عبد الجبار سعد - - -1-
يا سقى الله ذاك الزمان حيث كان هناك معسكران وكنا نرى الدنيا بعيون أخرى ونقيس الأمور بمقاييس تختلف كثيرا عن مقاييس هذا الزمان .. كان الناس يسمون الغرب قوى استعمارية..وحتى أمريكا كانوا يقولون عنها أنها قائدة المعسكر الامبريالي العالمي وكانوا يسمون التعامل معها عمالة والمتعاملين معها عملاء وخونة ومأجورين ومرتزقة ..
كان يكفي أن يعرف الناس أن فلانا له علاقة بأمريكا حتى يفقد عذريته الأخلاقية وطهارته السياسية ويتحول إلى خائن ,وعميل .وقد مضى ذلك الزمن الجميل إلى عير رجعة كما يبدو .
-2-
في زمن القطب الواحد أصبحنا ننظر إلى كل من عمّدته أمريكا من أحزاب المعارضة أو حتى من الشخصيات البعيدة عن السياسة وعن الأحزاب على أنه قائد ذو شأن عظيم ومن لم تعمده أمريكا فهو نكرة لا قيمة له رأيا ولا موقفا ولاشانا حتى لو كان ذو شان عظيم حقيقة في بلاده وبين صفوف شعبه وذو مكانه يحسده عليها الكثير .
وأصبح الساسة يتحدثون عن علاقتهم مع أمريكا بنوع من الفخار والاعتزاز .. ويقولون أنهم شركاء أمريكا وهم شركاء الثمانية الكبار وهم شركاء الإتحاد الأوربي ويدخلون سفارات هذه الدول كأنهم يدخلون مساجد للصلاة .. دون أن يرف لهم جفن ولا تندى وجوههم حياء مما يصنعون ..
حتى وزارة الداخلية وبقية الجهات الأمنية التي كانت تراقب التخابر مع السفارات وتلقي القبض على كل من ثبتت عمالته لأي منها أصبحت تكتفي بشرط أن يكون الداخل شخصية ويحمل بطاقة تعرف الناس به حفاظا على الناحية الأمنية ليس إلا هذا هو زمن القطب الواحد .
-3-
رشح عن لقاء المعارضة مع وزيرة خارجية أمريكا أنها بعد أن استمعت إليهم كثيرا وهم يتحدثون عن النظام سألتهم ما هي رؤيتهم للحكم المراد إحلاله فكأنهم فوجئوا بهذا السؤال والتفت بعضهم إلى بعض دون أن يدروا ما يقولون فاستدركت الأمر وقالت لهم يجب أن يكون لديكم رؤية لطبيعة الحكم الذي تريدون أولا ..
بعضهم قال أن هذا السؤال ألقاه إليها رئيس الجمهورية ولم تكن تدري به !!.
في الواقع لو أنهم سمعوا مايقوله لهم الكثيربمن فيهم الرئيس لما وقعوا في هذا الموقف المحرج .. فلطالما قيل لهم يا أيها السادة يجب أن يكون لكم برنامج لإصلاح ماترون أنه فاسد من أوضاعنا اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وقضائيا وغيرها وبهذا المشروع تستطيعون أن تحشدوا ليس الشارع وكل المستقلين وغيرهم من خارج النظام فحسب بل والكثير من داخل النظام والحزب الحاكم الذين هم متذمرون من الفساد وباحثون عن تغييره ربما أكثر منكم ولكن لا سماع لمن تنادي فهل سيدفعهم هذا لوضع مشروع متكامل للإصلاح ويحشدون أنفسهم وغيرهم لأجله بعد الآن .
-4-
في كل مرة تتحرك فيه الدولة لمواجهة تمرد أو لتتبع مجرمين جناة أو لبسط هيبتها وسيطرتها الأمنية وإيجاد حالة
من الاستقرار في منطقة مضطربة نسمع من أحزاب اللقاء المشترك بيانا ت تستنكر وتحذر من التداعيات لهذه الخطوة أو تلك !!.. ومع يقيننا أنه لا يوجد أي موقف سلبي أو إيجابي لا يحمل في طياته أية تداعيات لكننا نستغرب دوما أن يكون الموقف هو التحذير من تداعيات التصرفات التي من شانها بسط هيمنة النظام والقانون في أرجاء البلاد ومواجهة العصيان والتمرد وحالة الفوضى .. دون إدانة الحوادث التي سببت ردود الفعل هذه .. فحينما تسيل دماء الناس بالطرقات وتنهب أموالهم ويعتدى على ممتلكاتهم لا يكون ذلك الفعل من عصابات قتلة ومجرمين مستوجبا للإنكار ولا يحمل اية تداعيات ولكن عندمايكون السير باتجاه الحد من هذه التصرفات ومعاقبة مرتكبيها نسمع التحذير من التداعيات ..
ماذا يجب أن يكون موقف الحكومة من مثل هذه الحوادث .. ؟
في يوم واحد يسقط 18 قتيل من أفراد الجيش والأمن من دون الجرحى بطريقة عبثية لا تحمل أي معنى غير القتل لذات القتل ولا شيء غيره ..
هل دماء هؤلاء رخيصة لدرجة أن أي رد فعل من جانب الحكومة لتتبع الجناة والمحرضين على قتلهم يعتبر جريمة تستوجب الإنكار والتحذير من التداعيات .. ؟
هذا هو منتهى الاستخفاف بحرمات الناس وتحكيم الهوى للوصول إلى أهداف غير نبيلة مهما كان طلابها .
-5-
تم إيقاف وزير النفط ومدير عام شركة النفط بتوجيه رئاسي لفشلهما في توفير المشتقات النفطية للمستهلكين .. هل ننتظر تحذيرا من التداعيات الخطيرة لمثل هذا القرار أم مباركة المشترك ام صمت الحكماء وكأن الامر لاعلاقة له بالناس .
|