صعدة برس - وكالات - أثارت حادثة اغتيال الناشط السياسي والحقوقي الفلسطيني المعارض “نزار بنات” من قبل السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، موجة غضب شعبية عارمة ضدها، وسط دعوات بضرورة التحقيق في ملابسات الحادثة وتقديم الجناة للمحاكمة.
موجة الغاضب هذه صاحبها ضجة كبيرةً على مواقع التواصل الاجتماعي وسط مطالبات بمحاسبة الفاعلين.. وطالب مغردون بمحاسبة جميع المسؤولين في السلطة الفلسطينية عن اغتيال بنات، فيما طالب آخرون بإسقاط السلطة الفلسطينية ووصفوها بأنها “لم تعد تمثل الشعب الفلسطيني”.
وشبه فلسطينيون ما حصل مع الناشط “بنات”، بحادثة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، الذي باتت قضيته عنوانا للقضايا التي يتعرض لها النشطاء على يد سلطات بلادهم.. كما لاقت هذه الحادثة ردود فعل وإدانات واسعة من مؤسسات حقوقية، ودولية خصوصاً من الاتحاد الأوروبي وأمريكا وبريطانيا وكندا والأمم المتحدة.
وخرج مئات الفلسطينيين الخميس إلى الشارع في رام الله والخليل مسقط رأس “بنات” احتجاجا على وفاته، مطالبين بـ”إسقاط النظام”.. وشارك في الاحتجاج سياسيون وحقوقيون وناشطون شباب.
ورفع المحتجون الذين حاولوا الوصول إلى “المقاطعة”، مقر القيادة الفلسطينية قبل أن تلقي قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع في اتجاههم، لافتات كتب على إحداها “لا للرواية البوليسية”، ورددوا هتافات منددة بالسلطة الفلسطينية.
وبحسب وكالة “فلسطين اليوم” الإخبارية فقد شيّع، الفلسطينيون، عقب صلاة الجمعة اليوم، جثمان الناشط نزار بنات، الذي توفي بعد اعتقاله من قبل قوة أمنية فلسطينية، أمس الخميس، وألقت عائلته نظرة الوداع الأخيرة على الجثمان، في منزل العائلة في بلدة دورا، بمحافظة الخليل.
وشارك آلاف الفلسطينيين في مراسم التشييع، وأطلقوا هتافات منددة بالأجهزة الأمنية، وأدى المشيعون صلاة الجنازة على الجثمان، في مسجد “وصايا الرسول”، في مدينة الخليل، قبل أن يتم مواراته الثرى في مقبرة “الشهداء”.
وأعلنت عائلة الناشط بنات، أن ابنها الذي توفي بعد ساعات على اعتقاله من قبل قوة أمنية تابعة للسلطة الفلسطينية، تعرض للضرب المبرح بالعصي وقطع حديدية على رأسه خلال الاعتقال.. واتهمت “الأمن الفلسطيني” بتعذيبه و”اغتياله”.
وأكدت أن ما حدث مع نزار هو عملية اغتيال مع سبق الإصرار والترصد، عقب اقتحام مكان سكنه، والاعتداء عليه بالضرب المبرح بالهراوات على رأسه أثناء نومه ورشّه بغاز الفلفل فور استيقاظه.
وقالت العائلة: “نزار فقد الوعي داخل منزله بسبب الضرب، وبعد استيقاظه تم اعتقاله عاريًا ونقله إلى جهة غير معلومة من قبل 25 عنصرًا من جهازي الأمن الوقائي والمخابرات العامة”.
وأشارت إلى أنه سبق وأن اعتقلت السلطة بنات 8 مرات، على خلفية نشاطه ضد الفساد، وفي شهر مايو الماضي، قال إن ملثمين أطلقوا النار صوب منزله، وحطموا أبوابه، وألقوا قنابل صوت داخله، ما تسبب بحالة ذعر لدى زوجته وأطفاله.
وطالبت عائلة المغدور في مدينة الخليل، في بيان لها، بشكل مبدئي بإقالة محافظ الخليل، جبرين البكري والعقيد ماهر أبو الحلاوة، محملة إياهما مسؤولية ما سيحصل ما داما في مناصبهما.
وحملت عائلة بنات رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس وزرائه محمد اشتيه المسؤولية الكاملة عن اغتيال نجلها نزار بنات بعد اعتقاله والاعتداء عليه من قبل أجهزة أمن السلطة.
وكشفت مؤسسات حقوقية فلسطينية أن وفاة “بنات”، “غير طبيعية”.. وطالبة بالتحقيق في ظروف الوفاة، فيما اشتعلت منصة “فيس بوك” بمنشورات تنتقد السلطة الفلسطينية بسبب وفاته.
وقالت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في بيان لها “حسب إفادات شهود عيان وأفراد من العائلة كانوا معه تم الاعتداء عليه بالضرب والرش بالغاز أثناء اعتقاله”.
ونددت فصائل المقاومة الفلسطينية، بالحادث وأصدرت بيانات استنكار شديدة اللهجة، ومن بينها “حماس” و”الجهاد الإسلامي”، و”الجبهة الشعبية”، و”الجبهة الديموقراطية”.. وغيرها ووصفته بـ”الاغتيال متكامل الأركان” وطالبت بتحقيق محايد ومستقل في هذه الحادثة.
وأدانت حركة (حماس) وفاة “نزار بنات” نائب رئيس قائمة الحرية والكرامة للانتخابات التشريعية أثناء اعتقاله من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية.
وقالت في بيان لها: “إن هذه الجريمة المدبرة والمنظمة تعكس نوايا وسلوك السلطة وأجهزتها الأمنية تجاه أبناء شعبنا والنشطاء المعارضين وخصومه السياسيين”.. محملة السلطة المسؤولية الكاملة عن كل تداعيات ونتائج هذه الجريمة.
من جهته اعتبر عضو المكتب السياسي لحركة (حماس) سامي أبو زهري أن جريمة اغتيال أجهزة أمن السلطة للناشط والمرشح البرلماني نزار بنات، تعكس السياسة الدموية للسلطة في تصفية الحسابات.. داعياً إلى محاكمة القتلة، وحمل رئيس الحكومة محمد شتية المسؤولية الأولى عن الجريمة.
كما اعتبر القيادي في الحركة عبد الرحمن شديد أن ما جرى مع الناشط السياسي نزار بنات جريمة “اغتيال جبانة مكتملة الأركان قامت بها أجهزة أمن السلطة”.
بدورها استنكرت حركة الجهاد الإسلامي الجريمة التي أدت لقتل المعارض السياسي نزار بنات، وقالت إنه “كان معروفا بمواقفه المعارضة للسلطة وحكومتها”.
واعتبرت الحركة أن “اغتيال الناشط نزار بنات يكشف مدى التعدي على الحريات وقمع وملاحقة كل المعارضين لسياسات السلطة ونطالب بموقف وطني مسؤول إزاء هذه الجريمة وغيرها من جرائم القمع الذي وصل لمستويات خطيرة”.
إلى ذلك، اعتبرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أنّ اعتقال ومن ثم اغتيال “نزار” يفتح مجددًا طبيعة دور ووظيفة السلطة وأجهزتها الأمنية، واستباحتها لحقوق المواطنين الديمقراطيّة، من خلال سياسة تكميم الأفواه والملاحقة والاعتقال والقتل، وهذا ما يجب ألّا يسكت عنه أو يمر مرور الكرام.
وحمّلت الجبهة الشعبيّة السلطة الفلسطينيّة المسؤوليّة عن اغتيال الناشط المعارض الوطني نزار بنات من خلال إقدام أجهزة أمنها على اعتقاله ووفاته بعد ساعات قليلة من هذا الاعتقال.
من جانبها.. حَملّت لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية في قطاع غزة الأجهزة الأمنية الفلسطينية المسؤولية الكاملة عن مقتل الناشط والمعارض الفلسطيني نزار بنات.
ووصفت اللجنة في بيان لها، ما جرى “أنه جريمة مارسها مرتكبوها بدوافع تصفية حسابات ثأرية حمايةً للفاسدين وتكميما للأصوات المعارضة لهم، وقد جاءت ضمن مسلسل طويل من المطاردة والتضييق على ناشط سياسي ومجتمعي تصدى بالكلمة لفساد وسياسات تضر بالشعب والقضية الوطنية”.
واعتبرت أن هذه جريمة مدانة نفذت بدم بارد، خصوصاً وأنه تعرض للضرب الشديد بأعقاب البنادق والهراوات، وتعرضه للسحل.. مطالبة بتشكيل لجنة تحقيق وطنية ومستقلة للتحقيق في هذه الجريمة ومحاسبة مرتكبيها امام الراي العام الفلسطيني كي لا تتكرر مثل هذه الجرائم
كما أدان تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح جريمة اغتيال المناضل نزار بنات، الناشط السياسي والمرشح لعضوية المجلس التشريعي، التي ارتكبتها “عصابات محمود عباس في الخليل فجر الأمس”.. بحسب وصفه.
وقال في بيان له: “إن جريمة الاغتيال البشعة جاءت وسط حالة سُعارٍ من عصابات المقاطعة بحق نشطاء الرأي، بعد أن ضاقوا ذرعاً بكل صوتٍ معارض، وبعدما استسهلوا العبث بحياة المواطنين وهانت عليهم قيمةً الإنسان الفلسطيني وسط محاولاتهم المستميتة للبقاء في سلطةٍ تعيش تحت بساطير جنود الاحتلال”.
ودعا تيار الإصلاح، إلى تشكيل لجنة تحقيقٍ دولية، تبين بدقةٍ ظروف وملابسات اغتيال المغدور نزار بنات، وتحدد المسؤولين الذين أصدروا أمر اغتياله، والبدء بإجراءات محاكمتهم، ليدفعوا ثمن جريمتهم النكراء.
دولياً.. عبرت بعثة الاتحاد الأوروبي في الأراضي الفلسطينية عن “صدمتها وحزنها” لوفاة بنات، وطالبت بإجراء “تحقيق كامل ومستقل وشفاف فورا”.
أما منسق الأمم المتحدة الخاص بالشرق الأوسط تور وينسلاند فدعا إلى إجراء تحقيق مستقل في وفاته ومحاسبة المسؤولين.
وفي بيان لها دعت منظمة العفو الدولية إلى تحقيق “شفاف وفعال ومستقل وحيادي” في وفاة بنات التي قالت إنها أثارت “قلقها الشديد”.. ونقلت المنظمة عن محامي عائلة بنات ويدعى شاكر طميزي أن “ساعة مرت ما بين اعتقال نزار بنات ووفاته”.
من جهتها أصدرت الخارجية الامريكية، اليوم، بيانًا في أعقاب مقتل المعارض نزار بنات داخل سجون السلطة في الضفة المحتلة، فجر أمس.
وقال الخارجية في بيانها: إنها “منزعجة جدًا لمقتل الناشط الفلسطيني نـزار بنات وما ورد عن ملابسات وفاته”.. داعية السلطة الفلسطينية لتحقيق شامل ونزيه لتقديم المتورطين إلى العدالة.
المرصد الأورومتوسطي هو الآخر طالب بفتح تحقيق جدي وعاجل ومستقل فيما حدث مع الناشط السياسي “نزار بنات”، بعد تعرضه للاعتقال والاعتداء المباشر من الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الخليل جنوبي الضفة الغربية، ومن ثم قتله، خاصة وأن كل ملابسات الحادثة تشير إلى عملية تصفية متعمدة لإخماد صوت معارض بقوة لسياسات السلطة الفلسطينية.
الجدير ذكره أن الناشط الفلسطيني نزار بنات يُعد من أشهر النشطاء المنتقدين للسلطة الفلسطينية بالضفة الغربية منذ سنوات عديدة، كما أنه يحظى بشعبية كبيرة في الشارع الفلسطيني لجرأته وانتقاده الحاد لقيادة السلطة في الضفة الغربية المحتلة.
واشتهر بمعارضته للسلطة وتنسيقها الأمني مع الكيان الصهيوني، وسبق لأجهزة أمن السلطة مطاردته أكثر من مرة، لانتقاده السلطة ورموزها أيضاً في قضايا عدة لها علاقة بشبهات فساد.. كما اشتهر بمناصرته لفصائل المقاومة في غزة وانتقاده العلني للتنسيق الأمني ومطاردة المقاومين المنفردين بالضفة الغربية من قِبل الأجهزة الأمنية.
وفي الانتخابات التشريعية التي كانت مقررة الشهر الماضي والتي قام رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بإلغائها بحجة عدم سماح “إسرائيل” بإجرائها في القدس المحتلة، ترشح نزار بنات عن قائمة “الحرية والكرامة”.
ونزار بنات من سكان بلدة دورا جنوب مدينة الخليل، نشط ضد “مشروع التفاوض الذي تقوده السلطة الفلسطينية، ويميل للفكر القومي”، وله محاولات متكررة “للتأسيس لحرية الرأي ضد مشاريع تصفية القضية الفلسطينية”.
وقبيل حادثة اعتقاله وإعلان وفاته، نشر بنات مقطعاً مصوراً على صفحته بفيسبوك ينتقد فيه ما سماها “فضيحة اللقاحات”؛ حيث كانت السلطة قد عقدت اتفاقاً لتبادل مليون لقاح مع “إسرائيل”، قبل أن يتبين أن اللقاحات التي قامت “تل أبيب” بتسليم أول دفعة منها لرام الله منتهية الصلاحية، الأمر الذي أثار غضباً واسعاً في الشارع الفلسطيني، ودفع السلطة في النهاية إلى إلغاء الصفقة بالكامل وإعادة اللقاحات منتهية الصلاحية لـ”إسرائيل”.
وقال بنات في معرض انتقاده لقضية اللقاحات إن “قيادة السلطة مرتزقة تتاجر بكل شيء على حساب القضية الفلسطينية”.. وإن ما حصل بـ”فضيحة اللقاحات ليس سلوكاً جديداً على السلطة، بل هو أسلوب قديم متبع لدى قياداتها”.
وأضاف بنات في الفيديو ذاته: إن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتيه هو “محترف بإخفاء الفساد، لذلك تم وضعه في هذا المنصب من قِبل محمود عباس رئيس السلطة”. |