صعدة برس - سيبقى الثامن من اكتوبر، يوماً ليس عادياً في تاريخ اليمنيين؛ إنه شاهد على إرهاب تحالف العدوان وتعمده ارتكاب جريمة إبادة في مجلس عزاء؛ وهي جريمة تمثل في بشاعتها وتجاوزها صورة غير مسبوقة من صور إرهاب الحرب والعدوان على الشعوب.
هي بلا شك؛ جريمة حرب مكتملة الأركان ارتكبها تحالف العدوان عصر السبت 8 أكتوبر 2016م، مستهدفاً مجلس عزاء (آل الرويشان) في الصالة الكبرى جنوب العاصمة صنعاء، والذي كان يضم تجمعاً لمئات المعزين بينهم أطفال.
بكل وحشية وعدوانية أسقطت طائرات التحالف قنابلها على الصالة مستهدفة المعزين ثم المسعفين والجرحى تحت الأنقاض، متسببة في المجزرة الأكثر دموية في اليمن خلال هذا العدوان.
قصدية إرهاب العدوان
ثوان معدودة حوّلت عزاء أسرة واحدة إلى عزاء لليمن كله، حيث توافد مئات الأشخاص من كل قبائل ومناطق اليمن بينهم مسؤولون وشخصيات اجتماعية لتقديم واجب العزاء، حيث لم يدر في خلدهم ان هذا العدوان لن يتورع عن استهداف مجالس عزاء الموت ليُقدِم على التهام عشرات الأرواح من الأبرياء بدمٍ بارد داخل صالة عزاء.
بالتأكيد يبدو المشهد وكأنه فيلم رعب بل يتجاوزه إلى ما هو أفضع! جثثٌ متفحمة وأشلاء متناثرة، وأجساد داخل نيران ملتهبة بعضها تداخلت بالحديد واخرى دفنت تحت الركام والتراب داخل القاعة وخارجها… جريمة راح ضحيتها 137 شخصاً على الأقل وجُرح 671 رجلاً و24 طفلاً وفقاً للجنة خبراء الأمم المتحدة.
وأكد تقرير لجنة خبراء الأمم المتحدة أن التحالف السعودي نفذ “هجوماً مزدوجاً” متعمداً على تجمع المعزين ما يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي.
تخاذل الأمم المتحدة
وعلى الرغم من الإدانات الدولية والمحلية للجريمة حينها إلا أن عدم التحرك الفعلي للأمم المتحدة وهيئاتها لمعاقبة المسؤولين عنها، مهّد فعلياً لعشرات المجازر بحق الشعب اليمني؛ وهي مجازر لم تستثن مجالس عزاء أو حفلات زفاف وأسواق شعبية أو مدارس أو أحياء سكنية أو حافلات طلاب…ألخ، وجميعها ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في ظل توافر الأدلة على أنها كانت جزءاً من سياسة متبعة باعتبارها واسعة النطاق وممنهجة على حد سواء.
غياب المحاسبة
وتؤكد المنظمات المعنية بحقوق الإنسان إن “استمرار غياب المحاسبة الدولية وإنصاف ضحايا جرائم الحرب المرتكبة بحق المدنيين في اليمن يمثل ضوء أخضر لاستمرارها”، مشددة على ضرورة تحرك دولي جدي لمحاسبة المتورطين بارتكاب مجازر وجرائم حرب بحق الشعب اليمني منذ بدء العدوان السعودي الاميركي في مارس 2015 وحتى اليوم .
تقول (هيومن رايتس ووتش) إن “غياب المحاسبة السائد حالياً يعزز ضرورة أن يضمن مجلس حقوق الإنسان مواجهة الانتهاكات ضد المدنيين اليمنيين بتدقيق دولي مستمر وقوي، وأن تُتخذ الخطوات اللازمة لوضع أسس المساءلة الملموسة.”
شاهدٌ حي
في الذكرى الثالثة لهذه المجزرة لاتزال الصالة الكبرى أبرز الشواهد على وحشية العدوان وأكبر المجازر الدموية التي ارتكبها بحق الشعب اليمني… مجزرة ستبقى في وجدان اليمنيين جرحاً نازفاً لن يندمل إلا بالإنصاف.
وفي هذا السياق ستُقام غدا الثلاثاء بصنعاء فعالية لإحياء الذكرى الثالثة لجريمة العدوان في الصالة الكبرى؛ هذه الصالة التي تحوّلت لمزارٍ يروي تفاصيل مجزرة هي من أكبر جرائم العصر وراح ضحيتها نحو ألف شهيد وجريح.
وعلى الرغم من مرور ثلاثة أعوام دون محاسبة مرتكبي هذه الجريمة إلا أن ذلك لن يطول كثيراً، ومجزرة كهذه لا ولن تسقط بالتقادم، لا ولن ينسى اليمنيون المجرم؛ لأن اليمنيين – أصلاً – لا ينسون مَن ظلمهم واستهدفهم واعتدى عليهم وحاصرهم، و” إن غداً لناظره قريب”. |