د/عبدالعزيز المقالح - لا يصور حالنا مع الأشقاء والأصدقاء ومواعيدهم (السخية) إلاَّ حديث عرقوب مع أخيه الذي ظل يعده عاماً بعد عام حتى أدركه الموت قبل أن تدركه معونة أخيه ، فصار موقفه مثلاً يضرب في عدم الوفاء بالموعد فيقال مواعيد عرقوب ، ويلاحظ أن الدلالة الصوتية والمعنوية بالاسم كافية بأن توحي بخيبة الرجاء وعدم الاطمئنان إلى مواعيد صاحبه ، ويؤسفنا في هذا البلد أن نقول أن مواعيد أشقائنا وأصدقائنا في إنعاش الوضع الاقتصادي المأزوم تشبه مواعيد عرقوب ، مع الفارق أن بلادنا أعظم وأكبر من أن تموت أو يدركها ما أدرك أخا عرقوب بعد المماطلة الطويلة . وما كان أغنانا وأغنى بلادنا عن المواعيد وعن الانتظار الذي خلق حالة من التواكل وعدم الاعتماد على النفس. إن الفقر هو مشكلتنا الأساسية ، وهو المسئول عن كل ما يحدث على وجه هذه الأرض الميمونة من خلافات وانشقاقات وحروب ، وهو فقر مصطنع أو بالأصح فقر مفروض على هذه البلاد الغنية بمواردها وبإمكانياتها الاقتصادية التي تفوق ما لدى كثير من الأشقاء والأصدقاء فالشواطئ المستباحة لكل من هب ودب كفيلة بمواردها السمكية أن تجعل من هذه البلاد قوة اقتصادية تلحقها بالدول العشرين التي اجتمعت أخيراً في كندا ، وما تختزنه أرضها من خيرات زراعية ومعادن غير مستخرجة يكفي كذلك ليرفعها إلى مصاف الدول الثمان الكبرى اقتصادياً لو سلمت الفوضى وعدم الاستقرار ووجدت الإدارة الوطنية القوية المخلصة ذات المشروع المكتمل والهدف الواضح والمتابعة اليومية الصارمة. إن الشعوب لا يقوم اقتصادها على المواعيد والأحلام ، ولا تعيش على التسول والصدقات ، وباطن الأرض خير لها من ظاهرها إذا كانت ستبني وجودها على المساعدات والديون المشروطة وغير المشروطة لا سيما إذا كانت تمتلك من الإمكانات البشرية والمادية ما تمتلكه بلادنا من ثروات دائمة لا يمكن استنـزافها أو الوصول بها إلى درجة النضوب ، وأعداء هذه البلاد يدركون ذلك ويعلمون أن أراضي تهامة والجوف وحضرموت ومزارع المرتفعات والوديان تكفي لتغذية الجزيرة والخليج ودول الشام والعراق ، وأن ثروات البحر الذي يحيط باليمن من الغرب والجنوب والشرق قادرة على تغيير خارطة الحياة الاجتماعية في أقل عدد من السنين ، ولأن أعداء هذه البلاد يدركون هذه الحقائق فهم لا يكفون عن إشعال نيران الخلافات بين أبنائها وتصدير المتاعب والهموم. ونحن اليمنيين مطالبون بأن نعرف حقيقة المخطط المعد منذ عشرات السنين لتعويق حركة التطور في بلادنا ، وإفساد كل محاولة للإصلاح الاقتصادي والسياسي وعلينا بدلاً من أن نتسول الآخرين أن نصلح أمورنا ونتسامح مع بعضنا ، ونطالب كل من بقيت له بقية من عقل وضمير أن يرأف بالوطن والمواطنين وأن نشعر أننا جميعاً مستهدفون وأن الوطن أمانة في أعناقنا، وأن أطفاله ونساءه وشيوخه يحلمون بالأمن والاستقرار ، وبالرغيف والدواء ويستحيل أن يتوفر شيء من ذلك في مناخ الأزمات والاختلافات الأمنية والحروب المتلاحقة ، ولن تكون هناك قوة في العالم قادرة على تغيير أوضاع بلد من خارجه صغيراً كان هذا البلد أو كبيراً وأبناؤه فقط هم القادرون على أن يغيروا ما بأنفسهم فيتغير بالمقابل واقع بلادهم. الأعمال الشعرية الكاملة لشاعر الشعب والثورة الشيخ صالح سحلول: أسعدني كما لا بد أن يسعد كل قارئ في هذا البلد صدور الدواوين الشعرية للشاعر الكبير الشيخ صالح سحلول في مجلد واحد . يقع في 993 صفحة وبغلاف متميز ، وهذا أقل تقدير ينبغي أن يناله شاعر الشعب والثورة الذي لم يتوقف صوته الوطني عن الحضور منذ قيام الثورة اليمنية (سبتمبر - أكتوبر) إلى هذه اللحظة أطال الله عمره . تأملات شعرية : آه ما أكثر الأصدقاء إذا ما تنادوا لرصف الوعود ومضغ الكلامْ . أيها الشعب : لا تكترث بصداقتهم أو عداوتهم كن صديقاً لنفسك وحّدْ صفوفَ بنيك وقل لرفاق الطريق : احذروا من حريق الخصامْ .
|