صعدة برس-متابعات - لم يعد غريبا رؤية أفلام الخيال العلمي تتحوّل لواقع ملموس وتجربة حقيقية نعيشها في حياتنا اليومية؛ فالأقمار الصناعية والروبوتات ما كانت سوى أفكار سطّرها كتّاب ومؤلفون يملكون خيالا واسعا سمح لهم بتجسيد شخصياتهم وأفكارهم وتجاربهم الخيالية على صفحات رواياتهم، ليأخذها العلماء بعد ذلك كبداية لفكرة بحث أو تجربة علمية جديرة بالاهتمام والمتابعة، وينتهي الأمر في النهاية إلى أن يُصبح الخيال حقيقة والجنون منطقيا..
في هذا المقال سنحصد معا بعض الخيال الذي تمّ تجسيده؛ فأصبح واقعا خلال عام 2012...
ذراع روبوتية يمكن للعقل أن يتحكم في حركتها
1- الأطراف الإلكترونية البديلة
هل شاهدت المسلسل الأمريكي The Six Million Dollar Man (رجل الستة ملايين دولار)، والذي تمّ عرضه في فترة السبعينيات، وكانت تدور أحداثه حول رائد فضاء أُصيب بإصابات بالغة بعد تحطّم مركبته الفضائية، وفي محاولة لإنقاذه تمّ استبدال ذراعه اليمنى وقدمَيْه وعينه اليسرى بأعضاء أخرى إلكترونية، ليتحوّل بعدها إلى رجل خارق يستغلّ قدراته في الخير.
في عام 2012، أصبح هذا الخيال حقيقة بعدما تمكّنت سيدة تعاني شللا من تحريك ذراع إلكترونية تمّ تركيبها لها بمجرّد التفكير في الحركة التي تريدها، والفعل الذي ترغب في القيام به، بطريقة هي أقرب ما يكون لحركة الذراع الحقيقية.
وعلى الرغم من أن هذا الإنجاز لا يُشبه كثيرا الموجود في المسلسل الخيالي؛ حيث إنه في التجربة الحقيقية لا بد من توصيل الذراع بالجمجمة البشرية عن طريق إلكترودات خارجية لتتلقّى الإشارة من المخ بشكل مباشر لتقوم بدور الخلايا العصبية؛ فإن العلماء يعتزمون استخدام التكنولوجيا اللاسلكية للاستغناء عن الحاجة لوصلة بين رأس المريض والطرف الصناعي.
فكرة النقل الآني للبشر ما زالت صعبة التحقيق
2- الانتقال الكمي الآني
كثير من أفلام الخيال العلمي اعتقدت بأنه من الممكن أن يتمّ نقل الأجسام بما فيهم البشر من مكان لآخر في نفس اللحظة دون الاهتمام بالمسافة والبُعد المكاني، تماما كما تقوم بإرسال رسالة نصية لأحد الأشخاص؛ فإنها تصل إليه في نفس اللحظة حتى لو كنت تكتبها من مصر وهو ينتظرها في القطب الجنوبي.
وكانت أوّل الأعمال الفنية التي تنبّأت بإمكانية حدوث ذلك، هو المسلسل الأمريكي Star Trek، والذي أُذيع منذ أكثر من 40 عاما، وأثناء مشاهدة المسلسل ستجد أن أبطاله في بعض المشاهد يدخلون إلى غرفة ما في السفينة الفضائية ليخرجوا من الجانب الآخر ليجدوا أنفسهم في مكان مختلف، وهو ما أطلق عليه العلماء الانتقال الآني (Teleporting) ليجمع تقنية الاتصالات Telecommunications والمواصلات Transportation.
على مدار الأعوام الماضية، حاول العلماء تحويل هذا الخيال إلى نظريات فيزيائية، وفي عام 1998 قام فريق من العلماء الأمريكيين بتجربة تمكّنوا فيها من نقل فوتون (جسيم ينقل الضوء) مسافة متر واحد فقط.
وفي عام 2006، تمكّن العلماء من نقل معلومات مخزّنة على شعاع ليزر إلى سحابة من الذرات على مسافة نصف متر، لتصبح أول تجربة واقعية يتم فيها نقل المادة مع الضوء من مكان لآخر فعليا.
وفي عام 2012، تمكّن الباحثون من نقل المعلومات بنفس الطريقة، ولكن على مسافة أكبر وصلت حتى 89 ميلا (أكثر من 140 كيلو)، الأمر الذي سيمهّد الطريق لصنع شبكات اتصال لحظية للكمبيوترات في المستقبل، والذي بالطبع سيكون رائعا؛ حيث إنه أكثر أمانا فلا يمكن اختراقه أو التجسّس عليه بأي طريقة.
ويقول العلماء إن فكرة النقل الآني للبشر والأجسام ما زالت صعبة التحقيق، وأمامها عدة قرون لتصبح حقيقة؛ حيث إن الأمر سيتطلّب استنساخ عدد هائل من الذرات التي تمثّل جسم الإنسان، ونقلها إلى مكان آخر، وإعادة تركيبها كما كانت، الأمر الذي سيتطلّب مليارات من الجيجابايت لتحمل المعلومات الموجودة على ذرات جسم الإنسان، وتنقلها لمكان آخر توجد فيه نسخة مماثلة لنفس الجسم لتستقبل المعلومات الخاصة به.
نظارة Google الذكية تتيح لك تصفّح الإنترنت
3- النظارات الذكية
في رواية Accelerando للكاتب البريطاني Charles Stross -التي صدرت عام 2005- بدا فيها وكأنما يتعجّل Google لتطرح نظارتها الذكية؛ ففي أحداث الرواية تجد أحد أبطالها Manfred Macx يحمل بياناته وذِكرياته على نظارة متصلة بالإنترنت.
وتتيح نظارة Google الذكية -والتي أعلنت عنها خلال هذا العام- للمستخدم تصفّح الإنترنت والوصول لبياناته وحسابه الخاص، بالإضافة إلى التقاط صور مميّزة من خلال الكاميرا الرقمية المثبّتة عليها.
شركات خاصة ترسل بعثات تموينية لمحطة الفضاء
4- رحلات خاصة للفضاء
في أفلام الخيال العلمي الحديثة، يفترض المؤلف إمكانية عمل رحلات استكشافية في الفضاء في مقابل مادي كاستثمار وسياحة، وهذا ما ظهر في فيلم Prometheus؛ حيث تقوم شركة Weyland بالدفع مقابل القيام برحلة استكشافية في الفضاء؛ للتوصّل إلى القمر LV-223 في محاولة لإنقاذ البشرية.
وفي الحياة الواقعية، فقد تعاونت NASA مع شركة SpaceX لتقوم الأخيرة بإرسال بعثات تموينية إلى محطة الفضاء الدولية، بعد أن أُحيلت مركبات وكالة الفضاء للتقاعد.
ويُؤكّد إيلون ماسك -مؤسس شركة SpaceX- أن عنده خططا أخرى كبيرة، بالإضافة إلى إرسال مركبات مأهولة بالناس إلى الفضاء، ولكنه يطمح أيضا في إنشاء مستعمرات للبشر على كوكب المريخ.
بالطبع، ليست هذه هي كل الأحلام التي انتقلت من عالم الخيال إلى عالم الواقع؛ فهناك إنجازات علمية كثيرة تمّ تحقيقها خلال السنوات القليلة الماضية.
ولكن السؤال الأصعب هو: متى يستطيع العالم العربي أن يُشارِك بقوة في تجسيد هذا الخيال إلى حقيقة، ولا يكتفي بمجرّد المشاهدة عن بُعد؟ |