صعدة برس - وكالات - يعرف المختصون القنبلة “القذرة” بأنها عبارة عن “جهاز” لنشر الإشعاع وهي تعمل عكس القنبلة النووية التي تطلق طاقة هائلة، بمتفجرات بسيطة “تشتت” المواد المشعة.
ومع ذلك تعد القنبلة “القذرة” من أسلحة الدمار الشامل، وفيها يتم دمج المواد المشعة مع العناصر المتفجرة التقليدية.
يشار إلى أن موجة الانفجار الناجمة عن “القنبلة القذرة”، أصغر من الموجة التي تنتج عن السلاح النووي. وهذا النوع من القنابل لا ينسب تقليديا إلى الأسلحة القتالية، بل إلى الأسلحة الإرهابية، حيث يعمل الإشعاع ببطء ويمكن أن يقتل عددا كبيرا من البشر من دون أن يلاحظه أحد تماما.
ويقول الخبير العسكري فسطنطين سيفكوف إن “القنبلة القذرة”، تحمل بعناصر مشعة أو بذخيرة كيميائية وتصميمها الاولي عبارة عن قذيفة بمادة مشعة مع شحنة طاردة. تنفجر القذيفة وتحمل الشحنة الطاردة المادة المشعة ويتم نشرها على مساحة كبيرة، فيما الخيار الثاني أن تُرسل بنظام صاروخي بعيد المدى لضرب نفايات محطات طاقة نووية.
ويتمثل الخيار الثالث، بحسب هذا الخبير، عن طريق نشر عنصر نووي باستخدام الطائرات. إلا أن هذا الأسلوب غير مناسب للاستفزاز، حيث يمكن إسقاط الطائرة فوق الأراضي التي يسيطر عليها الطرف صاحب هذا النوع من القنابل.
ويشير سيفكوف إلى أن ما حدث في شيرنوبيل يعد بمثابة مثال عن “القنبلة القذرة” غير المقصودة، لافتا إلى أن هذا النوع من الأسلحة أسوأ من القنبلة النووية الكلاسيكية من حيث العواقب، ويكون عمر النصف بعد الانفجار النووي التقليدي أقصر، على التوالي، ويحدث وقف تنشيط المواد الخطرة بسرعة أكبر، “حتى هيروشيما وناغازاكي، التي ألقى الأمريكيون عليهما قنابل نووية، أعيد بناؤهما واستقرتا نسبيا بسرعة، فيما لا تزال تشيرنوبيل محاطة بهالة تنذر بالسوء.
والهدف من القنبلة “القذرة” ليس تدمير المنطقة التي تصيبها، فيما يمكن أن يكون انفجار قنبلة ذرية عادية أقوى بآلاف أو حتى ملايين المرات من انفجار قنبلة ذرية “قذرة”، لذلك فالقنبلة “القذرة” لا تعد، بحسب الخبراء، قنبلة بالمعنى الحقيقي للكلمة، ويمكن أن تكون مجرد حاوية لمواد مشعة تركت في مكان عام. أو الغبار الذي تنثره طائرة على مدينة، مثل المبيدات الحشرية التي تنتشر فوق الحقول، وحتى محطة الطاقة النووية المتضررة يمكن إدراجها في نفس السلاح.
الغرض الرئيس من القنبلة القذرة هو محاولة إحداث ضرر من خلال التلوث الإشعاعي. لكن حتى هذا الهدف لا يتحقق بالكامل. وينص كتيب صادر عن وزارة الأمن الداخلي الأمريكية على أن القنبلة القذرة ليست سلاحا إشعاعيا بقدر ما هي وسيلة للهجوم النفسي.
وبالنسبة لأوكرانيا فبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، بقيت بقايا من البرنامج النووي السوفيتي. وفي أوائل التسعينيات، قامت بيلاروس وأوكرانيا وكازاخستان، وفقا لبروتوكول لشبونة، بنقل ما تبقى من الأسلحة النووية إلى روسيا.
وفي عام 1994، تم التوقيع على مذكرة بودابست، والتي حصلت أوكرانيا بموجبها على تعويض مقابل التنازل عن مطالباتها النووية. وشملت هذه التعويضات الحصول على وقود لمحطات الطاقة النووية، وتخفيف الديون، والمساعدة المالية، بما في ذلك من الولايات المتحدة. وفي عام 2000، ألغت روسيا 1.099 مليار دولار من الديون المستحقة على أوكرانيا، بينما حولت الولايات المتحدة إليها 175 مليون دولار.
ومع كل ذلك، بقيت بعض القدرات التي تحتاجها أوكرانيا للحفاظ على محطات الطاقة النووية الخاصة بها. وبعد فترة بدأت كييف في التعبير عن استيائها من مبلغ التعويض، وفي أعقاب الانقلاب الذي جرى في كييف في عام 2014، تعالت أكثر فأكثر الدعوات لإعادة الوضع النووي للبلاد. وفي عام 2019 ، وصف ألكسندر تورتشينوف، أمين مجلس الأمن القومي لأوكرانيا، تخلي البلاد عن الأسلحة النووية بأنه خطأ تاريخي.
مثل هذه المواقف والتطورات استخدمت كوسيلة للابتزاز بما في ذلك للغرب. أرادت كييف ضمانات بانضمام قريب لأوكرانيا إلى حلف الناتو، وهددت بخلاف ذلك باستعادة وضع القوة النووية، ما أدى إلى تخويف الشركاء المحتملين.
ومنذ عام 2022، تم توجيه الابتزاز النووي نحو روسيا. بعد بدء العملية العسكرية الخاصة، حين حررت القوات المسلحة الروسية مدينة إنرغودار ومحطة الطاقة النووية في زابوروجيه، دار حديث عن إنشاء “قنبلة قذرة”. في البداية، جرى التخطيط لتكون عن طريق تدمير منشآت بالمفاعل، إلا أن هذا النوع من الابتزاز في أكتوبر 2022، وصل إلى منعطف جديد.
المصدر: RT |