صعدة برس - قال المفكر العربي محمد حسنين هيكل أن مجريات الأحداث في اليمن، وما أفرزته من تداعيات تنذر بالخطورة.
ولفت هيكل في معرض حديث له إلى أن النظر لما هو حاصل ببعض الدول العربية التي قامت فيها ثورات ضد حكامها، وأكد أنه بالأمس تابع ما هو حاصل في اليمن البلد الذي كان دعامة لمواجهة اسرائيل وكان البعد الاستراتيجي لجمال عبد الناصر في إحكام القبضة على مضيق باب المندب في حالة تمت المواجهة بين العرب وإسرائيل.
مشيرا إلى أن الإخوان في اليمن يخطوا بنفس خطوات المجلس العسكري المصري، فما يحدث باليمن هو ولادة جديدة يشرف عليها الرئيس هادي المدعوم من أمريكا والغرب.
معتبرا أن الرئيس هادي ينقلب على حليفه الرئيس المخلوع وينفذ نفس السيناريو وإن كان بطريقة أكثر تعقيدا،ً فهو تارةً يدعم القبيلة ونفوذها في مواجهة القبيلة الأخرى.
مضيفا أن قبائل الشمال أصبحت اليوم أشد ضراوة وتجهيزاً للانقضاض على بعضها البعض.
ورأى هيكل أن الحوثيون في أقصى الشمال تم تطويقهم بقبائل تنتمي لحزب الاخوان، بعد أن سيطر هذا الحزب على أغلب مقاليد الحكم وبالتالي حصر مكون الحوثي المدعوم من إيران، بطوق سياسي مدعوم من قوات جنرال الحزب "علي محسن" ونفوذه وولاء القبائل في تلك المحافظات له.
معتبرا أن هذه النقطة جاءت بعد موافقة السعودية والرئيس هادي على السيناريو الامريكي.
كمت أعتبر أن الحراك الداعي للانفصال في الجنوب كان مهمة غير سهلة للرئيس اليمني فهناك أبين وعدن والبيضاء، التي تم تطويقهما من خلال تمكين حزب الاخوان من هذه المحافظات، لتنتقل المعركة الآن في عدن عقر الحراك منحصرة بين الاخوان والحراك في ظل غياب قوات الامن عن المشهد .
وأشار هيكل إلى أن سلطان العتواني الذي وصفه بصديقه، كان همس في أذنه في أخر نقاش أن الاحزاب التي تسمى أحزاب اللقاء المشترك لم يعد منها الا الاسم وقد أصبح حوار وتقاسم الرئيس هادي منصباً في إرضاء حزب الإصلاح ومكوناته الموجودة في الجيش، متجاهلا بشكل تام بقية مكونات المشترك.
وأضاف: أن الغريب أن العتواني أخبره أن الأمين العام للحزب الاشتراكي الدكتور ياسين سعيد نعمان تعرض لمحاولة اغتيال لا بعاده عن المشهد السياسي، كونه رقم صعب لا يمكن تجاوزه بأي حال من الأحوال، خصوصاً مع قرب الانتخابات القادمة.
ويقول هيكل: كما علمت أن هذا الشخص يمثل شعبية عارمة لدى غالبية اليمنيين حتى في أوساط انصار الرئيس المخلوع وحزبه، وغادر اليمن مع أسرته بعد محاولة الاغتيال مباشرة.
وأعتبر أن حالة العداء التي تتفاقم حالياً بين الرئيس اليمني هادي وحزبه المتمثل بحزب الرئيس المخلوع صالح وسعيه الى عدم الاستجابة لتوصيات الحزب كونه النائب الاول وفي نفس الوقت صار يتجاهل بشكل تام مكونات المشترك ، مع غياب التكتلات الثورية التي ظهرت.
مشيرا إلى هذا يعيد الى الاذهان سيناريو المجلس العسكري المصري وحكم مصر للإخوان، وهناك سيناريو الرئيس هادي وتسليم حكم اليمن للإخوان.
وأكد هيكل أن تسليم المجلس العسكري حكم مصر للاخوان المسلمين، تم وفق أجندة أمريكية وتخطيط إستخباراتي، تم إدارته من خلف ستار السفارة الامريكية.
وأضاف هيكل: أن البعض صفق لقادة المجلس العسكري قبل وصول الاخوان للحكم، وفي بدايات حكم الرئيس مرسي، معتبرا أنه تخطيط أحكم بذكاء ودهاء.
وقال هيكل: إن المتتبع للكيفية والطريقة التي حاول المجلس العسكري إدارة شئون البلاد فيها، جعلت الكثير يقع في فخ اليوم.
وأضاف: وهاهم اليوم المصريين يحكمهم فرعون جديد، يمتلك كل السلطات الرئاسية والتنفيذية والتشريعية، التي اكتملت بالسلطة العسكرية نفوذاً وسلطة لم يمتلكها حاكماً حكم مصر منذ 7000 الف سنة .
مشيرا إلى أن التقارب الامريكي مع جماعة الاخوان المسلمين يعيش اليوم أقوى أوجه.
وأعتبر أن الامريكان يتعاملون مع جماعة منظمة تسيطر على قواعدها التي لا ننكر شدة تنظيمها بكل احترافية.
وقال هيكل: كان يظن الكثير أن الجماعة مقصوراً دورها في الجمعيات ودور العبادة، وأن قواعدها تتحرك بتحريك المشاعر والعواطف الدينية، التي هي مكمن ضعف الشعوب، إلا أن دخول قيادات جديدة كانت تندمج مع ثقافة الغرب غيرت مفاهيم كانت الى الامس القريب خطوط حمراء، يمنع الاقتراب منها جعلها تنخرط بالسياسة الدولية وتصل الى مكامن صنع القرار الغربي.
وأشار إلى أن هذا التواصل هو ما يفسر التسليم والانسحاب لقادة المجلس العسكري وألويته التي صنعت انتصارات أكتوبر، وتم إزاحة كل من شاركوا في الحروب المصرية وتسليم حكم مصر لجماعة الاخوان.
وأكد أنه يجب على الشعب المصري أن يتذكر مشهد التحرير ويتسأل: أين ذهبت التكتلات الثورية التي شاركت بالثورة المصرية في يناير 2011 ؟ وأين ذهبت الاحزاب التي حاولت الظهور من خلال مشاركتها في صنع القرار الثوري ؟
وأعتبر المفكر هيكل أن تكتلات وكيانات ثورية كانت من صنع جماعات ومنظمات لها ارتباطات غربية بامتياز، تلاشت ببساطة تاركة جماعة الاخوان تسيطر على المشهد المصري، بعد أن زرعت ديكتاتورية لن يتخلص منها المصريون الا بعد عشرات السنوات، لعد تغلغلهم في مختلف أركان الدولة. |