صعدة برس-متابغات - بدأ الرئيس التونسي المنصف المرزوقي الاربعاء محادثات مع مسؤولي الاحزاب السياسية لايجاد خليفة لرئيس الوزراء المستقيل حمادي الجبالي، الامين العام لحركة النهضة الاسلامية التي تقود الائتلاف الحكومي، وتكليفه بتشكيل حكومة جديدة تخرج البلاد من ازمتها السياسية العميقة.
والثلاثاء قدم الجبالي استقالته الى المرزوقي بعدما رفضت "النهضة" مبادرته تشكيل حكومة تكنوقراط لا تضم حزبيين، لاخراج البلاد من ازمة سياسية اججها في السادس من الجاري اغتيال شكري بلعيد (49 عاما) المعارض اليساري البارز لحكم الاسلاميين.
وينص الفصل 15 من "التنظيم المؤقت للسلط العمومية" في تونس على انه "عند حصول شغور في منصب رئيس الحكومة (...) يتولى رئيس الجمهورية تكليف مرشح الحزب الحاصل على اكبر عدد من المقاعد في المجلس التاسيسي (...) بتشكيل الحكومة (...) في اجل لا يتجاوز 15 يوما من تاريخ تكليفه" بتشكيلها.
وتملك حركة النهضة اكبر عدد من مقاعد المجلس التأسيسي (89 من اجمالي 217).
واعلن راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الاسلامية بعد محادثات مع رئيس الجمهورية الاربعاء ان الحركة لم ترشح بعد رئيسا جديدا للحكومة خلفا للجبالي.
وقال الغنوشي للصحافيين "لم نصل بعد الى مرحلة ضبط الاسماء (اسماء المرشحين لتولي رئاسة الحكومة)، نحن في اتجاه لمزيد من التشاور".
وتابع "البلاد تحتاج الى حكومة ائتلافية تشارك فيها اوسع الاحزاب والكفاءات، ونحن على اتفاق ان هذه الحكومة ينبغي ان تتشكل في وقت وجيز لا يتجاوز هذا الاسبوع".
وردا على سؤال حول احتمال ترشيح حركة النهضة للجبالي مجددا لرئاسة الحكومة، قال الغنوشي ان هذا "الموضوع للمدارسة ونحن في حديث مع الاخ حمادي الجبالي".
وقال صحبي عتيق رئيس الكتلة النيابية للنهضة في المجلس التأسيسي في تصريح نشرته الاربعاء جريدة "المغرب" التونسية "اذا قبل الاخ حمادي الجبالي الانخراط في سياسات الحركة ومواقفها بشان تشكيل حكومة ائتلاف وطني تضم الكفاءات الوطنية الحزبية، فسيكلف برئاسة الحكومة مرة اخرى، واذا رفض ذلك فستختار الحركة رئيسا جديدا للحكومة".
وردا على سؤال حول المرشحين المفترضين لرئاسة الحكومة خلفا للجبالي، قال عتيق، المحسوب على الجناح المتشدد في حركة النهضة، "هناك العديد من المرشحين فبالاضافة الى (وزير الصحة الحالي عبد اللطيف) المكي تعج الحركة بالاسماء".
والثلاثاء اعلن الجبالي انه لن يقبل رئاسة الحكومة مجددا ما لم يتم تحديد "تاريخ نهائي للانتخابات" العامة المقبلة وما لم تكن الحكومة بعيدة عن "التجاذبات السياسية والحزبية".
وبحسب الفصل 15 من "التنظيم المؤقت للسلط العمومية" يتعين على الشخصية التي يرشحها الحزب صاحب الاغلبية في المجلس الوطني التاسيسي أن يقدم "تركيبة الحكومة وبيانا موجزا حول برنامجها" الى رئيس الجمهورية "في اجل لا يتجاوز 15 يوما من تاريخ تكليفه" بتشكيلها من قبل الرئيس.
ويحيل رئيس الجمهورية تشكيلة الحكومة الى المجلس الوطني التأسيسي للمصادقة عليها. ويتعين ان تحصل التشكيلة الحكومية على ثقة "الاغلبية المطلقة" من نواب المجلس (109 نواب من اجمالي 217).
وقالت مية الجريبي الامينة العامة للحزب "الجمهوري" (يسار وسط) الاربعاء بعد محادثات مع المرزوقي ان "تونس بحاجة الى حكومة في اسرع وقت، وباوسع توافق ممكن"، مشددة على ضرورة ان تكون الحكومة "محدودة العدد" وتضم "كفاءات متحزبة وغير متحزبة".
وشددت على ضرورة ان تكون الوزارات السيادية في الحكومة "محايدة".
وتهيمن حركة النهضة على 3 وزارات سيادية في الحكومة المستقيلة هي العدل والخارجية والداخلية.
وابدت حركة النهضة استعدادها للتخلي عن وزارتي العدل والخارجية لكنها تتمسك بوزارة الداخلية التي يتولاها علي العريض القيادي في الحركة.
واكد عتيق في تصريحه الصحافي "نحن ضد تحييد وزارة الداخلية لان هناك عملا كبيرا داخل وزارة الداخلية والوضع الامني يعاني الهشاشة وهناك عنف واغتيال وابحاث جارية بالاضافة الى ان اي تغيير على مستوى وزارة الداخلية سيربك البلاد وقد يثير الفوضى ويربك اجهزة الداخلية وسيعطي رسالة سيئة عن الوضع الامني في البلاد".
وتقول احزاب معارضة ان حركة النهضة "اخترقت" وزارة الداخلية عبر تعيين موالين لها في مناصب قيادية بالوزارة.
ومؤخرا،اتهمت وسائل اعلام وزارة الداخلية يتدبير عملية اغتيال شكري بلعيد بتعليمات من "النهضة" لكن الحركة والوزارة نفتا هذه الاتهامات بشدة.
وعلى الصعيد الدولي، عبرت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون الاربعاء عن "احترامها الشديد" لقرار حمادي الجبالي الاستقالة من رئاسة الحكومة، داعية جميع الفعاليات في الحياة الاجتماعية والسياسية الى "حوار صادق" مع "حرص مشترك لصون ترسخ الديمقراطية في تونس".
كما اعرب وزير الخارجية الالماني غيدو فيسترفيله الاربعاء عن "احترامه" للجبالي ودعا "القوى السياسية كافة الى اعلاء فكر الحوار وتجاوز الخلافات التي تقسم البلاد حاليا".
وتأتي الازمة السياسية التي تعيشها تونس حاليا لتعمق من المشاكل الاقتصادية والاجتمياعية والامنية التي تعاني منها البلاد منذ الثورة التي اطاحت في 14 كانون الثاني/يناير 2011 بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
والثلاثاء خفضت وكالة التصنيف الائتماني "ستاندرد اند بورز" تصنيف تونس درجة واحدة من "بي بي" الى "بي بي سلبي" مع "آفاق مستقبلية سلبية" بسبب "تدهور الوضع السياسي" و"مخاطر الانتقال الديمقراطي".
*( ا ف ب) |