صعدة برس - وكالات - بقلم: جان ديلوناي
ترجمة: أسماء بجاش، الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”
أشارت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أن الحصار الروسي الجزئي المفروض على صادرات الحبوب الأوكرانية، بالإضافة إلى الظواهر الجوية، أثارت العديد من المخاوف بشأن الإمدادات الغذائية العالمية، لكن الأمور قد لا تكون سيئة كما تبدو.
كان لا بد من تغيير الآفاق والتوقعات العالمية لصادرات الحبوب بعد أن واجهت أوكرانيا، وهي مصدر رئيسي، مرة أخرى التهديد العسكري الروسي على شحناتها إلى البحر الأسود.
وقد تفاقم الوضع بسبب الحرارة الشديدة التي قضت على منتجات أكبر المصدرين في العالم في آسيا والهند التي أعلنت حظراً جزئياً على صادراتها من محصول الأرز.
أثارت هذه العاصفة الكاملة من انخفاض إمدادات الحبوب وموجات الحر مخاوف من أن الأمن الغذائي العالمي قد يكون في حالة من المخاوف، لكن هل هذه المخاوف لها ما يبررها؟
لماذا كان غزو روسيا لأوكرانيا خطيراً جداً على الإمدادات الغذائية؟
منذ انسحاب موسكو من مبادرة حبوب البحر الأسود في يوليو من هذا العام، لم يعد هناك أي ضمان للمرور الآمن لعشرات الملايين من الأطنان من المنتجات الزراعية من أوكرانيا.
أغلقت روسيا موانئ البحر الأسود وبالتالي تتعرض السفن التي تحمل الحبوب للتهديد بصورة مستمرة من قبل الهجمات التي تشنها القوات الروسية.
تجري تركيا والأمم المتحدة في الوقت الراهن محادثات مع موسكو لاستعادة الاتفاق، الذي سوف يسمح لسفن الحبوب الأوكرانية بالمرور دون عوائق.
ومع ذلك، وضع الرئيس فلاديمير بوتين حداً لهذا التطور بعد محادثات مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان يوم الاثنين، مطالباً الغرب أولاً بتسهيل الصادرات الزراعية الروسية.
تعد روسيا وأوكرانيا من أكبر المنتجين الزراعيين في العالم والموردين الرئيسيين للحبوب مثل القمح والذرة والبذور الزيتية مثل بذور اللفت و بذور عباد الشمس، والتي تعتمد عليها العديد من البلدان الأفريقية النامية.
يعتمد اليمن الذي يعيش في حالة حرب منذ أواخر مارس من العام 2015، على ما يقرب من ثلث الواردات من القمح من أوكرانيا.
وبحسب التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة، عندما كانت مبادرة حبوب البحر الأسود سارية، تلقت البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل مجتمعة 57٪ من إجمالي صادرات الحبوب التي تغادر هذه الموانئ.
حصل برنامج الأغذية العالمي، الذي يقدم مساعدات غذائية في جميع أنحاء العالم، على نصف إمدادات القمح من الصادرات الأوكرانية العام الماضي وأكثر من ثلاثة أرباعها هذا العام، والتي تم إرسالها إلى دول ذات أمن غذائي منخفض مثل الصومال والسودان واليمن، كما تستورد دول أفريقية أخرى الكثير من حبوبها عبر منطقة البحر الأسود.
يقدر بنك التنمية الأفريقي (BAD) أن 15 من 54 دولة أفريقية تشتري أكثر من نصف قمحها من أوكرانيا أو روسيا.
وتواجه العديد من هذه البلدان تضخماً مرتفعاً وصعوبات جمة في إطعام سكانها، وزاد من تفاقم المشكلة ارتفاع قيمة الدولار، وهو رد فعل على الجغرافيا السياسية المتوترة وغير المؤكدة.
قالت ماريون يانسن، مديرة التجارة والزراعة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية: «عانت بعض هذه الدول من صدمة ثلاثية».
في الأصل، ارتفعت أسعار الحبوب بالدولار وعلاوة على ذلك، أصبح الدولار أكثر تكلفة، كما كانت هذه البلدان تعاني من صدمات في سلسلة التوريد اللوجستي.
الحرارة الشديدة تضر بالمحاصيل في آسيا
الحرب لا تهدد الأمن الغذائي العالمي فحسب، بل تهدد أيضا الحالة الجوية، حيث تواجه إمدادات الأرز والقمح الآن نقصاً مقلقاً.
وقد عانى إنتاج الحبوب في الصين كثيرا من الحرارة الشديدة، ويرجع ذلك أساسا إلى اشتداد ظاهرة النينيو*2.
كان لتغير الظاهرة المناخية التي تؤدي إلى تغيرات في درجات الحرارة وهطول الأمطار، تأثير على إنتاج الحبوب في جميع أنحاء القارة الآسيوية.
وتهدد توقعات انخفاض هطول الأمطار في سبتمبر بتعطيل الإمدادات وأوضحت يانسن: «ما زلنا ننتظر نشر الأرقام الرسمية (إنتاج الحبوب في الصين)، لكن هذه أشياء يمكن أن يكون لها تأثير على الأسواق العالمية».
في غضون ذلك، أعلنت الهند، التي تنتج 40٪ من صادرات الأرز العالمية، فرض حظر على تصدير الأرز الأبيض غير البسمتي والحد من ارتفاع الأسعار المحلية، مما أدى إلى خفض صادرات الأرز الهندي إلى النصف.
ما هو مهم للغاية في مثل هذه المواقف هو أن تظل البلدان هادئة ولا تساهم في توتر السوق.
كما كان لقلة الأمطار أيضاً تأثير سلبي على إنتاج القمح الأسترالي، حيث قال أولي هوي مدير الخدمات الاستشارية في شركة “ايكون- IKON” للسلع الزراعية لرويترز «إنتاج القمح سوف يكون أقل بثلاثة ملايين طن من تقديراتنا الأولية البالغة 33 مليون طن، إذا استمر الجفاف في سبتمبر، فإننا نتوقع حصاداً أضعف».
كم عدد المنتجات المهددة في سوق المواد الغذائية؟
مع توقف صادرات الحبوب في أوكرانيا وارتفاع درجة الحرارة التي تعيث فساداً في الإنتاج الزراعي في آسيا، قد تتساءل عن حجم العجز.
في يوليو، توقعت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة إنتاجاً قياسياً بلغ 2819 مليون طن في العام 2023، بزيادة 1.1٪ عن العام السابق.
ومنذ ذلك الحين، تشير أحدث البيانات من توقعات المجلس الدولي للحبوب لشهر أغسطس إلى انخفاض الإنتاج، ولكن أيضاً إنتاج عالمي قوي، مع ما يقل قليلاً عن 2230 مليون طن من المنتجات في جميع أنحاء العالم.
كما يشير التقرير أيضاً إلى المخاطر المتزايدة والمرتبطة بعدم اليقين بشأن الإمدادات العالمية.
ولا يستبعد المجلس حدوث زيادة في أسعار الحبوب والبذور الزيتية بسبب الوضع الحاصل في أوكرانيا.
كان صندوق النقد الدولي قد قدر في السابق زيادة تتراوح بين 10إلى15٪ في أسعار الحبوب إذا لم تتم إعادة مبادرة حبوب البحر الأسود.
أسعار المنتجات الزراعية:
ومع ذلك، وبحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، من غير المرجح أن تتسبب الأحداث الأخيرة في اضطراب زلزالي في صناعة الأغذية العالمية.
«نشهد الآن تعديلاً تنازلياً طفيفاً بسبب الظروف الجوية في أماكن مثل كندا وأوروبا والصين أيضاً، وحتى الآن، لا نشعر أننا نتوقع صدمات كبيرة من حيث المزيد من الزيادات الكبيرة في الأسعار، لقد تكيف الإنتاج، وتكيفت سلاسل التوريد، وسوف يستمر ذلك في الحدوث، المهم جداً في مثل هذه المواقف هو أن تظل الدول هادئة ولا تساهم في توتر السوق، على سبيل المثال من خلال فرض قيود تصدير جديدة، لأن هذا قد يرفع الأسعار مرة أخرى».
لا تزال إعادة الصادرات الأوكرانية إلى إمكاناتها الكاملة أمراً بالغ الأهمية، خاصة وأن البلد تتوقع عائداً أفضل من المتوقع من الحبوب، كما تفعل كازاخستان.
لكن مع الجمود في المفاوضات بين موسكو والغرب، لا يزال مستقبل صفقة الحبوب غير مؤكد.
ومع ذلك، يمكن دعم الإنتاج الإجمالي بإنتاج القمح الشتوي في الأمريكيتين، ومن المرجح أن تشهد الولايات المتحدة الأمريكية هطول أمطار أعلى من المتوسط في الولايات الجنوبية من نوفمبر إلى فبراير: نتيجة ثانوية إيجابية لظاهرة النينيو.
ومن المتوقع أيضاً أن يكون مناخ أمريكا الجنوبية مناسباً لمحاصيل مثل فول الصويا والذرة، والتي سوف يتم حصادها في أوائل العام 2024.
– موقع” المرصد الأوروبي observatoire de le urope
– المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر و بالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع |