صعدة برس - رابعة العدوية من الشخصيات التي تختلط بشأنها الحقيقة والأسطورة ، ولكن الكل يجمع علي كونها من المتصوفات والمتصوفين العظام فتجلياتها في دروب المحبة الصافية جعلت منها رائدة لمذهب نادر المثال فمن المتفق عليه ان رابعة أثرت في الفكر الإسلامي الصوفي وتعتبر عند الدارسين احدى ركائز مذهب "العشق الإلهي" ان لم تكن المؤسسة الحقيقية لذلك المذهب الراقي في الحب فهي من أبرز من أسسوا فكرة الحب الإلهي على عدة درجات الذي وقد بنت مذهبها علي الشوق والوجد والأنس في العلاقة بين الإنسان وربه ، و كانت رابعة تنظم الشعر، ولها فيه أحوال شتي فمرة يغلب عليها الحب، ومرة يغلب عليها الأنس، ومرة يغلب علها الخوف، في ما يلي مختارات من قصائد هذه العاشقة المميزة
احبك حبين: حب الهوى
وحبّا لأنك أهل لذاكا
فأما الذي هو حبّ الهوى
فذكرُ شُغلت به عن سواكا
وأما الذي أنت أهلُ له
فكشفُك الحُجب حتى أراكا
فما الحمدُ في ذا ولا ذاك لي
ولكن لك الحمد في ذا وذاكا
يا سروري ومنيتي وعمادي
وأنيسي وعُدتي ومرادي
أنت روح الفؤاد أنت رجائي
أنت لي مؤنس وشوق كزادي
أنت لولاك يا حياتي وأُنسي
ما تشتتُ في فسيح البلاد
كم بدت مِنة وكم لك عندي
من عطاءٍ ونعمةٍ وأيادي
حُبك الآن بُغيتي ونعيمي
وجلاءُ لعين قلبي الصادي
ليس لي عندك ما حييت براحٍ
أنت منى مُمَكنُ في السواد
إن تكن راضياً عليّ فإني
يا مُنى القلب قد بدا إسعادي
راحتي يا إخوتي في خلوتي
وحبيبي دائما في حَضرتي
لم أجد لي عن هواه عِوضا
وهواه في البرايا مِحنتي
حيثما كنت أشاهِد حُسنه
فهو محرابي إليه قبلتي
إن أمت وجداً وما ثم رضا
واعَنَائي في الورى وشقوَتي
يا طبيب القلب يا كل المنى
جُد بوصلٍ منك يَشفى مُهجتي
يا سروري وحياتي دائما
نشأتي منك وأيضا نشوتي
قد هجرتُ الخلق جمعا أرتجي
منك وصلا فهو أقصى مُنيتي
وارحمتاً للعاشقين ! قلوبهم
في تيه ميدان المحبة هائمه
قامت قيامة عشقهم فنفوسهم
أبداً على قدم التذلل قائمه
إما إلى جنات وصل دائما
أو نار صدٍ للقلوب ملازمه
وزادي قليل ما أراه مُبلّغي
أللزاد أبكي أم لطول مسافتي
أتحرقُني بالنار يا غاية المنى
فأين رجائي فيك أين مخافتي
إني جعلتك في الفؤاد محدثي
وأبحتُ جسمي من أراد جلوسي
فالجسم من للجليس مؤانس
وحبيب قلبي في الفؤاد أنيسي
كأسي وخمري والنديم ثلاثة
وأنا المشوقة في المحبة: رابعه
كأس المسرة والنعيم يديرها
ساقي المدام على المدى متتابعه
فإذا نظرت فلا أُرى إلا له
وإذا حضرت فلا أُرى إلا معه
وتخللت مسلك الروح مني
وبه سمى الخليل خليلا
فإذا ما نطقتُ كنت حديثي
وإذا ما سكتُ كنت الغليلا
حبيبُ ليس يعدله حبيب
ولا لسواه في قلبي نصيب
حبيبُ غاب عن بصري وشخصي
ولكن في فؤادي ما يغيب
الجمعة 19 يونيو 2009
رابعة العدوية |