|
|
|
صعدة برس - وكالات - جاء إعلان أديس أبابا نيتها بناء قواعد إثيوبية على البحر الأحمر، ليثير تساؤلات حول الدول التي يحتمل أن تبني فيها هذه القواعد، والهدف منها، وتأثير ذلك على التوتر الموجود أصلاً بين أديس أبابا والقاهرة والخرطوم.
وأدلت إثيوبيا مؤخراً بتعليقات نارية زادت تأجيج التوترات مع مصر في ما يتعلّق بالسد المثير للجدل الذي تبنيه أديس أبابا على نهر النيل الأزرق حالياً، حسبما ورد في تقرير لموقع Al-Monitor الأمريكي.
ففي الثاني من يونيو/حزيران، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية دينا مفتي إن بلاده عازمةٌ على بناء قواعد عسكرية في البحر الأحمر. وخلال حديثه في مؤتمرٍ صحفي عُقِد في أديس أبابا أضاف: “تُظهر العديد من الدول (التي لم يذكر اسمها) اهتماماً بالسيطرة على منطقة البحر الأحمر عن طريق بناء قواعد عسكرية أكثر من أي وقتٍ مضى”.
وقال مفتي أيضاً إن بلاده تُخطّط لبناء قواعد عسكرية في وقتٍ يشهد تغيرات “مُقلقة” داخل منطقة القرن الإفريقي.
قواعد إثيوبية على البحر الأحمر.. حلم قديم
في معظم فترات تاريخها الطويل الذي يعود لآلاف السنين كانت إثيوبيا التي عرفت باسم الحبشة، دولة حبيسة، وعاد هذا الوضع بعد استقلال إريتريا عام 1991.
بحسب المعلومات المتداولة، عيَّنت أديس أبابا بالفعل العميد كيندو جيزو لقيادة عملية تأسيس القوات البحرية، على أن يتمركز مقر قيادة القوات في مدينة بحر دار، عاصمة إقليم أمهرا في الشمال الإثيوبي، والمُطِلَّة على بحيرة تانا التي تُعَدُّ أكبر المسطحات المائية في الأراضي الإثيوبية، حسب تقرير لموقع الجزيرة.نت.
وبخلاف ذلك، أُعلِن عن افتتاح البحرية الإثيوبية مكتباً مؤقتاً مستقلاً عن وزارة الدفاع في منشأة شركة المعادن والهندسة “ميتك” الواقعة في ميناء المكسيك في العاصمة أديس أبابا.
ويأتي هذا التطور بينما لم تُحقق إثيوبيا ومصر والسودان أي تقدم في محادثات سد النهضة الإثيوبي الكبير، والتي عُقِدت آخر جولاتها في يناير/كانون الثاني.
آبي أحمد يتعهد ببناء أسطول
لا تُعَدُّ هذه هي المرة الأولى التي تُطلق فيها أديس أبابا هذا النوع من التعهُّدات المُثيرة. فبعد أقل من شهرين على وصوله للسلطة، تحديداً في يونيو/حزيران 2018، تعهَّد رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد ببناء قوات بحرية لبلده الحبيس، وعلى الرغم من أن هذا الإعلان بدا للوهلة الأولى مجرد دعاية، فإن أديس أبابا اتخذت خلال الأشهر التالية خطوات فعلية لاستعادة نفوذها البحري.
غير أن هذه الجهود سرعان ما دخلت في حقبة من الجمود بسبب تورُّط الحكومة في عدد من النزاعات، وفي مقدمتها الصراع الدموي في إقليم تيغراي، ناهيك بالمناوشات الحدودية مع السودان، وهو ما أثار تساؤلات حول مدى قدرة أديس أبابا على تحقيق طموحاتها باستعادة الوصول البحري في أي وقت قريب، حسبما ورد في تقرير لموقع قناة “الجزيرة”.
بناء سلاح بحرية جديد كما تعهد آبي أحمد، أو قاعدة بحرية كما قال مفتي، يتطلَّب استثمارات مالية ضخمة لن تستطيع حكومته الوفاء به في الوقت الراهن، كما يتطلَّب سنوات طويلة من التدريب الفني وصناعة الكفاءات بالاستعانة بقوة عسكرية دولية مرموقة.
الخطة بدأت بالتعاون مع فرنسا
وفي غضون أشهر قليلة من تصريح آبي أحمد، شرعت إثيوبيا في العمل بالفعل، وفي مارس/آذار 2019، خلال زيارة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لأديس أبابا التي تُعَدُّ أول زيارة لرئيس فرنسي إلى البلاد منذ السبعينيات، وقَّعت فرنسا وإثيوبيا اتفاقية تعاون دفاعي تعهَّدت خلالها باريس بتطوير سلاح البحرية الإثيوبي المُنتظَر وتدريب البحارين الإثيوبيين في فرنسا، ولكن السؤال المحوري حول المكان الذي ستتمركز فيه القطع البحرية المُنتظَرة للدولة الحبيسة ظل بلا جواب حتى ديسمبر/كانون الأول 2019، حين أعلنت صحيفة كابيتال الإثيوبية عن اتفاق مبدئي لإنشاء قاعدة بحرية إثيوبية في دولة جيبوتي المجاورة.
ورغم عدم إدلاء القاهرة بأي تعليقات رسمية على تصريحات مفتي، لكن التصريحات أثارت انتقادات على الشبكات الاجتماعية المصرية.
قال محمد حسان، الخبير المهتم بالشؤون العسكرية في المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، لموقع Al-Monitor: “إن توقيت الإدلاء بالتصريحات الإثيوبية عن القواعد العسكرية يحمل في طياته عدة مؤشرات. إذ يدرك جنرالات إثيوبيا أن بلدهم دولة حبيسة. وقد نجحت مصر في تطويق إثيوبيا سياسياً من جميع المحاور بتوقيع اتفاقيات تعاون اقتصادي وعسكري وأمني مع السودان وجيبوتي وبوروندي ورواندا وأوغندا. ونتيجةً لذلك صارت أديس أبابا معزولةً عن محيطها الإقليمي في خضم بحثها عن سبيلٍ للخروج من هذه الأزمة”.
وقال الشهاوي إن مصر تُصر على مبدئها بأن مياه النيل خط أحمر، ومسألة حياةٍ أو موت، مهما كانت الظروف.
وفي هذا الصدد، قال مستشار كلية القادة والأركان اللواء محمد الشهاوي لموقع Al-Monitor الأمريكي: “إثيوبيا دولةٌ حبيسة، ما يعني أنها لا تملك وصولاً مباشراً إلى البحر الأحمر. والتصريحات المتكررة عن البحر الأحمر تهدف إلى شغل الرأي العام الإثيوبي، والتغطية على الأزمة الاقتصادية الإثيوبية، وتشتيت الانتباه بعيداً عن حرب تيغراي”.
جديرٌ بالذكر أن أديس أبابا فقدت وصولها المباشر إلى البحر الأحمر بعد استقلال إريتريا عام 1991 عقب ثلاثة عقود من الحرب مع إثيوبيا.
وأضاف الشهاوي: “يأتي الحديث عن إقامة قواعد عسكرية في البحر الأحمر رداً على الاتفاقات العسكرية التي وقعتها مصر مع عددٍ من دول حوض النيل، والمناورة العسكرية المشتركة التي أجرتها مع السودان مؤخراً”.
ويرى الشهاوي أن الاتفاقات العسكرية التي وقعتها مصر سوف تُجبر إثيوبيا على توقيع اتفاقٍ قانوني مُلزم في ما يتعلق بملء وتشغيل سد النهضة.
وشملت الاتفاقيات العسكرية التي وقعتها مصر مع الدول الإفريقية اتفاق تعاون عسكري دفاعي وقعته مؤخراً مع كينيا في الـ26 من مايو/أيار.
وبعد توقيعها اتفاقاً دفاعياً مع السودان في مارس/آذار، وقّعت مصر أيضاً مذكرة تفاهم لتبادل المعلومات الاستخباراتية مع أوغندا في أبريل/نيسان. كما وقع الجيشان المصري والأوغندي اتفاق تعاون عسكري في نفس الشهر، يُركّز على التدريبات والمناورات المشتركة.
كما قام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بزيارة إلى جيبوتي بحث خلالها مع نظيره عمر غيلة التعاون الأمني والعسكري بين البلدين.
في حين قال هاني رسلان، رئيس وحدة دراسات حوض النيل في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، لموقع Al-Monitor: “يُؤكد المسؤولون الإثيوبيون من وقتٍ لآخر على نيتهم إقامة قواعد عسكرية في المنطقة بعد قرارهم إعادة إنشاء البحرية الإثيوبية، وهو الأمر الذي يتطلّب ميناءً بحرياً وقاعدةً عسكرية بحرية”.
ويؤكد رسلان “ضرورة أن تتوصل إثيوبيا إلى تفاهم مع دولةٍ على حدودها، مثل إريتريا، حتى تتمكن من بناء قاعدة عسكرية على البحر الأحمر”.
ما الدول المرشحة لاستضافة القاعدة العسكرية الإثيوبية؟ إريتريا الخصم السابق
ويحفل جنوب البحر الأحمر بقواعد عسكرية تابعة لقوى إقليمية ودولية مختلفة، وأصبحت بعض الدول الإفريقية تجني ثماراً مادية سخية من تأجير أراضيها، وليس شرطاً للحصول على قاعدة أن تكون الدولة مطلة مباشرة على البحر الأحمر أو المحيط الهندي القريب منه، فهناك دول عديدة من خارج المنطقة لها قواعد مهمة في جيبوتي وإريتريا، فضلاً عن الصومال، حسبما ورد في تقرير لموقع جريدة “العرب”.
تحتفظ إثيوبيا بعلاقات جيدة مع كل من الصومال وجيبوتي وإريتريا، ويمكنها الحصول على تسهيلات عسكرية في موانئ الدول الثلاث تنهي بها عملية الحصار البحري والخروج من إطار التحول من دولة حبيسة إلى منفتحة على البحر الأحمر، وربما المحيط الهندي، وقادرة على استعادة زخم أسطولها البحري السابق.
ولكن التطور الكبير الذي شهدته العلاقات مع إريتريا والذي وصل لاستعانة أديس أبابا بالجيش الإريتري لسحق إقليم تيغراي، يؤشر لوصول العلاقة بين البلدين إلى تنسيق أمني وعسكري غير مسبوق، وجعل أسمرة صاحبة نفوذ داخل إثيوبيا.
يحتاج بناء قاعدة بحرية إثيوبية في ميناء عصب أو مصوع الإريتريّين لوقت، لكن في ظل العلاقة الوثيقة التي تربط بين آبي أحمد في أديس أبابا وأسياس أفورقي في أسمرة يمكن أن تقدم إريتريا التسهيلات المطلوبة حالياً كرسالة ردع للقاهرة.
جيبوتي.. قواعد للجميع
في ديسمبر/كانون الأول عام 2019، كشفت مجلة Capital الإثيوبية عن اتفاقٍ لبناء قاعدةٍ بحرية إثيوبية في جيبوتي، بعد فشل عدة مقترحات لبنائها في السودان أو إريتريا بحسب ما قيل.
ووفقاً للصحيفة الإثيوبية، فقد تم التوصُّل إلى الاتفاق خلال زيارة قام بها آبي أحمد إلى جيبوتي خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه، حيث التقى برئيس البلاد إسماعيل عمر غيلة وناقش معه التفاصيل المتعلقة بالقاعدة، لتصبح إثيوبيا بذلك آخر الملتحقين بالبلد الصغير الأكثر ازدحاماً بالقواعد العسكرية الأجنبية على وجه الأرض، في ظل امتلاك كلٍّ من فرنسا والولايات المتحدة والصين واليابان وإيطاليا لقواعد عسكرية قائمة بالفعل في جيبوتي، ناهيك بوجود خطط (مُجمَّدة غالباً) لتأسيس قاعدة سعودية في البلاد أيضاً.
وسبق أن استضافت جيبوتي لفترة بقايا الأسطول الإثيوبي الذي فقد قواعده بعد استقلال إريتريا، ثم صادرت جيبوتي سفن إثيوبيا عام 1996 بعد تخلف الأخيرة عن سداد مستحقات الموانئ، وهو ما دفع جيبوتي للاستيلاء على السفن الإثيوبية وطرحها للبيع في مزاد علني، حيث بِيع بعضها لإريتريا بالفعل، لتجد أديس أبابا نفسها مضطرة أخيرة للإعلان عن حل سلاح قيادة البحرية الخاصة بها ونقل قوارب الدورية المتبقية إلى بحيرة تانا، كاتبة بذلك شهادة وفاة سلاح البحر الإثيوبي بعد مرور أربعة عقود فقط على تأسيسه.
الصومال.. استغلال الفوضى
تشعر إثيوبيا بالقلق من سياسات جيبوتي المنفتحة على الجميع، وتسعى إلى عدم تركيز الاعتماد عليها خاصة في ضوء مساعي الرئيس عمر غيلة للاستفادة من موقع بلاده عسكرياً واقتصادياً، وها هي تحاول التوجه نحو الصومال وخاصة جمهورية أرض الصومال الانفصالية الموالية للإمارات.
النجاح الأكبر لأديس أبابا في محاولتها لإيجاد منافذ بحرية حدث في ميناء بربرة في أرض الصومال، وهي دولة مستقلة عن الصومال بحكم الواقع منذ عام 1991 ولا تحظى باعتراف دولي، حيث نجحت أديس أبابا في إثارة شهية دولة الإمارات للاستثمار في الميناء المُهمَّش الذي اكتسب أهمية استراتيجية مفاجئة بالنسبة لأبوظبي ليس فقط بسبب تداعيات حرب اليمن، ولكن أيضاً بسبب ضمانات إثيوبيا بتوجيه جزء من تجارتها والمساهمة في التمويل لرفع مستوى الميناء.
في النهاية حصلت إثيوبيا على النتيجة التي تتوق إليها، ففي مايو/أيار 2016 وقَّعت شركة موانئ دبي العالمية اتفاقية لتشغيل وتطوير ميناء بربرة لمدة 30 عاماً، ولاحقاً، ضمنت إثيوبيا وجودها في الميناء من خلال صفقة خاصة مع موانئ دبي في مارس/آذار 2018 مُنِحت بموجبها إثيوبيا حصة بلغت 19% في الميناء، لتضع أديس أبابا بذلك اللبنة الأولى في طريقها الطويل لاستعادة الوصول إلى البحر، بخلاف تحقيق العديد من الأهداف الاستراتيجية الأخرى وعلى رأسها ربط المنطقة الشرقية لإثيوبيا، الصومالية عِرقياً في المقام الأول، مع أديس أبابا عبر استثمار 80 مليون دولار في طريق بطول 500 ميل يربط بين الميناء وبين مدينة “توجوشال” الحدودية الإثيوبية، وتوفير منفذ إضافي للتجارة وتصدير المنتجات الزراعية وجذب المزيد من الاستثمارات الخليجية في هذه القطاعات.
بخلاف ذلك، خدمت اتفاقية ميناء بربرة حزمة من الأهداف الإقليمية بعيدة المدى لأديس أبابا، وعلى رأسها الحفاظ على عزلة إريتريا وإضعافها على المدى الطويل ربما بهدف ضمها مجدداً في نهاية المطاف أو تحويلها إلى دولة تابعة على أقل تقدير، وتكريس الوضع الراهن للصومال المجزأ بعد الحرب الأهلية عبر كسر السقف الزجاجي للاعتراف الدولي بهذه الأقاليم من خلال دمجها في شراكات تجارية دولية، ناهيك بمنح أديس أبابا ذريعة للتدخُّل في شؤون هذه الأقاليم باستخدام مزيج من الضغوط المالية والسياسية.
في ظل وضع إقليم أرض الصومال والنفوذ الإماراتي فيه، وضعف الدولة الصومالية المركزية، والوجود الإثيوبي في ميناء بربرة، يمثل إنشاء قاعدة بحرية إثيوبية في الصومال احتمالاً كبيراً وأسهل من جيبوتي ويمثل نجاحاً للاستراتيجية الإثيوبية حتى لو لم يكن الميناء يظل على البحر الأحمر (يطل على المحيط الهندي).
لماذا تريد امتلاك هذه القاعدة؟ الأمر أكبر من الخلاف مع مصر والسودان
ويرى تقرير موقع الجزيرة.نت أن هناك العديد من الدوافع التي تُفسِّر سعي أديس أبابا الحثيث لاستعادة وصولها البحري وامتلاك سلاح بحرية جديد، بادئ ذي بدء، تُدرك إثيوبيا أن جميع جيرانها في منطقة القرن الإفريقي يمتلكون سواحل كبيرة لكنهم يفتقرون إلى القدرة على استغلالها، في حين تفتقر أديس أبابا للسواحل لكنها تمتلك قدرات وموارد ليست متاحة لجيرانها، ويمنح هذا الوضع إثيوبيا العديد من المزايا، فمع امتلاكها الموارد اللازمة لتخصيصها لبناء سلاح بحرية فإن بإمكانها أن تضمن لنفسها رأياً مهماً على الطاولة في صياغة الأهداف البحرية الإقليمية، ومع لعب بحريتها المُنتظَرة دوراً في حماية حركة الشحن للدول المجاورة فإن بإمكانها تأكيد سيطرتها الإقليمية وتقديم نفسها بوصفها ضامناً للاستقرار بالنسبة لشركائها.
بخلاف ذلك، مع وجود البحرية الإثيوبية في أكثر من دولة -كما هو مُخطَّط له على ما يبدو- فسوف يكون بإمكانها توفير الغطاء العسكري لمشروعها الطموح للتكامل الإقليمي، ناهيك بتعزيز أوراق اعتمادها شريكاً رئيسياً للولايات المتحدة في المنطقة، وشرطياً أمريكياً محتملاً فيها، وهو ما سيمنحها مساحة كبيرة لإبراز نفوذها ومحاصرة طموح القوى المنافسة لها مثل أوغندا وكينيا، علاوةً على امتلاك قدرة على الحفاظ على أمنها القومي من خلال إسقاط القوة خارج حدودها، وتقديم نفسها بوصفها طرفاً في المعادلة الإقليمية الخاصة بالأمن البحري في القرن الإفريقي والشرق الأوسط، عبر المشاركة بقواتها في تأمين المدخل الجنوبي للبحر الأحمر ومضيق باب المندب.
الطموحات البحرية لإثيوبيا لا يمكن أن تُفصَل بحال عن الصراع الكبير التي تنخرط فيه البلاد مع مصر والسودان حول حصص مياه النيل.
وعلى الرغم من أن مصر ترى أن التحرُّكات الإثيوبية، بما فيها تصريح مفتي، قد تكون مجرد مناورة سياسية من جانب أديس أبابا هدفها إرسال رسالة إلى القاهرة حول مدى قدرتها واستعدادها للمواجهة، وليس دليلاً على الرغبة في خوض مواجهة مباشرة ضد مصر، فإن مصر بالتأكيد غاضبة من الموقف الإثيوبي الذي ينذر باحتمال توسيع التوتر بين الجانبين من النيل للبحر الأحمر.
مشروع طويل الأمد قد يؤدي إلى أضرار داخلية
تُدرك مصر الحقائق التي تُدركها إثيوبيا على ما يبدو، وعلى رأسها أن بناء قاعدة بحرية فعّالة هو أمر يحتاج إلى استثمارات كبرى ووقت طويل للقيام به، وأنه لن يحدث بين يوم وليلة، وإذا كانت هذه الحقيقة تنطبق على جهود إنشاء قاعدة عسكرية واحدة، فإنها أكثر انطباقا بشأن خطة أديس أبابا الطموحة لإنشاء سلاح بحرية كامل مع عدة قواعد عسكرية خارج الحدود.
وفي نهاية المطاف، من المُرجَّح أن يكون المُضيّ قُدماً في هذه الخطة عملية طويلة ومُكلِّفة، خاصة إذا كانت إثيوبيا جادة في بناء أسطول يتمتع بقدرات بحرية متطورة وليس مجرد حشد حفنة من زوارق الدورية.
مع تصاعد الاضطرابات داخل الأقاليم المختلفة ستجد أديس أبابا نفسها مضطرة لتوجيه المزيد من الموارد والقوى العاملة العسكرية لحفظ النظام الداخلي، حسب تقرير “الجزيرة.نت”.
بعبارة أخرى، هناك الكثير من الصعوبات التي تنتظر جهود إثيوبيا لإعادة تأسيس قواتها البحرية، فعلى الرغم من أن البلاد كانت تُدير قوات بحرية متطورة نسبياً مطلع التسعينيات، وعلى الرغم من امتلاكها لأعداد لا بأس بها من البحارة المدربين العاملين في دول شرق آسيا، فمن المؤكد أنها ستحتاج إلى بعض الوقت لتدريب الضباط والفنيين وإنشاء الهياكل الإدارية والعسكرية وجلب الخبراء والمستشارين وافتتاح مدارس وأكاديميات التدريب، فضلاً عن الكم الضخم من الأموال والترتيبات السياسية المطلوبة لشراء السفن والقوارب وصيانتها وحيازة الأسلحة المناسبة وبناء وتشغيل القواعد العسكرية والمنشآت. |
|
|
|
|
|
|
|
تعليق |
إرسل الخبر |
إطبع الخبر |
RSS |
انشر في تيليجرام |
انشر في فيسبوك |
انشر في تويتر |
|
|
|
| |