صعدة برس - قتل 8 جنود يمنيين على الأقل فيما أصيب نحو 7 آخرين بجروح فجر يوم، الثلاثاء، في هجوم شنه مسلحون تابعون لتنظيم القاعدة ضد نقطة عسكرية فى منطقة "العبر" بمحافظة حضرموت شرقي اليمن.
وكان مصدر أمنى يمنى قد قال أمس إن نحو 44 شخصا قتلوا فجر أمس الاثنين بينهم 14 جنديا في هجوم شنه مسلحون تابعون لتنظيم القاعدة ضد وحدة عسكرية يمنية على مدينة لودر بمحافظة أبين جنوب اليمن.
لم تبلغ المواجهات بين القوات اليمنية والجماعات الجهادية المسلحة، من قبل، ما بلغته هذا الأيام من ضراوة وشدة، وفاقت حصيلة القتلى من الطرفين في الشهرين الماضيين ما بلغه عدد القتلى والضحايا في موجهات الطرفين وهجمات تنظيم القاعدة على مدى أكثر من 13 عاماً في الفترة من 1997 وحتى العام 2010.
العمليات الكبيرة
كان أبرز ما شهده الشهران الماضيان استهدف القصر الجمهوري في مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت في 25 فبراير- شباط الماضي في عملية انتحارية أدت الى مقتل أكثر من 20 من جنود الحراسة، ثم مقتل نحو 150 من ضباط وجنود الجيش في هجوم كبير شنته جماعة "أنصار الشريعة"، المرتبطة بتنظيم القاعدة، على مواقع عسكرية في منطقة دوفس بمحافظة أبين. وفي 31 مارس- آذار شنوا هجوما مباغتا على موقع عسكري في منطقة الحرورة بمحافظة أبين حيث قتلوا ما بين 20 إلى 30 جندياً، واستطاعوا في هذه الهجمات الاستيلاء على عدد مقدر من الآليات العسكرية الثقيلة والأسلحة.
الرد الحكومي
رداً على هذه الهجمات شنت قوات الجيش اليمني، ولا زلت تشن، هجمات وعمليات قصف كثيف على مواقع "انصار الشريعة" في أبين، وأكدت المعلومات مشاركة طائرات أمريكية وبارجة أمريكية، في هذه الهجمات التي أوقعت العشرات من "أنصار الشريعة" بين قتيل وجريح.
الحرب المفتوحة
وكان نشاط القاعدة، والجماعات الجهادية المرتبطة بها، قد تحول ابتداء من العام الماضي 2011م، من شكل الهجمات المباغتة، التي كان ينفذها في الغالب عدد محدود من العناصر، إلى نشاط واسع وحرب مفتوحة تخوضها مجاميع كبيرة من الجهاديين ضد القوات الحكومية في عدة مناطق.
السيطرة على الأرض
في خضم الثورة الشعبية اليمنية في العام الماضي، استطاعت "أنصار الشريعة" الاستيلاء على أجزاء كبيرة من محافظة أبين في جنوب اليمن، بما فيها عاصمة المحافظة زنجبار، حيث أعلنت عن قيام إمارة إسلامية أطلقوا عليها "إمارة وقار الإسلامية".
وتمدد "أنصار الشريعة" في بعض المناطق بالمحافظات المجاورة لأبين، حيث أقاموا مركزا تدريبياً لقواتهم في منطقة عزان بمحافظة شبوة، وأعلنوا قيام إمارات إسلامية أخرى في شبوة ولحج، كما استطاع مئات من الجماعة السيطرة على مدينة رداع في محافظة البيضاء لنحو أسبوعين في يناير- كانون الثاني الماضي.
تنظيم الحياة!
نقلت صحف يمنية عن زعيم "أنصار الشريعة" في أبين جلال محسن المرقشي (أبو حمزة)، أنهم قاموا بتنظيم الحياة في المناطق التي يسيطرون عليها، وتحسين خدمات الصرف الصحي والكهرباء، كما قاموا بالفصل في العديد من قضايا المواطنين التي ظلت عالقة في المحاكم لسنوات طويلة.
وعلى الرغم من أن بعض الصحفيين الذين زاروا أبين في الفترة الأخيرة، شهدوا على بعض مما قاله المرقشي، إلا أن المعلومات تؤكد أن معظم سكان المناطق التي يسيطر عليها "أنصار الشريعة"، نزحوا منذ وقت مبكر، وهم الآن يعيشون في ملاجئ بمحافظة عدن، فيما تحولت مدنهم ومناطق سكنهم في أبين الى ركام بسبب المعارك الضارية.
أسباب الانفلات
أرجع وزير الدفاع اليمني محمد ناصر احمد الانفلات الأمني في المحافظات اليمنية، ونجاح هجمات القاعدة، الى الانشقاق الحادث في القوات المسلحة اليمنية منذ أن أعلن اللواء علي محسن صالح الأحمر قائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية قائد الفرقة الأولى مدرع، انشقاقه من القوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح في مارس 2011م. وأضاف الوزير، في كلمة أمام البرلمان، سبباً آخر هو سحب النقاط العسكرية الى عواصم المحافظات (بسبب النزاعات المسلحة التي شهدتها اليمن في العام الماضي). وكشف انه كان لدى القوات المسلحة طائرة واحدة من طراز اليوشن لنقل الصواريخ والمؤن والعتاد، ولكنها تعرضت للتخريب، في عملية تفجير على الأرض تبناها تنظيم القاعدة.
تقرير دوفس
وكانت لجنة شكلها مجلس النواب للتحقيق في أحداث دوفس قد أكدت أن أهم أسباب نجاح هجمات القاعدة تعود الى زيادة عدد مقاتليها بشكل لافت ومثير. ولفتت الى وجود تنظيم القاعدة في كل المحافظات اليمنية، وشددت على أن من أهم أسباب توسع نشاط القاعدة، الانقسام في القوات المسلحة، وضعف النشاط الاستخباراتي العسكري.
لماذا الجنوب؟
لم توضح التقارير الحكومية لماذا ينشط تنظيم القاعدة والجماعات المرتبطة به في المحافظات الجنوبية، أكثر من غيرها، لكن معظم الجنوبيين يعتقدون أن نظام الرئيس السابق صالح هو المسؤول عن ذلك، منذ أن حشد ودعم الإسلاميين الجهاديين في الجنوب، لمحاربة الحزب الاشتراكي اليمني في السنوات الأربع الأولى بعد تحقيق الوحدة اليمنية في 1990، وصولاً الى الاستعانة بهم بقوة في حرب 1994م ضد الاشتراكي. كما يتهم الجنوبيون، الرئيس السابق وأعوانه بتسليم أبين للقاعدة خلال فترة الاحتجاجات الشعبية في العام الماضي، بهدف تخويف العالم من إمكانية توسع نشاط القاعدة وسيطرتها على البلاد في حال سقوط نظام حكمه.
العمليات التقليدية
بجانب المعارك المستعرة مع الجهاديين المسلحين، استمرت منذ أوائل 2011م الهجمات ذات الطبيعة التقليدية لتنظيم القاعدة، الذي استطاع قتل العشرات من ضباط وجنود الجيش وقوات الأمن في عدة هجمات انتحارية، أو في هجمات مباغتة.
واستهدف بعض هذه الهجمات مراكز ومقار ونقاط وسيارات لأجهزة الأمن والجيش، فيما استهدف بعضها ضباطا وجنوداً كانوا بمفردهم في مواقع مختلفة.
الضربات الأمريكية
أكد تقرير أعدة مكتب الصحافة الاستقصائية في جامعة لندن سيتي البريطانية أن الطيران الحربي الأمريكي يشارك بفعالية في الحرب ضد القاعدة باليمن، وكشف التقرير الذي نشر في 29 مارس- آذار المنصرم، أن الطائرات الأمريكية نفذت 44 هجوما منذ العام 2002م ضد أهداف محتملة لتنظيم القاعدة.
وأوضح أن نحو 516 قتلوا في هذه الهجمات، معظمهم من المشتبه بانتمائهم للقاعدة. حيث بلغ عدد الهجمات الأمريكية منذ مايو- أيار الماضي 26 هجوماً. وقال إن أمريكا صعدت عملياتها منذ تنصيب حكومة الوفاق الوطني الحالية في ديسمبر الماضي، كما تزايدت هجماتها مجددا منذ شهر مارس- آذار المنصرم، ورأى أن ذلك ربما يعود الى بدء فترة الرئيس الجديد عبدربه منصور هادي الذي دعا في خطاب تنصيبه إلى استمرار الحرب ضد تنظيم القاعدة واعتبر ذلك واجبا دينياً ووطنياً.
ذاعة هولندا العالمية |