صعدة برس - خاص - من جور الأسباب.. إلى ظلم النتائج!!
عبدالوهاب غثاية: فراغها يتسع.. والعائق المادي هو السبب
نايف دغرقة: الطموح أيضاً.. وقلة الكفاءات هي المثال
بندر صلاح: لا كلية.. ولا حتى معهد.. فأين كلفة الرحيل؟!
جمال الرازحي: المقارنة ظالمة.. وثمارها جني البطالة
لطلاب التعليم العالي من أبناء صعدة في رحلة البحث عن التعليم خارج المحافظة حكايات كثيرة في تفاصيلها شئون وشجون لا نهاية لها..
الآن يمكننا التعريج على بعض حكاية في اتجاه زماني ومكاني محدد.. والبداية من أمانة العاصمة صنعاء، وتحديداً في صروح العلم ذات التخصصات العلمية التطبيقية، كالطب والحاسوب والهندسة والإعلام والزراعة..
والسؤال: لماذا يلاحظ أن الملتحقين بهذه التخصصات من طلاب المحافظة لا يمثلون إلاّ نسبة قليلة.. بل وقليلة جداً في بعضها..؟! ثم ما هي أثار هذه الندرة على العملية التنموية في صعدة علمياً وعملياً؟!
المؤكد أن التعليم العالي، بمختلف صروحه من معاهد وجامعات، هو المعني برفد عملية التنمية الاجتماعية الشاملة بالكوادر البشرية الكفؤة والمؤهلة والمدربة، التي يعني وجودها في كافة المجالات الخدمية والمرافق الإنشائية- صناعية كانت أو تجارية أو زراعية أو معرفية- عامل قوة وتقدم ونهوض من شأنه أن يدفع بعجلة التنمية إلى الأمام..
ولأن العلوم التطبيقية باتت اليوم، أكثر من أي وقت مضى، لصيقة بالتطور الصناعي والتقني فإن نسبة الالتحاق بها من أفراد أي مجتمع هو ما يؤشر في حال ارتفاعه على إمكانية تقدمها من جهة، أو تأخرها في حال انخفاضه من جهة أخرى.. فالطب والحاسوب والهندسة والإعلام والزراعة وسواها من التخصصات التطبيقية هي ما تفتقر إلى مخرجاتها مجتمعاتنا، وهي التي لم تزل تشكل فراغاً كبيراً ينبغي أن يملأ في واقعنا العلمي والعملي..
غياب المثيل:
من أبناء مديرية حيدان يشير عبدالوهاب ناصر غثاية- وهو يدرس بالمعهد اليمني العالي للعلوم الطبية م-ط/ أسنان- إلى أن ندرة التحاق أبناء المحافظة بهذه التخصصات يرجع إلى عدم وجود أقسام لها في صعدة، مما يستدعي التحاقهم بمجالات أخرى غير مقتنعين بها.. ويقول: إن العائق المادي هو السبب الأكبر.. ذلك أن ظروف الطلاب المادية لا تسمح لهم بالذهاب إلى خارج المحافظة والعيش بعيداً عنها من أجل الدراسة.. ولهذا فإن الغالبية يلجئون إلى الدراسة في تخصص من تلك التي تتوافر في كلية ومعاهد صعدة..
تكاسل وتقصير:
عبدالوهاب غثاية الذي أضاف إلى أسباب ندرة الالتحاق بالتخصصات التطبيقية كونها تحتاج المزيد من بذل الجهد- وهذا ما يجعل البعض يجد فيها صعوبة فيلجأ إلى الأسهل وخصوصاً من كان متزوجاً حسب قوله- عاد وأكد على احتياج المحافظة لهذه التخصصات العلمية التي لم تزل الكثير من جوانبها شاغرة وتشهد فراغاً كبيراً.. ويقول: ألاحظ- مثلاً- قلة في الالتحاق بمجال الزراعة جاعلاً ذلك أحد أسباب انتشار القات في صعدة.. ويضيف: وكذلك في مجال الإعلام.. مشيراً إلى أن ندرة التحاق أبناء صعدة بهذا الجانب وراء عدم معرفة الكثير من الناس إلاّ الشيء اليسير عن هذه المحافظة الغنية بثقافتها وتراثها ومواردها.
فقدان الطموح.. وشحة الموارد:
أما نايف حمود دغرقة- وهو من أبناء مديرية كتاف والبقع، ويدرس بكلية الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات- فإنه يشير إلى أسباب ندرة الالتحاق بالتخصصات تلك بجعلها نوعين.. ويقول: الأول يكمن في الطالب نفسه، فمثلاً قد يكون غير طموح وغير مؤهل للدراسة في كليات مثل: الهندسة، أو الطب، أو الحاسوب.
وأما الثاني فإنه يتفق فيه مع الذي سبقه ذاكراً عدم توافر الكليات سالفة الذكر في المحافظة، وصعوبة الانتقال للدراسة في صنعاء أو غيرها من المحافظات.. ويضيف: وذلك بسبب الفقر وقلة ذات اليد مما يضطر الطالب إلى الدراسة في تخصص غير مرغوب فيه، أو- وهو الأدهى- عدم إكمال دراسته الجامعية..
ويؤكد نايف حمود على أن آثار كل ذلك على صعدة كثيرة جداً، ذاكراً منها- على سبيل المثال- تدني مستوى التعليم نتيجة قلة الكفاءات القائمة عليه.. بالإضافة إلى معاناة المحافظة المستمرة من شحة الموارد البشرية من أبنائها..
تحت وطأة التكاليف:
ومن أبناء مديرية سحار يرجع بندر أحمد صلاح- الذي يدرس في كلية الزراعة تخصص وقاية نبات- أسباب قلة التحاق طلاب صعدة بتخصص مثل الزراعة إلى عدم وجود كلية للزراعة في المحافظة، أو حتى معهد إرشادي أو مهني في أي تخصص من تخصصاتها..
ويضيف: ومن أهم العوائق.. أسباب اقتصادية ترجع إلى كلفة رسوم الدراسة بالإضافة إلى المواصلات كون الكلية المتخصصة لا توجد إلاّ في العاصمة، وكذلك ما تتطلبه الدراسة فيها من تكاليف شراء المقررات ومواد المعامل والتجارب والبحوث.. كما أنها تتطلب الانتظام في الدراسة كونها عملية وميدانية.. هذا فضلاً عن عدم توافر السكن للطالب، الذي وإن وجد سكناً فإنه ليس بالشكل المطلوب.
عامل الوعي المنسي:
بندر صلاح الذي أشار إلى أن طرق الزراعة لم تزل تقليدية في معظم مناطق المحافظة رابطاً ذلك بندرة التحاق طلابها بتخصص كهذا، قال: إن من أسباب هذه الندرة- أيضاً- عدم الوعي لدى الطلاب وأسرهم وكذلك المجتمع بأهمية هذه التخصصات، ومدى الاحتياج لها حاضراً ومستقبلاً، وما سيكون لها من آثار ايجابية على المحافظة والوطن عموماً..
منوهاً إلى أن غياب الوعي راجع إلى تقصير الجهات المختصة في حث أبناء صعدة وتشجيعهم من خلال لجان إرشادية كان يجب أن توجد.
ويقول: هناك تقصير في التوعية بأهمية هذه الجوانب بين أوساط المجتمع، سواءً من خلال المدارس أو أعضاء المجالس المحلية أو الشخصيات الاجتماعية المهمة.. مما أدى إلى ترك أثر سلبي كبير، وذلك لعدم وجود الكوادر المتخصصة والمدربة في المجال الزراعي، وكيفية النهوض بالعملية الإنتاجية الزراعية كماً وكيفاً، بالإضافة إلى نشر المعلومات الكافية على مستوى المديريات والعزل..
مقارنة ظالمة:
أما من مديرية رازح فقد نوه جمال علي الرازحي- الذي يدرس بكلية الإعلام- إلى عائق آخر رأى أنه من الأسباب التي تقف وراء ندرة التحاق أبناء المحافظة بالتخصصات العلمية التطبيقية، وهو- حسبه- امتحانات القبول التي تجريها الكليات سالفة الذكر على الطلاب الذين يريدون الالتحاق بها، إذ يعامل فيها طلاب الريف معاملة طلاب المدينة من حيث ضرورة الاستعداد الكامل لها.. مشيراً إلى أنه ينبغي عدم مقارنة طلاب الريف بالمدينة، نظراً لكون طلاب المدن قد يحصلون على دورات تقوية بعد الثانوية في معاهد خاصة، بعكس الريفي الذي قد لا يتوافر له بعض مدرسي المواد العلمية..
جمال الرازحي الذي يذهب- أيضاً- إلى أن لزوم الانتظام في الأقسام العلمية مما يحول بين الطالب والالتحاق بها نتيجة للظروف المعيشية الصعبة يؤكد كذلك على أن عدم وجودها في المحافظة ونقص التوعية بأهميتها من قبل الذين تخرجوا منها مما يدخل ضمن العوائق الأساسية..
مضيفاً: إن تلك الأسباب تتجه بأبناء المحافظة إلى التخصصات الأدبية، الأمر الذي يؤدي إلى نقص الكوادر العلمية وافتقار المحافظة لها، مما يتطلب سد الفراغ الذي تخلفه بمخرجات من غيرها، فيما يبقى خريجوا صعدة بدون وظائف وأعمال.. |