صعدة برس - *فـيـصـل الـصــوفـــي
القيم هي المثل العليا التي يلتزم بها الفرد وتوجه سلوكه، وهذه المثل أو القيم مستمدة من المعتقد الديني والتاريخ والتراث الثقافي والاجتماعي.. فالتاريخ والعقيدة والثقافة تتضمن معايير أخلاقية مرغوباً بها مثل: هذا خير، وهذا شر.. هذا صواب، وهذا خطأ.. هذا حلال، وهذا حرام.. هذا عدل، وهذا ظلم.. هذه أمانة، وتلك خيانة. كما تتضمن قيما سلبية مثل الثأر والحط من شأن المرأة وبعض الفئات الاجتماعية. وهناك قيم متفق عليها إنسانيا في كل الأديان والثقافات كاحترام الحياة، والحب، والصدق، والأمانة، والإنصاف، والسلوك المهذب، واحترام الكبار.
معظم القيم تستمر، وبعضها تتغير، وتظهر قيم جديدة في الحاضر والمستقبل، لأن القيم وآراء الناس ومواقفهم لا تتولد دائما من ثقافتهم الخاصة، فهم يحصلون على ثقافة وآراء من مصادر أخرى.. ففي الماضي كان المجتمع محكوماً بنظام نابع من تاريخه ومعتقده وتراثه، بينما صار اليوم جزءاً من عالم يوصف بأنه قرية واحدة، يتواصل مع الآخرين ويتأثر ويؤثر، من خلال وسائل الاتصال والمعرفة والمعلوماتية، وغيرها من الوسائل الكثيرة، خاصة في عصر العولمة هذا، فصارت هناك قيم وأخلاق مستمدة من الجمعية الإنسانية. ومن هذه القيم الجديدة الديمقراطية، والتسامح الثقافي والديني، والقبول بالآخر، والتعايش، والتضامن، والاهتمام بالآخرين، واحترام التعدد والتنوع، ونبذ العنف والإرهاب، ومثل المساواة بين الناس في الحقوق دون تمييز بسبب الدين أو الجنس أو العرق أو اللون، ومن القيم الجديدة أيضا مشاركة المرأة في الحياة العامة. هذه القيم الجديدة أصبحت تفرض نفسها حتى في المجتمعات التقليدية، فالمرأة حسب قيمنا القديمة مكانها البيت، ومكانتها أدنى من مكانة الرجل، فأصبحنا نتقبل فكرة المساواة وعمل المرأة، دون شعور بأن ذلك يصطدم مع قيمنا وثقافتنا. قد يقال إن كثيرا من الناس يشاركوننا الحياة نفسها، ولكن لا يعتنقون القيم الجديدة، فلا يزال رجال دين يرفضون المساواة بين المواطنين، ويحرمون مشاركة المرأة في الحياة العامة، ويعتبرون الآخر المختلف عدوا، ولا يؤمنون بقيم مثل التضامن الإنساني والتسامح الديني والثقافي، وهذا معروف عن رجال الدين عندنا وهم مثقفون، فما بالك بمواطنين يعتنقون التراث القبلي.. ويمكن أن نعزو مناعة رجال الدين إلى الجمود العقلي والثقافي، إذ يتمسكون بالقيم القديمة الخاطئة ولديهم حصانة ضد القيم الجديدة.. لا تتغير مواقفهم لأنهم جامدون على الماضي، فمثلا ليس في مكتباتهم غير كتب القدماء، يقتاتون من القمامات الفكرية أو التراث الذي يعتبر ميتا.
- اليمن اليوم |