صعدة برس-وكالات - أكد مسؤولون يمنيون، أن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية مقتل ما لا يقل عن عشرة من المدنيين من بينهم نساء وأطفال، الذين سقطوا خلال الغارة الجوية التي قامت بها طائرة أميركية بدون طيار، الأحد الماضي، واستهدفت سيارة في مدينة ردع، رغم زعم الحكومة اليمنية في البداية، أنَّ قواتها الجوية هي من قامت بشن الغارة .
وذكرت صحيفة "غارديان" البريطانية، أنَّ هذه أسوأ خسائر في صفوف المدنيين باليمن منذ آيار/مايو 2012، وتتساءلت: هل المسؤولية في ذلك تقع على الولايات المتحدة أم على اليمن؟.
وقال مسؤولون في اليمن وكذلك شهود العيان، إنَّ "المسؤولية تقع على الولايات المتحدة، فهي التي قامت بالهجوم بطائرة بدون طيار وهذا في حد ذاته دليل كافي، رغم زعم واشنطن في أعقاب تلك الغارة بأنها أودت بحياة بعض عناصر (القاعدة) فقط"، في حين ذكرت سجلات مكتب الصحافة الاستقصائية أنَّ الولايات المتحدة قامت منذ آيار/مايو 2011 بشن 116 غارة جوية حتى اليوم، باستخدام طائرات بدون طيار، وذلك في إطار حربها الخفية التي تستهدف القضاء على المليشيات الإسلامية، غير أنَّ المسؤولين الأميركيين لم ينسبوا سوى 39 غارة من تلك الغارات إلى الولايات المتحدة، أما بقية الهجمات والمنسوبة لطائرات أميركية بدون طيار فإنَّ أمرها لايزال مبهمًا، خاصة وأنَّ بعض التقارير الصحافية تنسبها إلى سفن أميركية وطائرات حربية تقليدية.
وأضافت الصحيفة البريطانية، أنَّ "كل من الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) والبنتاغون، يخوضان في الوقت الراهن حروبًا قذرة في اليمن، كما أنَّ كل منهما لديه ترسانة مستقلة من الأسلحة، وكلاهما لديه قائمته الخاصة بالعناصر المستهدفه، والغريب والعجيب في هذا الأمر أنَّ هناك قدر من الإهمال في تحديد المسؤول عن مقتل المئات من جراء هذه الهجمات وتلك الحروب، وفي ظل حالة الغضب الناجمة عن مقتل المدنيين في ردع، فقد تطوعت الحكومة اليمنية بتحمل قدر من اللوم في ذلك، بعد أن زعمت أنَّ قواتها الجوية هي من قامت بشن الغارة على السيارات السائرة على الطريق، بعد أنَّ تلقت معلومات استخباراتية خاطئة، ولكن الحقيقة هي أنَّ قدرات القوات الجوية اليمينة لا ترتقي إلى مثل هذا العمل"، لافتة إلى أن "الواقع يؤكد أنَّ الأنظمة الدكتاتورية كانت قادرة على التكتم على هجمات الولايات المتحدة السرية، على نحو أفضل من الأنظمة الديمقراطية التي جاءت بعدها".
وأشارت "غارديان" إلى أن وزارة الدفاع اليمنية، زعمت قبل ذلك بيومين وعلى نحو مشابه، أنَّها المسؤولة عن إحدى الغارات، ولكن عندما تبين أنَّ الغارة أسفرت عن مقتل أحد عناصر "القاعدة" وهو خالد مسلم، خرجت على الفور مصادر رسمية لتعترف بأنَّ الهجوم تم عن طريق طائرة أميركية بدون طيار، مضيفة أنَّ "تاريخ المسؤولين اليمنيين حافل بالتصريحات الكاذبة، وذلك بهدف التكتم على الحرب الخفية والسرية التي يشنها الرئيس الأميركي باراك أوباما ضد الإرهاب".
وكانت الوثائق التي قام بتسريبها موقع "ويكيليكس"، قد كشفت عن أنَّ الولايات المتحدة واليمن يسعيان إلى حجب الحقائق والتكتم على الدور الذي لعبته الولايات المتحدة في هجوم عام 2009 على قرية، أسفر من مقتل ما لا يقل عن 41 من المدنيين، حيث نسبت تلك الوثائق إلى الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح قوله إلى الجنرال الأميركي بيترايوس قائد المنطقة العسكرية الوسطى، "سنستمر في القول بأنَّ القنابل قنابلنا وأنَّها ليست قنابلكم".
وقد تكرر الموقف نفسه من قبل على لسان الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف، والإدعاء بأنَّ الجيش الباكستاني هو من قام بشن الغارات. وقد نسبت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية إلى أحد كبار مساعدي مشرف قوله، "لقد كنا نعتقد بأنَّ الأمر سيكون أقل ضررًا لو أنَّنا نسبنا الهجوم إلينا وليس إلى الولايات المتحدة، ولكن بعد أن ارتفع معدل الوفيات في صفوف المدنيين إلى حد لا يمكن تحمُله عام 2006، قام مشرف بإنهاء تلك التمثيلية".
وفي أعقاب هجوم الأحد الماضي، هدد أهالي الضحايا اليمنيين بوضع جثثهم أمام رئيس البلاد الجديد عبدربه منصور هادي، حيث قال الناشط اليمني نصر عبد الله، في مقابلة أجرتها معه شبكة "سي إن إن"، "لا تندهش إذا رأيت 100 من رجال القبائل في اليمن ينضمون إلى صفوف تنظيم (القاعدة)، نتيجة لتلك الكارثة التي ارتكبتها الطائرة الأميركية بدون طيار، فبعض اليمنيين لا يتهاون في الانتقام ومسألة الثأر".
وحذرت "الغارديان" من أنَّ مخاطر الوفيات في صفوف المدنيين تُضّيِّع هباءً كل ما تحاول الولايات المتحدة تحقيقه وإنجازه في اليمن، وما من شك في أنَّ الأمور ستزداد سوءً في ظل عدم تحديد المسؤولية في تلك الهجمات ومحاسبة المسؤول عنها محاسبة جادة.
م/العرب اليوم |