صعدة برس - فكري قاسم
* مشكلة البلد اقتصادية في الغالب، ومن النوادر التي تفطر القلب من الضحك – ولا تحدث إلا في اليمن – أن يزدحم مؤتمر الحوار الوطني بعدد 565 مشاركا غالبيتهم سياسيون ومشايخ وعسكر، في حين أن حصة ممثلي الاقتصاد اليمني في الحوار "اثنين" فقط، كما لو أنهم راكبين فوق "سيكل" !
وبهذه المناسبة البهيجة فإنه يتعين على الغرفة التجارية وفروعها في كل محافظات الجمهورية اليمنية أن تحتفي بممثليها "الاثنين" وتشتري لهما " موتور" دراجة نارية لإيصالهما يوميا من وإلى مقر انعقاد المؤتمر، وأتمنى فقط ألا تقوم أمانة العاصمة بتدشين حملة لتمسيك "الموترات" ونجد"الاثنين" الممثلين لحصة الاقتصاد اليمني - من بعدها – وقدهم موقوفين للتحاور في حوش المرور لا سمح الله..!
* بالتأكيد، سيشكل المندوبون إلى الحوار الوطني كتلا للضغط، وسيكون لكل كتلة حجمها التي ستعرف به وستحظى -من خلاله- بالمهابة والتقدير.وبين زحام تلك الكتل وقوتها سيبدو منظر ممثلي الاقتصاد اليمني بممثليه " الاثنين" كما لو أنهما "ببغاوان" صغيران يتنططان داخل قفص للزينة. للزينة فقط، إنه لمنظر مثير للشفقة وللسخط معا، لكن يستاهلوا، فذلك هو الحجم الطبيعي لأي مذعور يدير أمواله بعقلية "المدكـِن".
* طيلة ستة أشهر من الآن ستكون قاعات مؤتمر الحوار الوطني مليئة بالتكتلات: كتلة أنصار الله.. كتلة أنصار الشيخ، كتلة أنصار الفندم.. كتلة طيور الجنة.. كتلة صقور الحصبة.. كتلة الشباب المستقلين.. كتلة الشباب "المسحبلين" ....إلخ، وحيال حجم وتواجد كل تلك الكتل، فإنه يليق بالغرفة التجارية أن تسمي ممثليها الاثنين بـ كُتلة " كوفية أبو نفرين " مثلا، و.. المجد كل المجد للبندقية وللنهابة وقاطعي الطريق.!
* لست هنا لأسخر من هذه الشريحة الأهم – خصوصا – في مجتمع فقير كاليمن، ولكنني أكتب هذا لأقول إن البلد بأمس الحاجة إلى عقول اقتصادية تنتشلها مما هي فيه، وليست بحاجة إلى مزيد من "الأعفاط" والساسة. لكن اللي مش قادر استوعبه بصراحة أن رأس المال - في كل البلدان المصلية على النبي - هو الذي يحكم ويقود التحولات، إلا في بلادنا "الغنية جدا" رأس "الجنبية" هو الفيصل، ورأس المال الحقيقي عادة ما يركـبوه موتور؟!
على أي حال.. إن تمثيل عقول الاقتصاد - المعول عليه أساسا في إنعاش البلد بمشاريع استثمارية – بـهذه النسبة الهامشية "2" لا يبدو مجرد مهزلة أو إهانة لرأس المال اليمني فحسب، بل حماقة فيها قدر كبير من التحقير لقيم العمل والإنتاج. والحمد لله أن عباقرة مؤتمر الحوار الوطني – هذه المرة - تنبهوا – جيدا لهذه الشريحة " الملطشة " ومنحوهم مقعدين، وكان ممكن يفاجئوا الشعب "المطنن" ويوزعوا لكل "المعازيم" إلى حفلة الحوار دعوات حضور مذيلة
بعبارة: "جنة الاقتصاديين منازلهم"!
والعاقبة لديكم بالمسرات.
صحيفة اليمن اليوم |