صعدة برس - *-أحمد الصوفي
كان السفير الأمريكي صريحاً وأميناً ودقيقاً في طرحه حول الشأن اليمني والصخب الذي صاحب نشر تفاصيل المؤتمر الصحفي يوم الأحد الماضي في البرلمان والحكومة والصحافة، وحتماً الأطر الحزبية.
وإذا ميزنا بين ما هو مقبول ووصف بالتصرف الأخرق والأهوج كونه لا يلتزم بالأعراف والتقاليد الدبلوماسية وهو جرح ما زال ينزف في قلب الإحساس بدخول السيادة الوطنية اليمنية في كنف الوصاية الأمريكية، وأصبح السيدان جون برينان الذي يمسك ملف الإرهاب والذي قد يترقى ليكون مديراً لوكالة الاستخبارات الأمريكية بالشراكة مع السيد جيرالد فاير ستاين السفير الممدد له بصورة استثنائية في اليمن ليحتكرا ويختزلا علاقة اليمن ضمن حاجات القلق الأمني الأمريكي وهو ما يجعل تصريحاته الأخيرة حول ترشح هادي للرئاسة خلال المرحلة الانتقالية تصريحاً دقيقاً ويلبي حاجات التسوية الأمريكية ويعزز خارطة مكاسبها عن طريق قضية الرئيس وكأنها مسألة أمريكية صرف وجزء من جهود الحرب على الإرهاب، وأنا أتعاطف بل أحبذ فكرة أن يترشح هادي رئيساً توافقياً في انتخابات تنافسية عام 2014م، لكن السيد فاير ساتين خبصها وأساء للرجل الرئيس أكثر مما أفاده، لقد كان المؤتمر الصحفي وابلاً من تحطيم الجسور التي يفترض أن يسير عليها هادي، إذا كان السفير الأمريكي صادقاً فيما قال كيف يقترحه رئيساً محتملاً وهو يعلم أن اليمنيين يشعرون أن جميع السلطات باتت مرتهنة لإرادة الولايات المتحدة الأمريكية، ومنهمكة في إشباع متطلبات حربها على الإرهاب حداً يدفع السفير لأن يأتي بالشيء ونقيضه، فمن ناحية يقول أن هادي يصدر الأوامر لأمريكان ليمارسوا جولات صيد مواطنين يمنيين بطائرات من غير طيار تحت بند الحرب على القاعدة أي شعب سوف ينتخب قائداً له لمرحلة قادمة يمنح أمريكا حق أن تصول وتجول في اليمن لتقتل هذا وتجرح ذاك، وتحدث مجزرة هنا، وتروع ساكنين هناك، كما أن من أبجديات الترويج السياسي لمرشح قادم لا يأتي من سفير دولة ترتبط بعلاقة بقاء وغموض كحالة الولايات المتحدة الأمريكية الراهنة.
إن فكرة ترشيح هادي واحدة من الممكنات السياسية لكنها بمجرد أن صدرت من السفير الأمريكي فإنه قضي على 50% من مشروعيتها وقوتها ومنطقيتها وبالتالي وضع المدافعين عنها في خانة الأتباع والعملاء الطيعين في تنفيذ أجندة أمريكية بأدوات يمنية كما أنه أفرغ مهابة رئاسة الجمهورية عندما ألمح من غير قصد أو بقصد بأنه هو من صنع الرئيس وقادر على مد فترته بعناصر من الأكسجين السياسي وهو لعمري أسوأ دعاية مناهضة لهادي قبل إقرار فكرة الترشيح من عدمه ضمن أطراف التسوية ولا أدري إن كان السفير بهذا الفعل يعلن غضبه من هادي أم أنه كان يتقصد الإساءة لهادي والشعب اليمني الذي اكتشف خلال المؤتمر الصحفي أن له رئيسين لفترة انتقالية واحدة.. نعم خبصتها يا جيرالد.
أظن أن جيرالد السفير يحتاج لاستقرار وتأمين وضمان أطول مرحلة هدوء سياسي تعيد العافية لأركان وزوايا اتفاق التسوية التي لا شك أنها ستمر بمراحل اختبار ولأن هادي نقطة التقاء أراد أن يجعل منه حصان رهان لمرحلة ما بعد إنجاز جميع فصول التسوية وحتى لا تكون الانتخابات سبباً لانهيار الهدنة فأعاد تقديم فكرة انتخاب هادي لما بعد الفترة الانتقالية.
تبدو المقاصد طيبة ولكنها حصيلة تفكير ضيق بالغ اليمنيون في توقيره جداً جعله يتمادى في ادعاء الولاية والرياسة عليهم في بيتهم وعلى مصيرهم، وفي رأيي أن الرد على هذه الإساءة أن يقوم الأمين العام بالاتفاق مع رئيس المؤتمر بالإعلان عن موعد عقد المؤتمر العام الثامن وتكون فكرة تسمية مرشح المؤتمر في الانتخابات الرئاسية القادمة بنداً في جدول أعمال المؤتمر العام ليكون مرشحاً لهذه المهمة عن حزبه وليس من قبل السفير الأمريكي وتعقد الأحزاب الأخرى مؤتمراتها إما لتسمية هادي مرشحاً توافقياً أو تتقدم بمرشح منافس له وبهذه الطريقة نكون قد رددنا على السفير واستفدنا من حكمته ونعلم أن رد الجميل هو الذي دفع جيرالد فاير ستاين فهو ممتن للرئيس عبدربه منصور هادي الذي كان وراء أن يمدد له فترة بقائه في اليمن لكن الأمر شتان بين قرار دبلوماسي تتخذه وزيرة الخارجية وبين قرار يتخذه شعب ليمنح أحد أبنائه شرعية حكمه لأجل يسميه الدستور.
ونقول: خبصتها يا جيرالد كالذي أراد أن يكحلها فعماها.
*صحيفة اليمن اليوم |