا في دول الإقليم ودول أجنبية لأعمال تعسفية لا تقف عند السطو والقتل الذي قد يكون أهون , وإنما لعمليات إذلال واحتقار وابتزاز ألغت من قواميسهم عبارة «ارفع رأسك فأنت يمني» لأن المسئولين لدينا لم يكتفوا بغض النظر عن تلك الأعمال وإنما لأن من بينهم من قدم نفسه للغير بصورة مهينة ومذلة دفعت الآخرين للاستخفاف واحتقار وإذلال عشرات ومئات الآلاف من المهاجرين اليمنيين الشرفاء الذين لم يذهبوا ليشحتوا وإنما لأن أرض الله واسعة.. كما قال ربنا عزوجل .. ومما يؤسف له حقاً أن المواطن اليمني العفيف والمغلوب على أمره عندما يفكر في الهجرة هرباً من الفقر والظروف المعيشية الصعبة وجور هذا المسئول أو الشيخ , يواجه حسرة أخرى في بعض البلدان التي يذهب إليها نفس الشيخ أو الزعيم القبلي الكبير هنا والصغير هناك بما يقوم به من تصرفات «الشحاتة المقنعة» و«الرق المطور» من أجل الحصول على عطايا واستمرار تدفق مكرمات شهرية ..ليكون مردود ذلك قاسياً على أبناء جلدته الشرفاء المهاجرين الذين يدفعون ثمن ممارسات غير محترمة.. قبل فترة قالت وزارة المغتربين إنها ستتعاقد مع محامين في بلدان المهجر للترافع عن حقوق المغتربين ورفع مظالم يتعرضون لها , وقبل أيام قليلة وقع وزير المغتربين مع شركة محاماة سعودية على اتفاقية لحماية حقوق العامل اليمني الناشئة عن عقد العمل.

وبتفاؤل كبير حاولت أن أناقش عبر الفيسبوك مع أصدقاء من المغتربين بنود الاتفاقية واعتبارها مكسباً كبيراً , غير أنني اكتشفت أنهم عبروا عن استياء اكبر وقالوا إن هذه الاتفاقية تفيد الشركة ولا تفيد المغترب اليمني وأنها ستلزم المغتربين اليمنيين بدفع رسوم تصل إلى نحو 120ريالاً سعودياً على كل مغترب، وبالتالي أعباء إضافية على كاهل هؤلاء الغلابى مقابل أن «القليلين فقط هم من يعاني من بلاغات الهروب من الكفيل , وأيضاً بنود الاتفاقية لا تعطي الحرية للعامل» كما فهمت من هؤلاء الأصدقاء.

وأكثر من ذلك قالوا «المفروض أن الحكومة اليمنية هي من تتابع مشاكل المغترب اليمني وتدافع عنه عبر سفارتها لا أن توكل ذلك لشركة استثمارية !!».

.. فعلاً .. إذا لم تعاملوهم على أنهم مواطنون يمنيون مغتربون يمثل الدفاع عن كرامتهم دفاعاً عن كرامة البلد ..فأضعف الإيمان معاملتهم وفق منظور تجاري باعتبارهم جزءاً هاماً من روافد الاقتصادي الوطني..