- أصبح هذا الميناء الذى كان من قبل هادئا يضج بالصخب ويعج بالمتسوقين، الذين يجوبون السوق المزدحمة، وتنتظر صفوف من السيارات بصبر فى إشارات المرور، وهو

الخميس, 21-مارس-2013
صعدة برس-خاص -
أصبح هذا الميناء الذى كان من قبل هادئا يضج بالصخب ويعج بالمتسوقين، الذين يجوبون السوق المزدحمة، وتنتظر صفوف من السيارات بصبر فى إشارات المرور، وهو مظهر نادر على النظام فى دولة تدور معارك الشوارع فى أغلب مدنها، فمازالت طرطوس واحة هادئة - على الأقل حتى الآن - تزدهر محمية بنقاط تفتيش تابعة للجيش على مشارف المدينة وسط الدمار الذى تشهده سوريا.

ويرجع ذلك جزئياً إلى أن المدينة تضم الكثير من أفراد الطائفة العلوية الشيعية التى ينتمى لها الرئيس بشار الأسد، والتى تشعر حاليا أنها مهددة بسبب الانتفاضة ضد حكمه التى يقودها السنة.

وليست طرطوس فقط ملاذا لآلاف المدنيين الفارين من العنف، بل مركز جذب للتجار الذين يرغبون فى الإبقاء على سير أعمالهم، فيما يعتبرونه مقرا مؤقتا.

ويقول سامر بائع الأحذية الذى أغلق متجرا فى مدينة حمص بوسط سوريا قبل عام وانتقل مع أسرته إلى طرطوس، "طرطوس تعيش عصرها الذهبى فيما يتعلق بالأعمال وإذا كان التاجر ذكيا فأمامه فرصة يمكنه استغلالها".

ويحرص الكثيرون على إقامة أعمال فى المدينة الآن، فى حين يخططون للقيام بخطوة لها صفة الدوام مع شعورهم بالقلق على مستقبلها فى الأجل الطويل.

وقال أبو أحمد وهو سنى يستورد احتياجات المدارس من الصين "لن أبقى هنا طويلا، أنا فقط أحاول بيع ما لدى لأغادر على الأرجح إلى مصر".

وارتفع عدد سكان المدينة المطلة على البحر المتوسط إلى 1.6 مليون نسمة من نحو 938 ألف فى السابق وفقا لتقديرات السكان.

وتمتلئ الشوارع بصور الأسد وليس هناك دلائل تذكر على الانتفاضة التى تمزق بقية البلاد سوى صور شبان قتلوا فى معارك خاضوها إلى جانب قوات الرئيس السورى.

ويقول السكان، إن تدفق الأعمال على طرطوس ازداد بعد أغسطس 2012 عندما وصل المعارضون إلى حلب أكبر المدن السورية وفتحوا جبهة قتال جديدة تشهد حاليا مواجهات دامية.

وكانت حلب تضم عددا كبيرا من التجار الأثرياء السنة مثل أبو أحمد الذى انتقل إلى طرطوس بعد بدء القتال.

ويقول تجار محليون إن قوانين تم تفعيلها حديثا سهلت على أصحاب المتاجر والمصانع نقل معداتهم إلى مدن أكثر أمانا. ويعتقدون أن هذه الإجراءات تهدف إلى توجيه الأعمال إلى طرطوس وتشجيع التجار السنة على الانتقال إلى هناك.

وقال أمير وهو مندوب مبيعات مسيحى من طرطوس، "يبدو أن الحكومة تدعو السنة الأثرياء للحضور إلى الساحل، لكن السنة الفقراء يخرجون من سوريا إلى مخيمات لاجئين".

وشلت الحركة فى حلب المركز التجارى لسوريا والواقعة فى شمال البلاد بسبب معارك شوارع وغارات جوية، ودك جانب كبير من وسط حمص التى كانت ذات يوم مركزا تجاريا إقليميا وسويت بالأرض بعد قتال استمر أكثر من عام، وعزلت حماة التى كانت مركزا صناعيا بسبب القتال.

وإلى جانب الحماية العسكرية فإن طرطوس موصولة بالعالم الخارجى عبر مينائها، حيث تصل شحنات الوقود والحبوب وغيرها من الإمدادات.

وقال أمير ضاحكا، "مصائب قوم عند قوم فوائد"، وتابع "ليس هناك مكان يمكن شراء الوقود منه سوى طرطوس.. لذلك يأتى أصحاب السيارات لملء خزاناتهم وبما أنهم قطعوا الطريق إلى هنا يمكنهم كذلك شراء كل احتياجاتهم."

ولم تعد مراكز صرف رواتب العاملين فى الحكومة موجودة سوى فى طرطوس والعاصمة دمشق. كما انتقلت البنوك وشركات التأمين الخاصة إلى طرطوس.

وتستفيد العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم من الفرص المتاحة فى طرطوس لكنها تشعر أنها ليست دائمة، إذ تخشى أن تصل الأزمة التى تمزق بقية البلاد فى نهاية الأمر إلى طرطوس.

ونقل التجار الأكبر أصحاب الأصول الضخمة أعمالهم بالفعل إلى أماكن يأملون أن تكون أكثر استقرارا على المدى البعيد مثل تركيا ودبى والمنطقة الكردية فى شمال العراق ومصر ولبنان.

ويقول أمير رجل الأعمال، "ليس هناك ما يضمن أن يدوم الاستقرار.. لا أحد يعلم، بين ليلة وضحاها قد تصل إلى هنا المشكلات التى تواجهها بقية أرجاء سوريا".

وتحجم الشركات الأصغر حجما عن شراء عقارات فى طرطوس، وساعد ذلك فى دفع أسعار الإيجارات للارتفاع إلى ثلاثة أمثالها قبل القتال.

والمشروعات السكنية أو المبانى الجديدة أصبحت نادرة جدا، كما أصبحت مواد البناء غالية الثمن، وبالنسبة للكثيرين من سكان طرطوس هناك خوف مقيم من أنها مسألة وقت قبل أن تصل الأزمة إلى مدينتهم.
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 04:29 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-11946.htm