صعدة برس - وكالات - انطلق العمل في أحد أكبر المشاريع العلمية في القرن الحادي والعشرين. فقد أقر أول اجتماع لمجلس “مرصد الكيلو متر مربع” خطط بناء أكبر تلسكوب على سطح الأرض خلال العقد المقبل.
وقد وافقت الدول الأعضاء على ألف صفحة من الوثائق التي تغطي كل شيء من الإدارة إلى فتح حساب مصرفي إلى التعامل مع المقاولين الصناعيين.
وسيتألف تلسكوب إس كي إيه من مجموعة كبيرة من أجهزة استقبال موجات الراديو وسيتم نصبه في موقعين في جنوب أفريقيا وأستراليا.
وستمكن دقة هذا المرصد وحساسيته بمساعدة أجهزة كمبيوتر عملاقة علماء الفلك من معالجة بعض الأسئلة الأساسية حول الفيزياء الفلكية اليوم.
ومن بين تلك الأسئلة .. كيف تألقت النجوم الأولى في الكون؟ وما هي “الطاقة المظلمة” بالضبط، والشكل الغامض للطاقة الذي يبدو أنه يفصل بين الأجرام الكونية بمعدل متسارع؟ وحتى السؤال الأساسي على الإطلاق..هل نحن وحدنا؟ ستلتقط المستقبلات الحساسة غير المسبوقة لـ إس كي إيه أي إشارات من خارج الأرض.
ودخلت المعاهدة الدولية الخاصة بالمرصد حيز التنفيذ الشهر الماضي فقط مما مكّن هذا الاجتماع الأول للمجلس الذي عقد عبر الإنترنت بسبب كوفيد من المضي قدما في مشروع استغرقت صياغته أكثر من 30 عاماً.
وقال البروفيسور فيل دايموند، المدير العام لـ” إس كي إيه أو” في الكلمة الافتتاحية للجلسة: “أعتقد أن اجتماع المجلس هو حقا إيذان بميلاد المرصد”.
وأضاف قائلا لبي بي سي نيوز: “أصبحنا كيانا قانونيا في 15 يناير/ كانون الثاني بعد تصديق بريطانيا على اتفاقيتنا، فقد كنا اشبه بالوعاء الفارغ، وهذا الاجتماع الأول للمجلس هو الذي أطلق كل شيء يمكننا من البدء في ملء تلك السفينة الفارغة”.
وقد وافق المجلس على سلسلة كاملة من السياسات واللوائح والإجراءات التي ستجعل المرصد حقيقة.
وبالطبع ستكون الخطوة التالية الرئيسية هي بناء التلسكوب، ومن المتوقع أن يتم طرح الدعوات لتقديم العطاءات اعتبارا من شهر يوليو/تموز المقبل مع تنظيم احتفالات في نهاية العام.
ويتمركز المرصد في مواقع نائية وغير مأهولة في كارو في شمال كيب تاون بجنوب إفريقيا، وفي مورشيسون في غرب أستراليا.
وسوف يشتمل التلسكوب على مزيج من الهوائيات العاكسة أو “الأطباق”، بالإضافة إلى هوائيات ثنائية القطب، والتي تشبه إلى حد ما هوائيات التلفزيون التقليدية.
وسيكون الهدف هو بناء مساحة تجميع فعالة تبلغ مساحتها مئات الآلاف من الأمتار المربعة.
وسيعمل النظام عبر نطاق تردد من حوالي 50 ميغا هرتز إلى 25 غيغا هرتز، ومع حساسية تلك اللواقط يجب أن يمكن هذا التلسكوب من اكتشاف إشارات الراديو الخافتة جدا القادمة من مصادر كونية على بعد مليارات السنين الضوئية من الأرض بما في ذلك تلك الإشارات المنبعثة في أول بضع مئات من ملايين السنين بعد الإنفجار العظيم عندما بدأت المجرات والنجوم الأولى في التشكيل.
وقالت الدكتورة كاثرين سيزارسكي رئيسة مجلس إس كي إيه أو : “نحن ندخل حقبة حيث سيعمل التلسكوب العملاق في العقود القادمة لمحاولة فهم ألغاز الكون”.
وأضافت قائلة: “وراء كل ذلك سنوات عديدة من العمل من قبل العديد من الناس في جميع أنحاء العالم”.
وعلقت الدكتورة ليا مورابيتو، عضو لجنة علوم إس كي إيه في المملكة المتحدة، من جامعة دورهام، قائلة: “هذه خطوة تاريخية في عملية إعداد إس كي إيه وتشغيله، وخاصة بعد هذا العام من عدم اليقين العالمي، فمن المهم توجيه اهتمامنا والتركيز على مستقبل إس كي إيه المثير”.
وعقد اجتماع المجلس يومي الأربعاء والخميس بقيادة الدول التي صادقت على معاهدة إس كي إيه وهي أستراليا وجنوب إفريقيا، بصفتهما الدولتين المضيفتين للتلسكوب، وإيطاليا وهولندا والبرتغال والمملكة المتحدة، التي تعمل كمقر رئيسي للمرصد ولها مكاتب في جوردريل بانك في بريطانيا.
كما حضر الاجتماع ممثلون من كندا والصين وفرنسا وألمانيا والهند واليابان وكوريا الجنوبية وإسبانيا والسويد وسويسرا حيث جلسوا كمراقبين في هذه المرحلة لأنهم لم يكملوا موافقاتهم البرلمانية التي تمكنهم من المصادقة، ومن المتوقع أن يقوم الجميع بذلك في الوقت المناسب.
ومن المرجح أن يتكلف بناء وتشغيل إس كي إيه خلال هذا العقد حوالي 2.4 مليار دولار.
وأوضح البروفيسور دايموند: “نعتقد أن البناء سيستغرق من 7 إلى 8 سنوات”.
وأضاف قائلا:”ومن الناحية الواقعية، أود أن أقول إن الأمر سيستغرق 4 أو 5 سنوات بعد ذلك قبل أن نبدأ في السماح بتشغيل الهوائيات”.
ومثل العديد من مرافق علم الفلك الكبيرة أعربت إس كي إيه مؤخرا عن قلقها بشأن النشر الضخم لأقمار الاتصالات الجارية حاليا.
وبالنسبة للتلسكوبات البصرية يمكن للمركبة الفضائية التي تتحرك عبر مجال الرؤية أن تترك خطوطا في صورها، أما بالنسبة للتلسكوبات اللاسلكية مثل إس كي إيه فإن الإرسال من الوصلة الهابطة من الأقمار الصناعية لديه القدرة على إحداث التشويش.
وقال البروفيسور دايموند إنه سعيد لرؤية شركات الأقمار الصناعية تتفاعل بطريقة بناءة مع مخاوف علماء الفلك. ومن بين تلك الشركات شركة سبيس إكس، التي لديها الآن أكثر من ألف مركبة فضائية في المدار ووان ويب، التي تأمل في الحصول على نصف هذا العدد في غضون عام ونصف.
وأضاف قائلا: “واجهنا بعض المصاعب في العثور على شخص في وان ويب للتحدث إليه عندما كانت الشركة تحت الحماية القانونية لكن منذ خروجهم من الإفلاس تمكنا من إعادة التعامل معها”.
وتابع قائلا: “توصلنا لاتفاقيات تسمح لنا برؤية خططهم الفنية ومواصفاتهم بهدف الحد من التداخل بين المرصد والأقمار الصناعية التي تملكها هذه الشركة”. |