صعدة برس - أكدت نتائج المسوح الميدانية التي نفذتها وزارة الزراعة والري خلال فبراير الماضي على حقول زراعة الطماطم في بعض مناطق المحافظات تكبد مزارعي الطماطم خسائر اقتصادية كبيرة بسبب تعرضها لهجوم آفة حافرة الطماطم وتوسع انتشارها على مستوى 20 محافظة.
وتوقعت النتائج ارتفاع حجم الأضرار المحتملة التي يمكن أن تلحق بمحاصيل الخضروات في اليمن الى ما يزيد عن 300 مليون دولار، كما أفادت بأن 70 بالمائة من محصول الطماطم الذي تم فحصه في أطار المسح الميداني مصاب فعلا بآفة حافرة الطماطم والتي يطلق عليها اسم حشرة التوتا ابسلوتا.
وقد سبب دخول هذه الآفة الحشرية الى اليمن إرباكاً واضحا لدى مزارعي الطماطم نتيجة تكاثرها بسرعة حيث تتغذى يرقاتها على الأوراق والساق والثمار مما يؤدي الى تلف المحصول وإحداث خسائر كبيرة كما أن المبيدات الحشرية لا تعطي نتائج ايجابية بسبب قدرتها على اكتساب مقاومة ضد المبيدات التي ترش عليها.
ونتيجة لخطورة الوضع الذي يصفه البعض بالكارثي والذي يهدد الأمن الغذائي في البلاد فقد دشنت الحكومة خطة طوارئ عاجلة بتكلفة 843 مليون ريال لمكافحة هذه الحشرة التي تجتاح محصول الطماطم وتهدد بالقضاء عليه اذا لم يتم السيطرة عليها .
وتتضمن هذه الخطة الطارئة التي ستشرف على تنفيذها وزارة الزراعة والري بالتعاون مع وكالة التنمية الأمريكية تنفيذ برامج عاجلة لإدارة ومراقبة الآفة بتكلفة 77 مليون ريال، الى جانب تنفيذ برامج للتوعية وتدريب المزارعين بنحو 89 مليون ريال وتوفير مصائد وفرمونات للمراقبة والمكافحة بتكلفة تصل الى قرابة 670 مليون ريال .
وفي بيان صادر عن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أشارت فيه الى استعدادها دعم جهود اليمن في مكافحة هذه آفة حافرة الطماطم والتنسيق لإطلاق حملة توعية وطنية شاملة تصل تكلفتها إلى 900 الف دولار لمكافحة هذه الآفة، الى جانب توفير 15 ألف مصيدة و 100 ألف من الكبسولات للسيطرة على اللآفة، فضلا عن تدريب 3 آلاف مزارع.
وفيما دعت الوكالة الأمريكية الى أهمية السيطرة على هذه الآفة كونها تشكل خطرا حقيقيا يفتك بمحاصيل الخضروات، فقد توقعت تكبد اليمن خسائر اقتصادية قد تصل الى أكثر من 380 مليون دولار اذا لم يتم اتخاذ الإجراءات والتدابير العاجلة لاحتواء الوضع الكارثي جراء انتشار الآفة.
وحول خطورة آفة حافرة الطماطم ( حشرة صانعة الأنفاق ) أوضح وكيل وزارة الزراعة والري لقطاع الخدمات الزراعية الدكتور محمد الغشم أن الحشرة خطيرة جدا حيث تفتك بمحاصيل الخضروات خاصة الطماطم وانها انتقلت من امريكا الوسطى الى الجنوبية وإلى إسبانيا وإيطاليا وفرنسا ثم المغرب العربي وإلى بقية الدول العربية حتى وصلت إلى اليمن.
وبين أن حافرة الطماطم عبارة عن فراشة ليلية لديها قوة طيران كبيرة في اتجاه الريح وتنتشر بواسطة وسائل المواصلات والنقل عموما والشتلات والإرساليات النباتية، كما أنه من الصعوبة مكافحة الآفة بالمبيدات لأنها اكتسبت مناعة من المبيدات التي رشت عليها في الدول الأخرى لذلك لا يتم القضاء عليها الا من خلال المكافحة الحيوية والطبيعية وهي مكلفة جدا وهذه الطريقة أثبتت فعاليتها على مستوى العالم.
وأشار الوكيل الغشم إلى أن هذه الحشرة مستوطنة وليست مثل الجراد تنتهي بسرعة وقد تستمر مكافحتها الى قرابة خمس سنوات، مبينا أن الوزارة تعتزم تأسيس مختبر للمكافحة الحيوية وإنتاج الأعداء الحيوية التي تقضي على آفة حافرة الطماطم.
ولفت الى أن مزارعي الطماطم في معظم المناطق تكبدوا خلال الموسم الزراعي الحالي خسائر اقتصادية كبيرة نتيجة لتلف المحصول بسبب الآفة الأمر الذي ساهم في ارتفاع أسعار الطماطم في الأسواق المحلية.
وكانت أسعار الطماطم منذ مطلع العام الجاري شهدت ارتفاعا ملحوظا في الأسواق المحلية ووصلت الى معدلات خيالية نتيجة لتعرض المحصول للتلف في أكثر من 300 مزرعة بفعل انتشار آفة حافرة الطماطم، حيث وصل سعر الكيلو الطماطم الواحد الى 700 ريال وسعر سلة الطماطم وزن 20 كيلو جرام الى 9 آلاف ريال ارتفاعا من 3 آلاف و500 ريال العام الماضي.
وتعتبر يرقات التوتا ابسلوتا من أخطر الآفات الزراعية حيث يتضاعف عددها بسرعة كبيرة وتتغذى على الطماطم والبطاطا والباذنجان والفلفل وتختبئ في سيقان النباتات وتلتهم البراعم والثمار الناضجة بنهم شديد، وفي بعض الحالات فإنها تقضي تماما على المحاصيل التي تتغذى عليها.
واكتشف مطلع العام الجاري إصابة نباتات الطماطم في محافظات صنعاء والحديدة ولحج وأبين والبيضاء بالتوتاأبسلوتا.
وفي فبراير قامت وزارة الزراعة والري بتقييم مدى الإصابة بالآفة في 304 مزرعة طماطم ضمن 88 مديرية في اليمن واكتشفت ظهور الإصابة.
وبحسب الدليل التعريفي الصادر عن منظمة الفاو حول حافرة الطماطم فإن الحشرة الكاملة تعد فراشة ليلية تنشط في ساعات الصباح الباكر وبعد الغروب وتختفي خلف الأوراق خلال النهار، ويتكون جسم الحشرة من حراشيف فضية رمادية اللون وبقع سوداء على الجناح الأمامي ويتراوح طول الحشرة بين 5- 7 ملم وعرض جناحها بين 8- 10 ملم ، وتتميز بقرون الاستشعار الطويلة الخيطية الشكل، وتضع الاناث البالغة حوالي 250 بيضة خلال فترة حياتها.
وتتكاثر الحشرة بسرعة عالية جدا وفي فترة قصيرة حيث تكتمل دورة حياتها خلال 30 – 40 يوما وللحشرة قدرة تكاثرية عالية حيث تنتج 10 – 12 جيل في السنة، وتستمر اليرقة في طور النشاط ولا تدخل في طور السبات طالما ان الغذاء متوفر لها ، وتعتبر درجة الحرارة المناسبة للتطور ما بين 20 – 30 درجة مئوية.
ويمكن انتقال هذه الآفة بواسطة شحنات الغراس أو ثمار الطماطم المصابة أو المعدات الزراعية وكذا مواد التعبئة.
وطريقة ترصد ومراقبة الحشرة تتم عن طريق الفحص الدوري لأجزاء النبات والبحث عن اليرقات أو أعراض الإصابة، الى جانب استخدام المصائد مع الفرمونات المتخصصة (مصائد دلتا ، الأشرطة اللاصقة ، المصائد المائية وغيرها ) .
ومواقع ترصد ومراقبة الآفة تشمل المشاتل ومزارع الطماطم وأماكن تحضير خزن السماد العضوي وأسواق بيع الخضروات وأماكن إعادة تعبئة وتوزيع الخضروات وأماكن التصنيع الغذائي وتعبئة السلطات ونقط التفتيش على الحدود .
أما بخصوص عملية مكافحة آفة حفار الطماطم فإن ترشيد استخدام المبيدات واستخدام الوسائل البديلة لها من أهم عوامل النجاح في إدارة مكافحة الحشرة وقد أدى استعمال المبديات الحشرية بكثافة عالية الى ظهور مقاومة لدى الحشرة للعديد من المبيدات المستخدمة خصوصا المبيدات التقليدية الأمر الذي ضاعف تكاثر الحشرة وانتشارها كما أثر ذلك بشدة على الأعداء الحيوية من المفترسات والطفيليات.
ويسهم التطبيق الجيد للمعاملات الزراعية مساهمة فعالة في مكافحة الحشرة والتقليل من تأثيرها الاقتصادي فضلا عن أهمية التخلص من النباتات المصابة ومن بقايا نباتات الموسم السابق وإزالة الأعشاب التي يمكن ان تكون مصدر لأي إصابة جديدة.
سبأ |