|
|
|
صعدة برس - وكالات - يسابق عمال الإنقاذ الزمن بحثاً عن ناجين تحت الأنقاض في زلزال تركيا وسوريا المدمر، بعد مرور أكثر من 3 أيام، فكم يمكن أن يصمد الأشخاص العالقون تحت ركام الزلازل الأكثر عنفاً منذ عقود؟
كانت حصيلة ضحايا الزلزال القاتل والمدمر الذي ضرب تركيا وسوريا، الإثنين 6 فبراير/شباط، قد ارتفعت إلى أكثر من 16 ألف قتيل، وأكثر من 67 ألف مصاب، إذ أعلنت إدارة الكوارث والطوارئ التركية “آفاد”، الخميس 9 فبراير/شباط، ارتفاع حصيلة وفيات الزلزال إلى 12 ألفاً و391، وذكرت “آفاد” في بيان أن عدد المصابين ارتفع إلى 62 ألفاً و914، بحسب وكالة الأناضول.
وفي الوقت الذي يسابق رجال الإغاثة الزمن في محاولة للعثور على ناجين لا يزالون عالقين تحت الأنقاض، وسط البرد القارس، يصبح السؤال الأكثر تردداً الآن: كم طول المدة التي يمكن للأشخاص الصمود فيها تحت أنقاض زلازل؟
ما المدة التي قد يصمد فيها العالقون تحت أنقاض الزلازل؟
قال عدد من الخبراء لوكالة The Associated Press الأمريكية إنه بإمكان الأشخاص الصمود إلى ما يصل إلى أسبوع أو أكثر، لكن ذلك يعتمد على عدد من المتغيرات والعوامل.
ويقول الخبراء إنَّ معظم عمليات الإنقاذ تحدث في أول 24 ساعة بعد وقوع الكارثة. بعد ذلك، تنخفض فرص النجاة مع مرور كل يوم؛ إذ يكون العديد من الضحايا قد أصيبوا بجروح بالغة أو دُفِنوا بسبب سقوط الحجارة أو غيرها من الحطام.
فالإصابات وكيف يكون الأشخاص عالقين في الحطام، إضافة إلى الظروف الجوية كلها عوامل حاسمة في تحديد الفترة التي يمكن أن يظل فيها الأشخاص العالقون تحت الأنقاض على قيد الحياة.
ويعتبر الوصول إلى الماء والهواء من العوامل الحاسمة، إلى جانب الطقس. فقد أعاقت الظروف الشتوية في سوريا وتركيا جهود الإنقاذ، وانخفضت درجات الحرارة إلى ما دون الصفر.
الدكتور جارون لي، خبير طب الطوارئ والكوارث في مستشفى ماساتشوستس العام بالولايات المتحدة، قال لوكالة الأنباء الأمريكية: “من النادر عادةً العثور على ناجين بعد اليوم الخامس إلى السابع، وستفكر معظم فرق البحث والإنقاذ في التوقف بحلول ذلك الوقت. لكن، هناك العديد من القصص لأشخاص نجوا بعد مرور سبعة أيام. ولسوء الحظ، عادةً ما تكون هذه حالات نادرة وغير عادية”.
من جانبه، قال الدكتور جورج تشيامباس، اختصاصي طب الطوارئ في كلية الطب بجامعة نورث وسترن في جامعة نورث وسترن، إنَّ الأشخاص الذين يعانون من إصابات رضحية، بما في ذلك إصابات السحق وبتر الأطراف، يواجهون فرص البقاء الأخطر.
وأوضح: “إذا لم تسحبهم في غضون ساعة واحدة، في تلك الساعة الحاسمة، تتضاءل فرص بقائهم على قيد الحياة تضاؤلاً كبيراً”. وأضاف تشيامباس أنَّ المصابين بأمراض أخرى، وتعتمد صحتهم على الأدوية، يواجهون أيضاً فرصاً قاتمة.
كان الزلزال، الذي ضرب تركيا وشمال غرب سوريا فجر الإثنين 6 فبراير/شباط، هو الأسوأ الذي تشهده تركيا خلال القرن الجاري، وتلاه زلزال آخر كبير عند الظهيرة بقوة 7.7 درجة. ومع تواصل جهود الإنقاذ لليوم الرابع، تتكشف آثار الدمار الهائل، وسط توقعات متشائمة للغاية بشأن أعداد الضحايا؛ إذ حذرت منظمة الصحة العالمية من أن عدد الضحايا في كارثة الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا قد يرتفع إلى ثمانية أضعاف.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن ما حدث كارثة تاريخية وأسوأ زلزال يضرب تركيا منذ عام 1939، لكنه أضاف أن السلطات تبذل كل ما في وسعها: “قلوبنا وأرواحنا جميعاً مع الجهود المبذولة، لكن الشتاء وبرودة الطقس وحدوث الزلزال خلال الليل صعب الأمور”.
العمر والحالة الجسدية والعقلية كلها عوامل حاسمة
الدكتور كريستوفر كولويل، اختصاصي طب الطوارئ بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، قال لوكالة أسوشيتد برس: “ترى الكثير من السيناريوهات المختلفة حيث شهدنا بعض عمليات الإنقاذ التي تعتبر معجزة حقاً ونجا الناس في ظل ظروف مروعة. ويغلُب على هؤلاء صغر السن، وأنهم محظوظون بما يكفي للعثور إما على جيب في الأنقاض أو طريقة ما للوصول إلى العناصر المطلوبة مثل الهواء والماء”.
ففي أعقاب زلزال وتسونامي اليابان عام 2011، عُثِر على مراهق وجدته البالغة من العمر 80 عاماً على قيد الحياة بعد 9 أيام محاصرين في منزلهم الذي سُوّي بالأرض. وفي العام السابق، أُنقِذَت فتاة هاييتية تبلغ من العمر 16 عاماً من أنقاض الزلزال في بورت أو برنس بعد 15 يوماً.
ويمكن أن تؤثر الحالة العقلية أيضاً في فرص نجاة الشخص. وأشار تشيامباس إلى أنَّ الأشخاص المحاصرين بجوار الجثث، الذين ليس لديهم اتصال بالناجين أو المنقذين الآخرين، قد يفقدون الأمل. لكنه أردف: “إذا كان معك شخص على قيد الحياة، فأنتما تتكئان على بعضكما لمواصلة القتال”.
متى تصل المساعدات للعالقين تحت أنقاض زلزال سوريا وتركيا؟
توضح آراء الخبراء هذه مدى أهمية وحسم عامل الوقت في عمليات الإنقاذ الجارية حاليا على قدم وساق سواء في المناطق المنكوبة في تركيا أو في سوريا. وفي هذا السياق، يبدو أن عمليات الإنقاذ تسير أسرع كثيراً في تركيا عن نظيرتها في سوريا، لأسباب تتعلق بالأوضاع في كلا البلدين.
فالعقبات السياسية تفاقم من صعوبة وصول المساعدات الدولية إلى محتاجيها، في ظل الإغلاقات الحدودية والعزلة السياسية والسعي لحرمان المعارضين من المساعدات؛ إذ إن الزلازل المدمرة التي ضربت تركيا أصابت مساحةً واسعةً من أراضي سوريا، التي تعاني بالفعل من ندوب الحرب الأهلية الممتدة لأكثر من عقد كامل.
وتنقسم السيطرة على أراضي شمال سوريا بين حكومة بشار الأسد في دمشق وبين المعارضة، وألحقت الكارثة ضرراً بالغاً بالطريق المؤدي إلى المعبر الحدودي الوحيد المفتوح، الذي تمر عبره قوافل مساعدات الأمم المتحدة بين تركيا وسوريا.
وتسيطر جماعات المعارضة على الركن الشمالي الغربي من البلاد، على طول الحدود مع تركيا، ويقطنها حوالي 4.6 مليون شخص. وعشرات الآلاف من الأشخاص في تلك المنطقة أصبحوا مشردين مؤخراً. ومخيمات اللاجئين ممتلئة عن آخرها بالفعل جراء النزوح من مناطق الحرب، فهي تضم 2.7 مليون شخص قدموا إلى الشمال الغربي من أجزاء أخرى من البلاد.
ومنذ اللحظة الأولى لوقوع الزلزال المدمر، سارعت أغلب دول العالم بالإعراب عن تضامنها واستعدادها لإرسال المساعدات إلى تركيا وسوريا، وهو أمر معتاد في العلاقات الدولية، يعرف بدبلوماسية الكوارث الطبيعية أو دبلوماسية النكبات، حيث تنحّي الدول خلافاتها وعداواتها جانباً، ولو بشكل مؤقت.
لكن الوضع في سوريا مختلف وأثبت، بعد دخول الكارثة يومها الرابع، أنه أكثر تعقيداً رغم فداحة الكارثة وعمق المعاناة. فمرة أخرى، سمع السوريون دوي سقوط المباني، وشاهدوا الغبار المتصاعد من أكوام الخرسانة الرمادية القاسية وأسياخ الحديد الملتوية التي كانت منازل ومكاتب. ومرة أخرى، يحفر الناس بأياديهم في الأنقاض، على أمل، يتبدد في أحيان كثيرة، إنقاذ أهلهم وأحبابهم، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The New York Times الأمريكية.
وحذّرت جماعات الإغاثة من أن العقوبات القاسية المفروضة على حكومة الأسد، نتيجة الحرب السورية، قد أعاقت الاستثمار وربما تضر بجهود الإغاثة. وصحيحٌ أن المعاملات مع سوريا للأغراض الإنسانية لا تزال مسموحة، لكنها تواجه فحوصات امتثال مطولة من المصارف، التي تخشى انتهاك القيود الأوروبية والأمريكية الصارمة على حكومة الأسد.
وقد ازدحمت الطرقات على الجانب التركي من الحدود بمركبات الإنشاءات والإنقاذ حتى يوم الأربعاء 8 فبراير/شباط. بينما اضطرت المناطق المتضررة في سوريا للاكتفاء بما لديها من معدات ثقيلة محدودة، وعمليات بحث وإنقاذ يُديرها المتطوعون في المقام الأول؛ إذ لم يعُد هناك الكثير من الأطباء في البلاد، عقب الهجرة الجماعية للسوريين من المناطق التي مزّقتها الحرب.
وقلص النظام السوري عدد مسارات عبور المساعدات للحدود في شمال غرب سوريا، بدعمٍ من حق الفيتو الروسي في مجلس الأمن، ليقتصر عبور المساعدات على معبرٍ واحدٍ فقط هو معبر باب الهوى التركي. لكن شريان الحياة الوحيد الممتد إلى معاقل المعارضة السورية تعرض للإغلاق نتيجة الزلزال.
إذ إن الطريق الممتد من غازي عنتاب إلى أنطاكية إلى باب الهوى قد تحوّل إلى حطام، بينما يتعذر الوصول إلى الطرق الأخرى. وقالت الأمم المتحدة إنها لا تمتلك “تصوراً واضحاً” عن توقيت إعادة فتح تلك الطرق؛ مما سيؤدي إلى ترك أكثر من أربعة ملايين شخص يعيشون هناك في أوضاع مزرية.
مهند هادي، منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية، قال الأربعاء، إن المنظمة الدولية تأمل في استئناف شحنات المساعدات الحيوية عبر الحدود من تركيا إلى شمال غرب سوريا يوم الخميس 9 فبراير/شباط، بعد توقفها منذ الزلزال المدمر الذي ضرب البلدين.
المصدر: عربي بوست
الماده الصحفية نقلت حرفيا من المصدر ولا تعبر عن راي الموقع |
|
|
|
|
|
|
|
تعليق |
إرسل الخبر |
إطبع الخبر |
RSS |
انشر في تيليجرام |
انشر في فيسبوك |
انشر في تويتر |
|
|
|
| |