صعدة برس-وكالات - أثارت قضية تعيين الأمير بندر بن سلطان رئيساً لجهاز الاستخبارات العامة في المملكة العربية السعودية، خلفاً للأمير مقرن بن عبد العزيز، موجة من التساؤلات في الساحة السياسية والاعلامية، خاصة في ظل الظروف الدقيقة التي تعيشها المنطقة، فضلاً عن ارتباطه الوثيق بالادارة الأميركية، وهو الذي أطلق عليه في فترة سابقة بـ"بندر بوش" نظراً لارتباطه الوثيق بالرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش.
وفي هذا السياق، علّق تقريراً دبلوماسياً على عملية الاستبدال "الاستخبارية" التي أفضت الى وصول بندر الى رأس هذا الجهاز، مبيناً ان تعيينه جاء في سياق ترتيبات داخلية سعودية يرتبط بعضها بملفات اقليمية وبعضها الآخر بأوضاع سعودية داخلية، حيث هناك صراعا غير خفي حاد على السلطة بين "صقور" ما تبقى من الصف الاول وبين "صقور" الجيلين الثاني والثالث من أحفاد عبد العزيز، وقد برز ذلك بشكل حاد في اعقاب وفاة ولي العهد سلطان بن عبد العزيز وتعيين الامير نايف خلفا له في ولاية العهد، ومن ثم الأمير سلمان بن عبد العزيز خلفا للأخير بعد وفاته في حزيران المنصرم".
وأضاف التقرير ان" الادارة السياسية السعودية تشهد تجاذبات قوية ويجري الحديث عن تململ كبير بين الامراء من جهة وكبار الموظفين والعسكريين من جهة ثانية، في ظل شعور متعاظم لدى الفئة الثانية من وجود فوارق كبيرة بين مداخيلها وبين انفاق الامراء وابنائهم"، فيما تشهد المناطق الشعبية المهمشة في الرياض وجدة حراكا شعبيا متناميا ضد السياسات الحكومية التي تميز بين الأحياء والمدن والمناطق.
وقد تناول التقرير التخوف من التحركات الطلابية التي تشهدها الجامعات السعودية وخاصة في الرياض وجدة والتي تحمل شعار "تكريس الحريات العامة لا سيما حرية التعبير والعمل السياسي، فضلاً عن تصاعد الحركة المطالبة بالحد الأدنى من حقوق المرأة"، فضلاً عن الحديث عن اعتقال السلطات السعودية اكثر من ستة آلاف مواطن في الرياض وجدة تحديدا، اثر احتجاجات متتالية بلغت ذروتها مع التظاهرة التي قام بها ذوو واصدقاء الاستاذة الجامعية والناشطة السياسية الدكتورة وفاء اليحيى المعتقلة منذ ثماني سنوات في جدة".
وبحسب التقرير الديبلوماسي نفسه، فان السلطات السعودية "تحاول التعتيم على كل هذه الوقائع من خلال توجيه الانظار الى المناطق الشرقية حيث الاغلبية من لون مذهبي معين وحصر المشكلة في السعودية وكأنها انتفاضة يقوم بها ابناء المنطقة الشرقية حصرا بإيعاز من ايران ضد الحكم السعودي، وكل ذلك يندرج في اطار التغطية على ما يجري في المدن السعودية لا سيما الرياض وجدة التي تعتبر ثاني مدينة في المملكة، اضافة الى الحراك الذي يجري في الارياف البعيدة والنائية على امتداد المناطق السعودية والتي تفتقر الى ابسط مقومات البنى التحتية من طرقات وكهرباء".
وأوضح التقرير ان" السعودية إضافة الى مشاكلها الداخلية شديدة القلق من الاحداث المستمرة في البحرين لجهة الحراك الشعبي المتصاعد، والذي لا يقتصر على أبناء الطائفة الشيعية كما دأبت وسائل الاعلام على تصوير ذلك، انما هناك شريحة واسعة من ابناء الطائفة السنية الذين يرفضون فساد سلطة الملك في البحرين والتمييز الطائفي، ويشاركون بفاعلية في الحراك، وهذا الأمر مقلق جدا للسعودية، خاصة وأنه بدأ يلقى صداه داخل البلاط الملكي بدليل المواقف المتصاعدة لولي العهد والتي تحذر من انزلاق البحرين الى حرب أهلية، فيما تكاد تنجح المعارضة في ايصال الملف البحريني الى مجلس الأمن الدولي للمرة الأولى منذ اندلاع الأحداث".
وخلص التقرير الى ان بعض التغييرات في أجهزة داخلية "هدفها إعادة ترتيب الاوضاع الداخلية في المملكة أما المطلوب من بندر بالدرجة الأولى، فهو اعادة الاعتبار لدور جهاز الاستخبارات الخارجية خارج الأراضي السعودية، في ظل تزاحم الملفات الاقليمية وفي طليعتها مواجهة الملف النووي الايراني والنفوذ الايراني في لبنان والبحرين والعراق وفلسطين".
على الصعيد اللبناني، لفت التقرير الديبلوماسي الى أن أي دخول للأمير بندر على خط الملف اللبناني لا يقود بالضرورة الى رؤية الجانب المتشدد، ذلك أن الرجل خبير بالمؤامرات والدسائس والصفقات والتسويات في آن معاً، ولا يقارب الملفات بلغة ثأرية أو انفعالية، وأحيانا يعمل الشيء وضده، ولذلك، يصعب الافتراض مسبقا بنتائج امساكه بالملف اللبناني، علما أنه لم يكن بعيدا عنه في أي يوم من الأيام.. والأيام الآتية ستبين ذلك".
|