|
|
|
صعدة برس-متابعات - أدلى الرئيس الدكتور بشار الاسد بحديث خاص لقناة "روسيا اليوم" تطرق فيه الى آخر المستجدات في الملف السوري وقدم رؤيته الى مستقبل بلاده والمنطقة. والاهمية المقابلة الديمقراطي نت يعيد نشر نص المقابلة كاملة التي أجراها القسم الإنكليزي في تلفزيون روسيا اليوم مع السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد:
روسيا اليوم: الرئيس بشار الأسد، شكرا لمنحكم هذه المقابلة لمحطة "روسيا اليوم"
أهلا وسهلا بكم في دمشق.
روسيا اليوم: كثيرون كانوا مقتنعين قبل عام مضى بأنكم لن تصمدوا حتى هذا الوقت. رغم ذلك، فها نحن نجلس اليوم في القصر الرئاسي، بعد تجديده، ونسجل هذه المقابلة. من هم أعداؤكم في هذه اللحظة؟
عدونا هو الإرهاب وعدم الاستقرار في سورية. هذا هو عدونا. الأمر لايتعلق بالأشخاص. المسألة لا تتعلق ببقائي أو رحيلي، بل تتعلق بأن يكون البلد آمنأ أو غير آمن. هذا هو العدو الذي نقاتله كسوريين.
روسيا اليوم: لقد مضى على وجودي هنا يومان، وأتيحت لي الفرصة للتحدث مع بعض الناس في دمشق. بعضهم يقول أن بقاءك أو عدم بقائك في هذه اللحظة لم يعد مهماً. مارأيكم في ذلك؟
أعتقد أن مسألة بقاء الرئيس أو رحيله مسألة تعود إلى الشعب، وليست مسألة تتعلق برأي البعض. والطريقة الوحيدة تتم من خلال صناديق الاقتراع. إذأ المسألة لا تتعلق بما نسمعه، بل بما ينجم عن صناديق الاقتراع، وتلك النتائج هي التي تحدد ما إذا كان ينبغي على الرئيس البقاء أو الرحيل، ببساطة.
روسيا اليوم: أعتقد أن ما أرادوا قوله هو أنك لم تعد أنت المستهدف. بل سورية هي المستهدفة؟
لم أكن أنا المستهدف منذ البداية، ولم أكن أنا المشكلة بأي حال من الأحوال الغرب يخلق الأعداء دائمأ. في الماضي كان العدو هو الشيوعية، ومن ثم أصبح الإسلام، ثم صدام حسين، ولأسباب مختلفة، والأن يريدون أن يخلقوا عدواً جديداً يتمثل في بشار، ولهذا يقولون أن المشكلة تكمن في الرنيس، وأن عليه أن يرحل. ولهذا السبب علينا أن نركز على المشكلة الحقيقية وألا نضيع وقتنا فى الإصغاء لما يقولونه.
روسيا اليوم: لكن هل مازلت تعتقد، شخصيا، بأنك الرجل الوحيد الذي يمكن أن يحافظ على سورية موحدة، والرجل الوحيد الذي يستطيع أن يوقف ما يسميه العالم حربا أهلية.
علينا أن ننظر إلى المسألة من منظورين. المنظور الأول هو الدستور، وأنا أتمتع بسلطاتي بموجب الدستور. وطبقا للدستور، ولهذه السلطات، ينبغي أن أكون قادرا على حل هذه المشكلة. لكن إذا كنت تقصدين أنه ليس هناك سوري آخر يمكن أن يصبح رنيسا، فالجواب هو لا، فأي سوري يمكن أن يكون رنيسا. هناك العديد من السوريين المؤهلين لهذا المنصب. لا يمكن ربط البلد بأسره بشخص واحد فقط وبشكل دائم.
روسيا اليوم: لكنك تقاتل من أجل بلادك. هل تعتقد أنك الرجل الذي يستطيع إنهاء الصراع واستعادة السلام؟
واجبي أن أكون هذا الرجل، واجبي أن أكون الرجل الذي يستطيع فعل ذلك، وآمل أن أتمكن من ذلك. لكن المسالة لا تتعلق بصلاحيات الرنيس، بل بالمجتمع بأسره. ينبغي أن نكون دقيقين في هذا الصدد. لا يستطيع الرنيس فعل شيء دون المؤسسات ودون الدعم الشعبي. لذلك، فإن المعركة هنا ليست معركة الرنيس، إنها معركة السوريين. كل سوري يشارك حاليا في الدفاع عن بلده.
روسيا اليوم: هذا صحيح، فالعديد من المدنيين يموتون أيضا نتيجة القتال. وهكذا، كيف يمكن تحقيق النصر في هذه الحرب؟ كيف يمكن أن تتصالح مم شعبك بعد كل ما حدث؟
مرة أخرى، علينا أن نكون أكثر دقة. المشكلة ليست بيني وبين الشعب، فأنا ليس لدي مشكلة مع الشعب. لكن الولايات المتحدة ضدي، والغرب ضدي، والعديد من البلدان العربية ضدي، وتركيا ضدي. فإذا كان الشعب السوري ضدي أيضا، كيف يمكن أن أبقى هنا؟
روسيا اليوم: إنهم ليسوا ضدك؟
إذا كان جزءٌ كبير من العالم ضدي، والشعب ضدي، وأنا هنا، فهل أنا سوبرمان ؟ أنا إنسان. هذا ليس منطقيا. الأمر لا يتعلق بالمصالحة مع الشعب، كما لا يتعلق بالمصالحة بين السوريين مع بعضهم البعض . نحن لسنا في حرب أهلية. الأمر يتعلق بالإرهاب والدعم الذي يحظى به الإرهابيون من الخارج لزعزعة استقرار سورية.
روسيا اليوم: ما زلت تعتقد أنها ليست حربا أهلية؟ أقول هذا لأني أعرف أن الجميع يعتقد بأن هناك عمليات إرهابية في سورية، كما أن هنك صراع على أساس طائفي، وجميعنا سمعنا حكاية الأم التي لديها ابنان واحد يقاتل مع قوات الحكومة والآخر يقاتل مع قوات المعارضة. كيف لا تكون هذه حربا أهلية؟
هناك انقسامات، لكن الانقسامات لا تعني حربا أهلية. هذا أمر مختلف تماما، فالحرب الأهلية ينبغي أن تكون على أساس مشكلات عرقية أو مشاكل طائفية، قد يكون هناك في بعض الأحيان توترات عرقية أو طانفية لكن هذا لا يجعل منها مشكلة ، إذا كان هناك انقسام في العانلة الواحدة، أو في قبيلة أكبر، أو في مدينة واحدة، فهذا لا يعني أن هناك حربا أهلية. ما يحدث أمرٌ مختلف تماما. وهذا طبيعي، وعلينا أن نتوقع ذلك.
روسيا اليوم: عندما أتحدث عن تصالحك مع شعبك فأنا أعني أني سمعتك تقول في مناسبات عديدة بأن الأمر الوحيد الذي تكترث له هو الشعب السوري، وما يشعره الشعب السوري نحوك، وما إذا كان يعتقد أنك ينبغي أن تكون الرنيس أو لا. ألا تخشى أنه في المحصلة، ونظرا لضرر الكبير الذي لحق بالبلاد، فإنهم لم يعودوا يكترثون للحقيقة، بل إنهم يحملونك المسؤولية فقط.
هذا سؤال افتراضي، لأن ما يعتقده الشعب هو الصحيح. ولمعرفة ما يعتقدونه علينا أن نسألهم. لذلك لا أخشى ما يعتقده البعض. أنا أخشى على بلدي. علينا أن نركز على ذلك.
روسيا اليوم: للعديد من السنوات، كان هناك حكايات كثيرة عن الجيش السوري الجبار،.الأجهزة الأمنية السورية البالغة القوة، لكننا نرى أن هذه القوات لم تستطع سحق العدو كما توقع الناس أن تفعل، ونرى الهجمات الإرهابية تحدث وسط دمشق بشكل يومي ثقريبا. هل كان كل ما قيل عن الجيش السوري والأجهزة الأمنية السورية مجرد أساطير؟
في الأحوال الطبيعية عندما يكون لدينا الجيش والأجهزة الأمنية والاستخباراتية نركز على العدو الخارجي، حتى لو كان لدينا عدو داخلي، كالإرهاب، لأن المجتمع يساعدنا على الأقل في عدم توفير حاضنة للإرهابيين. الآن وفي هذه الحالة، لدينا نوع جديد من الحرب، حيث يمارس الإرهاب بالوكالة، سواء من خلال سوريين يعيشون في سورية، أو مقاتلين أجانب يأتون من الخارج. هذا نوع جديد من الحروب وعلينا أن نتكيف مع هذا الأسلوب الجديد، وهذا يستغرق وقتأ وليس سهلا. والقول بأن هذا شبيه بالحرب التقليدية أو النظامية ليس صحيحا. هذه الحرب أكثر صعوبة بكثير هذا أولا. ثانيا، فإن الدعم الذي يتلقونه والذي يقدم لهؤلاء الإرهابيين ومن جميع الأشكال، سواء من حيث الأسلحة أو المال أو الدعم السياسي أمر غير مسبوق. ولذلك علينا أن نتوقع أن تكون حربا قاسية وصعبة. من غير الواقعي أن نتوقع أن بلدأ صغيرأ كسورية يمكن أن يهزم كل تلك البلدان التي تقانلنا من خلال عملائها خلال أيام أو أسابيع.
روسيا اليوم: نعم، في الحرب التقليدية يكون لديك قاند ولديه جيش، يأمره بالتحرك يمينا فيتحرك ويسارا فيتحرك. لكن في هذه الحالة هنك فصانل من الإرهابيين ليس لديهم إستراتيجية موحدة لمحاربتكم. وهكذا، كيف تحدث عمليات القتال هذه؟
ليست هذه هي المشكلة، المشكلة أن أولنك الإرهابيين يقاتلون من داخل المدن، وفي المدن هناك مدنيون، وعندما تقاتل هذا النوع من الإرهابيين، ينبغي أن تحرص على أن يكون الضرر في حده الأدنى على البنية التحتية والمدنيين. لكن علينا أن نقانل لأننا لا نستطيع ترك الإرهابيين يقتلون ويدمرون. هذه هي الصعوبة في هذا النوع من الحروب.
روسيا اليوم: لقد لحق الضرر بالبنية التحتية للبلاد، والبنية التحية للجيش، وبالاقتصاد، ويبدو كما لو أن سورية ستتحلل قريبا، ويبدو أن الوقت يعمل ضدك. في رأيكم، ما الوقت الذي تحتاجونه لسحق عدوكم؟
لا نستطيع الإجابة على هذا السؤال لأن لا أحد يزعم أن لديه الجواب حول متى يمكن لهذه الحرب أن تنتهي ما لم يكن لدينا الجواب حول متى سيتوقفون عن تهريب المقاتلين الأجانب من مختلف أنحاء العالم، وخصوصا من الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، ومتى سيتوقفون عن إرسال الأسلحة لهؤلاء الإرهابيين. إذا توقفوا - وهنا أستطيع أن أجيب عن سؤالك - نستطيع أن ننهي كل شيء خلال أسابيع. ليس في الأمر مشكلة كبيرة. لكن طالما استمرت عمليات التزويد بالإرهابيين والسلاح والمساعدات اللوجستية، فإنها ستكون حربا طويلة.
روسيا اليوم: عندما نفكر بأن لديكم حوالي أربعة آلاف كيلو متر من الحدود التي تصعب السيطرة عليها، ولديكم عدو يستطيع أن يعبر الحدود إلى الأردن أو تركيا للتزود بالسلاح والحصول على الرعاية الطبية ثم يعود لمحاربتكم، فكيف يمكنكم أن تنتصروا في مثل هذه الحرب؟
ما من بلد في العالم يستطيع أن يضبط حدوده تمامأ. حتى الولايات المتحدة لا تستطيع ضبط حدودها مع المكسيك بشمكل كامل. وقد ينطبق الأمر نفسه على روسيا وهي بلد كبير. وهكذا، ليس هناك بلد يستطيع أن يضبط حدوده بشكل كامل . يمكن للبلدان تحقيق وضع أفضل على حدودها من خلال إقامة علاقات جيدة مع جيرانها، وهو ما لا نمتلكه الآن مع تركيا على الأقل، فتركيا تدعم أكثر من أي بلد آخر تهريب الإرهابيين والأسلحة إلى سورية
روسيا اليوم: هل لي أن أسألكم سؤالا. لقد زرت تركيا مؤخراً ووجدت أن الناس هناك قلقون جدا حيال ما يمكن أن يحدث بين سورية وتركيا. هل تعتقد أن حربأ سورية - تركية تشكل سيناريو واقعي؟
عقلانيا، لا أعتقد ذلك لسببين. الحرب بحاجة إلى الدعم الشعبي، وغالبية الشعب التركي لا تريد مثل هذه الحرب. ولذلك لا أعتقد أن أي مسؤول عقلاني يمكن أن يفكر بمعارضة إرادة الشعب في بلاده. وينطبق الأمر ذاته على الشعب السوري. وهكذا، ليس هناك خلاف بين الشعب السوري والشعب التركي بل يتعلق الأمر بالحكومات والمسؤولين، بين مسؤولينا ومسؤوليهم بسبب سياساتهم. وهكذا لا أعتقد بأن هناك أي احتمال لقيام حرب بين سورية وتركيا.
روسيا اليوم: متى كانت المرة الأخيرة التي تحدثتم فيها إلى أردوغان، وكيف انتهت تلك المحادثة؟
كان نلك في أيار 2011 بعد أن فاز بالانتخابات.
روسيا اليوم: هنأته بالفوز؟
نعم، وكانت تلك هي المرة الأخيرة.
روسيا اليوم: من الذي يقوم بقصف الأراضي التركية، القوات الحكومية أم قوات المعارضة؟
لمعرفة ذلك ينبغي أن يكون هناك تحقيقات مشتركة، ينبغي أن يكون هناك لجنة مشتركة بين الجيشين من أجل معرفة من يقصف من. هناك الكثير من الإرهابيين على الحدود ولديهم مدافع هاون، ولذلك فإن بإمكانهم القيام بذلك. ينبغي إجراء تحقيقات في طبيعة القذيفة ومكان سقوطها وما إلى نلك. وهذا لم يحدث. طلبنا من الحكومة التركية تشكيل مثل هذه اللجنة، فرفضت. ولذلك لا جواب لدينا. عندما يكون هناك كل هؤلاء الإرهابيين على الحدود، لا يمكن أن تستبعد احتمال وقوع ذلك، لأن الجيش السوري ليس لديه أية أوامر بقصف الأراضي التركية لأن لا مصلحة لنا في ذلك . وليس بيننا وبين الشعب التركي أي عداوة. نحن نعتبرهم أخوة لنا، فلماذا نفعل ذلك، إلا إن حدث نلك عن طريق الخطأ، وهذا بحاجة للتحقيق. حتى الآن ليس لدينا جواب.
روسيا اليوم: هل تقبلون فرضية أن يكون ذلك قد وقع عن طريق الخطأ من قبل القوات الحكومية؟
هذا احتمال ممكن. في كل الحروب تقع أخطاء. تعلمين أنه في أفغانستان يتحدثون دانما عن النيران الصديقة؟ فإذا كان يمكن للجيثس الواحد أن يقتل أفراده خطأ، هذا يعني أن ذلك يمكن أن يحدث في كل حرب. لكننا لا نستطيع أن نؤ كد حدوث ذلك.
روسيا اليوم: لماذا تحولت تركيا، التي كنتم تعتبرونها بلداً صديقا، إلى موطئ قدم المعارضة؟
ليس تركيا وليس الشعب التركي، بل حكومة أردوغان، كي نكون دقيقين. الشعب التركي بحاجة لعلاقات جيدة مع الشعب السوري. أردوغان يعتقد أنه إذا استولى الإخوان المسلمون على الحكم في المنطقة، خصوصا في سوربة، يستطيع أن يضمن مستقبله السياسي. هذا سبب. السبب الآخر هو أنه يعتقد شخصياً أنه السلطان العثماني الجديد، وأنه يستطيع السيطرة على المنطقة كما كان الأمر خلال عهد الامبراطورية العثمانية وتحت مظلة جديدة. إنه يفكر في أعماقه بأنه خليفة. هذان هما السببان الرنيسيان لهذا التحول فى سياساته من صفر مشاكل إلى صفر أصدقاء.
روسيا اليوم: لكن ليس الغرب وحده هو الذي يعارضكم في هذه المرحلة، حيث لديكم الكثير من الأعداء في العالم العربي. قبل عامين، كان إذا سمع أحد باسمكم في العالم العربي فإنه يقف احتراما، أما الآن فقد خانوك عند أول فرصة أتيحت لهم. لماذا لك كل هؤلاء الأعداء فى العالم العربي؟
إنهم ليسوا أعداء. غالبية الحكومات العربية تدعم سورية ضمنيا، لكنهم لا يجرؤون على قول ذلك علانية.
روسيا اليوم: لماذا؟
لأنهم يتعرضون لضغوط من الغرب، ومن البترودولارات
روسيا اليوم: من يؤيدكم في العالم العربي؟
العديد من البلدان تؤيدنا ضمنيا لكنها لا تجرؤ على التصريح بذلك علناً، لكن هناك أولا العراق الذي يلعب دوراً فعالا في دعم سورية خلال هذه الأزمة لأنه بلد مجاور، وهم يدركون أنه إذا حدثت حرب داخل سورية فسيكون هناك حرب في البلدان المجاورة، بما في ذلك العراق. وهناك بلدان أخرى لها مواقف جيدة مثل الجزانر، .وعُمان بشكل أساسي. وهناك بلدان أخرى لست بصدد تعدادها الآن لديها مواقف إيجابية لكنها لا تتصرف بناء على تلك المواقف.
روسيا اليوم: لماذا هذا الإصرار على تنحيك من قبل السعودية وقطر، وكيف يمكن لزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط أن يخدم أجنداتهما؟
بصراحة، لا أستطيع أن أجيب نيابة عنهم. عليهم هم أن يجيبوا على هذا السؤال. لكن ما أستطيع قوله هو أن المشكلة بين سورية والعديد من البلدان، سواء في العالم العربي أو في المنطقة أو في الغرب هي أننا نقول "لا" عندما نعتقد أن علينا أن نقول "لا". تلك هي المشكلة. وبعض البلدان تعتقد بأنها تستطيع السيطرة على سورية من خلال الإملاءات أو من خلال المال أو البترودولارات، وهذا غير ممكن في سورية هذه هي المشكلة. ربما يريدون أن يلعبوا دوراً. ليس لدينا مشكلة في ذلك. يستطيعون أن يلعبوا دورا، سواء كانوا يستحقون ذلك أو لا، لكن ليس على حساب مصالحنا.
روسيا اليوم: هل يتعلق الأمر بالسيطرة على سورية أم بتصدير رؤيتهم للإسلام إلى سورية؟
لا تستطيعين القول إن ذلك سياسة حكومية في هذه البلدان. في بعض الأحيان يكون هناك مؤسسات في بلدان معينة، وفي بعض الأحيان يكون هناك أشخاص يدعمون هذا التوجه، لكنهم لا يعلنون عن نلك كسياسة رسمية. وهكذا، فإنهم لم يطلبوا منا الترويج للمواقف المتطرفة لمؤسساتهم. لكن ذلك يحدث في الواقع، سواء كان من خلال الدعم غير المباشر الذي تقدمه الحكومات، أو من خلال المؤسسات والأشخاص. هذا جزء من المشكلة، لكن عندما أتحدث كحكومة، فإني أتحدث عن السياسة المعلنة، والسياسة المعلنة، كأي سياسة أخرى، تتعلق بالمصالح ولعب أدوار، لكننا لا نستطيع أن نتجاهل ما ذكرته.
روسيا اليوم: ايران، حليفكم الوثيق ، تتعرض أيضأ لعقوبات اقتصادية، وتواجه أيضا التهديد بالغزو العسكري. إذا كان عليكم أن تختاروا بين قطع العلاقات مع ايران مقابل السلام في بلادكم، فهل تتخذون هذا الخيار؟
ليس لدينا خيارات متناقضة بهذا الشأن، والسبب هو أنه كان لدينا علاقات جيدة مع إيران منذ عام 1979 وحتى الآن، وعلاقاتتا تتحسن باستمرار، لكننا في نفس الوقت نتحرك نحو السلام. كان لدينا عملية سلام ومفاوضات سلام، ولم تكن إيران عاملا ضد السلام. هذه معلومات مضللة يسعى الغرب لترويجها وهي أننا إذا كنا نريد السلام فلا ينبغي أن يكون لدينا علاقات طيبة مع إيران. ليس هناك أي علاقة بين الأمرين. إنهما موضوعان مختلفان تماما. لقد قدمت إيران الدعم لسورية، ودعمت قضيتنا، قضية الأراضي المحتلة، وعلينا أن ندعمها في قضاياها. هذا أمر واضح وبسيط. إيران بلد هام للغاية في المنطقة، وإن كنا نسعى نحو الاستقرار، ينبغي أن يكون لنا علاقات جيدة مع إيران. لا يمكن أن نتحدث عن الاستقرار في ظل علاقات سيئة مع إيران أو مع تركيا أو مع جيران آخرين.
روسيا اليوم: هل لديكم أي معلومات تفيد بأن أجهزة المخابرات الغربية تقوم بتمويل مقاتلي المعارضة في سورية ؟
ما نعرفه حتى الآن هو أن هذه الأجهزة تقدم دعما معلوماتيا للإرهابيين من خلال تركيا، وفى بعض الأحيان من لبنان بشكل رنيسي. لكن هناك أجهزة مخابرات أخرى، ليست غربية، بل إقليمية، نشطة جدأ وأكثر نشاطا من الأجهزة الغربية، وبالطبع تحت إشراف أجهزة المخابرات الغربية.
روسيا اليوم: ما هو دور القاعدة في سورية في هذه اللحظة؟ هل يسيطرون على أي من قوات المعارضة ؟
لا أعتقد أنهم يسعون للسيطرة على هذه المجموعات، بل إنهم يسعون لتأسيس إمارتهم، حسبا التعابير التي يستخدمونها، لكنهم يحاولون بشمكل رنيسي إخافة وترهيب الناس من خلال التفجيرات والاغتيالات، والهجمات الانتحارية، وأشياء من هذا القبيل لدفع الناس إلى اليأس وكي يقبلوا بهم كأمر واقع، وهكذا فهم يتحركون خطوة خطوة ، لكن هدفهم النهاني هو إقامة إمارة إسلامية في سورية يستطيعون من خلالها الترويج لأيديولوجيتهم الخاصة بهم في باقي أنحاء العالم
روسيا اليوم: من بين أولئك الذين يقاتلونكم والذين يعارضونكم، إلى من يمكن أن تتحدث؟
نتحدث إلى كل من يملك إرادة حقيقية لمساعدة سورية، لكننا لا نضيع وقتنا مع أي شخص يريد استغلال أزمتتا لمصالحه الشخصية.
روسيا اليوم: لقد وجهت للقوات الحكومية اتهامات عديدة بارتكاب جرانم حرب ضد المدنيين السوريين. هل تقرون بأن القوات الحكومية ارتكبت جرائم حرب بحق المدنيين السوريين؟
إننا نحارب الإرهاب ونطبق الدستور لحماية الشعب السوري. لنعد إلى ما حدث في روسيا قبل أكثر من عقد من الزمن. كنتم تواجهون الإرهاب في الشيشان وأماكن أخرى. كانوا يهاجمون المسارح والمدارس وغيرها، وكان الجيش الروسي يحمي الشعب. هل تسمي ذلك جرانم حرب؟ بالتأكيد لا. قبل بضعة أيام، اعترفت "أمنستي إنترناشونال" بالجرانم التي ارتكبتها الجماعات المسلحة قبل أيام عندما أسرت جنوداً وأعدمتهم. كما أن "هيومان رايتس ووتش" اعترفت أكثر من مرة بالجرانم التي ترتكبها تلك المجموعات، ووصفت قبل أيام بأنها جرانم حرب. هذا أولا. ثانيا، من غير المنطقي أن يرتكب جيش جرانم حرب ضد شعبه، لأن الجيش السوري يتكون من أفراد الشعب السوري. لو أراد الجيش أن يرتكب جرائم بحق شعبه فإنه سينقسم ويتفتت. ولذلك لا يمكن أن يكون هناك جيش قوي وموحد وفي نفس الوقت يقوم بقتل شعبه. ثالثا، لا يمكن لجيش أن يصمد لمدة عشرين شهراً في هذه الظروف الصعبة دون أن يحظى باحتضان الشعب السوري. فكيف يمكن أن يحظى بهذا الاحتضان في حين يقوم بقتل الشعب. هذا تناقض.
روسيا اليوم: متى كانت آخر مرة تحدثتم فيها إلى زعيم غربي؟
قبل الأزمة.
روسيا اليوم: هل عرضوا عليك في أي وقت شروطاً مفادها أنه إذا تركت منصب الرئاسة، فسيسود السلام في سورية؟
لا، لم يُطرح ذلك عليَّ مباشرة، لكن سواء عرضوا ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر، فإن هذه مسألة سيادة، ومن حق الشعب السوري وحده التحدث في ذلك الأمر. كل ما يُطرح بعد ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر أو في وسائل الإعلام لا معنى ولا وزن له في سورية.
روسيا اليوم: لكن هل لديك الخيار؟ ، لأنه كما يبدو الخيار في الخارج ليس لديك أي مكان تذهب إليه فإلى أين تذهب إذا أردت الرحيل؟
إلى سورية. هذا هو المكان الوحيد الذي يمكن أن أكون فيه. أنا لست دُمية، ولم يصنعني الغرب كي أذهب إلى الغرب أو إلى أي بلد آخر. أنا سوري، أنا من صُنع سورية، وعليَّ أن أعيش وأموت في سورية.
روسيا اليوم: هل تعتقد أن هناك، في هذه اللحظة، أي فرصة للدبلوماسية أو للحوار أم أنكم وصلتم إلى مرحلة يمكن للجيش وحده أن يُنهي هذه الأزمة؟
أنا كنت دائماً أؤمن بالدبلوماسية وأؤمن دائماً بالحوار حتى مع أولئك الذين لا يفهمون الحوار أو لا يؤمنون به. علينا أن نستمر في المحاولة. أعتقد أننا سنحقق دائماً نجاحاً جزئياً. علينا أن نسعى إلى هذا النجاح الجزئي قبل أن نحقق النجاح الكامل. لكن علينا أن نكون واقعيين. لا ينبغي الاعتقاد بأن الحوار وحده هو الذي يمكن أن يحقق النجاح، لأن أولئك الذين يرتكبون هذه الأعمال ينقسمون إلى أنواع: نوعٌ لا يؤمن بالحوار، خصوصاً المتطرفين، والنوع الثاني يتكون من الخارجين عن القانون الذين صدرت بحقهم أحكان قضائية قبل سنوات من بدء الأزمة، وعدوهم الطبيعي هو الحكومة، لأنهم سيُسجنون إذا عادت الأمور إلى طبيعتها. النوع الآخر هم الأشخاص الذين تلقوا الدعم من الخارج، وهؤلاء ملتزمون فقط تجاه الأشخاص أو الحكومات التي دفعت لهم وزودتهم بالسلاح. هؤلاء لا يمتلكون قرارهم. ولذلك علينا أن نكون واقعيين. وهناك نوع آخر من الناس سواء كانوا مقاتلين أو سياسيين يقبلون بالحوار. ولذلك فقد شرعنا في هذا الحوار منذ أشهر حتى مع المقاتلين، وقد تخلى بعضهم عن السلاح وعاد إلى حياته الطبيعية.
روسيا اليوم: هل تعتقدون أن الغزو الأجنبي لسورية بات وشيكاً؟
أعتقد أن كلفة مثل هذا الغزو، لو حدث، ستكون أكبر من أن يستطيع العالم بأسره تحمُّلها، لأنه إذا كانت هناك مشاكل في سورية، خصوصاً وأننا المعقل الأخير للعلمانية والاستقرار والتعايش في المنطقة فإن ذلك سيكون له أثر "الدومينو" الذي سيؤثر في العالم من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادي. وتعلمين تداعيات ذلك على باقي أنحاء العالم. لا أعتقد أن الغرب يمضي في هذا الاتجاه، لكن إذا فعلوا ذلك، لا يمكن لأحد أن يتنبأ بما سيحدث بعده.
روسيا اليوم: سيادة الرئيس، هل تلوم نفسك على شيء؟
ينبغي عادة أن تجد أخطاء في كل قرار، وإلا فأنت لست بشراً.
روسيا اليوم: ما هي أكبر أخطاؤك؟
بصراحة، لا أذكر الآن، لكني قبل اتخاذ أي قرار أدرك بأن جزءاً منه سيكون خاطئاً، لكن لا يستطيع المرء أن يعرف أخطاءه الآن. في بعض الأحيان، خصوصاً خلال الأزمات، لا تستطيع رؤية الصحيح من الخطأ إلى أن تتجاوز الأزمة. ولهذا لن أكون موضوعياً إذا تحدثت عن الأخطاء الآن، لأننا لازلنا في وسط هذه الظروف.
روسيا اليوم: إذاً، ليس هناك ما تأسف عليه؟
ليس الآن. عندما يتضح كل شيء، يمكن أن نتحدث عن الأخطاء، ولا شك أن هناك أخطاء.
روسيا اليوم: لو كان اليوم هو 15 آذار 2011، عندما بدأت الاحتجاجات بالتصاعد والتنامي، ما هي الأشياء التي كنت ستفعلها بشكل مختلف؟
كنت سأفعل ما فعلته في الخامس عشر من آذار
روسيا اليوم: نفس الشيء؟
تماماً، أطلب من الأطراف المختلفة الشروع في الحوار والوقوف في وجه الإرهابيين. هكذا بدأ الأمر. لم يبدأ بالمظاهرات، حيث كانت المظاهرات هي الغطاء، لكن داخل هذه المظاهرات كان هناك مقاتلون بدأوا بإطلاق النار على المدنيين وأفراد الجيش في نفس الوقت. ربما على المستوى التكتيكي، كان يمكن القيام بشيء مختلف. لكن كرئيس للبلاد، فأنا أتخذ القرار على المستوى الإستراتيجي، وهذا شيء مختلف.
روسيا اليوم: الرئيس الأسد، كيف ترى نفسك بعد عشر سنوات؟
أرى نفسي من خلال بلادي، لا أستطيع أن أرى نفسي، أستطيع أن أرى بلادي، أستطيع أن أرى نفسي من خلال بلادي.
روسيا اليوم: هل ترى نفسك في سورية؟
بالتأكيد، ينبغي أن أكون في سورية. الأمر لا يتعلق بالمنصب، سواء كنت رئيساً أو غير ذلك هذا ليس همي. أرى نفسي في هذا البلد وأن يكون هذا البلد آمناً ومستقراً وأكثر رخاء.
روسيا اليوم: الرئيس بشار الأسد شكراً لتحدثكم لروسيا اليوم.
الرئيس بشارالأسد: شكراً لقدومكم إلى سورية. |
|
|
|
|
|
|
|
تعليق |
إرسل الخبر |
إطبع الخبر |
RSS |
انشر في تيليجرام |
انشر في فيسبوك |
انشر في تويتر |
|
|
|
| |