صعدة برس - بليغ الحطابي
أيام فقط وتمر علينا الذكرى الأولى لاستشهاد رائد التنمية الاقتصادية في اليمن.. وأول مبرمج ومخطط للتنمية.. الذي جاهد مخلصاً من أجل اختصار الطريق الوعر أمام اليمن والوصول إلى مجتمع الحرية الاقتصادية.. فقد كان رحيل هذا الفارس الذي تقدم صفوف المسئولية الوطنية ومواجهة التحديات العظيمة والتصدي للمهام الكبيرة في ميادين بناء الوطن وتحقيق أهداف صورته المباركة (سبتمبر وأكتوبر)، كان رحيلة فاجعة كبيرة على الوطن وكل فرد ومواطن في هذه البقعة لبشاعة الجرم والاعتداء الإرهابي الغادر الذي استهدفه وعدد من قيادة الدولة وعلى رأسهم الزعيم الفذ علي عبدالله صالح رئيس المؤتمر الشعبي العام.. أنه شهيد الوطن الكبير الأستاذ عبدالعزيز عبدالغني رئيس مجلس الشورى السابق والذي وافته المنية متأثراً بجروحه في 22 رمضان الماضي..
يقول زملاؤه وعدد من رفاق دربه الشورويون أن اليمن فقد واحداً من أهم رجالاته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية
قامة ساطعة..
ويؤكد عدد من السياسيين والمفكرين والأدباء أن عبدالعزيز كان قامة وطنية شامخة لا يمكن للأجيال اليمنية في الحاضر والمستقبل إلا أن تتذكر بامتنان أدواره التاريخية والوطنية الجليلة والمشرفة في حركة البناء والنهوض التنموي والحضاري في يمن الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية.. فلم يكن رجلاً عادياً وإنما أحد مفكري الدولة اليمنية الحديثة وأحد أعمدتها الأساسيين سياسياً واقتصادياً.
فطيلة تواجده في المواقع القيادية العليا للدولة التي تبوأها في تاريخ اليمن لم يستند شهيد الوطن يوماً على رافعة قبلية أو حزبية على علمه وقدراته وكفاءته التي ميزته كرجل مناسب في أماكن تتناسب مع قدراته.. ففي عام 1975 كان أول شخصية تكنوقراط يرأس حكومة في عهد الرئيس الراحل إبراهيم الحمدي.
رجل التنوير..
سفر خالد وحديث يحنه الشوق إلى سيرته العظيمة.. هكذا رأى بعض زملائه الشورويون ويقولون أن الحديث عن شهيد الوطن الاستاذ عبدالعزيز عبدالغني ذو شجون.. فهو رجل التنوير الاقتصادي والإداري.. فهو الاقتصادي والإداري المحنك، والسياسي المخضرم غير المتحيز.. ويزيد السماوي: فقد عرفت اليمن بفضله أولى الخطط التنموية وتأسست العديد من الوزارات والمؤسسات الاقتصادية والمالية والإدارية في عهده والتي قدم للوطن من خلالها زبدة أفكاره وعصارة عطائه.. فبقدر ما كان رجل اقتصاد بقدر ما كان رجل إدارة وحنكة قيادية ومسئولية فذة فأنفرد بذلك عما سواه..
مسئول اليمن..
أكثر من (44) عاماً مكنت شهيدنا عبدالغني – رحمه الله- من الإلمام بظروف اليمن أرضاً وإنساناً فكان الانضباط الوظيفي سمته.. وحريصاً على تطبيق الأنظمة والقوانين على الجميع دون محاباة القريب أو الصديق.. فكان – حسب المنصفون- مسءولاً عاماً بأسم اليمن وعلى كل اليمنيين، ولذلك كان يتحمل الانتقادات من أبناء محافظته ومن غيرها لعدم قيامه بأعمال استثنائية لمحافظته، أو لعدم مساعدته استثنائياً لبعض أقاربه وزملائه.. فكان رجلاً استثنائياً ومن الشخصيات الفذة والتميزة التي جادت به الأرض اليمنية الطاهرة،.. رجل الواقعية الناضجة في قمة مناقبة الأخلاقية الصدق والإخلاص والوفاء والالتزام بواجباته والولاء والمسئولية في كل الظروف والأحوال.
خصال العظماء..
ليس من السهل أن يت...... واسهامات قائد وإنسان ورائد كعبد العزيز عبدالغني .. إنه من الصعب أيضاً أن يوفي هذا الرجل حقه و........... سلوكه ودقة أعماله وشفافية علاقته برؤسائه ومرؤوسيه.. كان صاحب رسالة وطنية ترتكز على المحبة والخير والسلام والرقي والتقدم .. كان من الرجال النادرين الذين تقدموا الصفوف ليحولوا الكلمة إلى مواقف مسئولة وانجازات كبيرة تلامس حياة المواطن.. لذلك نجده كان صاحب الموقف الملتزم وغير المتذبذب المرافق بشجاعة وإقدام ورجوله وحكمة إلى جانب حكمة قائد مسيرة النهضة الزعيم علي عبدالله صالح ومتفاعلاً مع كل الشرفاء داخل الساحة اليمنية.
عنوان النخوة.. والتجربة..
لقد ترجم عبدالغني كل القيم النبيلة الوطنية والأخلاقية وقيم المسئولية الحقة كمعلم ومسئول ووزير ورئيس للحكومة ورئيساً لمجلس الشورى ويؤكد كان معلماً ونبراساً وصاحب مدرسة .... بالفكر الإقتصادي وأداء المسولية العامة.
إطمئنان عبدالغني..
استطاع أن يقدم تجربة فريدة ومتميزة في قيادته التنفيذية، وقدم نموذجاً لمعنى الولاء الوطني ومبدأ الحرية وحقوق الإنسان والشرعية الدستورية في مختلف مسئولياته الوطنية.. كانت له بصمات واضحة ستظل محفورة ومحفوظة له.. فهناك حقيقة لا خلاف عليها هي أنه رجل الاقتصاد والإدارة من الدرجة الأولى.. وكان بمجرد وجود عبدالعزيز عبدالغني رأس حكومة من الحكومات، كان يبعث لدى الجميع الطمأنينة والاستقرار النفسي داخلياً وخارجياً أيضاً.
فطرة الشهيد..
من الأقوال المنصفة لشهيدنا وفقيدنا عبدالعزيز عبدالغني والتي يتذكرها البعض في الذكرى الأولى لاستشهاده إنه عاش على فطرته الأصلية وقمة بهاء العلم الوافي والمثمر وأكسب المسئولية التي تحمل كامل طاقتها وفعاليتها وهيبتها وظلت قدماه الواثقتين تسير في الطريق المستقيم لترجمة توجيهات القيادة العليا والأهداف المرسومة في الخطط والبرامج والأدبيات السياسية وبرامج العمل الذي كان لا ينفك عن مراجعتها على الدوام .. وكذا المواقف تجاهها.
ويرى الأستاذ عبدالحميد الحدي أنه أمتطى جواد السباق في مضمار التضحية، وكان الجود بالنفس أغلى غاياته.. فقد خدم اليمن بصمت معظم عمره وكان من الشخصيات التي أثرت في تاريخ اليمن المعاصر خلال 44 عاماً سواء في الأحداث السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، وها هو اليوم شهيداً لم يخلف سوى الذكريات الطيبة فرحمه الله.
الحياة الثانية..
يقول عنه المنصفون.. عبدالغني ذلك الإنسان يبقى حياً خالداً ونفساً طاهراً متجدداً في ذاكرة التاريخ وعلى صفحات الأيام بما قدم في حياته من خدمات عامة.. وما خلف من أعمال جليلة ومآثر كبيرة ونجاحات عظيمة لعامة الناس.. ثم ما كان عليه في حياته من صفاتحميدة وأخلاق عالية وسلوك قويم، وتلك الأعمال والصفات بمثابة عمر ثانٍ لمن يتحل بها.
|