- المبادرة والوطن ومؤتمر الحوار ..!!

الخميس, 21-مارس-2013
صعدة برس -
بقلم/ طه العامري -
حين عادت الوحدة اليمنية في مايو 1990م لم تكون مجرد انجازا عابرا ولا حدثا استثنائيا حققناه وحسب , بل كانت ولا تزل وسوف تستمر الوحدة اليمنية قدرنا الحتمي وهدفنا الغالي والسامي والحضاري , ما حدث بعد 22مايو 1990م لا علاقة للوحدة كقدر فيه بل أن ما حدث يتصل برؤى ومفاهيم وقناعات "النخبة " السياسية التي أدارة " الوحدة" وأوصلتنا إلى ما نحن عليه من حالة انشطار وجداني وتمزق سياسي وفكري حتى صرنا نمشي بلا هدى ولا كتاب منير فيما قبلنا طائعين تسليم رقابنا لمن لم يشعر يوما بهذا القدر الحتمي الذي هو " الوحدة" وماذا يعني في ثقافتنا وأدبياتنا وقناعتنا الفكرية والروحية ..
بيد أن ما حدث في فبراير 2011م كان الفعل الاسواء في مسارنا التاريخي حين قررنا الذهاب إلى " مقصلة الانتحار " الجمعي وبطواعية وفي حالة وجدانية مستلبة نبحث عن " ذات فردية" على حساب "الذات الوطنية" وعلى حساب الهوية والانتماء .. يومها وبعد الكثير من الجراحات والارهاصات الدامية كانت ما اطلق عليه ب" المبادرة الخليجية" والياتها التنفيذية بمثابة "الملاذ" هذه المبادرة التي كبرنا وهللنا لها وحولها بعضنا إلى ما يشبه " الكتاب المقدس" حتى صرنا لا نقول كلمة أو نطلق عبارة ذات صلة بالشأن الوطني إلا وتبعناها بعبارة " المبادرة الخليجية" ويبدوا أن هذا التطرف الذي تعاطينا به مع " المبادرة الخليجية والياتها التنفيذية" لم يكن سواء شكل من أشكال ذر الرماد على العيون وإلهاء الناس عن حقيقة ما يعتمل وما يخطط له الأخرون لليمن الأرض والإنسان .. فها هي المؤشرات التي تتضح معالمها ونحن على اعتاب ما يسمى ب" مؤتمر الحوار الوطني " توحي إننا ذاهبين لمرحلة اكثر قتامة في انشطارها من " التشطير" ذاته فمشروع " الأقلمة" لم يكون يوما خيار ولا كذلك " الفدرلة" ولن يكون هناك أقلمة أو فدرلة وفق المعطيات الدالة على أن كل هذه الشعارات مجرد مفاهيم " تخدير" لما هو أسواء وأشد قتامة ينتظر اليمن والشعب اليمني , ليس لأن هذا البلد قد رهن سيادته وقراره وهناك من نصب نفسه " وصيا " على اليمن قهرا وقسرا وعنوة مستغلا حاجة اليمن للمساعدات وهي المساعدات التي ليس لها أثر ملموسا بقدر ما هي مجرد " وعود كاذبة" لم تصدق منذ دخلت اليمن شريكا في " مكافحة الإرهاب" قبل عقود وهي الشراكة التي لم تجني منها اليمن غير التبعات الكارثية المقيتة..
اليوم يتحدث الناس عن " مؤتمر الحوار الوطني " الذي قد تم تجهيز كل مخرجاته السياسية والفكرية والاجتماعية بل وحتى المخرجات الجغرافية من خلال مفهوم " الأقاليم" وهو مفهوم لم تشير له " المبادرة الخليجية ولا الياتها المزمنة " إذ لم تتحدث المبادرة ولا الياتها عن " هيكلة الجيش " ولكنها تحدثت عن ازالة المظاهر المسلحة وعودة الجيش إلى ثكناته وتوحيد المؤسسة العسكرية وهو ما لم يحدث فيما الإيغال بالحديث عن "المبادرة الخليجية والياتها" كان يعني الدوس على هذه المبادرة وابتكار مفاهيم مصطلحات بعيدة عنها وبالتالي ووفق المبادرة الخليجية المهجورة والمتجاهلة من قبل كل الأطراف الذين صمتوا وسكتوا وغضوا الطرف عن ما فرضته المبادرة الخليجية والياتها وعن ما يجري ويعتمل في الواقع بعيدا عن المبادرة وضوابطها لدرجة أن حتى " الدستور " قد تم صياغته ومن ثم إعادة هيكلة " الوطن الأرض والإنسان" بعيدا عن المبادرة وفي حالة سافرة من العبث بمقدرات وطن ومشاعر وإرادة شعب .
أن المبادرة الخليجية والياتها المزمنة وضع ضوابط ومحددات لحل الأزمة السياسية _ تأملوا المبادرة والياتها لم تعترف بما يطلق عليه الشباب ثورة بل وصفت الحالة اليمنية ب" الأزمة"_ وبالتالي فأن هذه المبادرة التي يفترض أنها جاءت لتحل أزمة اليمن تحت سقف " الوحدة" وتحافظ على أمن وسيادة واستقرار الجمهورية اليمنية وهكذا نصت ايضا القرارات والبيانات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي والمجتمع الدولي , إذا كيف ولماذا ومن ابتكر حكاية الاقاليم والهيكلة المؤسساتية والجغرافية فيما المبادرة والياتها وكل القرارات الدولية ذات الصلة تحدثت عن تهيئة الأجواء وتعهدت بحماية أمن واستقرار ووحدة اليمن ..
نعم ثمة مخططات سرية تحاك لليمن ابطالها من الخارج والداخل ويتم تسريب فصول هذا المخطط تدريجيا وبهدوء لنجد انفسنا في لحظة ماء تحت مقصلة الأمر الواقع ,مع الأخذ في الاعتبار أن هذا المخطط واضح وابرز معالمه أن المحاور الدولية لا تعنيها اليمن إلا بمقدار ما لها من دور وتأثير على مضيق باب المندب وخليج عدن ومن اجل هذه الممرات الاستراتيجية يتدخل المجتمع الدولي ويسعى لفرض سيادته على هذه الممرات الدولية حفاضا على مصالحه الاستراتيجية وخشية من إقدام " إيران" على إغلاق مضيق " هرمز" وهو الإغلاق الذي سيجعل المشتاق النفطية تصل لأوروبا وأمريكا من منابعها في الخليج في ستة أشهر وهذا يعني الكارثة وبالتالي ولمن لا يعلم فأن 2200كم وه الشريط الساحلي اليمني قد أصبح منذ تفجرت الأزمة في بلادنا بعهدة المجموعة الأوربية التي تشرف وتدرب وتسلح وتمول خفر السواحل اليمني وتتحكم بكل نشاطه وهذا يدل على أن مضيق باب المندب وخليج عدن هما الهدف والأهم لدى المجتمع الدولي الذي يسعى عبر بعض محاوره على السيطرة والتحكم بهذا الممرات فيما اليمنيين في الداخل يذهبوا للجحيم ..بل حتى إدخال إيران كطرف في الصراع الداخلي فعل له أهدافه المحورية ولإعطاء الوضع في الداخل اليمني إحساسا بخطورة ودقة المسار والمرحلة ..
يؤسفني أن أقول هذا ولكن ايها اليمنيون أنتم تتجهوا إلى مرسى " الانفصال والتشطير " صدقوا أو لا تصدقوا فقادم الأيام كفيل بكشف الحقيقة , وبالتالي عليكم أن بقى لديكم قدر من حمية وطنية أن تتمسكوا بالمبادرة الخليجية والياتها المزمنة وقرارات وبيانات مجلس الأمن واعلموا أيها اليمنيون أن لا رئيس الجمهورية ولا الحكومة ولا اللجنة الوطنية للحوار ولا اللجنة الفنية ولا اللجنة العسكرية يعلموا وفق المبادرة الخليجية وكل ما يجري من تفاعلات بما فيها جدول أعمال المؤتمر الوطني للحوار لا يتسق مع نصوص المبادرة الخليجية والياتها وإلا عودوا للمبادرة والألية وأطلعوا على نصوصهما واكتشفوا المخطط الذي نسير فيه إلى الهلاك بأيدينا ..أن مؤتمر الحوار هو بجد مؤتمر لتمزيق اليمن وأتحدى من يقول بغير هذا ..
نقلا عن " اليمن اليوم"
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 22-نوفمبر-2024 الساعة: 06:56 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-11965.htm