صعدة برس-متابعات - تواجه مدينة زبيد التاريخية في غرب اليمن خطر الخروج من قائمة التراث العالمي مع اقتراب موعد انعقاد الدورة الـ37 لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) في كمبوديا خلال يونيو/حزيران القادم، والتي ستمثل آخر فرصة للحكومة لتقديم تقريرها بشأن تنفيذ التزاماتها تجاه المحافظة على المدينة وصيانة مبانيها القديمة ومنع البنايات العشوائية فيها.
وتزداد المخاوف مع انتهاء المهل الأربع السابقة الممنوحة للحكومة من قبل اليونسكو دون اتخاذ إجراءات عملية لحماية المدينة، وهو ما قد يفضي إلى خروج زبيد من قائمة التراث وحرمان أي مدينة يمنية أخرى من الدخول لمدة عشرين عاما.
وتعتبر مدينة زبيد التي اختطها محمد بن زياد مؤسس الدولة الزيادية في العام 204 للهجرة أول مدينة إسلامية في اليمن، وسميت باسم الوادي الذي تقع في منتصفه (زبيد ورماع)، وهي تابعة لمحافظة الحديدة غرب البلاد.
ونظرا لمكانتها العالمية أصدرت منظمة اليونسكو عام 1993 قرارا باعتبار المدينة معلما حضاريا تاريخيا ضمن معالم التراث الإنساني العالمي، وفي مارس/آذار 1998 صنفت ضمن المدن التاريخية العالمية.
وللمدينة خمسة أبواب، هي باب سهام في الشمال والشبارق في الشرق والقرتب في الجنوب والنخيل في الغرب وباب النصر في الجنوب الشرقي.
وحظيت زبيد بمكانة علمية مرموقة مما جعلها مهوى أفئدة العلماء من كل حدب وصوب، حتى ارتبط اسمها بالأسماء المهمة مثل المرتضى الزبيدي صاحب معجم "تاج العروس" الذي يعتبره الباحثون ذروة نتاج المعاجم اللغويّة. كما كانت محطة مهمة في أجندة الرحالة العرب والأجانب الذين زاروا اليمن في مختلف المراحل التاريخية.
ويوجد في المدينة حوالي 29 مسجداً، أشهرها جامع الأشاعر الذي أسسه الصحابي الجليل أبو موسى الأشعري في السنة الثامنة للهجرة، فضلا عن وجود 53 مدرسة علمية إسلامية تمثل المذاهب الإسلامية المختلفة.
وتميزت زبيد بعادات وتقاليد وفلكلور شعبي وغنائي ورقصات تراثية غنية اشتهرت بها المنطقة، ومن أبرز معالمها السوق القديمة.
ويلقي أهالي زبيد باللائمة على الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية في إهمال المدينة ووصولها إلى مستوى خطير قد يبعدها من لائحة التراث الإنساني، وذلك بعد أن استبشروا خيرا عقب اختيار مدينتهم ظنا منهم أن حياتهم ستتغير للأحسن.
ويقول الناشط أحمد النعمي -وهو أحد أبناء المدينة - إن المواطنين يتعرضون للابتزاز من قبل الهيئة التي تمنعهم من ترميم منازلهم، وتعتقل من يقوم بذلك مع تغريمه ماليا دون أن تقوم بدورها في حماية المنازل وترميمها كجهة معنية بالحفاظ على المدينة.
وأوضح النعمي في حديث للجزيرة نت أن السكان أصيبوا بخيبة أمل كبيرة بعد تبخر أحلامهم في أن يؤدي إدراج مدينتهم ضمن قائمة التراث إلى تحسين أحوالهم المعيشية والسماح لهم بالبناء، لافتا إلى أنه تعرض للاعتقال والغرامة بسبب قيامة بترميم حائط منزله، ومثله تعرض آخرون للمعاملة نفسها.
دور الحكومة
بدوره، أكد أمين عام اللجنة الوطنية لليونسكو الدكتور أحمد المعمري أن الحكومة لم تقم بدورها ولم تنفذ التزاماتها حيال الحفاظ على المدينة، كما أنها لم تقدم تقريرها الأولي بهذا الخصوص الذي كان محددا له أول فبراير/شباط الجاري.
وقال المعمري للجزيرة نت إنه لا توجد جهود عملية ملموسة على أرض الواقع حتى الآن بالرغم من المهل الأربع السابقة التي أعطيت للحكومة بين 2009 و2012، مشيرا إلى أن زبيد ستخرج من قائمة التراث العالمي في حال استمر الوضع على حاله، وهو ما سيؤدي إلى خروج الثقافة اليمنية بالكامل، وحرمان المدن الأخرى من الدخول لمدة عشرين عاما قادمة.
وجدد المعمري دعوته للتحرك بجدية لإنقاذ زبيد التاريخية كونها "تحفة نادرة من مدن الروح، وفيها ما يدعو للاهتمام، وبقاؤها مهم للسياسة والاقتصاد والتاريخ والجغرافيا والمستقبل، وهي ذاكرة جمعية لتاريخ مهم".
في المقابل أكد منسق لجنة الحفاظ على زبيد بوزارة الثقافة عبد الوهاب اليوسفي أن الحكومة أقرت مؤخرا مخطط المدينة التاريخية، واعتمدته كمرجعية للمدينة، وأشار إلى أنها تسعى لاستكمال إقرار مشروع قانون المحافظة على المدن التاريخية المطروح أمام مجلس النواب بانتظار الموافقة عليه.
وقال في حديث للجزيرة نت إن مخططات الحفاظ هي التي تحدد المباني المخالفة وتلك التي تحتاج إلى معالجات، وتحدد الشوارع والساحات العامة والمنتزهات.
وأشار إلى أن الحكومة أعدت الخطة الإدارية التي تحدد التنمية البشرية وتحسين مستوى دخل الناس، فضلا عن تنفيذها جملة مشاريع كرصف الشوارع وترميم المنازل القديمة وإنشاء مدينة سكنية، وكذا موافقتها على تشكيل لجنة لحصر المنازل المخالفة مع تعويض السكان الذين لديهم رخص قانونية للبناء. |