صعدة برس - هديّة الرئيس الكوريّ الشماليّ كيم جونغ أون لـ”صديقه” الأمريكيّ دونالد ترامب مع مَطلع العام الجديد تتمثّل في اتّخاذ قرار بمُواصلة تطوير برامج نوويّة، واستِحداث سلاح استراتيجيٍ، وتعزيز الرّدع النوويّ، مرفوقةً باتّهاماتٍ لأمريكا بتقديم مطالب أثناء المُفاوضات أشبَه بمطالب رِجال العِصابات.
هذا التّصعيد من قبَل الرئيس الكوريّ الشماليّ جاء بعد خِتام أعمال مُؤتمر لقيادة حزبه الحاكِم استمرّ لمُدّة أربعة أيُام، وانتهاء المُهلة التي حدّدها للإدارة الأمريكيّة وتشترط تقديم تنازلات وتخفيف حدّة الحِصار المفروض على شعبه، وإلا العودة إلى التّجارب النوويّة والباليستيّة الصاروخيّة العابِرة للقارّات.
هذا الرّجل أصبح أكاديميّة تُقدِّم الدّروس لكُل قادة شُعوب العالم حول كيفيّة التّعامل الحازِم مع الولايات المتحدة الأمريكيّة بطريقةٍ تكسِر غطرستها وكِبريائها، ودليلنا أنّ الرئيس ترامب ووزير خارجيّته مايك بومبيو ردًّا على هذا التّهديد باعتِدالٍ وأدبٍ جَمّ مُؤكِّدين “حِرصهما على السّلام وليس المُواجهة مع كوريا الشماليّة”، وهو سُلوكٌ لم يحدُث مُطلقًا في كُل تعاملاتهما وإدارتهما مع زُعماء الشّرق الأوسط ومِنطَقة الخليج على وجه التّحديد.
جميلٌ أن نسمع الرئيس كيم يقول للأمريكيين “لا يُمكننا أبدًا أن نبيع كرامتنا، وسنَقوم بعملٍ مُروّعٍ لجَعل أمريكا تدفع ثمن الآلام التي عانَاها شَعبُنا تحت الحِصار”.
ربّما يُفيد تذكير بعض الزّعماء العرب الذين لا يَرفضون طلبًا لإدارة الرئيس ترامب، بِما في ذلك التذلّل لدولة الاحتِلال الإسرائيلي، والتّطبيع معها، وضَخِّ مِئات المِليارات في الخزينة الأمريكيّة لخلق وظائف للعاطِلين، ربُما يُفيد تَذكيرهم بأنّ كوريا الشماليّة لا تملك نِفطًا ولا غازًا، وكُل صادِراتها من الخشب، ورُغم ذلك استطاعت أن تكون شوكةً حادّةً في الحَلقِ الأمريكيّ.
نعم يُعجِبنا تأكيده على مَسألة “الكرامة” واستَعداده للرّد على الحِصار الأمريكيّ، فالزّعماء الذين لا يُحافظون على كرامة شُعوبهم ودولهم، أمام التغوّل الأمريكيّ لا يستحقّون لقَب الزُعامة، ورحِم الله قادة الأمّة العربيّة والإسلاميّة التاريخيين الذين احتلّت هذه المَسألة قمّة أولويّاتهم السياسيّة والأخلاقيّة.. وكانوا نِدًّا للغطرَستين الأمريكيّة والإسرائيليّة قَولًا وفِعلًا، وطوّروا أسلحة حديثة حقّقت التّوازن الاستراتيجيّ.. والقائِمة قصيرة للأسف.
افتتاحية “رأي اليوم” |