صعدة برس -
بقلم/
زكي الذبحاني
عبثاً يحاول مهربو الأدوية وبائعوها إقناع أنفسهم بأنهم بالأدوية المهربة يسهمون في خدمة المجتمع وإنقاذ الأرواح، مع أن قبح هذه التجارة لا يختلف عليه أثنان من الأطباء ذوي الضمائر الحية، لما تجره على المجتمع اليمني والمرضى- على وجه التحديد- من مآسٍ كثيرة شكلت جزءاً لا يتجزأ من حلقة الأسباب الرئيسية للإصابة بأمراض خطيرة مزمنة واعتلالات جسيمة.
وما تزايد حالات الإصابة بالسرطان والفشل الكلوي واعتلالات القلب وما إلى ذلك من أمراض خطيرة برأي الكثير من الأطباء إلا وللأدوية تلك نصيباً في التسبب بالكثير منها ثم يصير جُل المرضى الذين يقعون في شركها إلى المعاناة دون علم بمكمن المشكلة التي قادتهم إلى المرض.
إنها حقاً- جريمة وعبث ما بعده عبث بصحة وسلامة الناس، صانعوها ومدبروها مهربو الأدوية وبائعوها من تجار الشنط والعاملين في الصيدليات الذين ينتمون إلى زمرة عديمي الضمير والذمة.
وما يشجعهم على الاستمرار في بيع سمومهم مدُعين بأنها أدوية شافية، هو جهل كثير من الناس بخطورة الأدوية المهربة والتي تندرج تحتها- أيضاً- الأدوية المزورة وكذا المجهولة المصدر، ومن ثم يُقبلون على شرائها واستعمالها واضعين ثقتهم ببائعي الأدوية بالصيدليات دون أدنى تحقق من مصدرها، وبالعودة –مثلاً- إلى الطبيب الذي وصف الدواء أو إلى أي صيدلاني آخر متخصص أو حتى على الأقل النظر إلى ختم وكيل الدواء المعتمد رسمياً لمعرفة ما إذا كانت الأدوية التي تم شراؤها مصرحاً بها قد خضعت لإجراءات الفحص والتحقيق وفق المعايير الدوائية المتعارف عليها عالمياً.
على الجميع أن يفيق من غفلته وإذ بالمستشفيات من حولهم تعج بالمرضى من ذوي الحالات المرضية المزمنة والمستعصية، وإذا بهذه الحالات في تزايد مستمر لا يبرره فقط- بموجب الدراسات الدوائية- شيوع أنماط غذائية سيئة دخيلة على المجتمع والتعرض للملوثات أو ما ينجم تأثيرات المبيدات بتلويثها للغذاء بل وجد للكثير من تلك الأدوية التي تدخل تحت تصنيف ( الأدوية المنقذة للحياة) النصيب الأوفر في التسبب بنكسة واتخاذ الأمراض منحاً أسوأ يمكن أن يفضي إلى الوفاة، ذلك لأن الدواء المهرب يخضع أثناء التهريب والنقل أو التخزين لظروف سيئة تُعطل فاعليته أو تحوله إلى مواد ذات سمية فيها خطورة على الصحة، وكما أن الأدوية سلاح للقضاء على الأمراض والاستشفاء نجدها على الطرف الآخر وبال وكارثة إذا ما استهنا بقواعد ومعايير استخدامها والانتفاع بها.
فلا ينخدعن أحد بتاريخ الصلاحية المدونة على أغلفة الأدوية طالما أنها مهربة، يتم التسلل بها خفية في مشهد أقرب إلى الوصف بتجارة المخدرات والممنوعات، حيث يحضرها الخوف والحذر لتبقى متوارية عن الأنظار لا تخضع لإجراءات سلطة الرقابة الدوائية وذلك هرباً من أن تحال للاختيار والفحص لدى مختبرات الهيئة العليا للأدوية بوزارة الصحة فتنكشف حقيقتها النكراء.
إن سكوت المواطن وقد علم أن ما اشتراه من دواء جاء بالتهريب أو أنه مجهول المصدر- برأيي – ليس إلا تقاعساً عن واجبه تجاه مجتمعه في درء المزيد من الخطر الذي يجلبه مجرمو الأدوية من مهربيها وبائعيها على الكثيرين من الأبرياء في المجتمع، وهو بذلك يؤمن المناخات الملائمة لجلب وتكديس المزيد من هذه الأدوية فلا تستقيم الرقابة الدوائية والتفتيش على الأدوية لكشف أوكار وخبايا هذه السموم بمعزل عن تبليغ السلطات الصحية من قبل المواطنين سواءً مكاتب الصحة أو حتى وزارة الصحة ذاتها.
الجمهورية نت |