|
|
|
صعدة برس - وكالات - يعرف كثيرون اسم أول إنسان وطأت قدماه سطح القمر، ولكن كم منا يعرف اسم آخر رجل خاض الرحلة عينها؟ ترك يوجين سيرنان سطح القمر في الساعة الخامسة و54 دقيقة بتوقيت غرينتش في 14 ديسمبر (كانون الأول) من العام 1972، إذ صعد السلم لينضم إلى زميله رائد الفضاء هاريسون “جاك” شميت الذي كان أصلاً داخل “تشالنجر” Challenger، وحدة الرحلات القمرية “أبولو 17”. أغلقت فتحة المركبة خلفهما قبل أن تتأرجح بعض الشيء. ومنذ ذلك الحين، لم يمش أحد على سطح القمر.
الآن، يبدو أننا عائدون إلى سطح القمر. يطمح برنامج “أرتيميس” التابع لوكالة الفضاء الأميركية “ناسا” إلى إرسال إنسان إلى سطح القمر في عام 2025. بالنسبة إلى المهووسين بالفضاء، يعود بهم هذا البرنامج إلى أوقات التشويق مرة أخرى. ولكن لمَ فصلت بين أبولو 17 و”أرتيميس”Artemis فجوة زمنية من 50 عاماً (وما زال العد مستمراً)؟ ما الأسباب وراء تقييد “برنامج أبولو”- الذي يعتبر أحد أعظم الإنجازات التكنولوجية التي حققتها البشرية، والذي جعل من نيل آرمسترونغ أول شخص يمشي على سطح القمر؟ وربما الأهم من التساؤلات السابقة، لماذا لم تكن العودة إلى القمر في العقود الخمسة الفاصلة ضرورة محتومة؟
كان “أبولو” نتاج عصره. وشكلت تلك الفترة الحرب الباردة التي تنافست فيها الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي على المشاعر والانتماءات السياسية بالنسبة إلى بقية الكوكب. في الحقيقة، ربما يكون الجزء الأكثر إثارة للدهشة في قصة “أبولو” أن الولايات المتحدة، بعدما هبط آرمسترونغ وزميله باز ألدرين على سطح القمر في بعثة أبولو 11″ في يوليو (تموز) 1969، كلفت نفسها عناء إرسال شخص آخر. خمس عمليات إطلاق أخرى ستأخذ 10 رواد فضاء آخرين إلى أقرب جيراننا. بالنسبة إلى السياسيين في الكونغرس، لم تكتس هذه البعثات اللاحقة أهمية تذكر. حققت “أبولو 11” هدفها: هزيمة الاتحاد السوفياتي في الوصول إلى القمر. انتهت المهمة.
“الوصول إلى القمر أولاً لا يثبت أن تفكيرك أفضل، إنما يثير إعجاب الجمهور الدولي. ولكن ما إن تحقّق الهدف، حتى تضاءل الاهتمام السياسي والعام بهذه المهمة”، يقول تيسيل موير هارموني، منسق أعمال “مجموعة مركبة أبولو الفضائية” في “متحف سميثسونيان للطيران والفضاء” في واشنطن العاصمة.
يتحدث روجر لاونيوس، الذي شغل منصب كبير المؤرخين في “ناسا” بين 1990 و2002 عن تلك الفترة فيصفها بأنها “كانت حرباً إنما بوسائل مختلفة. ومع “أبولو 11″، حققت الولايات المتحدة” انتصاراً. خسرت الهيمنة الجيوسياسية المواجهة أمام المساعي العلمية.
لا ريب في أن “ناسا” خاضت “أبولو” لضرورة علمية، حتى إن لم تكن هذه حال السياسيين، وكان يحدوها أمل مفعم بالطموح في أن تبقى البعثات اللاحقة بعد “أبولو 11” وقتاً أطول على القمر. اختارت مواقع ذات أهمية علمية وجيولوجية، إذ وضعت الخطط لرواد الفضاء كي يسافروا بعيداً عن قاعدة وحداتهم القمرية مستخدمين مركبات جوالة تعج بأجهزة علمية. ولكن بالنسبة إلى الطبقة السياسية، وعلى نحو متزايد، بالنسبة إلى الجمهور الأميركي، أخذ المجهود برمته يبدو كما لو أنه مضيعة للوقت. حتى في ذروة الهوس بمهمة “أبولو”، رأى 53 في المئة فقط من الأميركيين أنها تستحق العناء. هكذا، تضاءلت أرقام المشاهدة التلفزيونية، لتتراجع من تحطيم الأرقام القياسية مع “خطوة صغيرة واحدة” قطعها نيل آرمسترونغ على تربة القمر في يوليو 1969، إلى لا شيء تقريباً بحلول موعد تجهيز “أبولو 17” على منصة الإطلاق في أواخر 1972.
بحلول ذلك الوقت، كانت حكومة الولايات المتحدة مشغولة بقضايا متعلقة بكوكب الأرض وتنفق عليها دولاراتها. بدت “مهمة أبولو” تافهة أمام تورط الأمة في حرب فيتنام. كانت أرواح الأميركيين تزهق خارج وطنهم، ورأى الشعب أن الأموال تُهدر في المقابل على إرسال رواد فضاء إلى القمر. ولكن لماذا؟ وداخل البلاد، كانت حركة الحقوق المدنية تتقدم، محدثة انقساماً سياسياً في دولة كانت ما زالت تتصالح مع انقسامات مجتمعية موجودة منذ نشأتها قبل 200 سنة. “وبالتأكيد، ستظهر دائماً دعوات تحث على توجه “جميع الأموال والموارد “المهدرة” في “أبولو” نحو المستشفيات، وتطوير علاجات للسرطان، والتعليم، والتخفيف من وطأة الفقر…”، كما يقول موير هارموني، “لذا، ما إن عادت “أبولو 11″ بنجاح حتى علا صوت تلك الدعوات.”
كذلك كانت تدور في الأذهان مأساة “أبولو 13” التي كادت أن تقع. منطلقة في أبريل (نيسان) 1970، كانت البعثة في طريقها إلى القمر عندما تسبب انفجار في وحدة الخدمة في إتلاف خزان توليد الأوكسجين، فصارت أنظمة الدفع ودعم الحياة في الوحدة غير صالحة للعمل. كان على رواد الفضاء الثلاثة أن ينتقلوا إلى الوحدة القمرية، المصممة لشخصين فقط، ويستخدموا محركها للدوران حول القمر من أجل العودة إلى الأرض. ويعزى الفضل في نجاتهم إلى البراعة التي اتسم بها مراقبو وموجهو المهمة على الأرض الذين تغلبوا على عقبات عدة تهددت حياة رواد الفضاء من أجل ضمان رجوعهم إلى الأرض.
آنذاك، أصاب الذعر السياسيين، لا سيما الرئيس ريتشارد نيكسون. استذكر كثر منهم حريق منصة إطلاق “أبولو 1” عام 1967 الذي أودى بحياة ثلاثة رجال وأضعف حماسة الجمهور لرحلات الفضاء المأهولة. في الواقع، لا يسع أي رئيس أن يخاطر بضياع أميركيين في الفضاء، ذلك أنه من شبه المؤكد أن مأساة على هذه الشاكلة ستفضي إلى هزيمة انتخابية. تراجع الدعم في الحكومة. “الحقيقة أن نيكسون ارتبط بشكل وثيق برواد فضاء “أبولو”. شعر أنه كان يمثل شخصية الأب بالنسبة إليهم، وعلى رغم إخفاقاته كافة، أولى البعثات اهتماماً بالغاً. لذلك على مستويين، المستوى الشخصي وإنما المستوى السياسي أيضاً، لم يكن يتخيل أن أياً منهم ربما يموت في الفضاء”، يقول موير هارموني.
في البداية، أخذت “ناسا” تحدّ من تطلعاتها، مقللة عدد بعثات “أبولو” المستقبلية ومقلصة أهدافها العلمية. لكن لم يكن ذلك كافياً لإرضاء من يتحملون مسؤولية الإنفاق. خلال 1970، اضطر توماس باين، مدير “ناسا”، إلى إلغاء تحليق البعثات الثلاث “أبولو 18 و19 و20”. كذلك أراد الرئيس نيكسون، مع إشارة إلى اقتراب موعد انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 1972، إلغاء “أبولو 15 و16”. صحيح أنه لم ينجح، ولكن “أبولو 17” كانت الأخيرة.
بيد أن الخبرات كافة التي وُجهت نحو تحقيق الهبوط على سطح القمر في ستينيات القرن العشرين تصب تركيزها الآن ببساطة في مكان آخر
كانت الحجة المطروحة أن الطموحات الأميركية في الفضاء ستكون مفيدة أكثر في مدار الأرض. أعطيت الأولوية لمحطة الفضاء “سكاي لاب” (مختبر السماء)، التي أطلقت لاحقاً في 1973، ومكوك الفضاء المقبل. كذلك، التزمت الولايات المتحدة بـ”مشروع اختبار أبولو- سويوز” لعام 1975، والذي هدف إلى تعزيز الوفاق بشأن الفضاء وتقديم نهاية رمزية لـ”سباق الفضاء” بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي. كانت هذه المشاريع أيضاً أقل كلفة بدرجة ملحوظة. ووصف نائب مدير رحلات الفضاء المأهولة لدى “ناسا” جورج تريمبل ذلك بأنه “إنهاء غير واضح المعالم” لبرنامج “أبولو”. لكن الأخير كان يُعتبر بحلول ذلك الوقت باهظ الكلفة وصعباً وخطيراً. ولم يكن على رأس قائمة الأولويات بالنسبة إلى الناخبين.
لكن 50 سنة مرت على آخر مرة زار فيها الإنسان القمر. لماذا لم تخض أي دولة، ليس الولايات المتحدة فقط، أي بعثة إلى سطح القمر مجدداً. خلافاً لما تعتقد ربما، لا تتعلق المسألة بالنقود. مرد ذلك إلى حقيقة أنها خطوة بالغة التعقيد وصعبة جداً، والخبرات كافة التي وُجهت نحو تحقيق الهبوط على سطح القمر في ستينيات القرن العشرين تصب تركيزها الآن ببساطة في مكان آخر. فقد المعنيون الإمكانات اللوجستية والهندسية أو لم يجددوها، وتوفي خبراء العلوم الذين انخرطوا في تلك المهمة واحداً تلو الآخر. كان الوصول إلى القمر، بالنسبة إلى برنامج “أرتيميس”، مهمة يتعين عليه أن يتعلمها من الصفر. إرسال مسبار غير مأهول إلى القمر يختلف تماماً عن وضع البشر في مركبة فضائية وتركهم بأمان على أقرب جار لنا.
لقد انتفت الظروف التي احتضنت “أبولو”، ويصح ذلك حتى لو تجاهلت كل مدلولات الحرب الباردة. وفق دوج ميلارد المشرف الرئيس على قسم الفضاء في “متحف العلوم في لندن”، “إذا افترضت أنه بمجرد تحقيق هدف الهبوط على سطح القمر، ستصبح المهمة أكثر سهولة، فستكون مخطئاً جداً. اصطحاب الناس إلى القمر لم يكن مصمماً ليتكرر”.
استثمارات مهولة في الوقت والمال والتكنولوجيا حملت آرمسترونغ إلى موقع الهبوط “بحر السكون” Sea of Tranquility . تطلبت مهمة “أبولو” أكبر صاروخ جرى إنشاؤه على الإطلاق (“ساتورن 5” أو “زحل 5” Saturn V)، ومنصة إطلاق ضخمة وشبكة تحكم في البعثة، وتصميمات معقدة لوحدات القيادة والوحدات القمرية، وبدلات فضائية، ودروع واقية من الحرارة للدخول مجدداً إلى الغلاف الجوي للأرض، وتغذية خاصة… لا تنتهي القائمة. كذلك تحتاج إلى المرافق اللازمة لإنشاء وصيانة كل ما تقدم. بمجرد أن تصرف النظر عن السفر إلى القمر، لن تحتاج إلى هذه الضرورات مجدداً. هكذا، تغلق المصانع اللازمة ويحصل الموظفون على وظائف جديدة أو يتقاعدون. “وظفت الولايات المتحدة، على نحو مباشر وغير مباشر، 400 ألف شخص في “أبولو”. ارتبطت وظائفهم وسبل عيشهم بهذا المشروع”، يقول موير هارموني، مضيفاً أنه “عندما وصل البرنامج إلى خواتيمه، واصل معظم هؤلاء حياته. محاولة تنظيم مثل هذه المجموعة الضخمة من البشر وتحفيزها مرة أخرى كانت ستكون مهمة شاقة شبه مستحيلة. ومن أجل ماذا؟ الهدف قد تحقق”.
لذلك عندما تتخذ بعد 10 أو 20 أو، كما اتضح، بعد 50 عاماً قراراً بالعودة إلى القمر، عليك أن تعود إلى المربع الأول. ولما كان كل ما في متناولنا من مواد وأنواع وقود وأجهزة حاسوب وبدلات وتصميمات للمركبات الفضائية جديداً، وكل شيء جديد… فإن كل ما تعلمناه وكل ما اخترعناه وكل ما استخدمناه في ستينيات القرن العشرين ما عاد ينفع. اُستخدم برنامج “أبولو” جهاز حاسوب بسعة 64 كيلوبايت من الذاكرة- كان من أحدث التقنيات آنذاك، ولكنك حتماً لا تنوي الاستفادة منه في “أرتيميس”.
وبالطبع، لا بد من أن إجراء اختبارات متكررة للنواحي كافة المتصلة بالمهمة قبل المخاطرة بوضع رواد فضاء على متن صاروخ إلى القمر. بعد الكارثتين اللتين لحقتا بمكوك الفضاء ورد فعل الجمهور عليهما تركزت أنظار الجميع على وكالة “ناسا”. فقدان رواد فضاء، من بينهم مدنيون، أضر جداً ببرنامج الفضاء وسمعة الإدارة. حتى باستخدام معدات مجربة ومختبرة، لا يغيب شبح الموت عن الفضاء والقمر، ففي أشعة الشمس المباشرة تتخطى الحرارة 127 درجة مئوية، وفي الظل عند قطبي القمر تنخفض إلى 253 تحت الصفر درجة مئوية. إبقاء البشر على قيد الحياة وفي مأمن في تلك البقاع يكلف الكثير. يقول مادو ثانغافيلو، مهندس طيران في “جامعة جنوب كاليفورنيا”، ذلك أنه “بيئياً، لا مكان يضاهي القمر في عدم رحمته أو قسوة العيش فيه”.
كذلك يشير ميلارد إلى أن إعادة إنتاج الهيكل الإداري لـ”ناسا” بغرض تكرار الهيكل الذي كان سائداً في سنوات “أبولو” سيكون مهمة مضنية. “كانت تلك المجموعة من المهندسين والفنيين العسكريين الأميركيين الجيل الأخير الذي عاش خلال الحرب العالمية الثانية، إذ نشأ مع سلسلة من القيادات التي عاشت في “ناسا” وقادت برنامج “أبولو”. سيكون من الصعب جداً تكرار خبرتهم الجوية والعسكرية، الضرورية للنجاح، من دون سبب وجيه”.
أطلق “أرتيميس 1″ في 16 نوفمبر، جولة تجريبية غير مأهولة للهبوط التالي على سطح القمر مدعوماً بنظام الإطلاق الفضائي التابع لـ”ناسا”
في الواقع، لم يقتصر التغيير على الأجهزة ومن يصنعها ويوجهها، بل طاول أيضاً أهداف البعثة. تعرف نسبة كبيرة من الجمهور الأسباب وراء استخدام ضرائبهم لتمويل “أبولو”، فقد أدت الحرب الباردة دوراً مهماً في حياة الجميع على سطح هذا الكوكب تقريباً. ولكن اليوم؟ ينبغي على برنامج الهبوط على سطح القمر أن يثبت أنه يقدم منفعة كبيرة للمجتمع قبل أن يحظى بموافقة واسعة النطاق.
لهذا السبب تفصل بين نهاية “أبولو” وولادة “أرتيميس” فترة زمنية طويلة. وحتى في هذه الحالة، تطلب الأمر تمويلاً خاصاً، فكر في “سبيس إكس” المملوكة لإيلون ماسك و”بلو أوريجين” لجيف بيزوس، لملء الفجوة الكبيرة نسبياً بين الطموح الوطني ومباركة دافعي الضرائب. يقول شميت من “أبولو 17” إنه في مؤسسات الأعمال الخاصة يكمن مستقبل استكشاف القمر. ووفق نائبة مدير “ناسا” السابقة لوري غارفر: “كان برنامج أبولو مزيجاً من الخوف والمجد. أعتقد أن صحوة اليوم خلفها جشع، وأنا موافقة على ذلك”.
لم يتحدد بعد ما إذا كان القمر سيعود بفوائد تجارية، لكن كثراً مستعدون للمحاولة كي يتبينوا الأمر. ويرى آخرون أن القمر مجرد نقطة انطلاق في الطريق إلى الثروات التي ربما يكتنزها المريخ، لذا من شأن إنشاء قاعدة مأهولة على القمر أن يتيح فرصاً كثيرة مماثلة. في رأي جيم بريدنشتاين، مدير “ناسا” بين 2018 و2021، “إنها خطوة منطقية”.
وبينما تبدأ الدول بدءاً بالصين مروراً باليابان والهند وصولاً إلى البرازيل في ترك بصماتها في الفضاء، لا ترغب الولايات المتحدة، الفائزة لمرة واحدة في سباق الفضاء، في أن يُنظر إليها على أنها متخلفة عن الركب. عندما حمل تحيز الاعتبارات السياسية ذات يوم الحكومات والرؤساء إلى اقتراح مشاريع طموحة جديدة، فقط بهدف المعارضة للفوز بالسلطة وإلغاء “أضغاث الأحلام الطائشة والمكلفة” للمشروع السابق، صار تحقيق النجاح الآن في الفضاء مشكلة مرة أخرى. يقول بريدنشتاين إن “الميزانيات تتغير، والإدارات تتغير، والأولويات تتغير”. يبدو أن الكبرياء ما زالت تلعب دورها. ربما كانت غارفر مخطئة عندما قالت إن الأمر كله يتعلق بالجشع.
بحلول الوقت الذي صعد فيه سيرنان إلى “تشالنجر”، أصبح السير على سطح القمر مملاً. لم تكن السنوات الخمسون الماضية لطيفة مع من يتوقون إلى دفع الحدود البشرية نحو رحلات الفضاء. سكان الكوكب ببساطة لا ينتظرون بفارغ الصبر كل رحلة جديدة إلى “محطة الفضاء الدولية”، أو كل إطلاق جديد لمركبة هبوط أخرى على كوكب المريخ تخضع للتحكم فيها عن بعد.
أطلق “أرتيميس 1” في 16 نوفمبر، جولة تجريبية غير مأهولة للهبوط التالي على سطح القمر مدعوماً بنظام الإطلاق الفضائي التابع لـ”ناسا”، وهو الصاروخ الأكبر والأسرع على الإطلاق، إذ يتجاوز حتى صاروخ “ساتورن 5” وسوف يحمل الركاب، في كبسولة طاقم “أوريون” الخاصة به، إلى مسافة في النظام الشمسي أبعد من أي وقت مضى. وإذا سارت الأمور كافة وفق الخطة، سيهبط البشر- بمن فيهم أول امرأة وأول شخص من غير العرق الأبيض- على القمر في أقرب وقت بحلول 2025. حتى الآن، زار 12 رائد فضاء فقط- جميعهم من ذوي البشرة البيضاء- أقرب جيراننا في الفضاء.
ربما يحرك “أرتيميس 1” اهتمام البشرية بما يحتضنه القمر. ولكن في الوقت الحالي، يبدو النقص ملحوظاً في حماسة الجمهور للبرنامج، يعتقد 38 في المئة فقط من الأميركيين أن لا بد من أن يتابع “أرتيميس” تقدمه، بينما يعتقد 91 في المئة أن على “ناسا” صب تركيزها على رصد الكويكبات الفتاكة- ولكن لعل رؤية إنسان في عالم آخر سيغير هذا الواقع. تقول لورا فورشيك، مؤسسة شركة “أستراليتيكا” المتخصصة بالتحليلات الفضائية إن “غالبية الولايات المتحدة لم تهتم بخطط “ناسا”. بيد أنني متأكدة من مشاهدة شخص يسير فعلاً على أرض فضائية سيغير آراء كثيرة”.
كما أدرك يوجين سيرنان جيداً، يصنع العامل البشري فارقاً كبيراً. أرسل روبوتاً إلى الفضاء، وبالكاد ستثير دهشة العالم، غير أن إرسال إنسان إلى القمر أو ربما المريخ سيضع بين يديك قصة ترويها. انطلاقاً من كلماته الأخيرة في موقع هبوط “أبولو 17” في وادي “توروس ليترو”، يبدو جلياً أن سيرنان لم يتوقع مرور نصف قرن قبل عودة البشر إلى هناك. بل توقع أنه “لن يكون في المستقبل البعيد”، وأن يكون البشر قد هبطوا على المريخ بحلول نهاية القرن العشرين.
ومع ذلك، ذات يوم، سيشطب من “السجل” اسم سيرنان باعتباره آخر شخص سار على سطح القمر. في الحقيقة، لن يكون هناك سوى أول رجل واحد سار على سطح القمر- مكانة نيل أرمسترونغ في التاريخ مضمونة- ولكن “الرجل الأخير” يبقى هدفاً متحركاً. سيحل اسم آخر محل اسم يوجين سيرنان في نهاية المطاف. بحلول الوقت الذي تحين فيه الذكرى الستون لـ”أبولو 17″، يبدو مؤكداً أكثر من أي وقت مضى أننا سننظر إلى “آخر إنسان” جديد يتوجه صوب سطح القمر.
المصدر : اندبندنت
المادة الصحفية : تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع |
|
|
|
|
|
|
|
تعليق |
إرسل الخبر |
إطبع الخبر |
RSS |
انشر في تيليجرام |
انشر في فيسبوك |
انشر في تويتر |
|
|
|
| |